4 سنوات من الحصار الأمريكي السعودي على مطار صنعاء.. مأساةُ اليمنيين تتعاظم

أكثر من مليون مريض مهدّدون بالموت نتيجةَ انعدام الأدوية وأكثر من 4 ملايين مغترب عالقين في الخارج

 

المسيرة- أحمد داوود

أرخى الحصارُ الأمريكي السعودي على مطار صنعاء الدولي بغمامةٍ سوداءَ ثقيلةٍ على الأوضاع في اليمن، فخلال أربعة سنوات مضت والشعب اليمني من استمرار الحصار في ظل صمت أممي مطبق.

الطائرات المدنية تهبط كُـلّ يوم في مدرج المطار، لكنها ليست خَاصَّة لليمنيين يا سادة، بل بات المطار خَاصَّة بالأمم المتحدة ومبعوثها وطائراتها، وَإذَا ما شعر أحد موظفي الأمم المتحدة بصنعاء بوعكة صحية أَو نزلة برد فإن لا يجد صعوبة في الحصول على طائرة تنقله إلى الخارج لتلقي العلاج، لكن الأمر غير متاح لشعب يرزح تحت العدوان والحصار المتعدد للعام السادس على التوالي.

في يوم الثلاثاء 9 أغسطُس آب 2016، قرّرت وزارة الدفاع السعودية إغلاق مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الجوية، وقبل كان المطار في دائرة الخطر، فقد كان من ضمن الأهداف التي تعرضت للقصف في بداية العدوان على اليمن في 26 مارس آذار سنة 2015، غير أن المطارَ ظل محافظاً على استمرار الرحلات الجوية على الرغم من المخاطر حتى جاء قرار المنع النهائي من قبل وزارة الدفاع السعودية.

يعد مطار صنعاء الدولي الشريانَ الرئيسَ لتنقل المواطنين اليمنيين إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى، وقد تكون الرحلة شاقة ومتعبة لليمنيين إن أرادوا السفر للخارج عبر مطار سيئون أَو عدن، فمخاطر الاعتقال قد تكون واردة والمضايقات كذلك قد تكون واردة، وتهمة الانتماء “للحوثية” تطال أي مسافر ينتمي إلى المحافظات الشمالية اليمنية ويريد السفر إلى خارج الوطن عبر مطارات سيئون أَو عدن.

وبالنظر إلى المعاهدات والمواثيق الدولية فإن استمرار فرض الحصار على الرحلات من وإلى مطار صنعاء الدولي يعد مخالفاً، كما أنه يعتبر انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاص بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبروتوكولين الملحقين بهما ومخالفاً لنصوص اتّفاقية منظمة الطيران المدني (الإيكاو) شيكاغو 1944 وغيرها من المواثيق والاتّفاقيات ذات الصلة.

 

مأساة إنسانية

وخلال السنوات الأربع الماضية عانى المواطنون اليمنيون كَثيراً؛ نتيجةَ إغلاق مطار صنعاء الدولي، حيث تشير إحصائيات وزارة الصحة بصنعاء إلى وفاة أكثر من ثمانين ألف مريض كانوا بحاجة ماسة للسفر للعلاج بالخارج، كما أن هناك أكثر من 400 ألف مريض لا زالوا بحاجة ماسة للسفر للعلاج في الخارج ويتوفى منهم من 25 إلى 30 مريضاً يوميًّا.

وتشير إحصائيات وزارة الصحة كذلك إلى أن هناك أكثر من 65 ألف مريض بالأورام السرطانية أصبحوا مهدّدين بالموت المحقّق نتيجة استمرار الحصار الجوي على المطار وأن أكثر من 12 ألفاً من مرضى الفشل الكلوي بحاجة إلى عمليات زراعة الكلى بصورة عاجلة في الخارج.

وليس هذا فحسب، بل إن أكثر من مليون مريض مهدّدون بالموت نتيجة انعدام الأدوية وخَاصَّة للأمراض المستعصية والمزمنة، وكذا المحاليل والمستلزمات الطبية التي تنقل عبر الجو ومنها أدوية أمراض القلب والسكري والسرطان والأورام والفشل الكلوي والكبد وغيرها.

وأدى استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي كذلك إلى حرمان أكثر من 4 ملايين مغترب من العودة إلى اليمن لزيارة ذويهم.

وأمام هذه الكارثة تلتزم الأمم المتحدة بالصمت، في حين يتجاهل المجتمع الدولي كارثة هذا الحصار، كما يتجاهل كارثة الحصار البحري لقوى العدوان والتي تمنع دخول المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، متسببة في أزمة إنسانية خانقة تهدف إلى تركيع اليمنيين وإذلالهم والدفع بهم نحو الاستسلام.

 

جاهزية لاستقبال الرحلات

وتسوِّقُ دولُ العدوان الأمريكي السعودي الكثير من المبرّرات بشأن استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي، ومن بينها عدم جاهزيته لاستقبال الرحلات التجارية والإنسانية، وهو مبرّر تقابله وزارة النقل بصنعاء بالمزيد من الإيضاح والتأكيد على أن المطار على جاهزية من النواحي الفنية والتشغيلية لاستقبال الرحلات المدنية والإنسانية والتجارية وفقاً للمعايير والإجراءات القياسية الدولية الصادرة من الإيكاو.

إذن لا شيء يحول دون عودة الملاحة الدولية إلى مطار صنعاء الدولي سوى “الرغبة” السعودية في ذلك، وقرار مماثل من وزارة الدفاع السعودية بالسماح للرحلات بالهبوط والإقلاع من المطار، كما فعلت حين قرّرت إيقاف هذه الرحلات عام 2016.

ويؤكّـد وزيرُ النقل، اللواء زكريا الشامي، أن المرضى اليمنيين يتألمون لعدم قدرتهم للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج.

ويشير الوزير في كلمة له خلال فعالية عُقدت، يوم أمس الأحد، بمناسبة مرور أربعة أعوام على حصار مطار صنعاء الدولي، إلى أن الحصار على المطار كشف الكثير من الحقائق من بينها أن الأمم المتحدة لا حيادية لها، وأكّـد افتقارها لكل قيم الإنسانية وأخلاق لمنظماتها وانعدام مهنيتها، مؤكّـداً أن مطار صنعاء سيتوقف نهائياً عن أداء الخدمات لطائرات الأمم المتحدة واستقبال طائرات الأمم المتحدة؛ بسَببِ استمرار حصار المشتقات النفطية ونفاد الوقود وأنه لن يستطيع تقديم خدماته، مُشيراً إلى أن الهيئة العامة للطيران ستعلن هذا التوقف خلال الأيّام القادمة.

ويتطرق الوزير هنا إلى نقطة مهمة تثير الكثير من الاستياء لليمنيين وهي أن موظفي الأمم المتحدة في اليمن حين يمرضون فإنه يتم نقلهم عبر طائرات خَاصَّة إلى الخارج، بينما المواطن اليمني لا يجد من ينقذه ويسهّل له السفر إلى الخارج، لافتاً إلى أن هذا الأُسلُـوب يعرّي الأمم المتحدة ويكشف عن فسادها وعدم حياديتها.

من جانبه، يؤكّـد رئيس الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد محمد عبد القادر، أن تحالف العدوان مستمر في عمله الإجرامي بإغلاق مطار صنعاء منذ أربعة أعوام، مُشيراً إلى أن إغلاق العدوان لمطار صنعاء يعد خرقاً لكافة المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث أَدَّى الإغلاق إلى حدوث كارثة إنسانية على سكان 11 محافظة وفي مقدمتهم المرضى والطلاب.

ويشير عبد القادر إلى أن هذا الحصار يخالف كُـلّ المواثيق والمعاهدات ويعد خرقاً للدستور العالمي واتّفاقية شيكاغو والذي ينص على سيادة كُـلّ دولة على الفضاء الذي يعلو أراضيها والمياه الإقليمية، وهذا الحصار يُقصَدُ به تركيعَ الشعب اليمني، غير أنه لن يخضع ولن يستسلم وأن الشعب اليمني سينتصر والكلام لبعد القادر.

ويؤكّـد عبدُ القادر أن العدوان استهدف مطار صنعاء في أول يوم من العدوان وتم تدميرُ التجهيزات الملاحية وأجهزة الاتصالات والمنظومات وعربات الإطفاء وغيرها من البنية التحتية التي كانت موجودة في المطار، مؤكّـداً في الوقت ذات على جاهزية المطار لاستقبال الرحلات التجارية وغيرها رغم ما حَـلّ به من دمار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com