ما بين ثورة الإمام الحسين وثورة اليمنيين في الـ21 من سبتمبر

 

اللواء محمد صالح الحدي*

لن يكونَ أمراً عسيراً على أي متابع منصف وحصيف، إدراكُ أن ثمة تطابقاً كَبيراً ما بين روح ومضامين ثورة الشعب اليمني في الـ21من سبتمبر من عام 2014 وبين ثورة الإمام الحسين بن علي -عليهما السلام-، فالثورة الحسينية الخالدة والمتجدّدة بأهدافها ومبادئها العظيمة كانت بكلِّ معنى الكلمة ضد الباطل والشرك والطغيان، ومن أجل الارتقاء بالنفس وبالمجتمع وإحياء القيم الفاضلة وإصلاح كُـلِّ ما هو فاسد وحث الناس على العودة إلى طريق الحق والهدى والصراط المستقيم، وهي ذاتُ المبادئ والقيم التي انطلقت منها الثورة الشعبيّة الفتية في هذا البلد التي كانت قد وصلت إلى مستوى واضح من الغي والضلال والانحراف عن نهج النبي -عليه وآله أفضلُ الصلاة وأتمُّ السلام-، وأصبحت عبارةً عن مراكز قوى متسلطة تدين بكلِّ ولائها لأرباب الشر والطغيان في العالم الحديث، في مشهد يحاكي إلى حَــدٍّ كبير الحال التي كان عليها المجتمع المسلم قبل ثورة الإمام الحسين -عليه السلام-.

كانت ثورة 21 سبتمبر ضرورة حتمية لإسقاط القوى التي أحكمت سيطرتها على المشهد السياسي والميداني، وعملت لعقود طويلة على خدمة أعداء اليمن وأمة الإسلام بشكل عام، وتمكّنت بفضل الله أولاً وعظمة ونبل وسمو قيمها ومبادئها وحنكة قيادتها السياسية، ممثّلةً في السيد القائد المجاهد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي أن تحقّق وبدعم شعبي منقطع النظير نجاحات لافتة وإنجازات ملموسة في ظرف فترة زمنية قصيرة جِـدًّا، وَإذَا بأوكار الفساد والعمالة والخيانة ووكلاء وعملاء الخارج تتهاوى مثل أوراق الخريف أمام عنفوانها وبريقها الأخاذ الذي أخذ جاذبيته من عظمة المشروع الوطني والديني الذي انطوت عليه هذه الثورة والمسيرة القرآنية المباركة.

لم تمهل ثورة الـ21 من سبتمبر أعداء اليمن والأمة المزيدَ من الوقت لاستكمال ما بدأوه من خلال ركوب موجة ثورة الشباب في 11 فبراير من العام 2011م، وتدشين مخطّط كبير لتدمير اليمن وتمزيقه وضرب وحدته الوطنية وتغذية عوامل الصراع والكراهية بين أبنائه وزرع الفتن الطائفية والمذهبية، وكلُّ ذلك تحت شعارات وعناوين براقة انطلت للأسف على الكثير من السياسيين والنخب الثقافية والمجتمعية التي انساقت ووجدت نفسها تنخرط بلا شعور في بوتقة هذه المؤامرة الكبرى التي فضحت تفاصيلَها الثورةُ الشعبيّةُ في وقت مبكر.

قوى الشر والاستكبار والطغيان العالمي، ممثلين في الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني ومن يدور في فلكهما وأدواتهما في المنطقة من أرباب أنظمة الخزي والعمالة، لم يكونوا بعيدين عن تطورات المشهد السياسي والعسكري في اليمن، وهالهم أمرُ تساقط أدواتهم في الداخل بتلك السرعة ولم يجدوا أمام عنفوان وتقدم المسيرة ونجاحاتها المتوالية إلا أن أجمعوا أمرهم بعد أن تداعوا فرادى وجماعات إلى أسيادهم في البيت الأبيض، ومن هناك وبعد مرورِ بضعة أشهر فقط من اندلاع الثورة الشعبيّة أعلنوا عدوانهم الغاشم على اليمن عشيّة الـ26 من مارس من العام 2015م، وظنوا بغرور وخيلاء غير مسبوقين بأن القضاءَ على الثورة الشعبيّة ووأد مشروع التحرّر اليمني لن يتطلب غير أَيَّـام معدودات أَو أسابيع على أعلى تقدير، معتمدين في ذلك على ما حشدوه من تحالف كوني والاستعانة بإمْكَانيات وقدرات أعظم جيوش العالم، لكن كُـلَّ ذلك تبخّر وتلاشى أمام بأس المقاتل اليمني وعدالة قضيته وسمو أهداف وغايات ثورته المباركة.

لقد استحضر أبطالُ اليمن ومجاهدو مسيرته القرآنية المباركة، مبادئ وقيم ومفاهيم ثورة الإمام الحسين -عليه السلام- مجدّدًا وهم يواجهون أعتى جيوش الأرض وأفتك أسلحة العصر ولا يزالون يستمدّون تلك القيم العظيمة منذ نحو ستة أعوام من العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني الإماراتي، وبفضل هذا الإيمان وهذه القيم الحسينية الخالدة يسطّرون أعظمَ البطولات والملاحم، وتحت أقدامهم تتحطّم أماني الأعداء وتتبخر أحدث ما توصل إليه العقل البشري في صناعة أدوات الموت والدمار، وها هي جحافل العدوان تتهاوى أمام المقاتل اليمني قليل العدة والعتاد كثير الإيمان والثقة بالله العلي العظيم وبنصره المؤكّـد.

* محافظ محافظة الضالع

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com