ماذا يعني إحياؤنا لذكرى فاجعة كربلاء؟

 

أبو الباقر اليوسفي

إحياؤنا لهذه الذكرى تعبير عن موقفنا المبدئي الإيماني الديني ضد الظلم والظالمين في كُـلِّ زمان ومكان، وتجاه أفظع جريمة في تاريخ الأُمَّــة وداخل الأُمَّــة على أيدي محسوبين عليها.

ومن يستسيغ تلك الجريمة ويبرّر ذلك الظلم، يمكن أن يستسيغ أي ظلم ويشرعن له ويتقبله، فالذين يقدسون من مضى من الظالمين، هم اليوم أنصار الظلم وحملة رايته في حاضر الأُمَّــة، فالظلم الذي نعانيه هو امتداد لذلك الظلم والانحراف الذي أسهم فيه علماء السوء يوم دجنوا الأُمَّــة للظالمين، فأصبح الظالمون يدجنوننا لليهود ويسارعون فيهم.

إحياؤنا لهذه الفاجعة وهذه المأساة، هو من واقع الشعور والإحساس بالمظلومية وبالمأساة، وهذا الشعور يحيي فينا روح المسؤولية لتترسخ في وجداننا المشاعر الحية في مواجهة التحديات والأخطار حتى لا نترك مجالاً للتخاذل والتنصل عن أداء المسؤولية، وحتى لا نكون كما البعض بلا إحساس ولا يتفاعلون ولا يعون حجم المؤامرات، ولا يدركون حجم المسؤولية كما هو حال ميت الأحياء.

إحياؤنا لهذه الحادثة؛ لأَنَّها مدرسة نتعلّم منها الدروس، فالحسين بثورته بتضحيته رسم رؤية مثّلت حقيقة القرآن ووضع الأسس والمعالم المنبثقة من منهج الله، أن الحياة تسوء عندما يهيمن الظلم والظالمون، وتفسد الحياة في كُـلّ شؤونها، علمنتا رؤيته أنه لا بد أن نتحَرّك أن نثور أن نتحمل مسؤوليتنا مهما كان حجم التضحية.

نحيي هذه الذكرى لتبقى حاضرةً وحيةً في وجداننا، نستلهم منها كُـلَّ الدروس والعبر أمام المتغيرات والأحداث، ثورة الحسين واجهت مسلك الانحراف وعمدت إلى تصحيح مسار الإسلام المحمدي الأصيل، بعد أن حصل انقلاب عليه فتحَرّك وثار وضحى، وَتضحيته وعطاؤه أسهم في إرساء دعائم الإسلام المحمدي الأصيل الذي لا يقبل بالإذعان والاستسلام للطغاة والظالمين، وبقيت رايته خفاقة في الأجيال وصداها يتردّد في مواجهة الظالمين والمفسدين، الذين يركزوننا بين خيارين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة.

إحياؤنا لفاجعة كربلاء كشعب يمني؛ لأَنَّها محطة تاريخية نستذكر فيها مآثر الحسين وتضحيته، ونتزود منها صلابة الموقف وعظيم التضحية في مواجهة الغزاة والمجرمين المعتدين، نتزود منها ألَّا نركع إلا لله، نعيش أعزاء أَو نلقى الله محقين في ميادين القتال والشرف كرماء.

فمن يفرط ويقصر أَو يتراجع هو يهيئ الساحة ليحكمها الطغاة والمجرمون المعتدون، لتحكمها ثقافة الملعونين من اليهود والنصارى لتحكمها ثقافة ما يسمى (القاعدة وداعش)، هم أسوأ ممن شهروا سيوفهم في وجه الحسين.

إحياؤنا لهذه الذكرى هو تخليد وتمجيد لنداءات ومواقف وثبات وصمود وتضحية الحسين -عليه السلام-، وترسيخها في أنفسنا وفي واقعنا ونتزود منها في عزمنا واندفاعنا وتفاعلنا في مواصلة التحَرّك والثبات والصمود والبذل والتضحية بالمال والرجال في مواجهة هذا العدوان الغاشم، والتحرّر من هيمنة الطاغوت، ونقول هيهات هيهات منا الذلة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com