صامدون ما بقيت أرواحنا فينا

 

عفاف البعداني

عامنا السادس جاء بالذكرى من مجزرة ضحيان ذاعهم الخبر، ضحايا أرقدهم القصف بطائرات سمها كالأفعى، بريق أحياء صاحوا صرخة كبرى.

أهذا فعل بشر؟! أم شرارة مارد قام من مرقد الكره والحقد؟!، ذاك شيخ ضريح وذاك طفل لم يتجاوز عمره العشري، أفيقوا يا أمة الأحياء وهبوا؛ كي نسعف الجرحى، لنبحث عن أنفاس ما زالت تصارع الموت وأنفاسها ما زالت على أرضنا تحيا.

تلك الجرائم بحق الله لن تنسى، سيمضي العمر وتبقى للبعض كالذكرى، والبعض لم ينساها لتكن في يوم أَو عام له ذكرى، هي تعيش في وجدانهم وعلى سعف ذاكرتهم تحيا وتحيا.

ستمضي الأيام وسيدون التاريخ كُـلَّ المجازر الكبرى، سيحكي الورى عن قوم أبادوا شعباً كان ذنبه المشحوب أنه أراد العيش في ميدانه وأرضه حرًا.

ومن هذه الأحداث قامت ثورة كبرى، تثور على النفس بترك الحياة والمأوى، وترف العيش الرغيد في سبيل حق المستضعفين من أُولئك الحمقى.

في سبيل حصار خانق يشبه بقسوته جهنم الحمراء، في سبيل ليل ساكن أغاروا عليه بقصفهم، وحولوا ليله إلى صبح، ضوؤه النار، وسكونه ضحايا بأنينها تضج بأصواتها ضجًّا.

في سبيل الله دق الجهاد بابهم فلبوا النداء، وقالوا نحن لها وسيولد منا الصبر والنصر، ومع الله باعوا النفس، وكانت تجارتهم مع الله هي الأسمى، رحلوا من الحياة إلى عالم أرقى بجواز الشهادة الخضراء.

وقبل رحيلهم علمونا أن نعيش أعزاء، لا أذلاء، أحراراً وليس سجناء، أن نبقى شامخين لا خاضعين.

كم علمونا؟! وكم أدهشونا؟! وكم سطّروا ملاحم فاقت مخيلة العقلاء؟!، حتى صاروا في خضم الجنون.

كم اقتحموا كم حرّروا كم شيدوا حصوناً في النصر؟!، خيبت ظنون العابثين، بسلالم صعدوا وبالشجاعة دخلوا، حفاة الأقدام ومن بين رصاصات الموت مروا حاملين في أعناقهم كُـلّ العزائم، كُـلّ المكارم، كُـلّ الفضائل، الكل جمع فينا والبعض غادرهم منذُ سنين.

سيبقى وعد الحر في أعناقنا ديناً لأُولئك المستضعفين، ستبقى صواريخنا محلقةً ما دام القصف يأتينا، سيبقى الحرُ حرًّا، سيبقى الصمود صموداً ما بقيت أرواحنا فينا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com