التطبيعُ طريقٌ إلى تناسل قضايا

 

سامي عطا

أن تكونَ ضدَّ التطبيع ومناهضاً له يحتمُّ عليك أن تكونَ ضد أدوات المطبِّعين، أي ليس بالضرورة حين تكونُ ضد الأدوات يعني أنك ضد القضية الجنوبية التي سحقها هؤلاءِ خناقاً بالعناق، وعلينا أن نتفقَ ماذا نعني بالقضية الجنوبية.

القضيةُ الجنوبيةُ قضيةُ أناس ظُلموا وسُحقوا من قبل عصابة حكم جرّدتهم من إنسانيتهم، لكن هذه العصابة ليست زيداً أَو عَمْراً من الناس، بل ثقافة سياسية حكمت وما زالت تريد أن تحكم وإن تغيرت شخوصُها، وهذه العصابة التي أنتجت قضايا في كُـلّ جهات هذا الوطن لم تكُ تحكُمُ بمعزل عن داعمين إقليميين ودوليين تلتقي مصالحُهم معها، ولولا هذا الترابُطُ في المصالح بينهم ما اشتعلت هذه الحربُ العدوانية على شعبٍ تضرر من حكم هذه العصابة وثار عليها، وفي كُـلّ مرة يجري إجهاضُ ثورته؛ بسَببِ خيانة نخبته السياسية المعارضة التي كانت تقبَلُ إعادةَ تدوير نفس النظام عبر اتّفاقيات تسوية يتصدر لها فرقاءُ النظام ويجري تطعيمُهم بشخصيات محسوبة على المعارضة أَو جرى صناعتها استخبارياً في وقت مبكر لتؤدي هذا الدور عند الحاجة إليها.

ولذا لا يمكن أن تكونَ مع قضايا المظلومين وضد التطبيع وفي نفس الوقت تتشيّع للمطبِّعين وأدوات المطبِّعين، ومَن يعتقد أن التطبيع يمكن أن يكونَ مدخلاً للانتصار لقضايا الناس المظلومين فهو واهمٌ، وسيكون التطبيعُ مدخلاً إلى مظلوميةٍ أكبرَ تفوقُ مظلومية الشعب الفلسطيني؛ لأَنَّ الشعب الفلسطيني سُحبت أرضه من تحت أقدامه في ظروف تاريخية وغفلةٍ من الزمن، أما أنت أيها الجنوبي سلَّمت أرضَك برضاك وإرادتك في زمن يعُجُّ بالتجارب والخبرات الإنسانية.

وعليه يستحيلُ أن تكونَ مع قضيتك، طالما لم تكُ معتمداً ومعتداً بنفسك وتتمتعُ بحرية اتِّخاذِ قرارك بعيدًا عن إملاءات الآخرين أَو تأثيرهم المالي ومصالحك الفردية الآنية قصيرة الأجل، حينها لن تكونَ إلاّ مُجَـرَّدَ أداةٍ في منظومة ظالمة لأغلبية الناس الذين تدّعي تمثيلَهم أَو قل كرت شحن ما إن ينتهي يتم استبدالُك بآخرَ، ومكانُك الطبيعي برميلُ القمامة..!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com