زراعة الأراضي الواسعة

 

محمد صالح حاتم

اليمن بطبيعتها الجغرافية وتضاريسها المتنوعة تعتبر بلداً جبلية، ذات طبيعة ساحرة وجميلة، حباها اللهُ من الجمال النادر، والإنسان اليمني وعلى مر العصور والأزمنة استطاع أن يطوع هذه الجبال الوعرة والشاهقة في الارتفاع، وأن يجعل منها مدرجاتٍ زراعية خضراء، وحولها إلى مروجٍ وارفة الظلال تعطي أكلها كُـلّ حين تشبع جوعة بأجود أنواع الثمار.

ولكن ليست اليمن بأكملها جبلية وهضاب مرتفعة، بل هناك الكثير من الوديان الوسيعة، والقيعان الفسيحة التي تمتد مساحتها على مدى الناظرين، وهي وديان وقيعان خصبة تمتلك من المقومات ما يجعلها بساطاً أخضر تزرع جميع أنواع الفواكه والخضار والقمح والحبوب ذات الجودة العالية والمذاق الرائع والفريد وعلى مدار العام.

وهذه الوديان والقيعان ذات الأراضي الواسعة لو زرعناها لاكتفينا من خيرات بلادنا، ولأكلنا من حبوب بلادنا، وأمّنا قوتنا الضروري، وبهذا نصبح أُمَّـة مكتفية ذاتياً، أُمَّـة قوية لا تخاف أمريكا ولا إسرائيل، ولأصبحنا دولة حرة مستقلة.

وهذا ما أشار إليه الشهيد القائد في ملزمة (في ظلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الثاني)، عندما قال: [لماذا نحن نرى قوتنا كله ليس من بلدنا؟ لماذا لا تهتم الدولة بأن تزرع تلك الأراضي الواسعة، أن تهتم بالجانب الزراعي ليتوفر لنا القوت الضروري من بلدنا؟. لا نتساءل، بل الكل مرتاحون بأن [الحَب: القمح] متوفر في الأسواق، ويأتي من أستراليا، ويأتي من بلدان أُخرى، وكأن المشاريع التي تهمنا هي تلك المشاريع!. هذه التي توفر هي ضرورية، لكنها ليست إلى الدرجة من الضرورة التي يكون عليها قوت الناس، هل هناك اهتمام بالجانب الزراعي؟ ليس هناك أي اهتمام بالجانب الزراعي].

وهذه الأراضي الواسعة توجد عدة وديان في محافظات الجوف وحضرموت ومأرب وشبوة والحديدة وحجّـة، وكذا القيعان الفسيحة والواسعة التي توجد في عمران قاع البون، وقاع الحقل، وقاع جهران في ذمار، والسحول في إب، وعدة قيعان ووديان زراعية كبيرة وخصبة، تمتلك مقومات زراعية كبيرة لو زرعت لأنتجت آلاف الأطنان بل مئات الآلاف من أطنان القمح والحبوب، وشتى أنواع الخضار والفواكه ذات الجودة العالية والمذاق الفريد والقيمة الغذائية المتنوعة السليمة التي تغذي الجسم بجميع البروتينات والنشويات والفيتامينات، ليكون جسمُه صحيحاً وَقوياً وعقله نظيفاً وسليماً.

فعلى الدولة التوجه الجاد والفاعل نحو زراعة هذه الوديان والقيعان واستغلال مساحاتها الواسعة وأراضيها الخصبة في زراعة الحبوب والقمح، وأن يتم عمل استراتيجية وطنية لزراعتها، وأن تكون هناك مزارع نموذجية وحديثة، وعلى رأس المال المحلي التوجّـه لاستثمار أموالهم في إقامة مشاريع زراعية كبيرة في الوديان والقيعان الوسيعة، فأرباحها مضمونة وسيكون لها مردودات اقتصادية كبيرة، فالتنمية الزراعية عملية تكاملية بين الدولة والشعب والمنظمات ورأس المال المحلي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com