بعد أن “خذلته” في سقطرى: “الإصلاح” يعرّي نفسَه ليكشفَ عورةَ السعودية: فخّــارٌ يكسرُ بعضَه!

 

المسيرة | خاص

مع تصاعُدِ انتصارات قوات الجيش واللجان الشعبيّة في الجبهات، وبالذات في الجبهة الشرقية، وبالتزامن مع توسع الخلافات والصراعات الفوضوية داخل صفوف العدوان، بدأ العديد من مرتزِقة حزب الإصلاح، قيادات ونشطاء، بمهاجمة “التحالف” والإقرار بحجم سيطرته على حكومة الفارّ هادي، وبزيف مبرّرات ودعايات الحرب على اليمن، وعلى رأسها دعايةُ “الدفاع عن الشرعية”.

اعترافاتٌ تأتي بمثابة فضائح لهؤلاء المرتزِقة في المقام الأول؛ كونها تدينُ موقفَهم المخزي في خدمة تحالف العدوان وتبرير جرائمه منذ أكثرَ من خمس سنوات، كما أنها تثبت فشلاً سعودياً إماراتياً توضحه حالةُ التفكك والضعف التي تعبر عنها هذه الاعترافات، والأحداث التي قادت إليها.

مطلعَ هذا الأسبوع، سيطرت مليشيا “الانتقالي” على مدينة “حديبو” عاصمة محافظة أرخبيل سقطرى، بدعمٍ من الإمارات، وأمامَ أنظار القوات السعودية الموجودة هناك، وهو ما أظهر شرخًا كَبيراً في العلاقة “حزب الإصلاح” والرياض.. شرخٌ كان الإعلام السعودي نفسه قد أظهره قبل ذلك بأيام من خلال اتّهام حزب الإصلاح بإفشال “اتّفاق الرياض”؛ خدمةً لأجندة قَطرية.

ولم تكُنِ الأحداثُ الأخيرةُ في سقطرى هي السببَ الوحيدَ لتطور هذا التوتر إلى هجوم إعلامي واضح من قبل “الإصلاح” على السعودية، فالإصلاح لم يكن بالنسبة للرياض، ومنذُ البداية، سوى أداة منفذة للتوجيهات مهما كانت، وهذا ما يعترفُ به أتباعُ الحزب اليوم، ومع ذلك فقد سبقت أحداثَ سقطرى سلسلةٌ من الأحداث التي جعلت حتى هذه العلاقة الفاضحة أكثر تفككًا وضعفًا، فالإصلاحُ عادةً ما يلقي باللوم على “التحالف” (السعودية بالذات) عندما يخسر في المواجهات العسكرية أمام الجيش واللجان، وهو نفسُ الأمر الذي تفعله السعودية التي لا شك أنها تغضبُ بشدة عندما يخسر الإصلاح دائماً بعد أن يكون قد تلقى دعمًا ماليًّا وعسكريًّا كَبيراً، حتى أنها تلجأ في كثير من الأحيان إلى قصفه بالطيران، ومؤخّراً ازدادت خسائرُ حزب الإصلاح العسكرية بشكل كبير.

لكن هذه المرة بدت طريقةُ حزب الإصلاح في إلقاء اللوم على السعودية أكثرَ “فضائحية”، وشملت حتى مسؤولين في حكومة المرتزِقة التي يسيطرُ عليها الحزب، ومع أنها جاءت ظاهرياً كرد فعل على “الصفعة” التي تلقاها الحزبُ من الرياض في سقطرى، إلا أن الحملة الإصلاحية الموجهة ضد السعودية أوضحت أن التوتر لم يعد بخصوص سقطرى فقط، بل بات يشملُ العلاقةَ غيرَ السوية بين الطرفَين بشكل عام.

بالأمس، كتب مستشارُ وزير إعلام حكومة المرتزِقة، مختار الرحبي، أن “خذلانَ التحالف ليس جديدًا”؛ لأَنَّه منذ أعوام “يصادر القرار السياسي ويتدخل في كُـلّ صغيرة وكبيرة في الشؤون الداخلية”، وهو اعترافٌ فاضحٌ بأن حكومة المرتزِقة لم تكن يوماً سوى واجهة شكلية فاقدة للقرار الإداري والسياسي بشكل كامل، وبرغم أن “الرحبي” حاول بأُسلُـوب ملتوٍ أن يحوِّلَ هذه الفضيحة إلى إدانة للسعودية وحدَها، إلا أنه لم يفلح في ذلك، إذ لا شيءَ يبرّر الاستجابة الدائمة والفورية لكل “تدخلات” السعوديين التي وصلت -بحسب الرحبي نفسه- إلى “تعيين قيادات مدنية وعسكرية وإبعاد من لا يروق لهم”.

وَأَضَـافَ “الرحبي” أن مدى التدخل السعودي (أو بعبارة أُخرى مدى انبطاح حكومة الفارّ هادي) يبدأ من التحكم حتى بمحتوى “التغريدات” التي ينشرها مسؤولو المرتزِقة على مواقع التواصل الاجتماعي، وُصُـولاً إلى “ما هو أكبر” في إشارة يمكن توجيهها إلى كُـلّ تصرفات وقرارات حكومة المرتزِقة بالطبع.

قبل الرحبي، كان رئيس حكومة المرتزِقة السابق، أحمد عبيد بن دغر، قد كتب “مقالاً”، دعا فيه إلى “حزم الحقائب والرحيل” (أمس الاثنين، استقال وزير الصناعة في حكومة المرتزِقة احتجاجًا على ما حصل في سقطرى)، محذراً من الوصول إلى “كتابة وثائق التقسيم بأيدينا”، في إقرار واضح بالأهداف الحقيقية لتحالف العدوان والتي يسعى لتنفيذها تحت مظلة “الشرعية” وعبرها، وهو إقرار يتوازى مع تصريحات الرحبي حول حقيقة حكومة المرتزِقة كمنفذ للتوجيهات والرغبات السعودية والإماراتية، فما يقوله “بن دغر” هنا هو إن حكومة المرتزِقة قد تتلقى توجيهات في أي وقت بشرعنة التقسيم، ولن تستطيع رفضها.

وعلى الرغم من أن “بن دغر” حاول تغليف رسائله بلهجة داعية إلى “السلام” إلا أن مقاصده في مهاجمة دول العدوان وعلى رأسها السعودية؛ بسَببِ ما حدث في سقطرى، لم تكن خفية، وقد علقت وسائل إعلام تابعة لحزب الإصلاح على المقال بأنه “ألمح إلى حالة إحباط من التحالف”.

في السياق نفسه، وبلهجة أكثر حدة، كتبت الناشطة البارزة في حزب الإصلاح، توكل كرمان، مقالاً حول أحداث سقطرى الأخيرة، جاء فيه أن شعارات “دعم الشرعية” و”إنهاء الانقلاب” مُجَـرّد دعايات سعودية للتغطية على مطامع استراتيجية غير معلنة، وأن كُـلّ ما ينشره الإعلام السعودي حول الدور السعودي في اليمن تضليل إعلامي، بل إن “النوايا الشريرة للإمارات” بحسب قولها، ليست إلا جزءٌ من استراتيجية الحرب السعودية، وهو ما يعكسُ حرصَ الحملة الإعلامية “الإصلاحية” على مهاجمة السعودية بشكل واضح.

القيادي المرتزِق في حزب الإصلاح، الحسن بن علي أبكر، شارك هو الآخرُ في الحملة، عبر مقطع فيديو هاجم فيه السعودية وقال إنها باعت اليمن، وإنها “استغلت حزبَ الإصلاح وغطاءَ الشرعية” وَ”نهبت الثروات ولم تُعطِهم إلا الفتات”، مستنكراً استهدافَ الرياض لقيادات الإصلاح واتّهامهم بالتبعية لتركيا وقطر، وقال أَيْـضاً إن طائرات تحالف العدوان حاولت استهدافه وقتله عام 2016، وإنه قام بإخفاء الحقيقة “لكي لا ينكسرَ التحالف!”، مُشيراً إلى أن “التحالف” قتل أعدادًا كبيرةً من قوات المرتزِقة بـ”نيران صديقة”، ودعا إلى اجتماع لقيادات حزب الإصلاح؛ مِن أجلِ “تدارُكِ الأزمة”.

كسابقيه، أراد “أبكر” مهاجمةَ السعودية ففضح نفسه وفضح حزبَ الإصلاح أَيْـضاً؛ ذلك أنه لا يمكن فصلُ قُبح الدور السعودي في اليمن عن قبح الأداة المحلية المساعدة على تنفيذ ذلك الدور، ولو لم يكن إلا اعتراف “أبكر” بأنه أخفى حقيقةَ محاولة قتله من قبل طيران العدوان خدمةً للعدوان نفسه، لكان كافياً لرُؤيةِ المأزق المخزي الذي يعيشُه مرتزِقةُ الإصلاح اليومَ وهم يحاولون أن يهاجموا مشغِّليهم السعوديين.

لكن إلى جانب الاعترافات الفاضحة التي تحويها حملاتُ حزب الإصلاح الموجهة ضد السعودية اليوم، فهي تحوي أَيْـضاً دلائلَ واضحةً على حالة متقدمة من الفشل والتفكك داخل صفوف العدوان، فالصدامُ الذي نشاهدُه اليوم سواء فيما بين فصائل المرتزِقة، أَو بينها وبين مشغِّليها الخليجيين، يأتي في المقام الأول نتيجةَ الإخفاق العسكري المتواصل لتحالف العدوان بشكل عام أمام الجيش واللجان الشعبيّة، وهو الإخفاقُ الذي جعل دول العدوان تبحث عن مشاريعَ أُخرى في المناطق التي ما زالت بيدها؛ لتخلُقَ بذلك صراعاتٍ داخليةً بين أطراف المرتزِقة، وتنافُـسًا فاضحًا على النفوذ والمطامع، انتهى به الحال إلى عدم القدرة على التحكم بالولاءات، إذ أفادت العديد من المصادر مؤخّراً بأن اتّهامات الإعلام السعودي لحزب الإصلاح، مؤخّراً، بتنفيذ أجندة تركية، ليست فارغةً من الحقيقة، وهو الأمرُ الذي يفسر صفعةَ “سقطرى” التي تلقاها الحزب، ويفسّر حملتَه ضد الرياض، فيما بات الخلافُ بين الرياض و”الانتقالي” واضحًا؛ بسَببِ ولاءِ الأخير الكامل للإمارات التي هي أَيْـضاً تمتلكُ أجندةً خَاصَّةً بعيدةً عن السعودية، ووفقاً لذلك، وبناءً على ما تجربة السنوات الماضية أَيْـضاً، يمكن القول إن “التحالفَ” لم يعد قادراً إلا على المزيد من التفكك.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com