تهاوي المنطقة الرمادية

 

سند الصيادي

نعيشُ زمناً مختلفاً في تفاصيله وَجرأة متغيراته وَتسارع تحولاته، وَبشكل يوفر على الكاتب عناء الاختزال للمراحل الزمنية، في مسعاه لإثبات ترابط الأحداث فيها، وَقولبتها للقارئ في كلمات مضغوطة في ركن أَو حيز متاح على أوراق صحيفة يومية.

في اليمن اليوم بات يتشكل تياران عريضان، يتجاوزان تمايزَ الأيديولوجيا السياسية والدينية وَحكاية التكتلات النوعية والمناطقية، إلى أبعد من ذلك، إلى معسكر الكرامة بكل مقتضياتها وَطرق ووسائل الحصول أَو الحفاظ عليها، وَمعسكر الامتهان لهذه الكرامة، وَفيه يجتمع هواة العيش في الحفر بمختلف مبرّراتهم وَتناقضاتهم وَنزعات وَنزغات أنفسهم.

وَإلى هذين المدربين، تنجرف كُـلُّ السيول وَتؤول كُـلُّ السيناريوهات والمواقف مهما تململت أَو تعللت أَو تأخرت، فيسقط في أحدهما كُـلّ غث، وَيرتقي في الآخر كُـلّ سمين، وَتنتهي حكاية التنوع والتعدد الخارج عن الحكمة الإلهية، وَالذي يرسم ضبابية في التمييز وَالتحليل، فيتجلى كُـلّ حق حقاً، وَيظهر كُـلّ باطل باطلاً.

وهذه سنن الإله الذي جبل عليها الخليقة، غير أننا في ذروة الضياع والغفلة وَالانبهار بماديات الحياة، زادت واتسعت في واقعنا المنطقة الرمادية على حساب منطقتي البياض والسواد، فاختلفنا في تمييز أهلها، أأقرب إلى هذه المنطقة أَو تلك!!

اليوم تتهاوى المنطقة الرمادية، ويزداد اتساع المنطقتين، كلٌّ بما توارد إليها من عناصر هذا التهاوي، إما أبيض الفطرة والهدف، أَو أسود الفكرة وَالمنتهى، فإما جنة أَو نار، ولا مئال ثالث، مثلما لم يكن هناك خيار ثالث.

لا نزال في بداية هذا التهاوي، وَلا تزال المراحل والأيّام القادمة حبلى بالمفاجئات، ولا يزال الخيارُ ملكنا، فليحجز كُـلّ مقعده مستعيناً بما تيسر له من وعي، وَهداية، وَيا لوضوح مفرداتها وَأدواتها في هذه الآونة الاستثنائية من الدنيا.

ختاماً، جاء نصرُ الله وأذن بالفتح، وَبدأ زمن إعادة الاعتبار للحق أمام الباطل، فلا مجال للمراهنات الطائشة وَالأحلام العدمية، ولندخل أفواجاً في دين الله، ولتسبح السماء وسكانها، وَترعد الأرض وعمارها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com