عاصفةُ خلاف بين المحطات الكهربائية والسلطة المحلية والقضائية بصنعاء على خلفية قرار وزارة الكهرباء تحديد سعر الكيلو بـ 205 ريالات

 

المسيرة- محمد الكامل

انخفضت خلالَ الأيّام الماضية وبشكل كبير أسعارُ الكهرباء، بناءً على تعميم من وزارة الكهرباء الذي جاء نتيجةَ الانخفاض في أسعار المشتقات النفطية.

وحدّدت الوزارة سعرَ الكيلو بـ 205 ريالات، فيما حدّدت الاشتراكاتِ الشهرية 1200 ريال كحد أعلى.

ولمعرفة مدى تنفيذ فاعلية القرار وضمان تنفيذه، نفذت صحيفةُ المسيرة نزولاً ميدانياً استقصائياً، والتقت بعددٍ من الجهات الأمنية والرسمية وشخصيات ذات علاقة، فكانت هذه الحصيلة.

ويقولُ مدير مديرية الثورة محمد أحمد الدرواني: إن وزارة الكهرباء أصدرت قراراً يقضي بتحديد سعر الكيلو 205 ريالات كحد أعلى، واشتراك شهري 1200 ريال، ورسوم إدخَال خدمة العداد 15 ألف ريال وذلك بعد انخفاض سعر الديزل والمشتقات النفطية عُمُـومًا، وَبناء عليه أصدرنا في مديرية الثورة تعميماً لكل المناطق وأقسام الشرطة التابعة للمديرية للعمل بهذا القرار ومتابعة الأمر وضبط المخالفين.

وَأَضَـافَ الدرواني أنه وعلى الرغم من أن الكثير قالوا بأن الأسعار باهظة؛ لأَنَّ سعر الكيلو دخل فيه كُـلّ شيء، من حيث التعرفة، وكل شيء دخل ضمنها (استهلاك وإيجارات المحولات، حتى فوائد بنكية)، وذلك كالتالي:

هامش أرباح 23 ريالاً، مرتبات ونفقات تشغيلية 30 ريالاً، رسوم نظافة ومجلس محلي 10 ريالات، حيث تم إعفاؤهم من قبل الدولة على أن تخصص هذه العشرة الريالات مقابل إنارة المساجد والشوارع والمدارس من منطلق أنها خدمة للمجتمع.

وواصل الدرواني كلامه قائلاً: “هذه الـ 10 الريالات هي الوحيدة قانونياً، حتى في السابق وقت وجود كهرباء الدولة كانت تسلم أَيْـضاً، ولم تكن على حساب وزارة الكهرباء وإنَّما على حساب السلطة المحلية بعد خصمها من المبلغ هذا”.

وأوضح الدرواني أن النقابة وصفت القرار “بالمجحف” مستغرباً: لماذا مجحف؟!، ولا نعرف ما هي معاييرهم!.

ونود التأكيد أنه من ناحية الدراسة، وَأَيْـضاً من قبل ذلك كان الديزل بـ 7000 ريال، وهم يولعون الكهرباء بسعر 160 و180 ريالاً، فأين الإجحاف؟، منوّهاً إلى أن ذلك يأتي من باب الطمع والجشع وكسب الأرباح الخيالية.

ويضرب الدرواني مثالاً على ذلك فأصحاب المحطات الكهربائية لديهم 15000 مشترك والبعض الآخر 10000 مشترك، حيث يستلم أصحاب المحطات الاشتراك الشهري 2400 ريال شهرياً، بينما المستهلك “لا يسرّج لمبة”، بمعنى أنهم يستفيدون من مبالغ الاشتراك الشهري كَثيراً دون تقديم خدمة، فإذا كان لأحدهم 15000 مشترك، فذلك يعني أنه يستلم منهم 36 مليون ريال شهرياً صافية دون تقديم خدمة.

 

 تطبيقُ القرار:

ويشير الدرواني إلى أنه وبعد التواصل مع وزارة الكهرباء، تم تطبيقُ القرار من تاريخ 11/4/2020م، بعد إنهاء دورات المولدات الكهربائية، وأن ما قبل هذا التاريخ غير ملزم في عملية إصدار وتحصيل الفواتير.

ويضيف الدرواني إلى أن بعض التجار التزموا بقرار الوزارة، غير أن آخرين عارضوا ذلك، محتجين عليه بشكل كبير، لافتاً إلى أنه تفاجأ بتقديم هؤلاء دعوى قضائية للمحكمة الإدارية ضد وزارة الكهرباء رفضاً لقرار الوزارة، مؤكّـداً أن لجوء هؤلاء إلى المحكمة جاء بعد قيامه بضبط أحد مخالفي القرار والذي أصدر فواتيرَ بسعر 230 ريالاً للكيلو بعد تاريخ سريان القرار، والذي كان من المفترض أن يصدر فواتير تحدّد سعر الكيلو بـ 205 ريالات.

وأكّـد الدرواني أنهم طالبوا هذا المخالف بالتعهد والالتزام بقرار وزير الكهرباء، لكنه قال: أنا سيلتزم بالقرار إذَا لم تنقض المحكمة الإدارية القرار، ما لم فأنا ملتزمٌ بما أقرته المحكمة الإدارية.

وَأَضَـافَ الدرواني أنه تم التواصلُ مع مدير الشؤون القانونية بالوزارة، وَأَيْـضاً مع بعض الحقوقيين والناشطين؛ لتحريك الأمر والحضور مع الوزارة؛ كون هذا حق للمواطن والوقوف بجدية بحضور ممثل وزارة الكهرباء وممثل نقابة الكهرباء الأهلية، وتم إدخَال اعتراضنا على الدعوى القضائية المرفوعة ضد وزارة الكهرباء من جانب المحامين التابعين لنا كموقف واحد يعبر وينضم إلى جوار الوزارة.

وأكّـد الدرواني أن المحكمة الإدارية أصدرت حكماً ببُطلان دعوى أصحاب محطات المولدات الكهربائية شكلاً لعدم وجود من يمثلهم.

وعلى الرغم من تسجيل اعتراضنا على دعوى أصحاب محطات المولدات الكهربائية من التجار الجشعين -كما يقول الدرواني- إلَّا أن هناك بعضَ أصحاب المحطات مستعدون الالتزام بقرار الوزارة، بل وأقل من السعر الذي حدّده الوزارة، مبدين استعدادَهم لتحديد سعر الكيلو الواحد بـ 150 ريالاً، وهم مستفيدون من ذلك، مُشيراً إلى أن وزارة الكهرباء رفضت ذلك مع أننا نطالب أن لا يكون الموضوع حكراً على أشخاص معينين؛ بهَدفِ خلق منافسة للجميع؛ ومن أجل مصلحة الموطن، فمن أراد أن يخفض في سعر الكيلو أَو الاشتراك فأهلاً به، أما الاحتكار فأمرٌ مرفوض وفيه إضعافٌ للحجّـة”.

مَن يحمي المالَ العام؟

ويرفُضُ الدرواني استغلال التجار للكهرباء؛ لأَنَّها جريمة وكارثة، مطالباً الجميعَ وفي مقدمتهم النائب العام بحماية المال العام؛ لأَنَّ موضوع الاشتراكات وبعد صدور قرار واضح من وزير الكهرباء كحد أعلى للاشتراكات 1200 ريال شهرياً، الآن الذي يأخذون 2400 ريال اشتراكات يعني 100% زيادة، وهذه مبالغُ باهظة، فمن سينقذ المواطن؟

وطالب الدرواني النائبَ العام بتكليف محامي الأموال العامة أن يتولى القضية بجدية وبصورة مستعجلة؛ لأَنَّها مصلحة شعب بكامله ومصلحة أُمَّـة.

ويضيف الدرواني قائلاً: لو تكلّمنا مثلاً عن أمانة العاصمة فقط لا توجد لدينا إحصائيةٌ دقيقة، ولكن بحسب كلامهم فهي أكثر من 500 محطة كهرباء أهلية، وأكثر من مليون مشترك، إذن هناك مبالغ تصل بالمليارات شهرياً للاشتراكات فقط وهي أصلاً غير قانونية، وهذه الزيادة فوق المبلغ الذي حدّده قرار الوزارة بـ 1200 ريال فتحوا بها عشرات محطات الأُخرى.

كما يطالب الدرواني بالتنافس الشريف والأسعار المنخفضة والتأكيد على ضبط المخالفين والجشعين من أصحاب هذه المحطات، وتولي القضية من محامي الأموال العامة لمصلحة هذا الشعب المناضل المجاهد والصابر، مختتماً كلامَه بأن هذا أمرٌ وقضية عامة تمُسُّ مصلحة هذا الشعب، فالمسؤولية على الجميع وليست فقط مسؤولية مدير مديرية الثورة، حيث قال لي بعض تجار وأصحاب المحطات الكهربائية أنت الوحيد من يقفُ أمامهم حجر عثرة، وادعائهم بأني أقوم بتشويه سمعتهم وهو ما أنكره وأرفضه من خلالكم هنا، حيث أني تكلمت بالواقع وما هو حاصل فعلاً ولا أنتظر جزاءً ولا شكوراً من أحد.

وواصل بقوله: “نحن في مديرية الثورة الجميعُ يدٌ واحدة، الجانبُ الشعبي والرسمي والأمني ومشرفو الأحياء والحارات، ونحن متابعون والجميع ملتزمون بالقرار وأية مخالفة لن نسمح بها، ونعتقد أن المواطن أصبح واعياً، وعليه التقدم ببلاغ للمنطقة التي يتبعها أَو الاتصال على الرقم المجاني (8000144) الخاص بغرفة عمليات وزارة الكهرباء، وما يحصل في بقية المديريات من مخالفة هو لعدم المتابعة، وهنا يأتي دورُكم كوسائل إعلام كفيلة بفضح أي انتهاك لمصلحة المواطن أَو تهاون مع أصحاب المحطات الكهربائية الأهلية‘‘.

وفي الصدد، ناشد اتّحاد أعضاء السلطة المحلية ومجالسها رئيسَ المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، المشير مهدي المشَّاط ورئيس الحكومة، بتوجيه وَإلزام وزارة الكهرباء بالقيام بواجبها المسؤول تجاه عامة الشعب وَذلك بسرعة العمل على إقرار تخفيض سعر التكلفة الخَاصَّة بالكهرباء المستهلكة من المحطات وَالمولدات الخَاصَّة وَذلك بناءً على انخفاض سعر المشتقات النفطية كحق طبيعي وَالقيام بتحديد وَتعميم سعر الاستهلاك الرسمي المفترض المخفض موحداً وَإلزام المحطات الكهربائية الأهلية بالسعر الموحد بعد إقراره رسمياً.

وحثت قيادةُ السلطة المحلية الجميعَ للقيام بمسؤولياتهم تجاه المواطن وَكبح جماح أطماع وَابتزاز التجار وَاستغلالهم للطاقة الكهربائية التي افتقدها المواطن؛ بسَببِ العدوان الغاشم، مطالباً الجميع باتِّخاذ موقف شريف أُسوة بما قام به مدير مديرية الثورة الأُستاذ محمد الدرواني تأكيداً على أن وجود وَصميم مهام السلطة المحلية هو الوقوف إلى صف المواطن بأولوية خَاصَّة في رفع العبء عنه وَفي مواجهة التجاوزات التجارية الابتزازية والعمل على تنظيم وَفرض سيادة القانون وَتنفيذه لما يحقّق المصلحة العامة.

 

قرار مفاجئ:

في المقابل، يقول أمين عام نقابة المحطات الأهلية، محمد شميلة: إن القضية التي تم رفعُها في المحكمة الإدارية ليس معناها الرفضُ لأي قرار من قرارات الدولة، ولكن التسعيرة تمت بمعاييرَ وحسب اتّفاق بيننا وبين وزارة الكهرباء قبل سنة ونصف سنة على أن يكون سعر الكيلو 260 ريالاً بحساب سعر الديزل 430 ريالاً للتر الواحد، غير أنه الآن ومع انخفاض سعر المشتقات النفطية نزل سعر اللتر الديزل إلى 345 ريالاً للتر الواحد، وبالتالي وحسب الآلية المعتمدة كنسبة وتناسب إذَا نزل سعر الديزل فَإنَّ السعر من ينزل وهو فعلاً ما تم حيث قمنا بإنزال سعر الكيلو من 260 إلى 230 ريالاً.

ويضيف شميلة أن ما وضعوه من تسعيرة وتكلفة منها 70 إلى 80 % نفقات ديزل، وبالنسبة لقرار الوزارة لا يمكن ولا يستطيع أن يستمر أي صاحب محطة بهذا القرار إلَّا إذَا كان معه ديزل بسعر رخيص أَو بالمجان.

أما فيما يخص موضوع الاشتراكات قال شميلة إن الاشتراكاتِ هي مِئة ريال بعد كُـلّ ساعة تشغيل، فأنت معك مولدات وصيانتها، هناك زيوت وغيرها من تكاليف الخدمات التي يقدمها أصحاب المحطات خَاصَّة من يشغّل 24 ساعة، وليس فيها أي إجحاف‘‘.

ويصف قرار وزارة الكهرباء الخاص بتحديد سعر الكيلو الواحد 205 ريالات، بالقرار المفاجئ، قَائلاً: نحن طالبنا بتشكيل لجنة لدراسة الموضوع بشكل واقعي، ووضع معاييرَ واضحة، بحيث لا يكون هناك ضرر على المستثمر ولا على المواطن من جهة ثانية.

وبخصوص موضوع رفع الدعوة القضائية، يضيف شميلة أنها رفعت من جميع مالكي المحطات الأهلية على وزارة الكهرباء رفضاً للقرار؛ وذلك بحجّـة أن الوزارة لم تأخذ بعين الاعتبار التكاليفَ الخَاصَّة بتشغيل المحطات وتقديم الخدمات للمواطنين.

وبشأن قانونية مبلغ الاشتراكات وما هي هذه التكاليف التي تتجاوز إجمالي مبالغ الاشتراكات الخيالية التي يجنيها أصحابُ المحطات، يجيب شميلة بأنها موجودة في المحاضر وهي تكاليفُ كبيرةٌ ومعروفة ولها معاييرُ متفقٌ عليها.

وواصل كلامه قائلاً: “نحن في طور تقديم مبادرة ومشروع حَـلّ وترتيب لقاء مع نائب وزير الكهرباء الأخ عبدالغني المداني، على أن يتم تخفيضُ سعر الديزل لأصحاب المحطات أَو إعطائهم بعضَ الامتيازات أَو يباع لنا الديزل بسعر الوكيل أَو سعر أقل إن أمكن من شركة النفط، وذلك بضوابط يحكمها بحساب وعقاب، وعملية مدروسة من كُـلّ الأطراف، مقابل تخفيض السعر للمواطن‘‘.

ويضيف: مع التنويه أن ذلك ما زال تحت الدراسة ويعتمدُ على تجاوب شركة النفط وعمل سعر خاص لأصحاب المحطات، سيتم تخفيض سعر الكيلو للمواطنين بنفس التخفيض في سعر الديزل، متمنياً على الوزارة إعادة النظر في قرارها، بحيث يكونُ في صالح الجميع وبدراسة صحيحة تجعلنا مستمرين في تقديم الخدمة للمواطن -بحسب كلام شميلة-.

واختتم كلامَه قَائلاً: “مع تأكيدنا أنه تم التعميمُ لجميع محطات الكهرباء الأهلية بتخفيض سعر الكيلو إلى 230 ريالاً عندما تم إنزال سعر الديزل مؤخَّراً، ونحذر المخالفين بأنه سيتم إغلاقُ المحطة التي لا تستجيبُ وتتحمل المسؤولية، وسنقفُ مع الجهات الأمنية والمختصة في ذلك، ولكن -كما قلت سابقًا- أتمنى إعادة النظر في القرار من قبل الوزارة الخاص بتخفيض سعر الكيلو إلى 205 ريالات والاشتراك إلى 1200 ريال شهرياً، الذي فيه إجحاف كبير”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com