دولة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام كانت أفضلَ دولة في ذلك العصر وحقّقت العدالة الاجتماعية بإمْكَانات بسيطة

الباحث حمود الأهنومي في حوار مع صحيفة “المسيرة”:

 

حصل الباحثُ حمود عبدالله الأهنومي على درجة الدكتوراه بامتياز، بدرجة 98 %، على أُطروحته الموسومة بـ(سيرة الإمام الهادي يحيى بن الحسين تأليف علي بن محمد العباسي العلوي، دراسة وتحقيق).

وَتمت المناقشةُ العلنية لأُطروحة الباحث الأهنومي، يوم الخميس في قسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة صنعاء، وأشرف على الرسالة عضوُ لجنة المناقشة والحكم الأُستاذ الدكتور/ نزار عبداللطيف الحديثي، كما ترأّسَ لجنةَ المناقشة والحكم، الأُستاذُ الدكتور/ محمد أحمد الكامل كممتحنٍ داخلي من جامعة صنعاء، والأُستاذ الدكتور/ سفيان عثمان المقرمي ممتحناً خارجياً من جامعة إب، وعضواً لجنة المناقشة والحكم.

وجرت المناقشةُ وسطَ حضور كبير من الأكاديميين والأساتذة والباحثين، حيث قدم الأهنومي عَـرْضاً لرسالته التي طرق فيها دواعيَ اختياره للرسالة المقدمة، مُشيراً إلى طريقته في الدراسة والتحقيق للسيرة الهادوية التي تتناول جزءاً مهماً من تاريخ اليمن السياسي والاجتماعي والثقافي، مُشيراً إلى الأهميّة التي تحتلُّها سيرة الإمامِ الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام كواحدٍ من أهم القادة والأعلام في التاريخ، ليس على مستوى اليمن فحسب بل على مستوى الأمة الإسلامية.
وتطرقت جلسةُ المناقشة العلنية إلى ما يحتلُّه الإمامُ الهادي عليه السلام من دورٍ إحيائي هام، إذ يعد أحدَ أبرز الأئمة الذين أسهموا في تكريس نماذجية الدين الإسلامي وتطبيقه واقعاً وقيماً وسلوكاً ودولةً.

صحيفة المسيرة، التقت بالباحث الأهنومي وأجرت معه هذا الحوار.

 

  • أولاً نباركُ لكم دكتور هذا الإنجاز.. واسمح لنا في البدء بالتساؤل عن دواعي اختياركم لهذه الأُطروحة أَو الرسالة ولسيرة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام؟

أولاً أشكُرُ كادرَ صحيفة المسيرة على مباركِتِهم، ومشاركتهم فرحتَنا بالإنجاز الذي تحقّقَ بحمد الله وفضله.

لقد تم اختيارُ سيرة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين دراسةً وتحقيقاً؛ لأَنَّها أقدمُ نَصٍّ يمني يتحدثُ عن تاريخ اليمن الحضاري؛ ولأنها لم تنل حقَّها من الدراسة والتحقيق، بل تم تجاهلُها من جميع الباحثين اليمنيين، فلم يكتب عن السيرة، ولا عن صاحبها إلا القليلُ جِـدًّا من الباحثين، في حين أن الإمامَ الهادي شخصيةٌ مهمةٌ في تاريخ اليمن، وتاريخ الفكر الإسلامي، والتاريخ الحضاري للأمة الإسلامية جميعاً، وعلى الرغم من أنه كان للعالم السوري دكتور سهيل زكار فضلُ نشر سيرة الهادي في السبعينيات من القرن الماضي، إلا أنه كان مجرد نشر، وليس تحقيقاً؛ ولهذا لم يترجم للأعلام ولا للأماكن ولا للقبائل ولا للفِرَق التي وردت في الكتاب، كما أنه سقط عليه سقطٌ في 17 موضعاً، احتوت معلوماتٍ هامةً جِـدًّا، كما شاب نشرتَه تلك مئاتُ الأخطاء بشكل تصحيف، أَو سوء قراءة، أَو غيرهما؛ لأَنَّه لا أحد يمكنُه تحقيقُ تراث اليمن مثل أبنائه المحقّقين؛ فلأجل هذا كله، أَذِنَ قسمُ التاريخ في جامعة صنعاء في 2015م بدراسة وتحقيق هذه المخطوطة كأُطروحة دكتوراه.

وأنت تعلم أن التوجّـه العام بالنسبة للنظام الحاكم سابقاً كانت تسودُه نزعةُ التنكر لتاريخ اليمن، والانفصال عنه؛ بسَببِ الغزوات الوهابية والمَشْرَقَة والمغربة، والتي كانت تنظر إلى تاريخ اليمن وحضارته بازدراء، ولا أخفيك أن مسؤولاً في إدارة الطباعة والنشر علّق على خبر مناقشة رسالتي هذه بأنه يفتخرُ أنه منعُ تداول ونشر سيرة الإمام الهادي في السبعينيات في اليمن، أي أن مَنْـعَ مثل هذه الدراسات كان سياسةً متَّبعةً لدى النظام السابق للأسف.

 

– يا حبذا لو توضّح للسادة القراء عن محتوى هذه الأُطروحة؟

احتوت الأُطروحة على بابين، الباب الأول قسم الدراسة، ويقعُ في 200 صفحة، وهو في ثلاثة فصول، فصل لليمن وأوضاعه المختلفة قبل مجيء الإمام الهادي إلى الحق، وفصل عن الإمام الهادي إلى الحق، وحياته الشخصية، وجهوده وإنجازاته العلمية، والفكرية، والإدارية، والعسكرية، وفصل عن السيرة، ومكوناتها، ومنهجها، وأهميّة معلوماتها، وكذلك عن مؤلف السيرة وهو علي بن محمد العلوي العباسي، وعن حياته، وأعماله، وإنجازاته، أما الباب الثاني فيقع في 450 صفحة تقريبا، وهو النص المحقّق من المخطوطة.

 

– وماذا بشأنِ أهدافِكم من دراسة سيرة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام؟

من الأهداف التي سعينا لها هو أن يفهم اليمنيون تاريخَهم؛ باعتبَاره تاريخاً معبراً عن الهُـوِيَّة الإيمانية اليمانية؛ لأَنَّ من أهم مصادر اشتقاق هُـوِيَّة الشعوب هو تاريخها، ونحن حين نقول إن هُـوِيَّتنا إيمانية، فإنما ننطلق من مصادرَ عديدة، منها القرآنُ الكريم، وأحاديث الرسول بشأن اليمن وإيمان اليمنيين، ثم من تاريخنا الإيماني، والإمامُ الهادي ودولتُه العادلة جزءٌ مهمٌّ من هذا التاريخ الإيماني، ثم أَيْـضاً نريدُ تذكيرَ القائمين على الدولة اليومَ بالدولة العادلة التي أقامها الإمامُ الهادي إلى الحق، كأفضلِ دولة في ذلك العصر، وكيف حقّق العدالةَ الاجتماعية في ذلك المجتمع اليمني بإمْكَانات بسيطة، وسيرتُه هذه تعكسُ كَثيراً من الأُسُسِ والمبادئ والتطبيقات لتلك الدولة العادلة التي أقامها، والتي ننشُدُها اليومَ كيمنيين، وحين نتحَرَّكُ جهاداً وفكراً وثقافةً لتأسيس الدولة العادلة اليوم، فإننا نتكئ أَيْـضاً على تجاربَ رائعةٍ في هذا المضمار، ليست هذه التجارب في مكان بعيد عنا، بل في بلدنا ووطننا اليمن، ودولةُ الإمام الهادي أكبرُ شاهد على ذلك.

 

– ذكرتم في أُطروحتكم علي بن محمد العباسي العلوي.. هل لكم أن تعطونا نبذةً عنه؟

هو علي بن محمد بن عبيد الله العباسي العلوي، من ذرية العباس بن علي بن أبي طالب، الذي استشهد مع أخيه الإمام الحسين في كربلاء، وكان هو وأبوه مِن أهل المدينة المنورة، فهاجرا إلى اليمن مع الإمام الهادي، وجاهَدَا معه، وقاتلا بين يديه، ووليا له بعضَ الأعمال الإدارية والعسكرية، وعلى الرغم من صغر سن المؤلف العلوي العباسي، إلا أنه كان قائداً عسكرياً وإدارياً من الطراز الرفيع، وكان يحملُ حِسًّا تاريخيًّا، حمله على تأليف وتسجيل أقدم كتاب تاريخي في تاريخ اليمن الإسلامي، وهو هذه السيرة، وقد جعله متمحوراً حول سيرة الإمام الهادي، والتي تعتبر أقدمَ التراجم الشخصية التي تسمى اليوم (المذكرات الشخصية) على مستوى العالم الإسلامي، ثم أخيراً في عام 297هـ استشهد العلوي متأثراً بجراحه التي أُصيب بها وهو يقودُ جيشَ الإمام الهادي إلى الحق في مواجَهة القرامطة في صنعاء، والقرامطةُ حركةٌ خطيرةٌ من حيث نزعتها التكفيرية والاستباحية والعنيفة ضد المجتمع؛ ولذلك شكّلت خطراً كَبيراً على المجتمع اليمني آنذاك، وكان للمؤلف العلوي تحتَ قيادة الإمام الهادي إلى الحق شرفُ مواجهتِهم في اليمن، الأمرُ الذي دفع خطرَهم عن الحجاز أَيْـضاً، وعن مكةَ المكرمةِ بالتحديد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com