تقرير: القناع الأخير للعدوان..واشنطن صاحبة القرار

صدى المسيرة:إبراهيم السراجي

عندما يتحدث رجل بمستوى رئيس المجلس السياسي لأنصار الله الأستاذ صالح الصماد ويقول إن “الأمريكان والصهاينة هم أصحاب الحل والعقد في العدوان خاصة وقد بذلنا كل ما بوسعنا وقدمنا منتهی التفاهمات التي قوبلت بالجحود من قبل دول العدوان” ويؤكد أنه لا”هادي ولا النظام السعودي يملكان قرار إعلان الحرب أو إيقافها، فالحرب أعلنها الجبير من واشنطن” فهذا يعني أنه كلام نابع من شخص يقف في صلب الاحداث السياسية وموجود في قلب الحراك السياسي الذي يستمر بين الحين والأخر في مسقط وكذلك في جنيف.

ولا بد أن الصماد قال كلامه كنتيجة لما لمسته القوى الوطنية خلال المفاوضات السياسية ولّدت لدى تلك القوى قناعة أن الأمريكيين هم المسؤولين الحقيقيين عن العدوان وهم من خطط وأمر بشنه على اليمن وكذلك تبقى الأحاديث عن اقتراب نهاية الحرب من قبل أي طرف غير الأمريكيين تظل مجرد أحاديث للاستهلاك الإعلامي وإلا ما كان للصماد أن يعلنها صراحة بصفته السياسية المؤثرة.

وقد يقول المتابع أن الأخذ بكلام طرف واحد دون الأطراف الأخرى لا يغطي الحقيقة كلها وهذا صحيح لكن تصريحات الصماد قبل أيام التي تأتي بعد دخول العدوان شهره الثامن وعلى مدى تلك الشهور أمكن رصد تصريحات صادرة عن الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية تعزز القناعة التي يملكها الكثيرون بأن أمريكا هي صاحبة قرار العدوان وصاحبة السلطة والقرار لإنهاء العدوان.

 

حين عقد الكونجرس الأمريكي جلسة يوم الخميس الماضي انبرى 13 نائباً لتوجيه رسالة الى الرئيس الأمريكي تطالبه بإنهاء الحرب على اليمن وإذا كان العدوان على اليمن في حقيقته وقراره عدواناً سعوديا فقد كان الأحرى بالنواب الأمريكيين أن يطالبوا حليفتهم السعودية بإيقاف الحرب أو على الأقل يطالبون الرئيس الأمريكي أن يمارس ضغوطاً عليها في ذات الاتجاه.

الرئيس الأمريكي منذ أول يوم للعدوان أعلن صراحة تأييد بلاده وكذا تقديم الدعم اللوجيستي لدول العدوان والدعم الاستخباراتي أيضا فيما يعتقد نواب الكونجرس كما عبروا في رسالتهم أن قيام أمريكا بتقديم الخدمات المعلوماتية الاستخباراتية والاستطلاعية واللوجيستية للعدوان وإعادة تزويده بالمعدات العسكرية والذخائر، حسبما أقر وزير الدفاع آش كارتر، اوجد قلقاً من تحميل الولايات المتحدة المسؤولية عن أية ضحايا مدنية نتيجة للقصف الجوي.

 

قبل ذلك وجه المحلل السياسي الأمريكي “غاريث بورتر” اتهاما صريحا للإدارة الأمريكية بانها لا تريد إنهاء العدوان القائم على اليمن وترفض استخدام نفوذها في هذا الصدد.

وأضاف بورتر وهو خبير في شؤون الامن القومي الأمريكي ان التحالف الذي تقوده السعودية مذنب بارتكاب جرائم حرب منهجية في اليمن، والولايات المتحدة تتحمل المسؤولية القانونية بسبب استخدام الأسلحة التي تم شراءها من الولايات المتحدة في الحرب ضد اليمن.

وواصل بورتر تحليله السياسي الذي نشره موقع “تروث اوت” الأمريكي وقال إنه “وفي 6 أكتوبر الماضي قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق انتهاكات السعودية لقوانين الحرب في اليمن و اعلنت صراحة استهداف متعمد للمدن و المدنيين في اليمن, ووثقت أيضا مسؤولية الولايات المتحدة في جرائم الحرب التي ارتكبت في الغارات الجوية على اليمن”.

أصبح لدى الكثير قناعة ثابتة أن أمريكا غيرت استراتيجيتها في تحقيق أهدافها بعدم التدخل المباشر نظرا للخسائر التي منيت بها في العراق وأفغانستان فلجأت لاستخدام أذرعها في المنطقة كما حدث في سوريا وبشكل أكبر ما يحدث من عدوان على اليمن باستخدام الذراع السعودي وحلفائها في العدوان.

وتأكيدا لذلك تلجأ أمريكا لتصحيح المسارات التي تسير عليها السعودية في عدوانها إذا رأت أن التحرك لا يحقق المطلوب منه وهو ما كشفت عنه صحيفة “وول” الأمريكية في الأسبوع الثالث من العدوان.

حيث نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الإدارة الأمريكية تنوي توسيع مشاركتها في عمليات تحالف العدوان على اليمن بعد أن اكتشفت أنه وبعد ثلاثة أسابيع من القصف فشل العدوان في ذلك الوقت في إيقاف تقدم الجيش واللجان الشعبية في محافظات الجنوب.

 

القول بإن المصالح الأمريكية دائما مرتبطة بمصالح الكيان الصهيوني لم يعد محلا للنقاش لدى كل الأطراف الدولية وهو ارتباط معلن من قبل الأمريكان والصهيانة ولعل من المؤكد أن وقوف أمريكا وراء العدوان يعود في الأساس إلى ذلك الارتباط المتعلق بمصالح إسرائيل.

 

لدى اقدام دول العدوان على اشعال فتيل المواجهة في باب المندب وتهديد الملاحة الدولية اكدت ان تل ابيب تمد الرياض بالمساعدات العسكرية حيث تقوم طائرات تابعة لسلاح الجو الاسرائيلي بنقلها هذه المساعدات من ميناء عصب في ارتريا الى قاعدة خميس مشيط في عسير.

وتضيف التقارير ان الكيان الاسرائيلي نشر قوات عسكرية في الجزر التي يستأجرها من ارتريا كما نشر تعزيزات بالقرب من ميناء مصوع المطل على البحر الاحمر

 

ما يحدث على خلفية الاستماتة السعودية للسيطرة على باب المندب يشير الى تعاون وتنسيق مع الاسرائيليين يؤسسان لمنظومة جديدة في المنطقة عنوانها الشراكة السعودية الاسرائيلية.

 

شراكة يربطها المراقبون بما كشفه موقع آود نيوز عن طلب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير المساعدة من الكيان الاسرائيلي، واقتراحه على الملك سلمان بن عبد العزيز طلب المساعدة من تل ابيب لان الاسرائيليين يملكون القدرة على القتال في مثل الظروف اليمنية. كما أعرب الجبير عن امله بان ينتهي التردد الاسرائيلي للتدخل في اليمن.

 

الاستغاثة السعودية بتل ابيب وجدت جوابا من خلال كلام الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال بيني غانتس الذي اعتبر ان القلق من مسالة باب المندب تعتبر لتل ابيب أخطر من النووي الايراني داعيا الى مساعدة بعض الدول العربية في المنطقة.

 

وقال بيني غانتس: “مسألة الامن عالمية وتنعكس في موضوع باب المندب والتجارة فيه كما تؤثر على المنطقة وعلينا تعزيز قدراتنا لمواجهة التطورات في المستقبل. بعض الدول العربية تشاركنا المصالح ذاتها وعلينا مواصلة دعم هذه الدول ومساعدتها لتخطي الاحداث التي نراها تواجهها”.

 

من جانبه كشف المغرد السعودي “مجتهد” أن الولايات المتحدة وجهت تهديدا لوزير الدفاع السعودي وأخبرته ان استمرار الحرب يعني مزيدا من توسع القاعدة وداعش وأن عليه أن يجد مخرجا يحفظ ماء وجهه مالم ستجبره على التوقف”

 

وليس الحديث هنا عن صحة ما تريد أمريكا في تهديدها ولكن يستخلص من القول إن القناعة أصبحت راسخة بأن أمريكا لديها قرار وقف الحرب ولعل الاستشهاد بما قاله المغرد السعودي يعود للثقة التي حصل عليها على مدى سنوات حول تسريباته التي دفعت المخابرات السعودية لاختراق حسابه قبل ان يتمكن من استعادته عبر محامين تحدثوا مع إدارة شركة “تويتر”.

قبل أيام أجرت صحيفة “معاريف” حوارا مع وزير الخارجية السعودي ونشرت تقريرا مصاحبا للحوار وهي أهم صحيفة في إسرائيل التي تعتقد أن الوضع في اليمن وخطر الارهاب يتواجدان على سلم اولويات الرياض، وان النظام السعودي تلقي دعما عسكريا من “اسرائيل في الحرب على اليمن مؤكدة أن لديها معلومات مؤكدة حول ذلك.

كما رأت الصحيفة الإسرائيلية في تقريرها ان “هناك تطابقا في المصالح بين المملكة والكيان الصهيوني، كما ان الولايات المتحدة عرضت خدماتها لتعزيز الشعور بالأمن في السعودية”.

 

وإذا كان الموقف الإسرائيلي قد تطور مع مرور شهور العدوان فأصبح أكثر وضوحا وجرأة تجدر الإشارة الى ما نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية في رابع أيام العدوان حيث رصدت ما دار في اجتماع الحكومة الإسرائيلية وافتتحت تقريرها بالقول :” على وقع العدوان العسكري السعودي على اليمن، وبموازاة المفاوضات النووية في لوزان، افتتح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو جلسة الحكومة واصفاً الاتفاق المرتقب بين إيران والسداسية الدولية بأنه “يؤكد جميع مخاوفنا، بل أسوأ مما اعتقدنا»، داعياً إلى التصدي لمحور إيران ــ لوزان ــ اليمن ومشدداً على ضرورة العمل على إيقافه.

ورأى نتنياهو، في أول تعليق رسمي إسرائيلي على العدوان السعودي، أن «وكلاء إيران في اليمن يحتلون أجزاء كبيرة من هذه الدولة ويحاولون الاستيلاء على مضيق باب المندب الاستراتيجي، ما يغير توازن الملاحة وإمدادات النفط العالمية».

 

وفي محاولة لتجاوز الأسباب الداخلية التي دفعت الشعب اليمني إلى الثورة وتحرير قراره السياسي، حصر نتنياهو مقاربته بالبعد المتصل بالصراع بين المحاور، مشيراً إلى أنه «بعد المحور الذي ربط بين بيروت ودمشق وبغداد، تقوم إيران بـ”عملية كماشة” أيضاً في الجنوب من أجل الاستيلاء على الشرق الأوسط كله واحتلاله.

ووصف نتنياهو ما سماه المحور الذي “يربط بين إيران ولوزان واليمن” بأنه “خطير جداً بالنسبة إلى البشرية ويجب التصدي له وإيقافه”

 

يقرأ البعض ان العدوان السعودي –الامريكي على اليمن ستكون نهايته كما يتحدثون هو تقسيم السعودية، والمفارقة العجيبة بحسب الكاتب الأردني هشام الهبيشان ان من يحرك ملفات هذا التقسيم في السعودية هم اصدقاء وحلفاء النظام السعودي “انهم صناع القرار الأمريكي” انهم من يخططون ويدرسون الخطط على الارض ويتنبؤون بالنتائج ثم ينفذون على الارض مخطط عملياتهم، وهذا ما أكدت عليه قبل عدة شهور مجلة “فانيتي فير” الأميركية  وقالت إن كلا من المستشار في “معهد واشنطن” دينيس روس والمؤرخ الأميركي دافيد فرومكين والباحثان الأميركيان كينيث بولاك ودانييل بايمان تحدثوا وبشكل علني عن وجوب تقسيم السعودية ويشاركهم بكل هذا بالطبع كل من المسيحيان المتصهينان برنارد لويس ونوح فيلدمان.

 

أخيرا مثّل إعلان السفير السعودي في ذلك الحين عن العدوان من واشنطن سابقة منفردة كون الطبيعي أن تعلن القيادة العسكرية مثل وزير الدفاع لأي دولة عن أي تحرك عسكري لكن مع حدث حين إعلان العدوان على اليمن كان أول ما يمكن الحديث عنه في سياق التأكيد أن أمريكا هي صاحبة قرار العدوان وقرار إيقافه ولم تكن السعودية إلا أداة للعدوان خصوصاً أن النظام السعودي عجز عن تحديد أهدافه بشكل واضح من العدوان بينما كان الكيان الصهيوني قادر وبسرعة وببساطة أن يحدد مصلحته من العدوان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com