أكاديميون ومفكّرون يناقشون دوافعَ مشروع الصرخة وهويتها وأهدافها وآثارها في الوقع العملي

المسيرة: نوح جلاس

تتواصَلُ الفعالياتُ والأنشطةُ الجماهيريةُ في مختلف المناطق اليمنية؛ إحياءً للذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين، وسط تَنَامٍ للوعي الشعبي والرسمي بأهمية هذه المناسبة، سيما في ظل تزامنها هذا العام مع مسلسلِ تساقُطِ الأقنعة وتسابق زعماء الخيانة إلى وروشة العار في البحرين؛ لفتح المزاد العلني لبيع القضية الفلسطينية.

وفي خضم المناسبة، نظّمت جامعةُ صنعاءَ، بالتنسيق مع الملتقى الأكاديمي بالجامعة، ندوةً فكريةً وثقافيةً بعنوان “الصرخة مشروع عملي لتصحيح واقع الأُمَّــة والنهوض بها لمواجهة التحديات والأخطار”.

وتناولت الندوةُ التي حضرها عددٌ من الأكاديميين والمفكرين الباحثين، يتقدّمُهم نائبُ وزير التعليم العالي الدكتور علي شرف الدين، ومستشار الوزارة الدكتور فوزي الصغير، ورئيس جامعة صنعاء الدكتور القاسم شرف الدين، ونُوَّابُه وعمداءُ الكليات ورؤساء مراكز جامعة صنعاء ورئيس الملتقى الأكاديمي الدكتور محمد المأخذي، عدداً من الكلمات وأوراق العمل أكّـــدت في مجملها أن الصرخةَ في وجه المستكبرين مشروعٌ قرآني يضمنُ عزةَ وكرامة الأُمَّــة، وتتجلى أهميته في التصدي لكل المخاطر والمؤامرات التي يحيكُها أعداء الأُمَّــة ضد الإسْــلَام والمسلمين.

 

مشروعُ الصرخة وجهادُ المستكبرين يدفعُ الأُمَّــةَ لأن تبني واقعَها على أرقى مستوى للتغلب على أعدائها:

وبعد قراءةِ آياتٍ من كتاب الله، أكّـــدت خطورةَ ما يسعى له اليهودُ في تبديل وتحريف دين الأُمَّــة، ووقوف الحاضرين لتأدية السلام الجمهوري، استهلَّ الأُستاذ يحيى قاسم أبو عواضة الندوةَ بكلمة أشار فيها إلى تعمُّدِ الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْــهِ- تبني مشروع مناهضة المستكبرين ورفع شعار الصرخة عالياً وبكل مجاهرة وأعلى صوت؛ كي يمزِّقَ حاجزَ الصمت وحالة السكون التي كان عليها واقعُ الشعب اليمني والأمة العربية والإسْــلَامية عامة إزاء التحديات الأمريكية وانكشاف مُخَطّطات البيت الأبيض لاحتلال شعوب العالم العربي والإسْــلَامي تحت ذرائعَ واهيةٍ.

ولفت أبو عواضة، إلى أن مشروعَ الصرخة هو “مشروعُ بناء للأُمَّــة على كُـــلّ المستويات والأصعدة”، مؤكّـــداً أن حكمة ورؤية الشهيد القائد جعلت هذا المشروعَ بما يحملُه من صوابية بوابةً لارتقاء الأُمَّــة وبنائها اقتصادياً وعسكرياً وثقافياً وحضارياً مع الاحتفاظ بهُـوِيَّتها ودينها الأصيلين.

ولأَنَّ مشروعَ الصرخة في وجه المستكبرين أتى من منبع الجهاد في سبيل الله، قال الأُستاذ يحيى قاسم أبو عواضة: “إن ثقافةَ الجهاد ومناهَضةَ المستكبرين تغرِسُ في الأُمَّــة روحيةً لأَن تبني نفسها على كُـــلّ المستويات -استعداداً وإعداداً- لمواجهة أعدائها والتغلب على كُلِّ الأخطار التي تتربص بها”، مؤكّـــداً أن الأُمَّــة التي تتحلى بثقافة الجهاد في سبيل الله هي الجديرة بأن تصمُدَ وتبني واقعها على أرقى المستويات للتغلب على أعدائها.

 

وجودُ المشروع الحقيقي “الصرخة في وجه المستكبرين” وظّف الصراعاتِ التي كانت في بلدنا لأَن تتحوّل إلى جهاد في سبيل الله:

وجدّد أبو عواضة التأكيدَ على أن الشهيد القائد قدّم مشروعاً قرآنياً جاء في وقت أصبحت الأُمَّــة في أشدِّ الحاجة إليه، منوّهاً إلى أن انطلاق هذا المشروع القرآني لم يأتِ بالصراعات والمشاكل والاقتال، مضيفاً: “المشاكلُ كانت قائمةً والصراعاتُ السياسية كانت قائمةً قبل مجيء هذا المشروع، وكانت بلادُنا على أعتاب الحرب الأهلية الهدامة، غير أن هذا الشعار وهذا المشروع جاء لكي يوظف هذا الصراعَ ويحوِّلَ مسارَه لأَن يصبح جهاداً في سبيل الله، وتكون تضحياتُها لها قيمةٌ ولها أجرُها وتكون نهايتُه وثمرته هي النصرَ والعزة والكرامة والبشرى، كما قال الله تعالى (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)”.

وتطرق أبو عواضة، إلى النموذج العِراقي المأساوي الذي أصبح فيه العدو بعيداً عن متناول المقاومين وأصبحت الخسائر البشرية بأعداد كبيرة دون أن يكونَ للتضحية وتلك الخسائر أيةُ قيمة أَو فاعلية، مشيراً إلى أن غيابَ المشروع الحقيقي والقيادة الحكيمة مكّن الاحتلالَ الأمريكي من جعل الساحة العراقية مستنقعاً لكل الآفات وحوّل تلك البلد إلى ساحة للصراعات متعددة الألوان..، مضيفاً “وهذا ما كان سيحصل في اليمن لولا وجودُ هذا المشروع القرآني الذي وجّه البوصلة صوبَ العدو الحقيقي وغرس في نفسية كُـــلّ من يحملونه روحيةَ الجهاد والتضحية في سبيل الله لنصرة الدين والمستضعفين”.

وفي ختام كلمته، شدّد الأُستاذ يحيى قاسم أبو عواضة على أهمية أن يضطلعَ الأكاديميون والمثقفون ومنتسبو الجامعات بشكل عام بأداء المسؤولة الدينية والوطنية للتوعية بمخاطر الأعداء ومُخَطّطاتهم التآمرية وغرس ثقافة مناهضة المستكبرين وحب الجهاد في سبيل الدين والوطن لدى عامة الناس، مؤكّـــداً أن كُـــلّ من يسعون لإفشال هذا المشروع القرآني سيكون مصيرُهم الفشلَ ولن يزيد مفعولهم عن إضاعة الوقت وكشف الحقائق وسقوط الأقنعة، وزيادة قوة وصلابة هذا المشروع الرباني.

 

الصرخةُ موقفٌ ديني نابعٌ من كتاب الله وليست نزعةً طائفية أَو سياسية:

وفي السياق، قدم الأُستاذ غالب المطري ورقةَ العمل الأولى للندوة تطرق فيها إلى الدوافع القرآنية التي أنتجت شعارَ الصرخة ليحتوي بكل عناية كلماتٍ في غاية الدقة والصوابية بعيداً عن أية نزعات سياسية أَو طائفية.

وفي ورقته التي كانت بعنوان “الصرخة موقف ديني وليست مشروعاً طائفياً” أكّـــد الأُستاذ غالب المطري “أن المنتقدين لشعار الصرخة والفئة التي تمقت الإجهار بكلماته لم تستوعب بعد كلام الله -سُبْحَـانَــهُ وَتَعَالَى- وأوامره في كتابه الكريم”.

وقال المطري: “إن كلمةَ –الله أكبر- الموجودة في أول شعار الصرخة جاءت من منطلق أوامر الله تعالى في كتابه عندما قال: “وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا”، مضيفاً “الموت لأمريكا والموت لإسرائيل جاءت وفقاً لكلام الله -سُبْحَـانَــهُ وَتَعَالَى- عندما قال: “قل موتوا بغيظكم”، في إشارة إلى أعداء الله من اليهود والنصارى وأوليائهم في ذلك الوقت، والذي يمثلهم اليوم أمريكا وإسرائيل رأس الشر في هذا العصر فهما من احتل فلسطين وأفغانستان والعراق ودمّر سوريا وانتهك كُـــلّ حرمات المسلمين في تلك البلدان”، متبعاً “وكانت راية رسول الله صلوات الله عليه وآله في كُـــلّ معركة هي: يا منصورُ أَمِت”، مؤكّـــداً أن مصطلحَ الموت هو أشدّ ما يكره اليهود والنصارى كونهم أحرص الناس على الحياة وأشدّ الناس حباً لها.

واستطرد المطري “اللعنة على اليهود هي أيضاً موجودة في كتاب الله ولعنهم الله في الكثير من الآيات ولعنهم أنبياؤهم نظراً؛ لأَنَّ اليهود جماعة مارقة من جماعات أهل الكتاب ارتكبوا كُـــلّ المنكرات وخالفوا كُـــلّ الأوامر وتنصلوا عن كُـــلّ المسؤوليات”، منوّهاً بأن كلمة “النصر للإسْــلَام” هو شعار كفر لكل أوامر الطاغوت وتوعد بإسقاط كُـــلّ أشكال الشرك بالله ومظاهر تحريف الدين ووعيد بإسقاط كُـــلّ المؤامرات المحاكة ضد هذا الدين القويم، متطرقاً إلى الآيات التي احتوت الدعوة والاستغاثة بالله تعالى لنصرة الإسْــلَام والمسلمين على الأعداء والكافرين.

وفي ختام ورقته تطرق المطري إلى الروايات والأحاديث النبوية التي تؤكّـــدُ صوابية المشروع القرآني الذي يتحَــرّك عليه الشعبُ اليمني اليوم تحت القيادة الحكيمة لعلمي الهدى في هذا الزمان، مخاطباً الساعين لمحاربة هذا المشروع: “ليس بمقدوركم الوقوف أمام هذه الصرخة التي جرفت وستجرف كُـــلّ المستكبرين الذين يحاولون الوقوف أمامها”.

 

الدوافعُ التي أوجدت هذا المشروع.. وآثارُ الصرخة في النفسيات:

وفي خضم الندوة، قدّم الدكتور عرفات الرميمة ورقةَ العمل الثانية تطرق من خلالها إلى الدوافع التي جعلت الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي يطلقُ هذا المشروعَ القرآني الخالص، مشيراً إلى الآثارِ التي تتركه الصرخة في النفسيات.

وفي ورقته التي كانت بعنوان “منطلقات ودوافع الشعار والمشروع القرآني”، أكّـــد الدكتور عرفات الرميمة أن النظرةَ الثاقبةَ والعقيدة التي كانت مترسخةً في ذهنية الشهيد القائد والقاعدة التي انتهجها “عينٌ على القرآن وعينٌ على الأحداث” هي التي دفعته إلى إطلاق مشروع الصرخة في وجه المستكبرين والنهوض بهذا الشعار في مواجهة التحديات والأخطار التي كانت تتربصُ بالعرب والمسلمين عامة في ذلك الحين “بداية الألفية الثالثة”.

وأشار الرميمة، إلى أن الشهيد القائد -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْــهِ- أطلق هذا الشعار قبل 17 عاماً في وقت كانت الشهيةُ الأمريكية مفتوحةً لاحتلال وغزو الأراضي العربية والإسْــلَامية بعد احتلالها أفغانستان وإطلاقها شراراتِ التحضير لاحتلال العراق وما بعد العراق، في حين كان الكيان الصهيوني يوسع من أطماعه ويكثّفُ من مؤامراته لابتلاع فلسطين وغزو الأُمَّــة فكرياً وثقافياً للقبول بذلك الكيان كدولة صديقة للعرب والمسلمين والتغاضي عن سلب الحَــقّ الفلسطيني.

وأكّـــد الرميمة أن الشهيد القائد صرخ عالياً عندما تهادت الأصواتُ أمام غرور “بوش” الذي قال كلمته بكل تحَدٍّ للزعماء الخانعين: من ليس معنا فهو ضدنا.

وتطرق إلى الآثار الكبيرة التي تتركها الصرخةُ في نفسية من يحملون ثقافتها، ومن يتحاشون سماعها أَو النطق بها، مؤكّـــداً أن “الأثر الجوهري في هذه الصرخة وعباراتها هي إماتة الأعداء -أمريكا وإسرائيل- في نفوسنا وجعل كُـــلّ ما سوى الحَــقّ ميت في نفوسنا، مضيفاً: “هذه الصرخةُ ربّتنا على أن يموتَ كُـــلّ الأعداء في نفسياتنا ونحضر ونعد ونحشد الطاقات لأَن نمضي لقتلهم ومقارعتهم وإسقاطهم، وإعلاء كلمة الله”.

وأشار الرميمة في ختام ورقته إلى أن “وفداً خاصاً بعثه الرئيس الليبي السابق معمر القذافي إلى الشهيد القائد للتفاوُضِ على وضع عبارة –الموت لآل سعود- ضمن عبارات الشعار، مقابل دعم الحركة بمئات الملايين من الدولارات، إلا أن الشهيدَ القائد رفض ذلك وقال بأن هذه الصرخةَ مشروعٌ قرآني نابعٌ من توجيهات الله وليس من النزعات السياسية، على الرغم من أن النظامَ السعودي في ذلك الوقت تولّى كِبَرَ محاربة هذا المشروع”.

 

أهداف حقّقتها الصرخة.. سقوط الأقنعة وإزاحة الستار:

وفي ختام الندوة، قدم الدكتور عبدالله الخالد ورقة العمل الثالثةَ والأخيرة بعنوان “الأهداف التي تحقّقت بفعل الهُتافِ بالشعار”، أشار خلالها إلى جملة من الأهداف التي تحقّقت مع نهوض هذا المشروع القرآني.

ونوّه الخالد بأن الأهدافَ التي تحقّقت بفعل الشعار تكمُنُ في كشف الحقائق وإزاحة الستار عن الكثير من الشخصيات والأنظمة والأحزاب التي كانت تدّعي الوطنية والديموقراطية، مبيناً أن الديموقراطية الزائفة لأمريكا وعملائها تلاشت مع ظهور هذا الشعار، فيما كشفت الكثير من الأنظمة والشخصيات والأحزاب والزعماء في مختلف الدول العربية عن النقاب واتضح ولاؤهم وطاعتهم لأمريكا وإسرائيل.

وأكّـــد أن من الأهداف التي تحقّقت هي كشف العقيدة التي كان يحملُها الجيش اليمني في ذلك الوقت، مضيفاً “ليست عقيدة لحماية الوطن والدين والأُمّة، وإنما عقيدة لخدمة وحماية العملاء والزعامات والشخصيات، وتعدد لولاءات رموز متباينة لذلك النظام، ومحاربة كُـــلّ من يناهض اليهود والنصارى”، متبعاً “كما كشف هذا الشعار الوجهَ الآخر لحزب الإصلاح وفضحت النفسيات التي تحمل في داخلها الولاءَ لليهود والنصارى، وبينت الخطر الكبير الذي يمثله الفكر الوهابي على الإسْــلَام والمسلمين وعلى المجتمع اليمني بشكل خاص”.

ونوّه الخالد إلى أن الشعارَ أخرج اليمن من حالة اللاموقف والسكوت والصمت إلى حالة الموقف المشرّف والبنّاء والواعد، وعمل على تحصين الشعب اليمني من الاختراق الفكري والسياسي والثقافي والحضاري وكذا الحفاظ على الهُـوِيَّة اليمنية.

وأكّـــد أن الشعار ارتقى بمستوى جهوزية الشعب في مواجهة العدوان وخوض معركة التحرّر والاستقلال، ووجّه بوصلة العِداء صوبَ أعداء الأُمَّــة الحقيقيين وأغلق بوابة الصراعات الطائفية وحشد كُـــلّ الطاقات لمحاربة أعداء الأُمَّــة وأوجد هذه العقيدة للأجيال القادمة.

يشار إلى أن الندوة تخللها مداخلة لرئيس مجلس التلاحم القبلي الشيخ ضيف الله رسام أشار فيها إلى دور القبيلة اليمنية في مواجهة الأخطار والتحديات، والهُـوِيَّة الجامعة التي تربطها بالمشروع القرآني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com