سلبية الإعلام في ترجمة قضية باب المندب

بقلم : فهمي اليوسفي

قضية باب المندب ومحاولة السيطرة عليه من قبل آل سعود وإسرائيل تعتبر قضية محورية وبالغة الأهمية راهناً في مجرى الصراع بالـيَـمَـن مع السعودية والدول الطامعة والشريكة بالعدوان على بلدنا.

ومن المؤسف يتناولها الكثير من الإعلاميين بسطحية شديدة ودون إدراك؛ ربما لازدحام روتين العمل الإعلامي اليومي.

مع أنني أعتبر بأن ترمومتر قياس القدرات الإعلامية، أية قدرات الإعلاميين عندما يتناولون أية قضية، تقاس تلك القدرات من خلال الأسئلة التي تُطرح حول القضية، حيث تُبرز تلك الأسئلة القضية المطروحة للنقاش برمتها لتكون محل اهتمام الرأي العام العالمي والإقليمي والداخلي، ومن خلال متابعتي لوسائل الإعلام هذه اليومين ألمس تسطيحها من قبل الإعلام والإعلاميين، الأمر الذي يجعل الرسائل التي تصل للمشاهد ضعيفة جداً ولا تعطي أهميةً للحدث من قبل الرأي العام:

بكل تأكيد هذه السطحية لا تخدم القضية التي نحن بصددها، كما أن العمل الارتجالي ذات الطابع العشوائي غير المدروس على الصعيد الإعلامي هو جزء من الكارثة.

فإذا كانت الأسئلة التي يطرحها الإعلاميون سطحية، يعني أن الإعلامي هو سطحي فكرياً وسياسياً و… إلخ ولا يستطيع الغوص بعمق وقراءة ما بين السطور مما يجعل النتيجة سطحية.

منذ يومين وأنا بصدد المتابعة لهذه القضية (باب المندب)، لكنني ألمس أن الأسئلة التي تم طرحها عن هذه القضية من قبل الكثير من وسائل الإعلام في أدنى درجة من السطحية ولها طابع عشوائي ولم يتم تناولُها بعمق استراتيجي رغم أنها تستدعي ذلك.

وبحكم أن لي علاقة بالتَّأريخ وبالنشاط السياسي ومعايشتي لمجرى الأحداث اعتبر بان هذه القضية بالغة الأهمية وتستدعي تسليط الأضواء عليها وتناولها بعمق من عدة زوايا لأجل حاضر ومستقبل الـيَـمَـن والمنطقة والعالم بأسره.

لا شك بأن إسرائيل لها علاقة وأطماع مباشرة وغير مباشرة بمضيق المندب من الماضي للحاضر وبالذات من ٧٣ وحتى اليوم.

فهناك أطماع قد تحققت لصالحها وتم تنفيذها وأُخْــرَى قيد التنفيذ، ومشاركتها الراهنة مع السعودية هي آخر بروفة مبطنة لها ولدول الجوار بحرياً وبرياً ولها علاقة أيضاً بما جرى ويجري في المندب وبكثافة هذه الأَيّْـام.

مثل هذه الأمور تحتاج لقراءة منهجية بَعيداً عن التسطيح والعشوائية لأجل إنقاذ الـيَـمَـن، وصد الطامعين والمحتلين.

يا معشر الإعلاميين:

لأن التسطيح يعد كارثة ولا يسهم بالحل يستدعي الأمر إعَادَة النظر حول هذه القضية بكم أهميتها داخلياً وإقليمياً ودولياً، لكوني عندما أشاهد تناولها بهذه الطريقة حتى من القنوات الأجنبية التي تستقي المعلومات من قبل أبناء الـيَـمَـن والذي لا يدرك الكثير منهم أهمية المندب ولا يستطيعون ترجمتها بشكل دقيق وليس لديهم إلمام بمجرى الأحداث حول هذا المضيق وُصُولاً لأحداث اليوم.

هذا في مجمله جعلني أتالم؛ لأنني المس التسطيح دون الإشَارَة لما ينبغي بَعيداً عن الوجبات السندوتشية إعلامياً.

مع أن العودة لأرشيف الماضي بالنسبة للإعلاميين هو دماغ العملية الإعلامية.

فإذا كان الإعلاميين سطحيين والضيوف التي تستضيفهم القنوات سطحيين لمناقشة هذا القضية فماذا تتوقعون النتيجة ومع احترامي لشخص لبناني خبير عسكري لمست منه تقييماً استراتيجياً عسكرياً لمجرى المعركة العسكرية وكان تشخيصه أقرب للواقع من الناحية العسكرية.

أما البقية على حد المثل الشعبي “عمياء تقود مجنونة”.

إذاً وأكرر هذا السؤال: ماذا تتوقعون النتيجة عندما يكون الإعلامي سطحياً والضيف أكثر سطحية؟

فهل هذا سيخدم ما نحن بصدده؟

أم ستكون النتيجة أكثر كارثية؟

وهل يعلم الإعلاميون بان اغتيال الحمدي وأحداث يناير ٨٦ م واستقلال ارتيريا وقضية جزيرة حنيش وانهيار الاتحاد السوفييتي لها علاقة بهذا المضيق وُصُولاً لما نحن فيه من عدوان خارجي على الـيَـمَـن؟

إذاً أين الإعلامي الحصيف والمحلل المُلم بالأحداث الذي ننتظر منه ترجمة منطقية وعميقة؛ لأن التقييم السليم والدقيق للمشكلة جزء من الحل لهذا الحدث؟

هل يدرك الإعلامي أَوْ الارتجالي بان اتفاقية سيكس بيكو لها علاقة بهذا المضيق؟

هل يدركون بِأَن مشروع شرق أوسط جديد له علاقة بمجرى الأحداث اليوم بهذا المضيق؟

هل يدركون بِأَن ما يشهده المندب اليوم له علاقة بمشروع أنور عشقي رجل إسرائيل بالمنطقة؟

هل يدركون بِأَن قضية القرصنة البحرية لها علاقة بما يجري اليوم بهذا المندب؟

هل يدركون بِأَن لبريطانيا أطماعاً اقتصادية عملاقة بهذا المضيق مرتبطة بصراع وتنافس عالمي حوله؟

هل يدركون بِأَن بعض البيوت التجارية تتنافس لصالح أطماع الخارج في هذا المضيق؟

هل يدركون بِأَن محاولة السيطرة على هذا الموقع له علاقة بالمستثمر أبو ياسر الذي عطّل محجر ميناء المخاء بعد أن صعد هادي رئيساً؟

هل يدركون بِأَن هادي قد وقّع للأمريكان ببناء قاعدة عسكرية في جزيرتي سقطرى وبريم؟

هل يدركون بِأَن انزعاج الغرب من تدخل روسيا بسوريا لمكافحة الإرْهَــاب له علاقة بباب المندب؟

هل يدركون بِأَن زيارة سي سي مصر لروسيا أخيراً لها علاقة بمجري الأحداث هذه الأَيّْـام بالمندب؟

إذاً كيف نبحث عن حل وترجمة أقرب للواقع والكثير من أبناء البلد لا يدركون أهمية المضيق على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي؟

أليس هذا كارثة ومؤلماً؟

أرجو من الإعلاميين سرعة إعَادَة تناول القضية بعمق من عدة زوايا، والعودة لأرشيف ذاكرة الماضي لاستحضار الحاضر وترجمة ما ينبغي ترجمته على كافة الأصعدة وربط ما جري ويجري بالمتغيرات الدولية والإقليمية والداخلية للمراحل السابقة وُصُولاً لهذه المرحلة لتكون الصورة أوضح نظراً لأن هذه القضية بالغة الخطورة والتعقيد على حاضر ومستقبل الـيَـمَـن والمنطقة بشكل عام وتستدعي مناقشتها بعمق بَعيداً عن التسطيح، والمعذرة لانتقادي رغم أن في جعبتي الكثير عنها ومن الصعب كتابة ما يدور بمخيلتي نظراً لعدم وجود كهرباء لشحن الهاتف ورغم أن الكهرباء هي جزء من اللغز بباب المندب وجزء من أطماع الخارج بهذا المضيق، تحياتي ورجائي عدم الانزعاج من نقدي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com