اليهود معروفون بالربا منذ مئات السنين واستطاعوا بخبثهم أن يجعلوه مستساغاً في أوساط المسلمين

المسيرة/ بشرى المحطوري

واصل الشهيدُ القائدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- حديثَه عن الربا، وكيف استطاع اليهود أن يجعلوه مستساغاً لدى المسلمين، وأشار إلى دورهم في انتشار الربا في العالم أجمع، فقد قال اللهُ عنهم بأنهم يهلكون الحرث والنسل، حيث قال: [تأملوا جيداً لنرى الحرب التي يشنها الله على الناس؛ لأنهم استساغوا الربا، المسلمون أنفسهم استساغوا الربا، وهذا من آثار عمل اليهود، اليهود بخبثهم، اليهود هم المعروفون بالربا من مئات السنين، لكن بطريقتهم الخبيثة بالإضلال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} (النساء:44) لكن هكذا بطريقتهم الخبيثة حتى يصبح الربا مستساغاً في أوساط المسلمين، ومستساغاً في التعامل بين تجار المسلمين وفي بنوك أموال المسلمين، ويصبح طبيعياً ولا حتى الاستنكار الكثير من جانب علمائنا، من جانبنا كطلاب علم أيضاً، لم يعد هناك قضية تدفعنا على الاهتمام أن نستنكرها، والربا شديد جداً، الربا من أكبر الجرائم]..

وأضاف أيضاً: [من الذي أوصلنا إلى هذا؟ هم المرابون الذين ثقفهم اليهود والذين استساغوا الربا على أيدي اليهود. ونحن قلنا أكثر من مرة أنه هكذا يعمل اليهود يضلونا من حيث لا نشعر، يضربوننا من حيث لا نشعر، يفسدوننا من حيث لا نشعر، يدوسوننا بأقدامهم ونحن لا نحس بشيء. هذا هو ما يحصل].

 

القرض الحسن:ــ

ولفت -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى حلٍّ إلهي، حلٍّ رباني، بدلاً عن الربا، وهو القرض الحسن، حيث قال: [جاء الإسْلَام ليقضي على الربا، ويضع بدلا عنه أجراً عظيماً على القرض، القرض المشروع الذي لست ملزما فيه بأن تدفع فوائد إضافية. رأس المال ترده، أقرضك مائة ألف تعيد إليه مائة ألف، فجعل القرض بمثابة صدقة كُلّ يوم إلى أجله المحدد، ثم إذا أضفت أجلا لصاحبك باعتباره معسراً يعتبر بمثابة صدقتين في اليوم الواحد عن كُلّ يوم. القرض جعل الله عليه أجراً كبيراً لينطلق المؤمن لمساعدة أخيه، لإعطائه رأس مال ليستطيع أن يتحرك فيتجر أو يزرع، وهو يرى نفسه ليس ملزما بأكثر من رأس المال. الفوائد تكفل الله بها هو للمقرضين، لكن الربا قد ترى الفائدة نسبة بسيطة 5% أو 2. 5% أو حتى 1% فإذا بك ترى نفسك بعد سنين قد تصبح الفوائد نفسها أكثر من المبلغ، وترى نفسك مرهقاً وأنت تعمل على أن تتخلص من الفوائد الإضافية، أما رأس المال فهو ذاك ما يزال قائما وما يزال ينتج ما يزال يحملك إضافات كُلّ سنة، كُلّ سنة].

 

شرُّ البلية ما يُضحك:ـ

وأبدى -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- استغرابَه من بعض البنوك التي تتعامل ليلَ نهارَ بالربا، بما يغضب الله، لا يرمش لها جفن، ومع ذلك نجدها تحدد مكانا للصلاة داخل تلك البنوك، حيث تساءل قائلا: [كيف لو بعث رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من جديد إلى هذه الحياة ورأى أمته هذه المنتشرة في متخلف بقاع العالم تأكل ربا وتتعامل بالربا.. كيف سيكون شعوره أمام هذه الأُمَّـة؟ سينظر هل ربما أن القُــرْآن غير موجود، ربما هم لم يطلعوا على آية كهذه، ثم يرى أن القُــرْآن أيضاً ما يزال داخل بيوت أعضاء المجالس الإدارية للبنوك، أو مجموعة من التجار أصحاب بنك يتعاملون بالربا، المصاحف داخل بيوتهم وهم من يبنون أيضاً حجرات خاصة للصلاة في بعض البنوك، وفيها مجموعة من المصاحف داخل مبنى البنك! يحصل هذا في بعض البنوك].

 

كيف أصبح الربا مستساغاً بهذا الشكل بين المسلمين؟

ونوَّه -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى أساليب اليهود الخبيثة لترويض المسلمين على ما يريدون، فقد عملوا على ترويضهم على الربا شيئاً فشيئاً، حيث قال: [وقد أصبح الربا عندنا مستساغاً. وأصبح شيئاً مألوفاً لدينا.. هذا هو الترويض من قبل اليهود الذين يروضوننا شيئاً، فشيئاً، فشيئاً إلى أن يصبح كُلّ فساد من جانبهم مستساغاً، ويلطموننا لطمة بعد لطمة، صغيرة، ثم أكبر منها ثم أكبر ثم أكبر حتى تصبح الركلة بالقدم مقبولة ومستساغة، خبثهم شديد].

 

مثال.. يوضح ترويضَ اليهود لنا:ـ

وضرب -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- مثالاً رائعاً عن الكيفية التي يروض بها اليهودي الأُمَّـة الإسْلَامية، حيث قال: [لاحظوا كيف يسيرون على هذه الطريقة حتى في فلسطين، الانتفاضة من يوم ما بدأت اثنين شهداء، ثلاثة، واحد، أربعة.. يومياً، يومياً وهكذا.. لا يأتي بعدد يثير الآخرين، ولا يتوقف، وهم يعرفون بأنه اثنين كُلّ يوم ثلاثة كُلّ يوم كم سيطلع في السنة؟ وكم وصل إلى حَـدِّ الآن قتلى الانتفاضة داخل فلسطين كم؟ تقريباً أكثر من ثلاثة آلاف شخص. لو جاءوا يضربوا ضربة يقتل فيها ثلاثمائة شخص أليس هذا سيزعج العالم؟ لكن لا.. حسنا هل انزعجنا يوم ما رأينا ثلاثة آلاف، رقم ثلاثة آلاف انزعجنا؟ لا.. لكن لو قتلوا ثلاثمائة شخص دفعة واحدة، ربما كان سننزعج ويحصل استنكار شديد اللهجة ويحصل مظاهرات وتحدث أشياء كثيرة. إذاً فواحد على اثنين على ثلاثة يومياً وهكذا، وسيرون هؤلاء الناس الذين نروضهم على أن يقبلوا هذا التعامل سيرون في الأخير سيرون في الأخير أرقاما كبيرة ثم لا تثيرهم وهذا أفضل فنسمع عن إحصائيات ثلاثة آلاف قتيل وجرحى بالآلاف هل استثارنا خبر الإحصائيات هذه؟ لا.. طبيعي هكذا يعملون في كُلّ شيء].

 

الجزءُ المهم من أوامر الله في القُــرْآن.. لا نطبقهّ!!

ومما تناوله الشهيدُ القائدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- في محاضرته هذه بعد أن انتهى من الحديث عن الربا، هو الثقافة الخاطئة في المجتمع التي تجعل الناس يعتقدون بأنهم سيدخلون الجنة بمجرد قيامهم بالصلاة والزكاة والصوم… إلخ، بينما يتركون الجهاد في سبيل الله، والإنفاق، والاعتصام بحبل الله وعدم التفرق، حيث قال: [نحن المسلمون في واقعنا عليه، نأخذ الصلاة من الكتاب ونترك الجهاد! نأخذ الحج ونترك وحدة الكلمة! نأخذ جزءاً بسيطاً من داخل القُــرْآن الكريم ونترك الجزء الأكبر! بل المجتهد هو همه من داخل القُــرْآن خمسمائة آية على أكثر تقدير ويترك الآلاف من الآيات الأخرى لمجرد التعبد بتلاوتها!. {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(البقرة: من الآية85).

 

كأننا نؤمن ببعض القُــرْآن ونكفر ببعض:ــ

وأكّــد -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- بأننا عندما ننفذ بعضا من أوامر الله، ونترك القسم الأكبر من توجيهات الله سبحانه، لا ننفذها، ولا نعمل بها، كأننا آمنا بجزء من القُــرْآن، وتركنا الجزء الآخر، حيث قال: [حسناً كيف هو الكفر ببعض؟ هل أن أهل الكتاب يقولون: إن نصف التوراة من الله، ونصفه الآخر ليس منه؟ لا.. يقولون: هي كلها من الله. أليس كذلك؟ نحن نقول أيضاً: القُــرْآن كله من الله، ونحن في واقعنا نؤمن ببعض ونكفر ببعض.. ماذا يعني كفرنا بالبعض الآخر؟ إنه رفضنا، رفضنا له، ابتعادنا عن تطبيقه، نسياننا حتى عن تصنيفنا له بأنه جزء من ديننا، وأن عليه تتوقف نجاتنا.. هكذا نصبح في واقعنا كافرين ببعض وإن لم نكن ننكر أن هذا البعض هو من الله، من الذي ينكر أن هذه الآية: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} هي من الله؟ هل أحد ينكرها؟ حتى ولا المرابون أنفسهم لا ينكرونها، لكن أليسوا عندما ينطلقون في التعامل بالربا كافرين ببعض الكتاب: رافضين، والرفض هو: كفر].

 

الخزيُ الشديدُ.. هو عقوبةُ تركنا لكثير من أوامر الله:ـ

وشرح -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- قوله تعالى: {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، حيث قال: [الخزي هل هو سهل؟ الخزي يجب أن يزعجنا كلمة: {خزي} يجب أن ينزعج الإنسان إذا ما سمع كلمة خزي في الدنيا، أوليس الناس قد يقاتل بعضهم بعض؛ لأن ذلك الشخص جاء على لسانه كلمة تمس عرضه، أو يكون الكلام الذي قاله فيه أو نسبه إليه يعني أن ينسب إليه مما يجعله يخزى فينفعل ويغضب ويقاتل. الخزي شديد.. أوليس واقع هذه الأُمَّـة هو واقع خزي؟ من أين جاء هذا الخزي؟ هكذا؛ لأنه حصل إيْمَان ببعض الكتاب وكفر ببعض، والبعض الذي كفروا به، أو أصبحت الأُمَّـة في واقعها كافرة به هو الجزء المهم والأكثر أهميّة]..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com