ملف العدد :21 سبتمبر.. من انتفاضة الفقراء إلى ثورة التحرر الوطني ج4

صدى المسيرة : خاص 

 

نشرت صحيفة صدى المسيرة في عددها الصادر أمس الاثنين ملفاً خاصا عن ثورة 21 سبتمبر بمناسبة الذكرى الأولى لانتصارها.

وموقع الصحيفة يعيد نشر الملف على أجزاء متتالية.

الجزء الرابع:أنس القاضي

21 سبتمبر.. من انتفاضة الفقراء إلى ثورة التحرر الوطني

21 سبتمبر عيدُ ثورة صنعتها سواعدُ جماهير الشعب الفُقراء المُستضعفين الكادحين الشُعث الغُبر العُمَّال الفلاحين، نسجت فجرَها أكف كُلُّ مَن۫ لا يملكون غير بيع جهد عملهم ليعيشوا. وهي ثورة بما تحمله كلمة ثورة من مضامين اجتماعية وطنية تحررية، وبما مَثلتهُ من حراك شعبي ثوري مُسلح وسلمي. هذه الثورة حملت عوامل انتصارها لا تناقضات صراعات أجنحة السُلطة كانتفاضة 11 فبراير من عام 2001م. حَملت ثورة 21 سبتمبر خطاباً اجتماعياً يمس حاجة المواطن مباشرة وهوَ الخُبز فطالبت بإسقاط الجُرعة السعرية، وليس شعارات الحرية والمدنية التي تمس مصالح شريحة من المجتمع لا السواد الأعظم البائس، والتي هي مهام تالية لبناء الدولة الديمقراطية. وحملت خطاباً وطنياً فطالبت بالاستقلال الوطني كأحد المضامين المُتفق عليها في مُخرجات الحوار الوطني، وأحدثت أثراً اجتماعياً في بُنية السُلطة التي كانت سائدة فأسقطت إمبراطورية بيت الأحمر والإخوان وصالح ومختلف القوى التقليدية بما فيها المُشترك، وأعادت السُّلطة للشعب مُمثلاً في اللجان الثورية واللجان الشعبية التي كانت انعكاساً للتغير على مستوى القاعدة باعتبار التغيير الثوري سقوط طبقات تقليديه مستبدة مُترفة، وصعود شرائح جديدة مفقرة، وهذه اللجان فرزتها حاجة الشعب بعد مسيرات ومؤتمرات جماهيرية، وخَـاصَّــةً مع الفراغات الدستورية التي عاشتها البلاد وتعمدت القوى السياسية عدم ملئها لتُحمل قوى الثورة عبئاً يعيق تقدمها.

ولأن انتفاضة 21 سبتمبر حملت هذه المضامين وأحدثت تلك التغيرات وعكستها كواقع، أصبحت هذه الانتفاضة ثورة أنجزت مهامها التأريخية، وما زالت تناضل لتحقيقها كاملةً بما ينعكس على معيشة المواطن البسيط المُفقر الذي ثار ومن أجله تقاوم الثورات، ولن يُحس المواطن بأثرها وما زال العُـدْوَان يُعيق هذا التغيير ويبدد الثروات ويُخسر البلد المليارات.

يتساءل البعض: كيف تحول الطالبة بإسقاط الجُرعة السعرية إلى دخول صنعاء وإسقاط القوى التقليدية، قائلين: لو أنَ أنصار الله أسقطوا الجرعة وتوقفوا لكانوا عملوا خيراً. بينما لا يُدركون أن الجُرعة السعرية ليست قراراً حكومياً، بل إحدى آليات نهب الشعب، فهي تعبير عن سيطرة منظومة احتكارية فاسدة تبعية، وإسقاط ممارسات سيطرتها واستغلالها، يعني بالضرورة الصدام مع هذه المنظومة ككل أو مع هذهِ الطبقة التي تَثرى من إفقار الشعب، ومن رهن الاقتصاد الوطني لصناديق الإقراض الغربية

بماذا اختلفت ثورة 21 سبتمبر عن سابقاتها من الانتفاضات الجماهيرية، وبشكل أدق كيف تحولت من انتفاضة مطلبية- إسقاط الجرعة والحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار- إلى ثوره تحررية وطنية يقول جيفارا “تُقاس الثورات بمقدار ما تحدثه من هزات عنيفة في بُنية النسيج الاجتماعي، وقد حدثت هذه الهزات في نسيجنا المُجتمعي في بنية السُلطة وفي حقل الوعي الشعبي الذي لم يعد يقبلُ ضيماً، وفي ملامح الجمهورية الـيَـمَـنية الجديدة التي تتجلى لدول الإقليم والعالم، وهي هزات جذرية غيرت كُل شيء عما كان في السابق، ولهذا نشهد تكالب كل الدول الاستعمارية والرجعية والقوى الطفيلية والفاسدة. لماذا كل تكالب كُل هؤلاء مرةً واحده؟ أليس لأن هذهِ الثورة هددت مصالحهم الطفيلية والاستعمارية؟، ألا يعني تهديد مصالح طفيلية واستعمارية أنه هدم أنماط سيطرة كانت سائدة أفقرت الشَعب وأذلتهُ ورهنت البلاد لمنحة دولة كالمليارات الأربعة للسعودية في البنك المركزي، ولمنح الاتحاد الأوروبي وصناديق الإقراض الأمريكية، وهُم من سُموا رُعاة المٌبادرة الخليجية! رُعاة مصالحهم الاستعمارية، والفعل الشعبي الذي ينسف كُلَ هَذهِ القيود وأنماط السيطرة الاستعمارية الواضحة للعيان، لهذا الفعل فعلٌ ثوري وطني. فلا معنى لثورة يمنية لا تقطع علاقات التبعية مع السعودية وأمريكا، ولا يوجد ثورة حقيقية لا تقفُ ضدها القوى التي تُهدد مصالحها غير المشروعه، قوى الاستغلال والاستبداد الداخلي وقوى الاستعمار الخارجي، وإلا ضد مَن أصلاً ستكون هذه الثورات إن لم تكن ضد هؤلاء.

ما يُثبت موضوعية وصوابية وانتصار هذه الثورة هي ردة فعل القوى الرجعية والاستعمارية، كما يحدث لكل الدول التي تثور في العالم، وهذا العُـدْوَان دليلٌ قائم، يُثبت لنا صوابية مسيرتنا الوطنية الثورية. مؤكدٌ نحزن لسقوط الضحاياً الأبرياء إنما لا نأسف لاختيارنا دربَ الثورة والكفاح المُسلح في انتزاع السيادة والعدالة، وأمام عدو إجرامي بلا قيم وأخلاق لا يُمكن يكف عن الاستغلال والاستعمار بمحض إرادته، ويعتدي عليك بأنواع الأسلحة من أسلحة الدمار الشامل، إلى أردى الأسلحة المُتمثلة في سكاكين جماعاتهم الإجرامية، وهذا العدو هوَ مَن قامت ضده ثورة 21 سبتمبر فهو العدو الأصيل بعد سقوط أدواته.

العامل الموضوعي لانتصار هذه الثورة كان الأسس التي قامت عليها، أسس اجتماعية الخبز والعدالة، وأُسس وطنية الاستقلال والسيادة، والعامل الآخر لانتصار هذهِ الثورة وهو سر نجاحها الذي جعلها تنتصر في 2014 رغم تظافر الأوضاع الثورية والظروف المهيأة للانتصار منذ 2011م، ألا وهو العامل الذاتي، أي القوى الاجتماعية التي قامت بالثورة والقوى الحركية المُنظمة التي قادتها.

في عام2011م كان المُشترك بزعامة الإخوان هم من يقودون الثورة يقودون جماهير فقيرة، وهمُ جزء من السلطة الاستبدادية القمعية الرسمية وغير الرسمية، وهم جزء من الاحتكارات الاقتصادية ومن الرأسمال الاستغلالي المتوحش، فكيف يقودون ثورة فُقراء؟ أضد أنفسهم! هنا كان التناقض الذي دمّر انتفاضة 11 فبراير ووصلت إلى ذلك المآل المُحزن من المؤامرة الخليجية التي تعاملت معها كأزمة سياسية، وصولاً إلى حكومة الفساد والتجويع والاستغلال والاغتيالات “حكومة الوفاق”.

ثورة 21 سبتمبر التي تعتبر امتداداً موضوعياً لكل الانتفاضات الشعبية جنوباً وشمالاً انتصرت؛ لأنها حلت تناقض انتفاضة 11 فبراير، حلت التناقض بين الشكل والجوهر، ففي هذه الثورة كانت القوى الاجتماعية هي نفسها القوى المُفقرة التي شاركت بالانتفاضات السابقة، ولكن القيادة الطليعية للثورة متمثلة بحركة أنصار الله لم تكن قوى الاحتكارات وسلطة الاستبداد كالمشترك والإخوان، بل حركة جاءت من الوسط الشعبي المُفقر والمقموع والمُحارب؛ فكانت تطلعاتها تطلعات الشعب ومصالحها مصالح الشعب، إذ ليس لها مصالح احتكارية ومصالح نهب وفيد واستغلال لتحافظ عليها، كانت هذه القيادة الطليعية كشكل وحامل ثوري منسجمة تماما مع الجوهر الثوري مع جوع وقهر الشعب، فالتحمت الحركة الثورية بحركة الجماهير كقوة ثورية واحده تكللت بالنصر.

النصر الأول على المستوى الاجتماعي في الداخل، وها هي تقاوم وتناضل مع الجيش لتحقق النصر الآخر ضد العُـدْوَان الخارجي. وكما قال الزعيم العُمالي الثوري لينين للعمال والفلاحين في روسيا: ثوروا فليس لدينا ما نخسره غير القيود.. فثاروا وانتصروا على القيصرية وعلى عُـدْوَان النازية، وكذلك كانت قوى الشعب وقياده الثورة الـيَـمَـنية لا تملك مصلحة تخسرها في التغيير الثوري، غير قيود الجوع والتبعية لأمريكا والخليج، فثُرنا وحطمنا هذه القيود، ونقاتل اليوم لكي نثبت هذا الاستقلال ونتوّج به ثورة الفقراء، ليكتبها التأريخُ وسيكتبها بدماء شهدائها ومناضليها كثورة تحرُّر وطني تستلهمها الشعوب المُضطهدة كما يستلهم ثوار العالم ثورة كوبا وفيتنام وإيران وغيرها.

اقرأ أيضا:

ملف العدد :ثورة 21 سبتمبر.. من مسيرة الإنذار إلى يوم الانتصار العظيم! ج1

ملف العدد:قراءة في الأبعاد المدنية والأخلاقية لثورة 21 سبتمبر المجيدة ج2

ملف العدد:المؤامرة الدولية والإقليمية على ثورة 21 سبتمبر ج3

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com