إحاطة الدكتور محمد السياني محافظ البنك المركزي وعضو الفريق الاقتصادي في الوفد الوطني خلال ندوة أقامتها جامعة صنعاء:

العدوان صنع الأزمة الاقتصادية في اليمن ويعرقل أية جهود للحل


المسيرة | خاص

أكّــدَ الدكتورُ محمد السياني -عضو الوفد الوطني في مشاورات السويد والمعني بالملف الاقتصادي- أنه تم الاتّفاقُ، خلال المشاورات، على مختلف الجوانب الاقتصادية وبشكل كامل، ومنها صرف المرتبات وتدفق كافة موارد الدولة من النفط والغاز والجمارك والضرائب إلى البنك المركزي وتحييدها، إلا أن الاتّفاقَ فشل؛ بسببِ إعاقة مرتزقة العدوان والذين يسعون لتحقيق أهداف سياسية من خلال الاقتصاد.

وأوضح الدكتور السياني في ندوة أقامتها جامعةُ صنعاءَ أن غريفيث والأمين العام للأمم المتحدة وعدوا بأن ما تم الاتّفاق عليه في السويد قائمٌ وساري المفعول، إلا أن الطرف الآخر لا زال يعيق حتى الآن.

وقدم السياني خلال الندوة عرضاً شاملاً للمراحل التي مر بها الاقتصاد اليمني، والمؤامرات التي استهدفته من قبل العدوان، والحلول والتنازلات المقدمة من قبل السلطة في صنعاء.

وفيما يلي تنشُرُ صحيفةُ المسيرة نَصَّ إحاطة الدكتور السياني خلال الندوة؛ نظراً لأهميّة ما جاء فيها:

نشكُرُ جامعةَ صنعاء ونشكُرُ المنظمين لهذا اللقاء ونشكُرُ نائب رئيس الوفد الوطني نائب رئيس الوزراء اللواء جلال الرويشان، واليوم سأقدمُ لكم مداخلةً مختصرةً حول ما يتعلق في الجانب الاقتصادي.

طبعاً نحن شاركنا في الوفد بهدفِ إيصال رسالة للقائمين حول ما يتعلق بالقطاع المصرفي وحرصنا أن يكونَ الوفدُ متضمناً على جانب اقتصادي وعضو آخر يعبر عن وضع البنك المركزي، وأردنا أن يكون هناك عرضٌ مستقلٌّ حتى لا نُدخِلَ قضية القطاع المصرفي والبنك المركزي في الدهاليز السياسية والاقتصادية والتي هي يستخدمها العدوّ كورقة حرب شديدة الوطأة.

فيما يتعلقُ بالجانب الاقتصادي والبنك المركزي تم الترتيبُ للقاءات متسلسلة ومتداخلة وقائمة وبدأت مع أعضاء الوفد حتى يتم إيجاد لغة مشتركة بين أعضاء الوفد حول الجانب الاقتصادي وكانت لقاءات موفقة وبعدها تم اللقاء مع السفراء في الجلسة الافتتاحية وبعدها مع السفراء الثمانية ما بين سفراء الدول الخمس دائمة العضوية وكانت لقاءات رائعة جداً كان الهدف منها توضيح موقف صنعاء خَاصَّــة أن صنعاء غير قادرة خلال الفترات الماضية على إيصال رسالتها وتقديم وجهة نظرها، وكان هناك تعبئة وتظليل من طرف واحد.

فكانت فرصة ثمينة جداً أن نقدم ما لدينا وقد لمسنا ولاحظنا أن هذا الطرح نال استحسان الطرف الآخر يعني بما فيه حتى طرف العدوان، حيث كانوا منطلقين من نظريات وقواعد ومعطيات خاطئة 100 %، وبعض منهم أحرجوا إحراجاً كبيراً.

 

مراحلُ الوضع الاقتصادي

نحن قسمنا الوضع الاقتصادي إلى مراحل:

الأولى: مرحلة ما قبل أحداث 2010، وكيف كان الاقتصاد بشكل عام وبينا أن هناك عجزاً مستداماً في الموازنة العامة للدولة وكان تتم تغطية العجز من مصادرَ غير تضخمية تتمثل في السندات والصكوك والخزانة وما إلى ذلك، وكان يتم اللجوء إلى حساب الحكومة في الحد الأدنى.

طبعاً في ذلك التأريخ كانت مواردُ الدولة كلها مكتملةً وإيرادات النفط مستمرّة إيرادات الموانئ البرية البحرية والجوية كلها كانت قائمة وكانت كلها تعود إلى خزائن البنك المركزي وكان البنك المركزي بكل فروعه منظومة متكاملة كان الاقتصاد متعافياً في القطاع العام أَوْ الخاص.

فتأثرت كثيرٌ من الجوانب الاقتصادية وانخفضت وتيرتها وتوصل الأمر إلى توقف مبيعات النفط بالذات مع فترة دخول الحرب آنذاك.

والثانية: فترة دخول العدوان إلى تأريخ قرار نقل البنك المركزي إلى عدن في شهر سبتمبر 2016 كان البنك المركزي مستمرّ في خدمة كُلّ محافظات الجمهورية وكان يقوم بصرف المرتبات في كافة محافظات الجمهورية ويغطي السيولة ويعالج مشكلة السيولة أينما كانت ويجمل الإيرادات ويغطي الإنفاقات ويغطي جوانب الموازنة بكل أبوابها ما عدا استثناءات بسيطة كانت في الدور الرابع للحد من عملية الأزمة في النفقات.

وقتَها كان ثمة صدمات تلقتها قطاع المصرفي وكان يعتقد المخطط للحرب هذه أنه سيكون هناك انهيار وأن المصارف ستعلن إفلاسها وستكُون هناك طوابير للناس لسحب ودائعهم ومكتنزاتهم من المصارف بشكل عام، لكن الحمد لله بفضل تفهك كُلّ الأَطْراف استطاع القطاع المصرفي امتصاصَ كُلّ الصدمات.

طبعاً الأستاذ محمد بن همّام محافظ البنك وهو الرجل المعروف بالحكمة والعقلانية الرشيدة وبالقناعة وبالاستقبال والتلقي بالاستحسان والقبول من كُلّ الأَطْراف، كانَ لهُ الأثر الكبير جداً.

 

بدايةُ أزمة السيولة

بدأت أزمة السيولة من نهاية 2015 وبدأنا بعملية ترتيب لمواجهة أزمة السيولة من خلال حث القطاع المصرفي على جلب الودائع ومن خلال حث المستثمرين على الثقة في القطاع المصرفي وتسليم مبيعاتهم في البيوت التجارية بشكل عام والمبيعات في مختلف الأشياء بالذات فيما يتعلق بالنفط والمواد الأساسية وما إلى ذلك.

كما بحثنا وقتها تطوير أمنية وآلية الدفع الإلكتروني، وبدأنا فيما يتعلق بتفعيل نقاط البيع وتفعيل أجهزة الصرافات الآلية وتفعيل الريال الإلكتروني وبدأنا نهاية 2015 وبداية 2016 بإصدار تراخيص أولية لعدد من البنوك، منها بنك التضامن وكاك بنك ومصرف الكريمي وغيرها.

فسارت الأمور إلى حَـدّ ما، وطبعاً هذه الخدمات والتقنيات تحتاج إلى خبرات وإمكانات ومعدات وأجهزة حديثة ومتطورة، وهذا ما اعاقه العدوان والحصار.

بدأنا نناقش مسألة الطباعة، والطباعة هي مصدر للتمويل التضخمي أي تؤدي إلى ارتفاع أسعار الصرف إذَا لم يتم التعامل معها بالطريقة المثلى.

 

خيار طباعة العُملة بالشكل المعقول وعرقلة تحالف العدوان

كان لدينا قبل أزمة السيولة في حدود 400 مليار، كخزين استراتيجي من الريال اليمني.

وكانت المبالغ التي تدار في القطاع المصرفي في حدود 800 مليار ومع مرور الأزمة بدأنا نضخ من مخزون الريال اليمني إلى أن وصل حجم المتداول تريليون و200 إلى 300 مليار، وكل ما خرج من القطاع المصرفي كان يعاد بصعوبة، أي إذَا خرج 100 مليار يعود 70 ملياراً، ومع تمدد فترة العدوان كانت المبالغ تقل بوتيرة عالية ومتسارعة.

ولذلك بدأنا بالترتيب مع شركات الطباعة، وتم الإعلان والتخاطب مع من سبق التعاقد معهم، وكانت الشركة الروسية هي آخر شركة تعاقد معها البنك المركزي، وأجرينا الترتيبات والاتّفاق بالجوانب الفنية للعقد، إلا أنه في الأخير تدخلت حكومة هادي وأعاقت المسألة.

بعدها تحَـرّك محافظ البنك المركزي الأستاذ محمد بن همّام، على الرغم من الصعوبات والمعوقات التي خلقها العدوان والحصار، وتعرض للمشاكل، إلا أنه تحَـرّك من داخل صنعاء إلى الرياض ليوضح لهم ويبرر أهميّة هذه الطباعة، وكان المبلغ المستهدف طباعته لا يتجاوز 400 مليار وسيكون خزين استراتيجي لسنوات، ولن يتم استخدامه في فترة معينة.

وعلى الرغم من جهود المحافظ الحيادية والحريصة على مصالح الشعب اليمني وكل هذا التوضيحات والمبررات الحقيقية التي قدمت لحكومة هادي، إلا أنهم وللأسف الشديد أعاقوا الطباعة.

وعملية الطباعة بكل تأكيد هي من اختصاص البنك المركزي وفقاً للقانون، ولا يحتاج أن يستأذن فيها من أي طرف كان؛ لأَنَّها اختصاص أصيل، من أدوات السياسية النقدية المكفولة قانوناً، لكن للأسف الشديد حصل تدخل.

ثم عاودنا طرحَ الموضوع في مفاوضات الكويت، وقدم محافظ البنك الأستاذ محمد بن همام عرضا رائعا جداً في الكويت، سواءً على مستوى السفراء أَوْ على مستوى اللقاءات الثنائية، وكان ذلك في تأريخ 22 _6 _ 2016 تقريباً.

وجاءت مشكلة أُخْــرَى فيما يتعلق بعملية التعاقد مع شركات الطباعة وهي التي أدّت إلى هذا التحَـرّك وإلى هذه اللقاءات في الخارج ومع حكومة هادي، هي عملية إيصال الشحن،؛ لأَنَّ الشركة عندما تعاقدنا معها كان من ضمن البنود أن يتم التسليم مصنع الإنتاج، فقلنا لا.. يجب أن يكون التسليم في مطار صنعاء وميناء الحديدة، على غرار الشحن السابق.

وبحكم الحصار قالوا: لا نستطيع، يجب أن يكون هناك ترتيبٌ مع دول التحالف، وطبعاً كثّفنا الاتصالات مع دول التحالف في هذا الجانب، وكانت آخر فرصة كانت من الجانب الروسي في أن نتقدم بطلب لطائرة إغاثية خَاصَّــة، وهم سيتكفلون بهذا الأمر.

وفعلاً تم تحرير الطلب من البنك المركزي عبر وزارة الخارجية ولكن في آخر لحظة أيضاً تم إيقافها من قبل دول التحالف.

إجمالي ما تم طباعته من تأريخ الوحدة في عام 1990 (إلى ما قبل طباعات حكومة المرتزقة)، حوالي تريليون و700 مليار، منها في حدود 300 إلى 400 مليار قد أتلفت مع كثرة الاستخدام.

المتبقي من الكتلة النقدية كانت تدار في السوق تريليون وَ200 مليار، وكانت كلها خارج القطاع المصرفي؛ بسببِ الأزمة وخوف الناس لم توضع في القطاع المصرفي.

فعملية الطباعة كانت ستغذي ما هو مطلوب في الحد الأدنى من النفقات الحتمية، لكن عندما أعيقت لم يتحقّق هذا الأمر، ولم يتم توقيع العقد من قبل صنعاء؛ بسببِ تعنت التحالف، وكذا إصرار الشركة الروسية على عدم تسليم المطبوع عبر مطار صنعاء وميناء الحديدة.

 

هجوم العدوان على قيادة البنك المركزي بغرض تبرير طباعة العُملة بشكل مفرط

بدأت الحملة الشرسة من الطرف الآخر للإساءة والتشويه بقيادة البنك المركزي، والتشكيك في البنك المركزي وأنه يتم استغلال موارد الدولة استغلالا سيئا واستخدامها في المجهود الحربي لكن حقيقة الأمر لم يكن الأمر كذلك.

وكانت استخدامات موارد الدولة في تغطية النفقات الحتمية، والنفقات الحتمية تتمثل في قطاع المستشفيات والأوبئة وصناديق النظافة والنفقات التشغيلية في حدها الأدنى.

وهنا نتحدث عن النفقات التشغيلية للجهات الحكومية في كُلّ بقاع الجمهورية بما لا يتجاوز مليار و800 مليون ريال شهرياً فهذه كلها كانت في حدها الأدنى وإمكانية ما يمكن توفيره لنصف الراتب الذي نصرفه بين فترة وأُخْــرَى.

ثم عندما بدأوا بإجراءات الطباعة طبعوا وتعاقدوا على 3 تريليونات و700 مليار، طبعاً بعد ما حصل تغيير لمنصر القعيطي وجاء زمام، وكانت هذه نقطة تؤخذ عليهم بقوة ويتم انتقادهم بشدة حولها، زمام شعر بخطورة هذا الأمر وأثره كان ملموسا على السعر فعمل على إيقاف 2 ترليون ريال، وبقي ترليون و700، يعني الترليون و700 التي بقيت وتم طباعتها والاتّفاق عليها خلال سنة تعادل ما تم طباعته في 26 سنة، الذي كنا نستخدمها.

مواردُ الدولة وتبريرات العدوان

تمت طباعةُ تريليون و700 مليار خلال فترة وجيزة ومن جهة تمتلك كُلّ المقومات وإيرادات الدولة، عندما تتكلم عن موارد النفط، فموارد النفط كلها لديهم وإن كانت متقطعةً ومتجزئةً لكنها ما تزال هناك موارد للنفط عندما تتكلم عن القروض والمنح والمساعدات والتي هي كثيرة جداً فهي كلها لديهم، عندما تتكلم عن موارد الجمارك والضرائب وخَاصَّــةً التي تتحقّقُ من المنافذ الجمركية، فجميع المنافذ الجوية لديهم وجميع المنافذ البحرية باستثناء ميناء الحديدة لديهم وميناء الحديدة المتقطع وخاضع للمزاج وخاضع لآلية الحصار والتفتيش التي كانت ولا زالت تفرض بصورة تعنتية وَغير مقبولة على الإطلاق.

فيما كانت موارد الدولة (صنعاء) تتحقّق من الضرائب والضرائب وَمن نشاط اقتصادي في وضع طبيعي وهذه كلها أيضاً تعرضت وتأثرت، فالحديث عن أن هناك مواردَ تستطيع أَوْ من الممكن أن تغطيَ من طرف الدولة أمرٌ غير وارد وغير صحيح بالمطلق، يعني آخر الأشياء التي سمعناها أن موارد الحديدة 600 مليار ريال نقداً وهذا كلام غير صحيح.

 

حيادية البنك المركزي في صنعاء وتغذية فروعه في المحافظات الجنوبية بالسيولة النقدية

جلسنا مع الأمم المتحدة من وقت مبكر جداً مع مبعوثها السابق ولد الشيخ وبيّنا له ما هي الإعاقات والمخاطر وما هو دورنا وما هي الحيادية التي عملنا بها، وأكّــدنا لهم أنه خلال الفترة الماضية لم يكن هناك أي تدخل بأي شكل من الأشكال، وكان هناك اتّفاقٌ وانسجامٌ واقتناعٌ ودعمٌ لا محدود للبنك المركزي على أن يعمل باستقلالية وبحيادية مطلقة.

وهذا أمر ملموس فعلاً وهناك أمثلة كثيرة تدل على ذلك، وعندما تحدثنا مثلاً عن عملية قيام البنك المركزي بواجبه تجاه كُلّ محافظات الجمهورية عندما كان يحصل أزمة في السيولة في سنة 2015 وبداية 2016 في المحافظات الجنوبية والمحافظات الشرقية كانت تتحَـرّك طائراتٌ من مطار صنعاء تحمل المطبوعات النقدية بالريال اليمني وتتوجه إلى المحافظات الجنوبية والشرقية.

 

العدوان عرقل عمليات التغذية النقدية من صنعاء إلى المحافظات الجنوبية

أذكر لكم حالةً من الحالات “تحَـرّكت طائرة من مطار صنعاء ونحن قد أصبحنا في حالة حرب وكان الوضع متوتراً للغاية وكان البنك المركزي يحرص على بقائه بنكا مركزياً للجمهورية اليمنية، كلها فتحَـرّكت الطائرة من صنعاء وعلى أساس أنها تذهب لإنقاذ الموقف في عدن وكان هناك في هذه مضاعفات وقطع للشوارع واحراق إطارات السيارات، فتحَـرّكت الطائرة بصورة إسعافيه إلى عدن ولكنها للأسف الشديد تعرضت للقرصنة وتم توجيهُها إلى مطار بيشة وبقيت في بيشة لمدة 24 ساعة وهي تحمل المطبوعات النقدية، وبعد أن تم التواصلُ بالتحالف وإحراجهم أن هذه هي لغرض تسهيل وتسيير أعمال وصرف مرتبات وتغطية نفقات المحافظات الجنوبية وما إلى ذلك تمت الموافقة على انطلاقها من بيشة ولكنها لم تصل إلى عدن وإنما وصلت إلى جيبوتي وبقيت هناك ما لا يقل عن 24 ساعة، وبعدها تحَـرّكت الطائرةُ بصعوبة إلى أن وصلت إلى مطار عدن وبصعوبة وصلت إلى البنك المركزي في عدن”.

نفس الحال ونفس الوضع كان يحدث في مطار سيئون، يعني كنا نتمكّن من استكمال كُلّ ترتيباتنا في صنعاء ونجد العائق الوحيد هو التحالف.

 

مساعي العدوان لتكديس العُملة الأجنبية

ونفسُ الحال فيما يتعلقُ بتغطية العُملة الأجنبية وكيفية التعامل مع العُملة الأجنبية، طبيعة الحال معروفة أن حوالاتنا من المغتربين كبيرة جداً، وهي تعتبر المورد الثاني بعد النفط وعندما توقف النفط أصبحت حوالات المغتربين هي التي يعول عليها في تغطية البلد من العُملة الأجنبية.

العُملة الأجنبية هذه تأتي بشكل حوالات بعضها يأتي حوالات مصرفية إلكترونية وبعضها يتم بشكل حوالات عينية، تنقل عبر وسطاء وعبر مسافرين إلى الداخل فكان يتم تجميعها بين فترة وأُخْــرَى ويتم ترحيلها للخارج لكي تتمكّن من تغطية حسابات البنوك التجارية في الخارج لكي تتمكّن من تغطية الاعتمادات المستندية واستمرار تدفق المواد الأساسية.

وصلنا بلحظةٍ من اللحظات إلى تكدّس العُملة الأجنبية في خزانة البنوك التجارية وكان هناك طلبٌ مُلِحُّ جداً لعملية ترحيلها للخارج؛ لكي يتم تغطية الحسابات، لكن لم نتمكّن رغم كُلّ الوساطات من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وكل المحاولات، لم نتمكّن من عملية الترحيل والحالة الوحيدة التي أتت بعدما دخلت البنوك بعلاقاتها وتمكّنت من الحصول على رخصة لرحلة طيران إلى البحرين تحَـرّك الطيران من هنا وتوجه إلى البحرين وتم إنزال الفلوس في خزينة خَاصَّــة مؤقتة في مطار البحرين وبقيت لمدة 24 يوماً وهي في البحرين وبعد اتصالات كثيفة جداً تم نقلها إلى السعودية ودخلت وظلت مقيدة بعد أن دخلت في حسابات البنوك ظلت مجمدة ومقيدة؛ بسببِ تدخل وتعنت سعودي واضح.

قرصنةُ العدوان على البنك المركزي

هذا الأمر أعاق الكثيرَ من المسائل، أعاق القطاعَ المصرفي من القيام بواجباته، وعقب ذلك قام العدوان بعملية سحب السورت من البنك المركزي في صنعاء، (والسورت هي مؤسّسات دولية موجودة ومقرها الرئيسي في بلجيكا وترتبط بها كُلّ البنوك وهي قطاع خاص)، ونحن جزء من هذه الحالة ولدينا كود مثلما الكود حق رقم التلفون يعني خاص بنا كود خاص بالجمهورية اليمنية ولا يمكن أن يتعرض للقرصنة إلا أنه للأسف الشديد استطاعوا أن يستخدموا أحد القيادات الفلسطينية في هذه الشركة والذي هو موجودٌ كمدير إقليمي للسورت في دبي استطاعوا أن يضغطوا عليه لسحب السورت.

وعندما عرفنا أن هذه قضية قانونية سارعنا إلى رفع قضية وما إلى ذلك مخالفة وقرصنة بكل ما يعنيه الأمر، فتدخل هادي وسفراء الجمهورية اليمنية المعيّنون من هادي لدى بلجيكا والامارات بالضغط والدعم وتوجيه كُلّ المتطلبات والمستمسكات الاستثنائية لتبرير هذا التصرف.

هذا التصرف معناه أنه كُلّ ما لديّ من حسابات في الخارج أصبحت غير قادر على الوصول إليه وأصبحت غير قادر على تغذية حساباتي، وبالتالي البنوك التي كانت ممنوعة من عملية الترحيل فكان البنك المركزي يغطي تلك الحسابات حتى تستمر الحياة فشلوا حركة البنك المركزي وشلوا حركة البنوك التجارية.

 

قطاعُ الصرافة ومشاكله المختلقة من العدوان والحلول المقدمة

بطبيعة الحال انتقل الأمر ما يتعلق بإدارة العُملة الأجنبية إلى قطاع الصرافة، والصرافة لدينا عمليةٌ غير منظمة يعني الجزء الأكبر منها غيرُ مرخّص، والجزءُ المرخص عددٌ كبير لا يمكن السيطرة عليه بطريقة أَوْ بأُخْــرَى وكما تعرفون بالطبيعة الانتهازية لبعض الأَطْراف أَوْ لبعض العاملين في هذا المجال أدّى إلى أنهم استغلوا الموقفَ وأصبحوا كتجار حروب يعملون في المضاربة ويعملون على الإضرار بالعُملة، وتحقيق مصالحَ ذاتية وربما مصالح مدفوعة من الخارج.

فعملنا على إعَادَة ترتيبها وأوقفنا عملية التراخيص وبدأنا في عملية تنظيم وكلما حاولنا أن نمشي في خطوة معينة ضمن برنامج معين للتصحيح كلما وجدنا عوائق وتدخل من الخارج تحاول أن تحبط كُلّ وأي مشروع يقدم.

فعلى سبيل المثال في الفترة الحالية التي نحن فيها الآن نحن نعمل على معالجة أزمة السيولة بشتى الوسائل بالإقناع بالتطمين بالترتيبات، فكانت الوسيلة الوحيدة بالنسبة لنا هو التدخل والإقناع فوصل الأمر إلى أننا حرّرنا التزاماً أمام المجلس السياسي بأن ما يتم إيداعه نقداً يتم سحبه نقداً وإذا كان هناك نسبة معينة معمول بها في البنوك التجارية فنحن في البنك المركزي مستعدين للالتزام بالصرف بنسبة 100 % نقداً لما يتم صرفُه نقداً، حتى نوصل إلى حالة من الثقة والاطمئنان.

وطبعاً هذه العملية فعلاً أدّت إلى تغير في أرصدة حسابات الجهات الحكومية ونقلها إلى البنك المركزي فالذي كانت على مستوى ملايين ارتفعت إلى نسبة مليارات وأعطيناهم الثقة والحرية والاستقلالية الكاملة عن النفقات الحكومية التي يجب أن تغطى من موارد الدولة.

ومثال آخر على ذلك استكمال الترتيبات للتغذية الإلكترونية وهو ليس حدوث أزمة سيولة فقط وإنما بحدث تحقيق تنمية من أهداف أي قطاع مصرفي ومن أهداف أي بنك مركزي هو تحقيق الشمول المالي، والشمول المالي بمعنى أن كُلّ مواطن سواءٌ أكان في الريف أَوْ في الحضر في أي مكان كان يستطيع إتمام عمليات مالية معينة وهذه تؤدي إلى التخفيف من استخدام النقد، وتؤدي إلى مزيد من التنمية في كُلّ مكان.

فبدأنا في فتح المجال وأحيينا بطريقة أَوْ بأُخْــرَى من منتصف 2016 شركة الخدمات المالية التي تعتبر المنصةَ التي من خلالها تنطلق كُلّ الخدمات الإلكترونية بشكل عام؛ وبسبب الحصار طبعاً العملية كانت بطيئة، والقطاع الخاص كان له فضل كبير ودور كبير جداً في توفير المعدات اللازمة والخدمات اللازمة والبرمجيات اللازمة في هذا الأمر، لكن نتفاجأ بأن هناك تدخلاً ورسائل من البنك المركزي بعدن بالإيقاف وعدم الاعتراف بها، – وهذه من الأمثلة التي قلنا لكم إن هناك إعاقةً لكل ما يستهدف إصلاح المنظومة المالية والمصرفية بشكل عام– والتعقيدات كثيرة جداً والمحاولات مع ذلك مستمرّة.

 

الجوانبُ الاقتصادية المتفق عليها في مشاورات السويد

طبعاً في اللقاءات التي تمت في مشاورات السويد كان هناك اتّفاق كامل على كُلّ الجوانب بما فيها ضرورة صرف المرتبات والاستمرار في صرف المرتبات وجدولة المرتبات والمتأخرات، وضرورة تدفق موارد الدولة بكل أنواعها من نفط ومن ايرادات خارجية، قنصليات وأياً كانت إيرادات محلية، جمارك، ضرائب، كلها تدفع للبنك المركزي وفق المبادرات الكثيرة التي قدمت من صنعاء على أساس تحييدها كان هناك اتّفاق كامل على ذلك.

والذي أعاقها شيء واحد هو أنهم أرادوا أن يوظفوا هذا الهدف الاقتصادي لهدف سياسي ولذلك حاولوا أن يربطوها بحكاية حكومة شرعية وما إلى ذلك وكان هناك وعد قاطعٌ من مبعوث الأمم المتحدة وبعدها تم تعزيزه من الأمين العام للأمم المتحدة على أنه كُلّ ما تم طرحُه ومناقشته في اتّفاقيات السويد قائمٌ وساري المفعول سواء تم التوقيع عليه أَوْ لم يتم التوقيع عليه، وكان هناك اتّفاقٌ على أن يكون لقاء في خلال أُسبُوعين من انتهاء المفاوضات خاص بالجنة الاقتصادية ولكن أَيْضاً أعيق من قبل الطرف الآخر، وهناك حديث في هذه الأَيَّام أنه سيتم خلال نهاية الشهر هذا إن شاء الله.

إجراءاتُ حكومة هادي في تجزئة الوطن عبر الورقة الاقتصادية

طبعاً من ضمن الإجراءات الأخيرة سمعنا عن حكاية الحديدة وعن التوجيهات بصرف مرتبات الحديدة رغم أن هذه محاولة وخروج عن الاتّفاق ومحاولة لتقسيم اليمن، ومحاولة لعزل الحديدة عن باقي المحافظات الواقعة تحت إدارة حكومة الإنقاذ.

ورغم أن ذلك فيه بُعدٌ سياسي لئيم إلا أنه تم التعامل معها بحالة من الحذر وأرسلنا للأمم المتحدة وقلنا نحن على أتم الاستعداد لتنفيذ هذه التوجيهات بصرف مرتبات الحديدة، على أن نعتبرها كخطوة أولى نحو صرف بقية المرتبات وقدمنا آلية مكتوبة ومذكره رسمية للأمم المتحدة بأن هذا الاتّفاق نحن مستعدون لتنفيذه بعيداً عن أي تدخل من صنعاء ومن عدن وذلك بوضع حساب خاص خارج المنظومة المالية والمصرفية بالبنك المركزي بالحديدة يغذى بالموارد التي سوف تأتي من عدن ويخصص فقط لصرف رواتب الموظفين بالحديدة، وفقاً لكشوفات المرتبات التي سلمت في وقت مبكر من العام 2015م.

الحديث عن الموضوع هذا كثير جداً والتنازلات التي قدمت من قبل البنك المركزي في صنعاءَ تنازلاتٍ كبيرة ومستمرّة، والمرونة كانت مطلقةً بمعنى الكلمة إلى درجة أننا انتُقدنا وما زلنا نُنتقَدُ من قبل الكثير في الساحة السياسية في صنعاء ومن الأشخاص المهتمين والخبراء، بأن هذه التنازلات لا يقابلها أي شيء يقدم، لكن هذه هي قناعتنا وسنستمر في هذه القناعة.

 

تهرب حكومة هادي من المسؤولية وإذابة المطبوعات النقدية

عندما أتت المطبوعاتُ الجديدةُ وكانت بتوقيع منصر القاعدي أول دفعة منها والتي كنا بصدد إجراءات استكمال الموافقة عليها كانت 400 مليار، كان هناك حديثٌ وقناعة وحقيقةٌ ليست من فراغ هي مستندة إلى نصوص صحيحة أنه لن يلتزم الطرف الآخر بأي اتّفاق لن يقدم أي شيء يخفّف من المعاناة الاقتصادية، ومع ذلك قلنا له هناك التزامات أمام المجتمع الدولي وفي الأمم المتحدة، وأن مختلف المستويات أقرت وبالتالي يمكن القبول بها، ودخلت 400 مليار وذابت بين الكتلة الموجودة ترليون و200 مليار وأصبحت الكتلة ترليون و600 مليار.

ولم يصرف شيئاً وكان هناك حديثٌ وادعاءٌ من قبل المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ في إحاطته للأمم المتحدة أنه تم صرف المرتبات، وبيّنا لهم أنه في لحظة زمنية معينة ما تم صرفه حتى تأريخ تلك اللحظة والتي كانت في بداية العام 2017م، كان إجمالي المرتبات المتأخرة 390 ملياراً وما تم صرفه عبر الكريمي وبعض المؤسّسات المالية لا يتجاوز 2 مليار و900 مليون ريال، أي أن ما تم صرفه هو ما يعادل 1 %، وعاد كان فيها انتقائية ومزاجية عجيبة، كان ينتقي من بين الجهات الحكومية جهة معينة وينتقي من الجهة المعينة محافظة معينة وينتقي من المحافظة المعينة كشوفات معينة، ومع ذلك تم السماح بها، ينتقي السلطة القضائية وينتقي جامعة صنعاء، أحياناً وأُخْــرَى تصل لمنطقة معينة، المهم ومع ذلك تعاملنا بها.

تم تعيين منصر القعيطي وتعاملنا معه وسلمنا له زمام الأمور بشكل على أساس أنه بنك مركزي واحد، إلا أن ثبت أنه خارج المسار ولا يفي بالتزاماته، وعندما تعيين زمام سلمنا له الأمور بكل ما تعنيه الكلمة وأكّــدنا له أننا مستعدون لأَن نتحول إلى أداة من أدواته إذَا كان سيعمل على خدمة الجمهورية اليمنية بشكل عام، وهذا الأمر بصورة معلنة وما هو بسرية ولا شيء، يعني قناعتنا في أن نخدمَ أبناء اليمن ونخفف من الجانب الإنساني ومعاناتهم، ومع ذلك لم يتم صرف الرواتب.

 

استمرار تنازلات صنعاء في سبيل تخفيف معانة الشعب

عندما تم تشكيل اللجنة الاقتصادية نفس الحال، سعينا للتواصل معهم وتواصلنا معهم وكان هناك اتّفاق على أنها ستعمل على استخدام مصادر العُملة الأجنبية في تغطية الموارد الأساسية، لكن للأسف الشديد مع بداية أعمالها وجدنا أنهم أرادوا سحبَ البساط على ما هو متاح لصنعاء والذي يُستخدم بالشكل الامثل، وأستطيع أن أجزم أنه بالشكل الأمثل رغم الشائعات ورغم الطرح السياسي المؤلم وأنا لست سياسياً وأنا هنا أتكلم عن الحالة الاقتصادية، لكن أستطيع أن أجزم وأقولها أمامكم الآن وأنتم نخبة المجتمع أستطيع أن البنك المركزي في صنعاء يعمل وفق مفاهيم ومعاييرَ عالمية لا تتماشى مع ظروف الحرب، وكان يفترض ويجب على البنك المركزي بطريقة أَوْ بأُخْــرَى أن ينسجمَ مع الضغط الراهن لكن هناك حرصاً منا على الحفاظ على هذه المؤسّسة تحت أي ظرف كان وفي ظل أي اتّفاق قادم يجب أن تكون لدينا مؤسّسة مصرفية قادرة على العودة والانخراط في المنظومة المالية العالمية تحت أي اتّفاق كان، جمهورية يمنية واحدة أَوْ قُسّمت تحت أقاليم أَوْ أي كان، نريد أن نحافظ على مؤسّسة جاهزة لاستئناف عملها في المنظومة المالية.

وأنا أقول لكم من هذا المكان: إن البنك المركزي بصنعاء على أتم الاستعداد أن يخضعَ عملياته للمراجعة من قبل أية شركة من الشركات الدولية وأية مؤسّسة من المؤسّسات المالية الدولية، مستعدون أن نخضع عملياتنا للمراجعة في أية فترة زمنية أرادوا، ليس لدينا ما نُخفيه وليس لدينا ما نخاف منه، فعملنا مهني وعمل مثبت وموثق وتقاريرنا مستمرّة ومتدفقة رغم اعتراضهم على استلامها رغم إغلاق كُلّ النوافذ على صنعاء لتقديم كُلّ البيانات، أصبحنا وما زلنا نقدم بياناتنا حتى بصورة غير رسمية من تحت الطاولة للمؤسّسات الدولية وللأَطْراف الإعلامية، قبل 3 أيّام كان هناك زيارة لوفد الاتّحاد الأوربي إلى عدن وبمجرد علمنا أن هناك زيارةً للاتّحاد إلى عدن قُمنا بتحرير كُلّ المعطيات اللازمة لمجموعة من سفراء الاتّحاد الأوروبي وأرسلناها لهم عبر إيميلاتهم، فيرفضوا بعض الإيميلات عندما يكون الشخص خارج عن بلده على أساس أنه أنا خارج المكتب أَوْ أنا في زيارة خارج الوطن، ووصلتنا هذه الإجابات الإلكترونية، إلا أن البعضَ من السفراء وصلتهم البيانات ولم تمر ساعة أَوْ ساعتان إلا وردوا لنا أنه وصلت البيانات وكان لها أثرٌ كبيرٌ جداً في تغيير مجريات الزيارة التي تمت قبل اربعة أيّام إلى عدن، رغم أن الحديث في المواقع الإعلامية أن وفد الاتّحاد الأوروبي انبهر وأعجب وكذا كذا هذا كله مجرد كلام فارغ ليس له أساس من الصحة.

فيما يتعلق بسفراء الدول الـ18 ففي الأَيَّام القليلة الماضية وجدنا أن الملف الاقتصادي اللي كان هناك زخم كبير جداً حوله وارادوا من خلاله امتصاص الجانب الإنسانية والضغوط الحاصلة التي على المجتمعات الدولية بشكل عام، في هذا الجانب فأرادوا أن يجعلوها في تفاوض السويد لها أهميّة خَاصَّــة، لكن في الواقع ليس لها أي أث.

ولذلك نحن قبل 3 أيّام عملنا رسالة لمجموعة سفراء الدول الـ18، وبينا لهم أن دورهم كان إيجابية وأنه وأنه وأنه… إلخ، لكنه لم نلمس أي أثر لذلك الدور أَوْ أية خطوات لاحقة لها، وفعلاً وصلت رسالتنا لهم وكانت هناك ردود إيجابية ووعود بأن يتم ترتيب للقاء الجانب الاقتصادي في هذا الإطار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com