ستلقى الله بنفسيتك التي عشتَ في الدنيا بها والهداية الإلهية تكريم للناس

خاص:

نفسيةٌ خطيرةٌ نحملُها في موروثنا:

ومن منطلق الخضوع لله، يستمرُّ الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- في تسليط الضوء على قضية مهمة ترتبط بنفسية العربي القديم التي لا تزالُ متجذرةً اليوم فينا، نفسية خطيرة نحملها في موروثنا، ترتكز على آفة النسيان، واللامبالاة، بحيث يكون من أولى الكوارث التي تلحق بنا كنتيجة مباشرة لها أن نتفاجأ بالضربات القاضية التي كان يمكن أن نتحاشاها، ولكن يكون الأوان قد فات على ذلك، وتتكر المسألة دائماً دون الاستفادة من المعطيات الواضحة التي تشير إلى هذه النتائج السيئة والمصير المحتوم، وينطلق الشهيدُ القائدُ من قوله تعالى: {ربنا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} ليقول -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “أليست هذه العبارة عبارة الخاضع؟ عبارة الخاشع؟ عبارة المتأدب؟ عبارة من عرف أن الله ربه؟”، ولكن الإبصار والسمع بعد وقوع الضربة القاضية غير مفيد، ولا قيمة له ولا أثر، ولذلك تأتي آيات سورة السجدة لتوضح أهمية الخضوع لله في الوقت المناسب، أما في الآخرة فكأنه لم يكن.

واليوم لا يزالُ العربُ والمسلمون يعيشون هذه النفسية التي تجعلهم يتفاجؤون بإعلان القدس عاصمةً للعدو الإسرائيلي، هذا إنْ تفاجؤوا أصلاً، وإلا فالمفاجئة لن تكون إلا حين يرون الأمريكي والإسرائيلي هو من يحكمهم مباشرة، كما حصل في العراق، واليوم في سوريا تعسكر القواتُ الأمريكية في صورة تتنافى مع القانون الدولي المنظم هذه الحالات، وكل ذلك يبدو في إطار المقبول، وليس لأحد أي اهتمام باحتلال دولة عربية مستقلة، ولكن حين تصل هذه القوات لتكون هي المهيمن على المشهد في أي بلد تحت أي مسمى سيكون المنتبهون خارج سياق التأثير، وسيكون كُــلّ ما يصدر عنهم بلا قيمة.

هذه النفسية العربية المتجذرة فينا من الخطورة بمكان، حتى أنها هي التي ستمثل السبب في هلاكنا يوم القيامة، حين نقدم بها على الله، فنتفاجأ ونقول: {ربنا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}، يقول الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “النفسية التي روضتها هنا في الدنيا ألا تؤمن بخطورة شيء إلا إذا أحست بالضربة القاضية حينئذ سيصرخ، إنها النفسية التي تقدم بها على الله، إنها النسيان ستأتي الآية: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}”.

وكما عشنا بهذه النفسية سنلقى الله بها، والذي لا يبصر ولا يسمع في الدنيا هو “كما قال الله عنه: {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا}؟ كنت بصيرا بشؤوني الخاصة. {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا}”. وتتجلى حقيقة أنها حياة واحدة، في الدنيا والآخرة، {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا}، ولذلك تتعاظم خطورة المزاعم التي يعيش عليها بعضنا، حين يقبل بواقع الظلم والإذلال، وهو يظنُّ بأن اللهَ سيعوضه في الآخرة، بينما سياقات القُـرْآن الكريم تختلف في مضامينها عن هذه المزاعم، وتذهبُ بنا إلى أن هذه الحياة الدينا مقدمة لحياتنا الخالدة، وعلينا أن ننتبه من اليوم، وأن نسمع ونبصر الآن، والتأجيل له مخاطره العظيمة التي ستذهب بكل شيء، حتى ما نظن أنه أعمال صالحة نقدمها، يقول الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “الشيء الذي يغيب عن أذهاننا كثيراً ونحن نرشد الناس، ونحن نعلم الناس ونحن نحمل اسم عالم، أو نحمل اسم عابد أو نحن نقرأ القُـرْآن على الآخرين، أو نعلم القُـرْآن للآخرين، لا نفهم هذا الربط المهم، الآن نحن نحاول كمسلمين أن نبصر ونسمع.. أليس كذلك؟ لنرى واقعنا نرى ما نحن عليه، نرى ما يجب أن نعمله، نرى ما ينبغي أن ننطلق فيه.. هكذا نشعر بالندم هنا في الدنيا.. أليس هؤلاء ندموا عندما قالوا: {فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحا} على ماذا ندموا؟ عرفوا أن الأعمال الصالحة هي التي ضاعت فضيعوا أنفسهم بضياعها، عرفوا أن تلك الأعمال الكثيرة التي كانوا يجهدون أنفسهم فيها وهي أعمال باطلة لم يعد لها قيمة.. هي سبب الندامة.. أليسوا هنا تمنوا أعمالاً صالحة؟”

 

طريقةُ التقييم للعمل

بعد ذلك يفتح الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- البابَ على مصراعيه في استقرائه للواقع وهو يرى بعضَ التناقضات فيه، فقد جرت العادة على أن المنافقين يؤثرون في الناس أكثر مما يؤثر المصلحون، وينطلق الناس في الباطل بمجرد وسوسة بسيطة من الشيطان بينما يتثاقلون في التوجه إلى الحق مع تكرار الإنذار والهداية الواضحة من الله، يقول متسائلاً: “أليس أهل الباطل يتحَرّكون ويسهرون ويتعبون؟ أليس أهل الباطل ينفقون الأموال الكثيرة أكثر مما ينفق أهل الحق؟ هناك إنفاق هناك ألم {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ}”.

هذا الواقع السيء نعيشه اليوم حين نرى القدرة التي يتحَرّك بها العملاءُ في استقطاب المرتزقة من كافة إنحاء اليمن، وفي المقابل ترى القصور في التحشيد من قبل أهل الحق والداعين إلى مواجهة المحتل وحفظ الأرض والعرض، هذا الواقع ليس جديدا بل هو امتداد لواقع كان يعيشه الناس حتى في زمن الشهيد القائد -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- وفيما قبله أيضا، حتى على المستوى الفردي نرى من أنفسنا تثاقلا في التحَرّك فيما لله فيه رضى، ومسارعة في الملاهي والغفلة، ولذلك كان التشبيه للبرناج اليوم للمؤمنين بنهر طالوت، فالاستغفار في الأسحار على هونه وعدم تكليفه لنا شيئا إلا أن من يهتم به قليل من الناس في كُــلّ زمان، وعلى هذا فقس في كُــلّ شؤوننا كأفراد ومجتمعات.

وفي خلاصة هذه القضية المهمة يقدم الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- تلخيصا مهما في طياته معالجة مستمدة من القُـرْآن الكريم، فيقول -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “لأننا نحن لم نتهيب من الأعمال الباطلة، ولم نروض أنفسنا على الرغبة في الأعمال الصالحة، وعلى الانطلاق فيها من خلال معرفتنا لآثار هذه، وآثار تلك فننطلق في الأعمال الباطلة ونتثاقل في الأعمال الصالحة، ثم يوم القيامة ستكتشف المسألة أننا سنذوق وبال أعمالنا”.

إذن فالمعالجة الوحيدة لهذا الواقع أنه لا بد من نشر ثقافة القُـرْآن في هذا الصدد، لا سيما التحذير من قضية الإهمال واللا مبالاة، والنفسية الخطيرة التي تغلغلت في وجدان هذه الأمة، التي تحجب عنهم إدراك الواقع ومخاطره في الوقت المناسب، ليكون هذا الإدراك منطلقاً صحيحاً للأعمال الصالحة، الأعمال التي ستستمد صلاحها من خلال هذ المنطلق وما سيحمله من النتائج، وهو ما وصفه الله تعالى بالتقوى في حديثه عن الهدي في الحج، حين قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}، فالتقوى هنا استحقت هذا التوصيف لأن العمل كان من منطلق سليم، فكانت نتيجته في مصلحتك وفي مصلحة الأمة كاملة، يقول الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “الأعمال شكليتها واحدة لكن هناك أعمال صالحة غاياتها، منطلقاتها هي التي تجعلها صالحة فيما إذا كانت تسير على هدي الله”.

هذه الأعمال الصالحة هي التي ستحفظ في يوم القيامة بهذه الصفة من الصلاح، ولن تنقلب فجأة لتكون غير ذلك، حيث إن القُـرْآن الكريم حين يكون منطلقاً لها ستتجسد حقيقة صلاحها في الواقع، فالقُـرْآن الكريم يصنع اليقين كما يقول الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-، وهنا يستذكر الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- مقولة الإمام علي عليه السلام “والله لو كشف لي الغطاء ما ازدت يقينا”، كشخصية استمدت هدايتها في الحياة من القُـرْآن الكريم، حتى وصفه الله في بأنه الشاهد الذي يأتي بعد النبي في قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}.

 

الهداية الإلهية هداية تكريم

وقف الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- أمام قضية الهداية الإلهية من زاوية الآلية التي تقدم بها لبني البشر، حيث تشتبه الأمور على كثير من الناس حين يرى كثيراً من الناس يدخلون يوم القيامة إلى جهنم مع أن الله كان قادراً على حمايتهم من هذا المصير بأن يمنعهم من سلوك دروب المعاصي وتتبعها، في خلط بين مفهوم الحكمة والرحمة الإلهية.

الهدايةُ الإلهية هداية تكريم، مبنية على الاختيار الواعي، المبني على البيان الواضح التام، ويصحب ذلك الاختيار الكثير من المعونات الإلهية المساعدة، كمكافئة عاجلة في الدنيا على حسن الاختيار في بداية الأمر، بينما هناك نوع آخر من الهداية الإلهية مبنية على القسر، وهي تلك الهداية الواضحة في تدبير شؤون السماوات والأرض والجبال، والنحل والنمل وسائر الخلوقات التي لم تحض بكرامة من الله كتلك التي حظي بها الإنسان، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}.

وفي هذا السياق جاء طرح الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- في تعليقه على قوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} حيث قال: “ماذا كان ينتظر أولئك الناس؟ ما هو الهدى الذي كانوا ينتظرونه؟ أن يساقوا سوقاً رغماً عنهم وقسرًا إلى كُــلّ قضية فيها أجر كبير لهم، إلى كُــلّ عمل فيه مصلحة لهم، إلى كُــلّ عمل فيه درء للعذاب عن أنفسهم.. أن يساقوا سوقًا بالعصا، يمسك الإنسان بمقدمة رأسه فيساق غصبا عنه إلى الصلاة، ثم يساق غصبا عنه إلى ميادين الجهاد، ثم ترفع يده غصبا عنه ويضرب غصبا عنه، يضرب بها الآخرين غصبا عنه.. هل كنت تنتظر حركة من هذا النوع؟ هذا ما لا يمكن.. هذا ما لا يمكن” استخدم الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- هذا الأسلوب الساخر ليوضح أبلغ توضيح الفرق بين الهداية الإلهية لنا وبين ما يتصور بعض المغرورين بأنه هكذا كان يفترض أن تكون الهداية، فهذه الصورة من الهداية التي ساقها الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- لا يكون المرء إنساناً معها؛ لأنها تتنافى مع كرامة الإنسان التي منحه الله، الكرامة التي تتجلى حتى في طريقة أكله ومشيه، ومن يعيش بعيدا عن هدى الله يعيش في واقع أسوأ من واقع الأنعام، إذ إنها تعيش في مستوى من مستويات الهداية الإلهية التي تناسبها، ولذلك وصف الله تعالى من يتهرب من التكريم حتى في وسيلة الهداية بقوله تعالى: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}.

من أجمل لمحات الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- في تعليقاته على الآيات القُـرْآنية واستقرائه للواقع من خلالها قوله: ” إذا كنت تنتظر هداية من ذلك النوع القسر والإلجاء هو يقول: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} العزة للمؤمنين.. هل ستكون العزة لأولياء الله أن يساقوا كما يساق الحمير عن طريق ملكين أو ثلاثة بعد كُــلّ شخص منهم.. ليست هذه عزة”. ومن هنا يمكن أن ندرك الفارق بين أسلوب الله الرحمن الرحيم الحكيم العدل في تعامله معنا، وبين أسلوب أولئك الطغاة والظالمين من أولياء الشيطان الذين نذلل أنفسنا لهم، ونطوعها لهم.. “أليس الفارق كبيرًا؟” كما يقول الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-.

 

العدالة الإلهية يوم الدين:

من أبرز شواهد الرحمة والعدالة الإلهية ما أخبر به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- من وقائع يوم الدين، حين تنقطع الأعذار أمام كُــلّ أولئك الذين وقفوا منكسين لرؤوسهم، سيرون أنفسهم عندما يساقون إلى جهنم دون أن يكون لهم عذر إطلاقاً، بل سيشهدون على أنفسهم بأنهم جديرون بأن يساقوا إلى جهنم، {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ}.

إلا أنه ثمة إشكاليةً أخرى قد تبرز في عدالة الله استشفها الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- من آيات سورة السجدة التي نقف معها هنا، ففي قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }، وهنا ينبه الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- أن الآية لا تعني بأن المانعَ من هداية كُــلّ نفس هو أنه قد سبقت كلمة من الله بأن يملأ جهنم من الناس، بل كما سبق توضيحه في الفقرة السابقة حول طبيعة الهدى الإلهية المقدم لنبي الإنسان بما يناسب تكريميهم، ولكن معنى الآية أنه تعالى قد حق القول منه بأنه سيملأ الجحيم من كُــلّ من أعرض عن هداه، أولئك الذين رفضوا الخضوع له في الدنيا، الذين حاولوا أن يستقلوا بأنفسهم بدلاً عنا لتسليم لله، فوجدوا أنفسهم عبيدا للشيطان وأوليائه، وتفاجؤوا حين أبصروا وسمعوا وتيقنوا يوم القيامة، ولكن بعد فوات الأوان، وذلك يقول الله الله لهم: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، فهو جزاء عادل بما كنتم تعملون من الأعمال في ظل نسيانكم لما سبق أن جاءكم حوله البيان الواضح، حتى الشيطان لن يأتيَ يوم القيامة بعذر مقنع، بل سيلزم الصمت، وجل ما سيفعله هو أن يتبرأ مما ينسبه إليه أتباعه من تسببه بإغوائهم، {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

العدالة الإلهية تتجسد وتتحقّق في يوم القيامة فقط، أما في الدينا فهي مسؤوليتنا نحن، وعلينا السعي لتحقيقها في الحياة، ولكن الإنسان كان يتحَرّك في الدنيا بخلاف ذلك، يقول الشهيدُ القائدُ -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “الله لا يظلم أحدًا. لا يظلم الناس مثقال ذرة لا في الدنيا ولا في الآخرة، فهذا العذاب هو بأعمالكم أنتم، وأعمالكم التي كنتم تنطلقون فيها بكل جراءة”، وبهذا انتهى الدرس ليفضي بنا إلى أن الخضوع والتسليم لله هو طريق النجاة والإصلاح في الحياة، والبحث عن طريق آخر سيفضي بنا إلى بئس المصير، حيث لا مجال لنا لتصحيح المسار حينها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com