اليمن بين الاستعمار القديم والجديد.. مراحل النضال وأساليب المستعمر

المسيرة| محمد حتروش

نظّم مركَزُ الدارسات الاستراتيجية والاستشارية اليمني بصنعاء، أمس الأول، ندوةً سياسيّة عبر منتدى مقاربات سياسيّة في الذكرى الـ(51) من نوفمبر الخالدة تحت شعار “من دفتر الاستقلال” والتي تناولت أشكالَ النضال من قبل فئات الشعب وطبقاته ومشاركتهم الواسعة ضد السيطرة الاستعمارية بجميع أشكالها.

وخلال الندوة قُدِّمت العديدُ من أوراق عمل موسعة ناقشت مفاوضات الوحدة الوطنية بين جبهتَي التحرير والقومية مع المحتلّين.

 

انحيازُ الجيش الجنوبي إلى الجبهة القومية

وقدمت الورقة التي استعرضها الباحث في علم الاجتماع السياسيّ ياسين ناشر، تساؤلاتٍ حول انحياز الجيش الجنوبي للجبهة القومية، مبينةً الاختلافات والاقتتال بين جبهتَي التحرير والقومية واللتين كانتا تتقاتلان فيما بينهما وتنسيان الاستعمار البريطاني الذي يستعمر الجميع بلا استثناء.

وأوضحت الورقة أن الاستعمارَ في أواخر العشرينيات، قام بتشكيل جيش عُرِفَ “بالعوالق” وكان يخدم الإنجليز والسلاطين، ومع مرور الزمن توسعت الدائرة وكَبُرَ الجيش من مناطقَ متعددة وكان يشعر بالاضطهاد والظلم الأمر الذي جعله يميل إلى الجبهة الوطنية، مشيرة إلى الحس الوطني والقُــوَّة الذاتية والقاعدة الشعبيّة الكبيرة التي كانت تتمتع بها الجبهة القومية.

وسردت الورقة عوامل رئيسية في انحياز الجيش إلى الجبهة القومية والتي أبرزها بهوت مكانة جبهة التحرير التي كانت تعتمد كَثيراً على دعم القاهرة وخَاصَّـة بعد نكسة 5 يونيو وكذا شعور الضباط العوالق أن الاستمرارَ في تأييد جبهة التحرير يعني الاستمرار في الاقتتال الأهلي الذي كان قد شمل الجيش وَالمزيد من الدماء.

وبيّنت الورقة بدءَ المفاوضات والمباحثات السياسيّة بين الجبهتين القومية والتحرير والتي كانت في الـ10 من أكتوبر لفض النزاعات فيما بين الجهتين والإعلان عن أسماء الوفد المفاوض للاستعمار البريطاني باسم الشعب الجنوبي اليمني، موضحة أنه في (5) مايو من العام (1948) قد شهدت مدينة عدن أول مظاهرة طلابية وأول هبة شعبيّة كبرى احتجاجاً لتسليم المستعمرين البريطانيين (فلسطين) للصهاينة وأنها تعد احتجاجاً صارخاً ضد الاستعمار البريطاني.

كما قُدمت خلال الندوة العديدُ من المداخلات السياسيّة نسرد بعضا منها كالتالي:

 

مستعمر الأمس ومستعمر اليوم.. المشروع ذاته

الدكتور عبدالملك ياسين -الباحث في علم الاجتماع-، أشار في مداخلته، إلى أنه “يجب علينا تذكير أنفسنا أنه منذ عام (1918 م إلى 2018 م) والمستعمر الجديد في جنوب البلاد يقوم بنفس ما قام به المستعمر القديم البريطاني، مذكراً بأن المستعمر البريطاني أنشأ في عدن والمحميات الغربية ثلاث تشكيلات مسلحة هي: الحرس القبَلي والحرس الحكومي (شبر) وجيش محمية عدن (الليوي)”.

ولفت ياسين، إلى أن ما يقوم به الاحتلال الإماراتي في الجنوب بإنشاء ما يسمى النخبة الحضرمية والحزام الأمني وَالنخبة الشرقية والنخبة المأربية هو مشابهٌ ومطابقٌ لما أنشأه المحتلّ البريطاني من جيوش ومحميات في عدن والمحافظات الشرقية، لافتاً إلى التأريخ يعيد نفسه وكأننا نعود للماضي والعجيب في الأمرين البعض لا يزال يتفرج وكأنه لا يعينه.

 

التمزيق.. المبدأ الذي تتخذه القوى الاستعمارية

من جانبه، قال العميد محمد جبران شنطور -أحد العسكريين القدامى- خلال مداخلته: إن التأريخ يعيد نفسه والقوى الاستكبارية في الماضي والحاضر تعتمد على مبدأ فرِّقْ تسُدْ، مبيناً كيفية تكوين الجبهة القومية ومميزتها الوطنية التي استمدت قوتها من ذاتها، موضحاً أن جبهة التحرير كانت مدعومة من المخابرات المصرية وانصاعت للمخابرات المصرية، الأمر الذي جعل جبهة التحرير تقل شعبيّتها، منوّهاً إلى صفات ومميزات جبهة القومية وكيف انحاز الجيش إليها.

وأضاف شنطور، أن أية ثورة لا يمكن أن تنجح إلّا باستبعاد واستبدال القادة في الجيش التابع للنظام السابق مستدلاً ببعض الثورات الناجحة والتي أخذت بمقولته، متطرقاً إلى ثورة (21) من سبتمبر وكيف تم تأطير الثوار من الجيش واللجان الشعبيّة لتكوين جبهة قوية لمواجهة تحالف الحرب على اليمن.

وقال عادل الشوحبي -الباحث في علم الاجتماع السياسيّ-، بأنه في المفاوضات ظن الإنجليز أن الجنوبيين بُسَطَاء ولكنهم أظهروا حنكتَهم خلال المفاوضات، مؤملاً على الوفد الوطني الذي سيفاوض في السويد أن يتعاملَ بحنكة ويدير الحوار لصالحنا، مُشيراً إلى أن ثورة 21 من سبتمبر تعتبر ثورة ناجحة أعطت للشعب حريتَه واستقلاله وأن العدوان السعوديّ الأمريكي يحاول اختراق الثورة عبر الانتهازيين والفاسدين الذين يحاولون إفشال الثورة، مشدّداً على أنه يجب على حكومة الإنقاذ أن تهتمَّ بالمسئولين والناشطين السياسيّين من الجنوب الذين غادروا الجنوب استياءً من المستعمر الإماراتي والسعوديّ.

 

محافظة عدن صانعة الوحدة اليمنية

من جهته، قال الدكتور طاهر شمسان في مداخلة له بالندوة: إن ثورةَ نوفمبر تمت على ثلاث مراحل وهي استدعاء الهُوية اليمنية من التأريخ والكفاح المسلح الموحد ضد الاستعمار والاستقلال، مُشيراً إلى أن محافظة عدن تعتبر صانعة الوحدة اليمنية؛ كونها الحاضرة الوطنية.

واختتمت الندوة بمداخلة من الدكتور/ ياسين ناشر -الباحث في علم الاجتماع السياسيّ-، حيث قال: إن بعض الشخصيات السياسيّة في الشمال كانت تقف بتواطؤ أمام أحداث نوفمبر، مُشيراً إلى أن عبدالرحمن الإرياني كان يكتب في مذكراته كتاباتٍ تخدُمُ المستعمر البريطاني وأنه كان يساوم الإنجليز في بقاء القاعدة البريطانية في عدن وتسليم مناطق الاستقلال للمستعمر البريطاني، موضحاً: من الأشياء الأساسية التي شوهت ثورة أكتوبر أنها كانت ضد الوحدة اليمنية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com