توشكا يثير خلافات التحالف الهش على أطلال صافر

صدى المسيرة: إبراهيم السراجي

عمليةُ الجيش واللجان الشعبية في مَأرب بإطلاق صاروخ توتشكا الذي أحرق القواِت الغازية مع طائراتها ودباباتها في منطقة صافر تسببَّت في بروز الخلافات إلى العلَن بين دول التحالف الهش ضد الـيَـمَـن وبين مرتزقتها.

الإمَــارَاتُ والبحرين خرجتا عن قيادة السعودية وأعلنتا عن سقوط 50 قتيلاً من قواتهم الغازية، وهو ما أغضب الرياض التي تأخرت 24 ساعة وأعلنت مجبرةً عن مقتل 10 من جنودها في العملية، رغم أَن رواية دول العُــدْوَان الثلاث لم تكن صحيحة والأرقام الواقعية والحقيقية لعدد القتلى في صفوف القوات الغازية أكبر بكثير، غير أن ردودَ الأفعال المنفردة للدول الثلاث وما تلاها أشار لتفكُّك تحالف العُــدْوَان على الـيَـمَـن.

الصحافة الرسمية السعودية لم تتطرق في يوم العملية إلى مقتل الجنود الإمَــارَاتيين والبحرينيين ولم تذكر العملية مطلقاً رغم أَن الأولى سارعت لإعلان ذلك وأعلنت الحدادَ ثلاثة أيام، وفي اليوم التالي تناول الإعلام السعودي مضطراً وبطريقة هامشية، مشيراً إلى وقوع قتلى إمَــارَاتيين، كما فعلت صحيفة الشرق الأوسط.

ورغم أن المغرب منضويةٌ في التحالف السعودي إلا أنها انسحبت منه منذ سُقُوط طائرتها طراز أف16 في صعدة ومقتل قائدها، وشعرت السلطات المغربية أَن الرياض لعبت دوراً سلبياً مُهيناً في عملية تسليم جثمان الطيار، وانعكس ذلك على تغطيتها الإعلامية للحرب على الـيَـمَـن حيث وصفتها القناة الرسمية في وقت سابق بأنها عُــدْوَان.

أكثرُ من ذلك نقلت أوساط سياسية عن مصادر وصفتها بالموثوقة اعتذارَ سلطات المملكة المغربية عن إجراء أية مراسيم لاستقبال عبدربه منصور هادي الذي وَصَلَ المغرب نهاية أغسطس الماضي ولم تقم بأية إجراءات لاستقبال هادي أو توديعه ولم تخصص له قصراً للإقامة فيه، كما هي العادة مع ضيوف المملكة المغربية من الرؤساء والمسؤولين العرب أو الأجانب، ما جعل هادي وَمَن معه من مسؤولين في موقف محرج قبل أن يضطروا للنزول في أحد الفنادق الفخمة.

وبالعودة لتداعيات عملية صافر التي بعثرت أوراقَ العُــدْوَان، حيث وزعت قوى العُــدْوَان ومرتزقتها الاتهامات فيما بينها بالخيانة وتسريب معلومات عن تجمع القوات الغازية في منطقة صافر، وكان أول ضحاياها اللواء محمد المقدشي الموالي لهادي والذي اتهم بالتقصير ونشرت وسائل إعلامية تابعة لهادي أنباء عن إقالته.

وفيما تشعر الرياض بامتعاض من أبو ظبي على خلفية عملية مَأرب فإن الأخيرة تشعُـــرُ بامتعاض مماثل جراء دعم آل سعود لحزب الإصلاح ذراع الإخْـــوَان بالـيَـمَـن والذي تعتبر أبوظبي تنظيماً “إرهابياً”، وهو ما دفع وزير الدولة الإمَــارَاتي أنور قرقاش إلى شن هجوماً لاذعاً على الإصلاح في رسالة مبطّنة للرياض.

واتهم قرقاش في حسابه الرسمي على تويتر حزبَ الإصلاح “الانتهازية ونشر الشائعات والأكاذيب والمال الفاسد”.

وأضاف قرقاش قائلاً: “في الـيَـمَـن الإخْـــوَانُ جزءٌ من المشكلة، ومنذ البداية، ولم يلعبوا دوراً في “تحرير عدن”، وتفنّنوا في الهوامش والمنافي في نشر الشائعات والأكاذيب»، مضيفاً «وتحالف الإخْـــوَان مع السلطة أحياناً ومع الغالب دائماً انتهازية ميّزتهم، فلا أمانَ لهم في الـيَـمَـن أو أي قُطر آخر، والأدلة على ذلك مجلدات، وكَثيراً ما ارتبط حزب الإخْـــوَان بالمال الفاسد وفي العديد من الأقطار، ومنها مصر والـيَـمَـن، مقوّضاً دورهم كمعارَضة تسعى إلى الإصلاح والتطوير”.

هجومُ الوزير الإمَــارَاتي لم يمنع الإصلاح من إرسال تعزية رسمية للإمَــارَات على خلفية مقتل جنودها، ووصفت التعزية أنها مهينةٌ للإصلاح الذي بالَغَ في مديح قوات الغزو الإمَــارَاتية، مبدياً حزناً كبيراً عليهم في وقت تتخذ أبو ظبي موقفاً سلبياً معلناً من الإخْـــوَان المسلمين وبينهم الإصلاح، غيرَ أن الخلافات التي برزت بين جمع المكونات الرئيسية في التحالف المعادي للـيَـمَـن وأتباعه دفعت توكل كرمان لأول مرة للتلميح بارتكاب الإمَــارَات جرائم باستهداف المنازل في الـيَـمَـن ليس من منطلق حقوقي وإنما إذكاءً للخلاف السعودي الإمَــارَاتي؛ كون كرمان لم تتهم العُــدْوَان بارتكاب جرائم خلال 5 أشهر من العُــدْوَان وسقوط قرابة 5000 شهيد مدني جراء العُــدْوَان.

وينعكس الخلاف السعودي الإمَــارَاتي على أتباعهما، ويسودُ اعتقادٌ أَن عملية صافر سترغِمُ دولَ العُــدْوَان على الحل السياسي؛ لتتجدد مخاوف الفار هادي الذي استعاد مؤخراً دعم آل سعود من طموحات خالد بحاح الذي يقال إنه يحظى بدعم إمَــارَاتي قد يجعله يطيح به.

مخاوف هادي من طموحات بحاح دفعته للتفكير بإقالته، ما دفع بالثاني للتفكير بخطوة استباقية وتقديم استقالته من منصب رئيس حكومة هادي، أملاً في استمرار الدعم الإمَــارَاتي له مستقبلاً على حساب هادي، وهو ما كشفت عنه وسائل إعلامية عربية ومحلية وأكدها ياسين مكاوي في حواره مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية.

وفي الحوار اتهم مكاوي حكومةَ بحاح بالضعف وفشلها في التواجُد في عدن، معرباً عن حاجتهم لتشكيل حكومة طوارئ تحلُّ مكان حكومة بحاح، كما كشفت الصحيفة نفسها أن تشكيل حكومة الطوارئ يخضع للنقاش في الرياض، وهو ما أكد سعي هادي بدعم سعودي لإقصاء بحاح.

ولم يتوقف خروج الإمَــارَات عن قيادة السعودية في العُــدْوَان عند إعلانها منفردةً عن سُقُــوط قتلى من قواتها الغازية في صافر، بل تعداه لسحب قواتها من هناك، فيما تُشيرُ أنباءٌ أَن هذه الخطوة أغضبت آل سعود ودفعتهم لتجهيز تعزيزات إلى مَأرب مكونة من عناصر الإصلاح والقاعدة، مجهّزين بالمدرعات والدبابات، لكن مراقبين يعتقدون أن آل سعود لن يجرؤوا على ذلك بعد المحرقة التي وقعت لقوات الغزو في منطقة صافر بمَأرب.

 

صحيفة صدى المسيرة العدد57 الاثنين 7سبتمبر2015

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com