عبدالملك العجري لقناة فرانس 24: الولايات المتحدة بيدها قرار وقف الحرب وبدونها لا يستطيع تحالف العدوان تحريك طائراته

أجرت قناة فرنسا 24 لقاءاً عبدالملك العجري عضو المكتب السياسي لأنصار الله، عضو الوفد الوطني المفاوض للجمهورية اليمنية على هامش مشاركته “مؤتمر باريس البرلماني الأول من أجل السلام في اليمن” المنعقد في 8 نوفمبر الجاري.

تناول الحوار التي أجرته معه المذيعة حسينة مليح موقفَ أنصار الله وموقفَ السلطة الوطنية في صنعاء، من مسائل الدعوة الأمريكية إلى السلام، القرارات الدولية، الأقاليم، تسليم السلاح، الجماعات الإرْهَابية، الأسرى، وصحيفة المسيرة تعيد نشر الحوار في السطور التالية:

 

المذيعة: ربما نبدأ من هذه المبادرة التي اعتبرت مثيرةً لإيقاف الحرب في اليمن نُسبت إليك على الأقل عن طريق تغريدة في تويتر، لخّصتها عموماً بما سمّيته وقفَ العدوان على اليمن مقابل وقف “الانقلاب” من جماعة أنصار الله على “الحكومة المُعترف بها”. هل يعني ذلك بأن جماعة أنصار الله باتت موافقةً الآن على قرار مجلس الأمن 2216 الذي يُطالبكم بالانسحاب من صنعاء وبقية المدن؟

 

العجري: بالنسبة للقرارات الدولية نحن قلنا بأن كُلَّ قرارات مجلس الآمن هي مرجعياتٌ للحوار يُستأنس بها، والإشكاليةُ أنهم يركّزون فقط على القرار 2216 رغم أنه لا يخدُمُهم كثيراً، فهذا القرار لا يُبرِّرُ العدوانَ ولا يُعطي السعوديّةَ الحَـقّ في شن العدوان، ويتناسون القرار 2201 الذي يُطالب دول الجوار والدول الإقليمية الفاعلة بكف التدخل في الشؤون اليمنية وعدم إعاقة الحوار السياسي.

هذا القرار (2201) يُلزم دول الجوار وكل الدول الإقليمية بأن لا تتدخل في اليمن كما هو حاصلٌ الآن، هذا التدخل الحاصلُ هو بخلاف المرجعيات الدولية التي يتشدّقون بها أَوْ يقولون بأنهم يسعَون لتنفيذها.

 

المذيعة: لكن هناك مبادرة، أنت تؤكدُ لنا أن هناك مبادرةً من قبلك وأنت توصف بأحد منظري جماعة أنصار الله؟

 

العجري: أنتم (أي تحالف العدوان) تقولون بأن هناك انقلاباً، ونحن (أي القوى الوطنية اليمنية) نقول بأن هناك عدواناً، وأنتم تقولون بأن قرارات مجلس الأمن تطالب بإنهاء الانقلاب، وأنا أقول وكذلك قرارات مجلس الأمن تقول لكم: أوقفوا العدوان، فأنا أحاججهم بمنطقهم، ونحن مُستعدون للدخول في مسار تفاوضي جديد، وعلى أساسه نؤسِّسُ لمرحلة انتقالية جديدة بمؤسّسات انتقالية جديدة سواء على مستوى الرئاسة أَوْ على مستوى الحكومة، بحيث يكون كُـلّ الأطراف شركاءَ في القرار وشركاء في التنفيذ.

 

المذيعة: وهنا جاء المقترح الأمريكي وهو أحدث عرض أَوْ مبادرة لإنهاء الحرب في اليمن، ربما هذه المبادرة في البداية قوبلت برفض من قبل جماعة أنصار الله، فهل تغير الموقف حالياً؟

 

العجري: لا يوجدُ رفضٌ من قبل أنصار الله لأية دعوة سلام، ونحن موقفنا كان ولا يزال نرحّبُ بأية مبادرة سلام، ونحن نرى بأن الحَلَّ السياسي والسلام هو الحَلُّ لأزمة اليمن، ولكن نحن دائماً ننظر لأية دعوة من قبل الولايات المتحدة بأنها مؤشر لتصعيد قادم وهو ما حصل، كلمةُ السلام في الفم الأمريكي كلمةٌ مسمومة، فبعد تصريحات بومبيو والمبادرة التي قدمها حصل تصعيد غير عادي في الساحل الغربي، ولا يزال الآن التصعيد والحرب قائماً.

 

المذيعة: لماذا لا تحرجونهم وتقبلون بهذه المبادرة؟

 

العجري: نحن رحّبنا بأية مبادرة سلام بشكل عام، وقلنا: إذا كان هناك جدية في الموقف الأمريكي، فهي الدولة والجهة الدولية القادرة عملياً على وقف الحرب، فبدون الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع طائراتُ السعوديّة أن تتحَـرّك، لا تستطيع أن تضرب، لا تستطيع أن تحلّقَ في أجواء اليمن، بدون سلاحها (أي أمريكا) تستطيع أن توقفَ الحرب، فبأيديها أدواتُ الضغط وهي الجهة الوحيدة القادرة على الدفع نحو السلام، فإذا كانت لديها الجديةُ فهي لا تحتاجُ إلى دعوة بل تحتاج إلى أن تباشرَ خطواتٍ عملية.

 

المذيعة: صحيحٌ وقال وزير الدفاع (الأمريكي) هناك ثلاثون يوماً للمشاورات في انتظار عقد مؤتمر، هذا المقترح الأمريكي نص على مناطق حكم ذاتي، وربما هذا يُعيدنا إلى مخرجات مؤتمر الحوار. (مؤتمر الحوار الوطني الشامل) الذي نص على دولة اتّحادية من عدة أقاليم، في نهاية المطاف الفكرتان ربما تلتقيان؟

 

العجري: لا، ليس صحيحاً، أنا علقت على دعوة وزير الدفاع الأمريكي لمناطق حكم ذاتي. صحيحٌ نحن في مؤتمر الحوار الوطني وافقنا على دولة اتّحادية ورؤيتنا كانت أننا ضد مركزة السلطة والثروة ولكن ليس بمعنى إقامة مناطق حكم ذاتي. مناطق الحكم الذاتي تختلف على الدولة الاتّحادية، كُـلّ دولة اتّحادية أَوْ فيدرالية تصمم وفقاً لطبيعة المجتمع أَوْ الدولة الُمعينة وليس هناك نموذج واحد.

لو كنا بلداً متعدّداً ومتنوعاً فيه عرقياتٌ وإثنياتٌ، متعدداً لغوياً متعدداً دينياً، لكن لا في اليمن الوضعُ مختلفٌ، اليمن مجتمع بسيط ومجتمع متجانس ثقافياً، ولا يوجد فيه تعدد إثني ولا تعدد لغوي ولا تعدد عرقي؛ لذلك مسألة الفيدرالية فيه بخلاف مثلاً الفيدرالية في أمريكا أَوْ في بعض دول أوروبا التي فيها تنوعٌ كبير جداً، لكن في اليمن لا، هناك مجتمع واحد ثقافته واحدة عاداته وتقاليده واحدة تأريخه واحد؛ ولذلك الفيدرالية أَوْ الدولة الاتّحادية هي من أجل إصلاح مسار الوحدة، والمسألة الثانية عدم مركزة السلطة والثروة وتوزيعها توزيع عادل بين المركز والأطراف.

 

المذيعة: لنصلَ إلى هذا التقاسُمِ للسلطة ربما المطلوب الآن تقديمُ تنازلات شجاعة، هل أنتم في جماعة أنصار الله لديكم من الشجاعة السياسية لتقديم التنازلات، وتحديداً مسألة التخلّي عن الأسلحة الثقيلة والصواريخ الباليستية، هذا الأمر مطلَبٌ يعودُ كُـلَّ مرة بالنسبة إليكم، وحتى الاعتراف بشرعية هادي في انتظار انتخابات؟

 

العجري: بالنسبة لموضوع السلاح هل تعلمين أن أنصار الله آخر جماعة تسلّحت في اليمن، هناك جماعات مسلحة من عام 1960م.

 

المذيعة (مقاطعة): لكن الصواريخ الباليستية وهي الآن أقوى الأسلحة موجودة مع أنصار الله؟

 

العجري: هي الآن موجودةٌ مع الجيش مع السلطة في صنعاء وليست مع أنصار الله.

موضوعُ السلاح تمت معالجته في مؤتمر الحوار الوطني، ووضعنا مقترحات وكنا جزءاً من هذه المقترحات وموافقين عليها، بحيث يتم نزع السلاح من كُـلّ الجماعات في اليمن؛ لأَنَّه إذا كان هناك جماعات مسلحة وتستقوي بسلاحها في صراعها وفي خصومتها مع الأطراف الأُخْــرَى، من الطبيعي أن تبحث الأطراف الأُخْــرَى سواء أنصار الله أَوْ غيرهم عن مصادر للتموين ومصادر للسلاح، لكن إذا احتكرت الدولة السلاحَ بالمعنى الحقيقي ستنتهي المشكلة؛ لأَنَّ الدولةَ هي من سمحت بخروج سلاح الجيش، النظام السابق هو من سمح أن تمتلك الجماعات والأحزاب السلاح، السعوديّة هي من كانت تمول القبائل وتمول الجماعات الدينية (الوهّابية) وكانت هذه الجماعات تستقوي بها في حربها في صعدة وحربها في الجنوب، ولذلك انتشر السلاح.

قلنا لا بد أن يكون السلاح مع الدولة وهذه رؤيتنا، أن تكون هناك دولة قوية تمثل كُـلّ الشعب اليمني بمختلف أطيافه وبكل ألوانه.

 

المذيعة (مقاطعة): ولكن أستاذ عَبدالملك نحن نتحدث الآن عن الصواريخ الباليستية؟

 

العجري: السلاح الباليستي مع الجيش اليمني التابع لسلطة صنعاء.

 

المذيعة (مقاطعة): السلطة التابعة لأنصار الله؟

 

العجري: الجيشُ تابعٌ لسلطة صنعاء وأنصارُ الله جزءٌ منها. ولديك في الجهة المقابلة القاعدة وداعش، هذا خطرٌ أن يتسلّموا مثل هذه الصواريخ، وهذا لا أحد ينكره، قبل يومين في الضالع دخلَ بعضُ عناصر القاعدة ورفعوا رايات القاعدة، لا أحد يُنكر وجود القاعدة في الساحل وعدن وأبين وغيرها.

 

المذيعة: لا أحد ينكر وجود القاعدة حتى قبل هذا النزاع؟

 

العجري: المناطق الخاضعة لتحالف العدوان مناطقُ ملغومة بالإرْهَاب.

 

المذيعة: الآن هناك تصعيد عسكري كبير، في الحديدة، وكما فهمنا من كلام زعيم أنصار الله عَبدالملك الحوثي قد يتعذر معه (أي التصعيد) المشاركة في المشاورات المرتقبة من قبل الأمم المتحدة قبل نهاية هذا العام، هل ستشاركون؟

 

العجري: لهذا السبب نتشكّكُ من الدعوات الأمريكية للسلام؛ لأَنَّها تكونُ مؤشراً لتصعيد قادم، عندما دعا لمشاورات في نهاية الشهر، فهمنا أن هناك تصعيداً وهذا ما حصل، ولكن هذا التصعيد لم يكن خلال هذا الأسبوع فقط له أكثرُ من خمسة أشهر وهوَ يراوحُ مكانه، وما زال حتى الآن يراوحُ مكانَه وسيكونُ مصيرُه الفشلَ، من الصعب عليهم جداً أن يحقّقوا تغييراً في الموازين العسكرية بحيث يرغمُك على الاستسلام، كما يتصورون.

حتى ولو فرضنا – وهذا من الصعب جداً – أنهم سيطروا على الحديدة فلن يتغير موقفنا، نحن مع السلام ومع أن يكون هناك مسار انتقالي جديد قائم على إشراكه بين كُـلّ الأطراف، بدون إلغاء ولا إقصاء، هذا مبدأ أعتقد هو الحَـلّ لكل النزاعات في العالم. لكن المشكلة أن المسألة أكثر منها مسألة صراع داخلي هي في الواقع صراع بين صنعاء وبين الرياض، فالحرب هذه لا تُشَنُّ من أجل عيون “الشرعية”، أصلاً “الشرعيةُ” غيرُ مُعترَف بها في المناطق التي يُسيطر عليها تحالفُ العدوان. لا يسمح للحكومة (العميلة) أن تمارسَ مهامها، ضابط إماراتي أقوى من رئيس الوزراء التابع لهادي، أقوى من أي مسؤول في حكومة هادي، في الواقع لا يوجد أية “شرعية” في مناطق الاحتلال.

 

المذيعة: هناك ما يسمى بملفات سابقة للمفاوضات، ما تسمى بملفات بناء الثقة بينها الأسرى والمُعتقلون وتحييد البنك المركزي، فيما يتعلق بمسألة الأسرى أفرجتم قبل أسابيع عن اثنين من أبناء الرئيس السابق مكّنتم اللواء الصبحي من التواصل مع أسرته، وأيضاً شقيق هادي العميد ناصر، هنا نريد أن نعرف منك بعضَ تفاصيل ما الذي سمح بهذا التغير بعد كُـلّ هذه السنوات؟

 

العجري: هوَ أولاً من ناحية لدافعٍ إنْسَاني، وأيضاً كنوعٍ من مبادرة حُسن نية، على أساس أن تكونَ خطوةً من أجل السلام، لكن للأسف يتم فهمُها بطريقة أُخرى، ونحن تواصلنا مع الأمم المتحدة وتواصلت معنا بعض الوساطات المحلية وغير المحلية، من أجل هذه المبادرة ونحن وافقنا عليها، وبالفعل تم الاتصال والافراج.

 

المذيعة (مقاطعة): أليست هناك صفقة لتحيدهم عن العمل السياسي والعسكري؟

 

العجري: لا هي جزءٌ من المبادرة للسلام وخطوة من إجراءات بناء الثقة، وأنتِ أشرتِ إلى مسألة مهمة وهي مسألة ما يتعلق بتحييد الاقتصاد، نحن قلنا إذا كنتم مصممين على الحسم العسكري، فعلى الأقل نحيد المواطنين ونحيد معيشتهم، ألا يكونوا جزءاً من الصراع وألا تتحول الحرب كحرب على المواطنين كما يعملون الآن، تحول الحصار على حصار وعقوبة جماعية للشعب، الآن ما يجري في الحديدة ما هو الهدف منه؟ الهدف منه إغلاق الممر المتبقي الوحيد الذي يمد عشرون مليون باحتياجاتهم الأساسية من المواد والمشتقات النفطية والمساعدات الإنْسَانية.

 

المذيعة: طيب إذا انسحبت جماعة أنصار الله من الحديدة ستحل المشكلة؟

 

العجري: هو صعب، لاحظي، لو انسحب أنصار الله ماذا سيكون؟!، هل تريدين أن ننقل نموذج عدن الفوضوي والانفلات الأمني والاغتيالات وتعطل الميناء؟!.

 

المذيعة (مقاطعة) لكن هذا كان مقترحَ الأمم المتحدة؟

 

العجري: أنا سأسألُك لماذا لا يذهبُ الناسُ إلى ميناء عدن؛ لشراء حاجاتهم من ميناء عدن، لماذا لا يتم تأهيلُ ميناء عدن ويتم نقلُ المشتقات النفطية منه، لا أحد من التجار ولا أحد من المواطنين يستطيع الذهاب إلى هناك؛ لأَنَّها مدينةٌ يسكُنُها الإرْهَابُ والانفلات الأمني، والاغتيالاتُ شبه يومية في عدن، فهذا الشريانُ الوحيدُ المتبقي هل نسلّمه لهؤلاء الفوضويين، نسلّمه للقاعدة وداعش، يعبثون به، أول ما دخلوا دمّروا حتى الآثار التي لها أكثرُ من ثلاثة آلاف سنة، هم لم يؤسّسوا نموذجاً واحداً يمكن أن تطمئن إليه أَوْ يترك الشعبُ اليمني يطمئن إليه، لماذا الناس ملتفُّون على سلطة صنعاء؟ لماذا النازحون يتوجهون إلى صنعاء؟

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com