إسرائيل تغزو عواصم الخليج: نحو تحالف استراتيجي برعاية أمريكية
المسيرة: إبراهيم السراجي
أثار استقبالُ سلطنة عُمان وسلطان قابوس بن سعيد لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو في العاصمة العمانية مسقط، الكثيرَ من ردود الأفعال على المستويين المحلي (داخل السلطنة) والعربي، والتي لم يجد وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي أيَّ حرج فيها.
كان واضحاً على المستوى الشعبي العماني رفضُ هذه الزيارة وسَرعانَ ما انطلقت حملة “عُمانيون ضد التطبيع” في مواقع التواصل الاجتماعي، شارك فيها الآلاف من النشطاء العمانيين، معبرين عن رفضهم القاطع لكل أشكال التطبيع، رد فعل لا بد أنه لفت انتباه القيادة العمانية إلى مغبة التورط في ملف التطبيع.
فلسطينياً، سارعت حركة فتح إلى إعلان موقفها وقالت في بيان: “إن زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو لسلطنة عُمان هو نسف لمبادرة السلام العربية القائمة على أساس الأرض مقابل السلام الشامل ومن ثَمَّ إقامة العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل”.
وأضافت الحركة معتبرة أن “كُـلّ ما يحدث هو تطبيق صريح لخطة نتنياهو كوشنر غرينبلات، التي من أهم بنودها فتح علاقات مع الدول العربية وإسرائيل ثم النظر في السلام مع الفلسطينيين”.
أما في اليمن فجدّد أنصارُ الله موقفَهم الثابت والمبدئي من أية خطوات للتطبيع مع الكيان الصهيوني وقال رئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي: إن “زيارة رئيس وزراء كيان الاحتلال لعُمان مدانةٌ، والهدف منها عزل عمان من أي لعب لدور إيجابي في المستقبل مع حلفائها وأصدقائها، وكان الأحرى بها أن تأخذ العبرة من دول طبّعت وخسرت في الأخير شعبها أولاً والأمة بكلها ثانياً”.
وأكّـد الحوثي أن “الشعب العماني المفعم بالعروبة موقفه معروف: رفض التطبيع”.
- حضورٌ صهيونيٌّ متعدّد في الخليج
لم تكن زيارة نتنياهو للعاصمة العمانية هي الحدث الوحيد، ففي الوقت ذاته كانت كُـلٌّ من العاصمة الإماراتية أبوظبي والقطرية الدوحة تستضيفان فرقاً رياضية تشارك رسمياً في بطولتين تستضيفهما الدولتان وخلالهما رُفِعَ العلَم الصهيوني وعُزِفَ نشيدُه الرسمي.
في هذا السياق تساءل بيان حركة فتح الفلسطينية “ما جدوى التطبيع العلني من قبل عُمان وقطر والإمارات مع العدو الصهيوني في هذا الوقت، وهم ليسوا دول طوق ومواجهة مع الاحتلال؟”.
من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إنه “من وجهة نظرنا لا ينبغي للدول الإسلامية بالمنطقة أن تفسح للكيان الصهيوني الغاصب وبضغط من البيت الأبيض بالتحَـرّك لإثارة فتن ومشاكل جديدة في المنطقة”.
- كلمةُ السر في المنامة: مجلسُ التعاون “الصهيوني”
وجدت الدولُ الخليجية التي تشهد علاقتها بالكيان الصهيوني تنامياً واضحاً، في زيارة نتنياهو لعمان فرصةً للتعبير عن رغبتها في الوصول إلى تحالف، تعد له الولايات المتحدة، يجمع الدول الخليجية بإسرائيل باسم “مواجهة إيران” أَوْ ما وصفه وزير الخارجية السعوديّ عادل الجبير “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”.
واستضافت العاصمةُ البحرينية المنامة، أمس السبت، مؤتمرَ الأمن السنوي الذي يجمع الدول الخليجية بالولايات المتحدة بحضور وزراء خارجية الدول الخليجية ووزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، ومن هناك أشاد وزير الخارجية البحريني بما وصفها “حكمة السلطان قابوس”، على خلفية استقبال الأخير لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
قبيل انعقاد المؤتمر كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في دفاعه عن النظام السعوديّ في قضية الصحافي جمال خاشقجي، قال: إن “السعوديّة قامت بأمور جيدة نحو إسرائيل”. إشارة التقطها النظام السعوديّ واعتبرها كلمة السر للخروج من أزمة خاشقجي، وهو ما أكّـده وزير الخارجية السعوديّ خلال مشاركته في مؤتمر المنامة بقوله: إن عملية السلام ستكون مفتاحاً للتطبيع مع إسرائيل. هذه المرة لم يقل الجبير إن عملية السلام قائمة على ما يسمى “المبادرة العربية” في تحول يشير إلى استبدالها بصفقة القرن التي تمنح الكيان الصهيوني السيادة على القدس المحتلة ومعظم الأراضي الفلسطينية.
كما بدا واضحاً أن مجلس التعاون الخليجي لم يعد قادراً على الالتئام في ظل الأزمة مع قطر ولم يعد له أي دور في رعاية مصالح دول الخليج، غير أن هذا المجلس سَرعانَ ما يتناسى خلافاته وتقبَلُ كُـلٌّ من السعوديّة والإمارات والبحرين الجلوسَ جنباً إلى جنب مع قطر، متناسية المقاطعة المعلَنة عندما يكون ذلك بحضور الجانب الأمريكي لمناقشة الجوانب المتعلقة بالتطبيع مع إسرائيل بل والتحالف معها.
في هذا السياق، قال وزير الخارجية السعوديّ: إن “التعاون الأمني مع قطر مستمرّ وتحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي لن يتأثر بالخلاف معها”، تعبير جاء بعد كلمة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الذي قال إن الولايات المتحدة “لن تقفَ مكتوفةً أمام تطوير إيران برنامجها النووي، مبيناً: وستواصل الشراكة مع دول الخليج لتحقيق الاستقرار “.
ويتضح أن الأزمة الخليجية تظلُّ تأثيراتُها منحصرةً في إطار الدول الخليجية وحدَها؛ لتبقى المنظومة قائمةً فقط على مصلحة الكيان الصهيوني وإدخاله في تحالف أمريكي خليجي يتوقع أن الإعلانَ عن تشكيله رسمياً سيكون قريباً.