المرأة في أمريكا والغرب.. بين ماضٍ تفريطي وحاضرٍ إفراطي

عبدُالرحمن محمد حميد الدين

إنَّ الثقافةَ المحرَّفةَ التي نتجت عن أعمال اليهود الدؤوبة في تحريف التوراة والإنجيل هي ما صَنَعَ [أيدولوجيةً منحرفة المسلك] في أوساط المجتمعات الغربية، وما يتشدق به الغربُ وأمريكا اليوم من “حقوق المرأة” ما هو إلا ردة فعل منحرفة؛ نتيجة لما عانت منه في الأحقاب الماضية في ظل هذه المجتمعات التي حرَّفت دينها وانحرفت بأجيالها. وبالرغم من اختباء الغرب خلف حقوق المرأة ومظلوميتها، إلا أنّ المرأة في هذه المجتمعات انتقلت من وضعية [عبودية واضطهاد الكنيسة والتوراة] إلى وضعية [الإفساد والاستغلال الأمريكي والأوروبي] تحت عنوان الحرية والمساواة، والتي أدتْ إلى نتائج كارثية وتدميرية للأسرة والمجتمع الغربي.

وبالرغم من العناوين الجذابة التي يصرّ الأمريكيون على أنهم من يرعونها ويدافعون عنها، والتي ملئوا الدنيا ضجيجًا وصراخًا من أجلها، إلا أنّ المرأة عندهم لا تزال هي الأكثر اضطهادًا واحتقارًا.. وليس ذلك نتيجة لخلل في التشريعات القانونية الأمريكية أَوْ الغربية، وإنما لوجود حالة [الانحراف والتحريف] الديني والثقافي التي كان لليهود الدور الأبرز في تعزيزها في أوروبا وأمريكا قديمًا وحديثًا.. تارة تحت عناوين دينية، وتارة أخرى تحت عناوين علمانية، أبرزها: ما يسمى بالحرية والديمقراطية، والمساواة بين الرجل والمرأة، والتي انخدعت بها معظم حكومات ومجتمعات العالم الإسلامي التي تنادي بمتابعة التجربة الغربية.

فالمرأة في أنحاء أوروبا كانت محرومة من [حق التصويت] حتى العقد الثاني من هذا القرن، ولم يكن من حقها أن تتصرف في أموالها..!! ومنذ العقد الثاني، أي منذ العام 1916م أَوْ 1918م قررت أوروبا أن تعطي المرأة بشكل تدريجي حق إبداء الرأي، والتصرف بأموالها.

وبحسب دراسات لعلماء المجتمع في أوروبا يتبين أنه عندما أقرَّت أوروبا بحق المرأة بالتملك، كان ذلك لهدفٍ آخر وهو: أن المصانع بدأت بالانتشار مع تقدم التقنية الحديثة في الغرب، وكانت تلك المصانع تحتاج إلى عمّال، وكان هناك شحّة في الأيدي العاملة، فأرادوا أن يجرّوا النساء إلى المصانع ويستفيدوا من طاقاتهنّ، فأعلنوا عن حق المرأة بالتملك، وكانوا دومًا يعطونها أجورًا أقل من الرجال..!!.

وبعد الثورة الفرنسية وإلى اليوم لا يُسمح للمتزوجة بالتصرفات المالية إلا بإذن زوجها، ولا يزال أجرُ المرأة على عملها أقل من أجر الرجل. كما تفقد المرأة اسمها وحريتها بمجرد الزواج، وظلت إلى القرن التاسع عشر محرومة كذلك من التعليم.

والمتابع للأدب والشعر الغربي والأوروبي من خلال القصة والرواية والمسرحية الغربية؛ يجدْ أنّ الثقافة الأوروبية منذ القرون الوسطى وقبلها وحتى أواخر القرن الحالي كانت تنظر للمرأة كموجودٍ من [الدرجة الثانية]، فمن خلال [مسرحيات شكسبير] وغيرها من المسرحيات الغربية نرى أن ثمة [لغة غريبة] في التعاطي مع المرأة؛ فالرجل الغربي هو سيد المرأة، ولا تزال آثار هذه الثقافة سائدة حتى اليوم؛ فمثلاً: المرأة عندما تتزوج يتغير اسم عائلتها إلى اسم عائلة زوجها..!! وما هذا العرف إلا أحد آثار عمليات التحريف الديني التي أدتْ إلى انحراف في المجتمع الغربي.

وفي الثقافة الغربية عندما كانت المرأة تذهب إلى بيت زوجها فإن جسدها وروحها، وكل ما تملكه يصبح للرجل، وقد عرضنا في الحلقتين السابقتين بعض الشواهد على ذلك من التوراة والإنجيل المحرَّفين. وفي القصص والأشعار الغربية نجد أن الزوج كان يقتل زوجته لخلافٍ أخلاقي مثلاً، ولا يلومه أحدٌ على ذلك..!!

وما يتم ترويجه في [أفلام الهوليود] أَوْ في وسائل الإعلام الغربية والأمريكية من تقارير ووثائقيات تظهر المرأة في الغرب وأمريكا أنها تعيش “حياة سعيدة” إلى جانب شريكها وفي ظل أسرتها، وبحماية القانون الغربي والأمريكي “الرادع”..، أَوْ ما تظهره هذه الوسائل الإعلامية المضللة بأن المرأة تتمتع بالحرية، والعدالة، والمساواة بحماية “القيم الأمريكية” أَوْ “القيم الغربية”..، كل ذلك ما هو إلا ذرٌ للرماد في العيون، وتزييف للحقائق التي تخفيها أمريكا ودولُ الغرب.. ولكن وجود هامشٍ من الديمقراطية داخل هذه الدول هو ما يفضح حقيقة هذه المجتمعات البعيدة عن الدين والقيم والفضيلة..

ففي الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي أنها راعية الحقوق والسلم في العالم نجد أن [المجتمع الأمريكي] من أكثر المجتمعات تفككًا ومن أكثرها اضطهادًا واستغلالًا للمرأة.. وإليكم بعض الأرقام المهولة التي تدل على “تكريم المرأة” في المجتمع الأمريكي..!!! والتي استقيناها من المصادر الرسمية الحكومية الأمريكية..

 

الأسرة في أمريكا:

– 10 ملايين أسرة تعيلها الأم فقط من غير وجود الأب (المصدر: دائرة الإحصاءات الأمريكية).

 

الإجهاض:

– في الولايات المتحدة الأمريكية: “يُقتل بالإجهاض أكثر من مليون طفل سنويا” (المصدر: المراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض).

– 42 مليون جنين قتلوا بالإجهاض منذ سنة 1973م إلى سنة 2002م في أمريكا وحدها.

 

الأمراض الجنسية:

– تعاني المرأة الغربية من ألم “الخيانات في العلاقات الجنسية”، بل وتعاني في هذه العلاقات من الأمراض الجنسية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية 65 مليون شخص يعاني من أمراض جنسية لا يمكن شفاؤها (المصدر: CNN والمراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض).

 

العنف ضد المرأة:

– ما بين 40 إلى 50 % ممن يُقتل من النساء في أمريكا يكون القاتل هو ما يسمى بالشريك الحميم (partner intimate) (زوج أَوْ صديق) (المصدر: وزارة العدل الأمريكية).

– 1320 امرأة تقتل سنويا؛ أي حوالي أربع نساء يقتلن يوميا بواسطة أزواجهن أَوْ أصدقائهن في أمريكا (المصدر: تقرير لوزارة العدل الأمريكية).

– سنويا ما بين 3 إلى 4 ملايين امرأة في أمريكا يتعرضن لاعتداء جسدي من زوج أَوْ صديق (المصدر: الموقع الرسمي الحكومي لولاية نيوجرسي الأمريكية).

– 22.1% من النساء في أمريكا تعرضن لاعتداء جسدي من زوج أَوْ صديق (حالي أَوْ سابق) (المصدر: وزارة العدل الأمريكية).

 

الاغتصاب:

– في أمريكا يتم اغتصاب 683 ألف امرأة سنويا أي بمعدل 78 امرأة في الساعة مع العلم أن 16% فقط من حالات الاغتصاب يتم التبليغ عنها!! (المصدر: وزارة العدل الأمريكية).

وقد اصدرت [الشرطة البريطانية] كتيبًا تحت عنوان: “لسلامة المرأة الشخصية” يتضمن نصائح لتجنب الاغتصاب، والنصح بعدم لبس ثياب فاضحة، والالتزام بالاحتشام.

 

إذلال المرأة والتحرش بها:

– أكد تقرير لوزارة العمل الأمريكية أن: معظم النساء في الغرب يعملن في الوظائف ذات الأجور المنخفضة والمكانة المتدنية. وحتى مع الضغوط التي تبذلها الحكومة في تحسين وظائف النساء فإن 95% إلى 97% من المناصب القيادية العليا في أكبر الشركات يشغلها رجال (المصدر: وزارة العمل الأمريكية (تقرير السقف الزجاجي (Glass Ceiling)).

وفي تقرير آخر لوزارة العمل الأمريكية:

-89% من الخدم وعمال التنظيف هم النساء.

-97% من وظائف السكرتارية تقوم بها النساء.

-93% من موظفات الاستقبال هم النساء.

-74% من نوادل المطاعم هم النساء.

(المصدر: وزارة العمل الأمريكية).

– أكدت دراسة قامت بها وزارة الدفاع الأمريكية أن: 78% من النساء في القوّات المسلّحة تعرضن للتحرش الجنسي من قبل الموظّفين العسكريّين (المصدر: الوزارة الأمريكية (Veterans Affairs)).

– في أمريكا -70% من الممرضات يتعرضن للتحرش الجنسي من زملاء العمل ومن المرضى (المصدر: المعاهد الوطنية للصحة التابعة لوزارة الصحة الأمريكية).

5 ملايين يُتحرش بهم جنسياً في المدارس بأمريكا (وزارة التعليم الأمريكية).

 

الحرية الجنسية:

– انتشرت في أوربا وأمريكا مطاعم تقدم الطعام على [أجساد النساء العاريات]!!!. (المصدر: نيويورك تايمز العدد 18-4- 2007م – والعدد: 24 -8- 2008م).

– نساء عاريات يغسلن السيارات في أستراليا وبريطانيا.

– وأصبح استغلال أجساد النساء في شتى صور الإباحية؛ صناعة عظيمة في الغرب، حيث تفنن الغربُ في جرّ المرأة إلى أعمال مخزية ومهينة، نافسوا فيها صور العبودية القديمة، حيث تجلب 12 مليار دولار سنوياً في أمريكا وحدها.

– حوالي خمسين ألف امرأة وطفلة يتم تهريبهنّ إلى الولايات المتحدة سنوياً لاسترقاقهنّ وإجبارهنّ على ممارسة البغاء (المصدر: نيويورك تايمز).

في تقرير للمراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض: متوسط عدد النساء اللاتي يقيم معها الرجل الأمريكي علاقات جنسية هو 7 نساء، بل إن 29% من الرجال قد أقاموا علاقات جنسية مع أكثر من 15 امرأة في حياتهم.

– ونشر في “بي بي سي” دراسة أجريت على 14 دولة أظهرت أن: 42% من البريطانيين اعترفوا بإقامة علاقة مع أكثر من شخص في نفس الوقت؛ بينما نصف الأمريكيين يقيمون علاقات “غير شرعية” (مع غير أزواجهم). وكانت النسبة في إيطاليا 38%، وفي فرنسا 36%.

وتفيد الإحصائيات أنّ سدس البريطانيات اللائي يُعقد عليهنّ للزواج هنّ من الحوامل! نتيجة لعلاقات آثمة قبل الزواج..!!.

وقد بلغ من شيوع الفحشاء في فرنسا قبل الحرب العالمية الأولى أنّ النساء اللواتي يحترفنَ البغاء كنَّ يبلغنَ نصف مليون..!!، وتدل الإحصاءات في هذه الدولة على أنّ ربع المواليد هم أبناء سفاح..!!.

ناهيك عن الأمراض المنتشرة والمعدية نتيجة لهذه الممارسات اللا أخلاقية، ونتيجة للحرية التي تمنحها الدساتيرُ الغربية والأمريكية لشعوبها، دون أي قيود دينية أَوْ أخلاقية أَوْ قيمية..

 

عقوق وهجر الأم في أمريكا:

– وتظل المرأة عرضة للاضطهاد والقهر والاستغلال منذ ربيع عمرها، ومن ثَمَّ تجد نفسها وحيدة في آخر عمرها بعد أن تخلى عنها أولادها، لتعيش برفقة كلبٍ، أَوْ لتمضي بقية عمرها في دار المسنين..!! فحوالي 50% من عدد النساء الأمريكيات ممن تجاوزن (75 سنة) يعشن وحدهنّ (المصدر: دائرة الإحصاءات الأمريكية).

هكذا هي حقوق المرأة في [المجتمع الأمريكي] وفي ظل الفيدرالية الأمريكية، والبيت الأبيض الذي يدعي دفاعه عن حرية المرأة وحقوقها..!!! وما عرضناه لا يشكل سوى [لمحة موجزة] لبعض الأرقام الرسمية الأمريكية، ولم نتعرض للإحصائيات التي تنشرها منظمات المجتمع المدني الأمريكية..

ويُعبر أدريان تاتشر عن نظرة الكنيسة بقوله: “لقد بذلَ العالَمُ الغربي الكثير في القرن الأخير ليتجاوز احتقاره للنساء، لكنّ هذا الاحتقار لا يزال ثابتًا في الكنيسة”.

 

المصادر:

1)         مجلة نور الإسلام – الأعداد: 21،22، 87، 88.

2)         المرأة بين الفقه والقانون – مصطفى السباعي.

3)         المرأة بين الدين والمجتمع – د. زيدان عبد الباقي.

4)         https://www.census.gov/population/www…am/p20-561.pdf .

5)         https://www.cdc.gov/mmwr/preview/mmwrhtml/ss5511a1.htm .

6)         https://www.cnn.com/2000/HEALTH/12/05/health.stds.reut/ .

7)         https://www.nij.gov/topics/crime/inti…nce/extent.htm .

8)         https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/7960871 .

9)         https://www.dol.gov/oasam/programs/history/reich/reports/ceiling.pdf .

10)       https://www.rehab.research.va.gov/jour/08/45/3/pdf/Street.pdf .

11)       رويترز:  https://blogs.reuters.com/blog/archives/64 .

12)       بي بي سي: https://news.bbc.co.uk/2/hi/uk_news/england/ leicestershire/4889570.stm .

13)       رويترز: https://www.reuters.com/article/latestCrisis/idUSN1265950 .

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com