حوار لـ صحيفة المسيرة :جمعية الارتقاء الاجتماعية للتنمية.. خطوة جادة للوقوف في وجه الحصار

المسيرة: وائل شاري:

ضمن إطار التنمية الاجتماعية المحلية للأسر اليمنية المختلفة وتأهيل ربّات المنازل إلى الاكتفاء الذاتي من خلال الاستفادة من المنتجات الزراعية التي تنعم بها أرض اليمن، والعمل على إنتاج سلع غذائية تخزن منزلياً واستخدامُها بدلاً عن السلع التجارية الخارجية وبمواد طبيعية، تعتبر جمعية الارتقاء الاجتماعية التنموية أنموذجاً بارزاً للجمعيات النسوية التي تعمل في الجانب التنموي والاكتفاء الذاتي للأسر في إطار الحد من الأضرار الاقتصادية التي خلّفها الحصار الغاشم والعدوان الأمريكي السعودي على البلاد، واقتحمت الجمعية مجالَ الإنتاج المحلي بمعمل يدوي وبخط إنتاج يصل إلى 200 علبة مختلفة من العصائر والمربيات المركزة يومياً، وبادرت الجمعية إلى تدريب المئات من النساء في مجالات متنوعة كأعداد العصائر بأنواعها والمربيات وبمواد طبيعية وخالية من المواد الحافظة أَوْ الصبغ والنكهات، لكن الجمعية تفتقرُ إلى الدعم المالي، حيث تعتمدُ على منتوجاتها التي لا تغطي النفقات التشغيلية.

خطوة جديدة أتت ضمن المشروع القُــرْآني لمواجهة العدوان الأمريكي السعودي على البلاد؛ للوصول إلى الاكتفاء الأسري الذاتي من خلال برنامج نماء الذي تعتمده الجمعيةُ بمشاركة مُؤَسّسة بنيان الاجتماعية.

التقت صحيفة المسيرة رئيسةَ جمعية الارتقاء الاجتماعية التنموية، الأستاذة هناء العلوي وأجرت معها حواراً حول الجمعية وخططها المستقبلية، وما تم تنفيذه من برامج منذ فترة تسيسها.

 

– كيف جاءت فكرةُ هذه الجمعية؟

هناك الكثيرُ من الجمعيات وَالمُؤَسّسات الموجودة لكن حقيقةً نحن عندما أسسنا الجمعية كان هدفنا أن لا تكون مثل بقية الجمعيات المتواجدة والتي تمارس الأنشطة الاجتماعية الخفيفة مثل التطريز الخياطة وغيرها، وَلم نلمس جهودَ تلك الجمعيات على أرض الواقع، نحن نهدفُ من خلال الجمعية إلى تحقيق تنمية مستدامة وأن نكون أَكْثَـر قُرباً من المجتمع عبر الجمعية.

وكانت النظرة إلى أن تأسيسَ الجمعية في ظل المرحلة الصعبة التي تعيشها البلاد تحتاج أَكْثَـر إلى التخصص أَوْ التوجه للمجال التنموي؛ لأننا في ظل حصار كبير، إلى جانب ازدياد معدلات البطالة، إضَافَة إلى أن اليمن تعتبر سوقاً استهلاكية، فدرسنا فكرةَ الجمعية من جميع الجوانب واتفق جميع الأعضاء المُؤَسّسين للجمعية على أن تكون الجمعية تنمويةً وَمختلفة عن الجمعيات الأُخْرَى، وأسميناها جمعية الارتقاء التنموية الاجتماعية حتى نرتقيَ بالأعمال إلى مستويات جيدة وممتازة.

ووضعنا العديدَ من الأهداف للجمعية منها بعيدة المدى، وأهداف أُخْرَى قصيرة المدى، وحققنا جزءاً منها، خَاصَّـةً الأهداف التنموية:

1- الاهتمام بالتوعية للمرأة والأسرة بأهميّة الاكتفاء الذاتي.

2- التأهيل والتدريب.

3- تمكين المرأة، فاهتمامُنا كان يركّزُ على أن نخلقَ وعياً لدى المرأة والأسرة بأهميّة الإنتاج والاكتفاء الذاتي، وبعدها نعملُ على إكسابهم القدرات اللازمة للإنتاج من خلال التدريب.

 

– ما هي الدوافع التي جعلتكم تهتمون بالجوانب التنموية والتركيز عليها؟

العدوانُ والحصارُ كان دافعاً إلى أن نهتمَّ بالجوانب التنموية، رغم أنها ضرورةٌ حتميةٌ حتى في عدم العدوان، وخلال هذه الفترة هناك ارتقاءٌ في السعي الحثيث نحو تنمية وطنية تكفل للشعب الاكتفاء بإنتاجه الوطني وعلى كافة المستويات، وهي ضمن توصيات المشروع القُــرْآني وأهدافه، وقد تأتت بوادرُ المسيرة القُــرْآنية في مجال تحفيز الإنتاج الوطني لمجابهة العدوان الأمريكي السعودي وحصاره الظالم على شعبنا اليمني في عديد المجالات، منها العسكرية على سبيل المثال لا الحصر.

والجديدُ في جمعيتنا أن الكثيرَ من الجمعيات المهتمة بتأهيل وتدريب المرأة تُكسِبُ المرأة المهارة على الإنتاج ثم تجد المرأة نفسَها بعد انقضاء فترة التدريب في بيتها وتنسى كُلّ ما تم تدريبها عليه، لكن نحن في الجمعية نمكّن المرأة وندعمها بمشاريع تمكين، حسب المستوى المتناسب مع قدراتها، فلدينا مشاريعُ تمكينية على عدة مستويات في التصنيع الغذائي الخياطة التطريز وأشياء كثيرة.

والهدف أن نلحقَ المرأة بسوق العمل بعد تمكينها، وهدفُنا الكبيرُ بعدَ ملامستنا لواقع المجتمع هو تحويلُه من حالة مستهلك إلى منتج، وَأن تكون المرأة منتجة في بيتها، والآن فباستطاعتها إعداد الكثير من الأشياء داخل المنزل مثل الشطة، الصلصة، المربيات، والعصائر، أشياء كثيرة يمكنها تصنيعُها داخل المنزل، وتكتفي بالتالي من شرائها من البقالة وَالأسواق.

 

– كيف استطعتم من خلال جمعيتكم النسوية اقتحام المجال التجاري؟

جمعيتُنا رغم كونها جمعيةً نسويةً إلّا أنها قامت بما لم تقم به العديد من الجمعيات الأُخْرَى.

ورسالتنا إلى تلك الجمعيات الأُخْرَى أن تهتمَّ في هذا المجال رغم أنه يعتريه الكثير من المشاق والمتاعب، إلّا أنه في حال وجدت العزيمة سنحول التحديّات إلى فرص.

ورسالتي الأُخْرَى لهم أن هذا البلدَ يستحق منا الكثير لنخدمه، وباستطاعتنا أن نحول التحديات التي يفرضُها تحالف قوى العدوان على بلدنا إلى فرص، وأن بمقدورنا تشغيل المُؤَسّسات واستئناف العمل الإنتاجي، بل الارتقاء به نحو الاكتفاء الذاتي بدل الاعتماد والانتظار على باب المنظمات الاغاثية الدولية.

 

– ما هي العوائق التي تواجه جمعيتكم؟

من العوائق التي تواجهنا عدم توافر الخبرات الكافية الكفيلة بالدفع بالمشاريع الإنتاجية إلى الأمام، خَاصَّـةً تلك المتعلقة بالتصنيع، لكننا نحاول التغلب على تلك العراقيل من خلال محاولات عديدة في الميدان في سبيل الوصول إلى النجاح كذلك العوائق المالية تواجهنا من كُلّ جهة، وإلى الآن مشاريع الجمعية التنموية والأُخْرَى الهادفة إكساب المرأة المهارات الإنتاجية مستمرة بالقليل المتوفر من هنا وهناك، ولدينا لما يقارب السنة ونصف السنة كوادر تعمل طواعية دوْن أن تتقاضى أيَّ مبلغ مالي؛ لاعتبارها العمل لغاية وهدف سامي، علاوةً على الضائقة المالية التي تعاني منها الجمعية.

 

– هل هناك أي اهتمام من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالجمعية؟

للأسفِ الشديد وزارةُ الشؤون الاجتماعية والعمل لا تولي الجمعية أي اهتمام، رغم أن الوزارة معنية بدعم مثل هذه المبادرات في سبيل الارتقاء بالإنتاج الوطني إلى الاكتفاء الذاتي ولمجابهة العدوان الأمريكي السعودي، وَإلى الآن والجمعية تعمل بجهود ذاتية بحتة ولم يصلنا أيُّ دعم حكومي منذ ما يقارب السنة ونصف السنة.

 

– هل جودة منتجاتكم تصل إلى أن تنافِسَ السلعَ المستوردة من الخارج؟

في ما يخُصُّ منافسة منتجات الجمعية للمنتجات التي تستجلبُها السوق المحلية من الخارج وإمكانات فوزها في التنافس مقابل المنتجات الأجنبية، هناك متعلقات مثل الجودة نحن في الجمعية نعملُ على إنتاج سلع متطابقة عناصر تكوينها لتلك الأجنبية المستجلبة إلى السوق المحلية، لكننا نعمل على أن تكونَ ذات جودة عالية ليقتنع التجار بتسويقها في السوق المحلية.. ثانياً لاعتبار تكلفة الإنتاج يفضِّلُ التجارُ عواملَ الربح والخسارة من خلال استجلاب السلع الأجنبية إلى السوق المحلية بأسعار زهيدة تحقق له أرباحاً كبيرة وتحقق عنصر الفائدة بالنسبة للتاجر، في المقابل المنتج الوطني تكون تكاليف إنتاجه كبيرة بالتالي سعره يكون أَكْبَـر من تلك المستجلبة من الخارج، ومن البديهي أن يقع الخيار على السلع المستوردة كونها رخيصة، أما إِذَا وضعنا الموضوع وفق اعتبار تشجيع الإنتاج الوطني يجب على التجار أن يقوموا بتسويق المنتج الوطني إلى جانب المستورد لدعم الاقتصاد الوطني.

 

– كيف تقيّمون أداء الحكومة بشكل عام فيما يتعلق بدعم هذه المشاريع؟

الحكومةُ لم يكن لها حتى اللحظة أيُّ تواجد لدعم مثل هذه المشاريع، رغم أن عائداتها تدعم الاقتصاد الوطني وتسعى به نحو الاستقلالية من التبعية إلى الخارج، لا تملك الحكومة رؤية استراتيجية لتنمية مثل هذه المشاريع التنموية الصغيرة، فمثلاً الشعب السوري استطاع الصمودَ أمام كُلّ تلك الحرب، إِذَا استطاعت الحكومة أن تدعم المشاريع التنموية الصغيرة والدفع بها وتنميتها وتعميمها على مستوىً واسعٍ سنكتفي بنسب تتراوح ما بين 30 – 40 % من الحاجة للسلع المستوردة. وعلى سبيل المثال معامل صناعة عجينة السنبوسة في اليمن اليوم بات بمقدورها تغطية احتياجات السوق المحلية من العجينة في المقابل لا زال استيرادها من السعودية التي تمارس علينا عدواناً وتقصف منازلنا وتقتل أسرنا، على الحكومة أن تضع محددات مثلاً السلع التي وصل مستوى الإنتاج المحلي منها إلى مستويات الاكتفاء الذاتي يجب عليها منعُ استيرادها من الدول الأعداء لليمن على أقل تقدير إِذَا كانت فوارق السعر والجودة تهم المستهلك كثيراً لا أن تستجلب من الدول الأعداء لتذهب أموالنا إلى الأعداء.

 

– ما هي الرسالة التي توجهها الجمعية إلى القيادة السياسية؟

أُوجه رسالتي إلى الحكومة والمجلس السياسي الأعلى ممثلاً بالرئيس صالح الصماد، بأننا في إطار جمعية استطعنا أن نصلَ إلى مستوى جيد في المشاريع الصغيرة في ظروف اقتصادية صعبة في مجال الإنتاج المحلي.

وأدعوهم إلى التوجه لدعم المشاريع الصغيرة وخدمتها؛ لأنها المستوى الأول الذي يحقّقَ الاكتفاءَ الذاتي ويرفع من اقتصاد البلاد، فالمشاريع الصغيرة مهمة جداً على مستويات الجمهورية، حيث تتلاءم مع المستوى الزراعي داخل البلاد.

 

الاكتفاء الذاتي المنزلي

التقت الصحيفة، آمال إسحاق الأمين العام للجمعية، التي أجابت عن سؤالنا للصحيفة حول العوائق التي واجهت الجمعية؟ إذ قالت اسحاق: إن الجمعية واجهت صعوباتٍ وعراقيلَ كثيرة؛ بسبب دخولنا في مشروع جديد، وقد واجهنا مشكلة المواد الخام؛ وذلك بسبب عدم استقرار سعر العُملة وتفاوت أسعار العلب التي تتم تعبئة المنتج فيها، وتسبب لنا إشكالية كبيرة جداً؛ كون إمكانيتنا المادية شحيحة جداً، وكذلك المعمل يدَوي، وهو إشكالية، ونتمنى أن نحولَه إلى معمل آلي، والآلات موجودة في السوق، وبعضها لا بد من استيرادها من الخارج، ولكن أسعارها باهظة، وقمنا بعمل عرض أسعار ولا تستطيع الجمعية أن توفرَ ذلك، ونتمنى وجود الدعم من أجل استمرار الإنتاج.

 

ما هي الأهداف التي تسعَون إلى تحقيقها من خلال تدريب الكوادر النسائية؟

بالنسبة لنا الهدفُ هو المرأة، ونحاول أن نصلَ بربّات المنازل إلى الاكتفاء وجعلها تقتصدُ وتُطعِمُ أولادَها مواداً صحية، ونحن في مسارين تنموي واجتماعي، وإذا كنا نصلُ إلى المرأة في بيتها ونصل إلى المجتمع من خلال المنتجات ونعوده إلى المجال الجديد ونخرُجُ إلى الاكتفاء الذاتي بشكل أوسع، نتمنى الدعم أن يأتي من الجانب الحكومي أَوْ خاص بدعم الجمعيات التي بدأت في مجال التنموي الاقتصادي.

 

والتقت الصحيفة الأخت زبارة مديرة المشاريع بالجمعية..

– ما هي المشاريع التي قمتم بتنفيذها والدورات التدريبية؟

أقامت الجمعيةُ العديدَ من الدورات التأهيلية، ونفّذ الفريق مشروعَ مسح ميداني للفئة المستهدفة وتوزيع الاستبيانات على مستوى مديريات الأمانة، وتم تدريبُ 200 امرأة، أولاً بدأنا بالدورات التأهيلية ثم تلاها دورات تصنيعية، وتوزعت الدورات على سبع ورش عملية، واستمرت الدورات التدريبة 3 أيام لكل دورة والدورة التصنيعية لمدة يوم واحد، وتنوعت الدوراتُ في مجال التصنيع المربيات والعصائر والتي يتم تصنيعُها من مواد طبيعية وتخلو من أية مواد صناعية أَوْ حافظة، وقامت الجمعية بإنشاء معمل تدريب يدوي، ويتم فيه العصر والتقريش للفواكه، ويتميز معملُ التدريب بتعقيمه وكذا جميع العاملات يتم تعقيمُهن على أعلى مستوى حتى نتميزَ في جودة المنتجات وخلوها من البكتيريا.

 

– هل خط الإنتاج للمعمل مستمرٌّ طوال العام؟ أَمْ على فترات موسمية حسب الفواكه المتواجدة في السوق وما هو الجديد لديكم من منتجات؟

معملُ نماء يعمَلُ بخط إنتاجي طوال العام في مواد معينة مثل عصير الزبيب وبعض المربيات، ويوجدُ في المعمل 25 امرأةً عاملة، وَيعملن بشكل طوعي بدون مقابل، وبعض العصائر تكون موسمية على حسب الفاكهة المتواجدة في الأسواق كالبرتقال والتفاح والجوافة وغيرها.

ونحاول الدخول إلى مرحلة جديدة في الإنتاج، ونخرج العصير المخفف، وقد يكون في منتاول الجميع لطلاب المدارس والمناسبات، ولدينا مشاريعُ جديدة كإخراج الجبنة السائلة والطحينية وليست بكميات كبيرة ولا زالت تحت التجربة ونالت استحسانَ الجميع، وفي الأيّام القادمة لدينا المزيد، منجاتنا لا تصلُ إلى الأسواق؛ بسبب أن العملَ يدَوي ويتم تصنيعُ 200 علبة يومياًوإذا وُجد مصنع نستطيع تصنيع أضعاف ذلك ويصل خط الإنتاج إلى 200 علبة.

 

– هل لديكم تركيز على الخضروات المنزلية؟

أقمنا دورةً زراعيةً للخضروات المنزلية وتم تدريب ربات المنازل على زراعة البسباس والكزبرة في حديقة المنزل.

والتقت الصحيفة الأخت عبير الحمزي مسئولة الإعلام بجمعية الارتقاء، التي قالت إن الجمعية شاركت في العديد من المبادرات الشبابية، وأول معرض أقيم في إدارة التسويق الزراعي، وكانت أول المنتجات المربيات والشطة والكاتشب، والمعرض الآخر تم في بيت الثقافة بالتشارك مع جمعيات أُخْرَى وتم عرضُ المنتوجات في هذه المعارض.

وبيّنت، أن الجمعية أقامت 25 دورةً تدريبية في التخطيط الاستراتيجي وَالتواصل الاجتماعي وميزانية المنزل وفن الإلقاء وَتنمية الطفل والطفل والتغذية، وعلى جانبين نظري وعملي، ومدة الجانب النظري 42 ساعة والعملي 96 ساعة، وتم التمويل من مُؤَسّسة بُنيان، وتم تأهيل المتدربات في الجانب العملي لصناعة المربيات والعصائر، والجانب الزراعي لصناعة الحقائب والدقيق المركب.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com