تحرير أم تدمير؟ عدن والاتفاق النووي!

بقلم : إبراهيم السراجي 

يتذكر الجميع البيان الذي أصدرته وزارة الدفاع السعودية في 21 ابريل الماضي ووجهته للملك السعودي تؤكد فيه إنها عمليات “عاصفة الحزم” بعد تحقيق أهدافها وتدمير الصواريخ اليمنية وبذلك كما يقول البيان تم إزالة الخطر الذي يهدد السعودية، حيث تجاهل البيان الأهداف المعلنة للعدوان الذي تمثل بإعادة الشرعية.

ويتذكر الجميع أيضا في الأيام الأولى للعدوان عندما قال الناطق الرسمي باسمه أن القصف تمكن من تدمير الصواريخ اليمنية بما فيها سكود، بعد ذلك سقط كل ما بناه الإعلام السعودي واليمني الممول سعوديا مع إطلاق صاروخ سكود وهو السقوط الذي أكدته كبريات المؤسسات الإعلامية الغربية.

 

بين إعلان تدمير الصواريخ اليمنية وإطلاق صاروخ سكود يتكرر هذه المرة في عدن وإعلان تحريرها ولكن باستخدام مكثف لم يسبق له مثيل للبروباغاندا مسخرين كل وسائلهم الإعلامية ضمن آلتهم الإعلامية المهولة.

وبين إعلان تحرير عدن بالكامل وأيضا إعلان وقف القتال شكّل الإعلام السعودي منحىً متصاعدا في بث الأكاذيب حول ما يجري في عدن ما لبث أن انحدر سريعا كما صعد، فعدن التي تحررت بالكامل وأوقف القتال فيها عادت لترزح تحت القصف السعودي العنيف، وعادت وسائلهم الإعلامية للحديث عن معارك هنا وهناك في عدة مناطق بعدن.

ماذا جرى ويجري في عدن؟ هو السؤال الأكثر طرحا من الناس نظراً للحملة الإعلامية المضللة التي سيطرت على الوسائل الإعلامية.

والإجابة تكمن في أن عناصر القاعدة والإصلاح ومليشيات هادي مدعومين بعناصر من الجيوش السعودية والإماراتية والأردنية مع رتل من الآليات العسكرية التي دخلت عدن، كانت قد تمكنت، بغطاء جوي لم يسبق له مثيل، من السيطرة على مطار عدن وأجزاء من خور مكسر حيث المطار، ولكن جرى تضخيم هذا الانتصار لأسباب سأذكرها في النقاط القادمة وماهي إلا ساعات وعادت الاشتباكات المستمرة إلى هذه اللحظة على أبواب المطار وقد شاهد الجميع مشاهد لاحتراق واعطاب الآليات العسكرية التي أرسلتها دولة الإمارات.

 

ولتوضيح الصورة أكثر، فإنه وعلى مدى قرابة أربعة شهور هي مدة العدوان كان الجيش واللجان الشعبية ينسحبان من مواقع بفعل القصف الجوي السعودي وما تلبث العناصر التابعة للسعودية تسيطر على تلك المواقع إلا وتخرج منها سريعا بعودة الجيش واللجان لطردهم منها، وما مطار عدن وقصر المعاشيق إلا شاهدان على حدوث ذلك عدة مرات، فكم مرة سبق للعناصر التابعة للسعودية أن سيطرت على مطار عدن وقصر المعاشيق وكم مرة تم طردها؟ فلماذا هذا الاحتفال الكبير رغم عودة المعارك على مشارف المطار بين تلك العناصر من جهة وبين الجيش واللجان الشعبية من جهة أخرى؟

وأستطيع تقديم رأيي إجابة عن هذا التساؤل في ثلاث نقاط:

الأولى: أن السعودية تبحث عن مخرج لها من هذه الحرب التي أصبحت منهكة بالنسبة لها وبدون أفق، ولذلك أرادت أن تقدم انتصارا إعلاميا وخلق أحداث لم تحدث على أرض الواقع منها عودة هادي لأداء صلاة العيد في عدن أو عودة بعض وزرائه إليها ويساعدها في ذلك تبني إعلام الإصلاح وهادي لهذا الانتصار واعترافهم به، وبذلك تقول لهم السعودية لقد أنهيت المهمة وتخرج من الحرب.

 

الثانية: أن السعودية أرادت أن تؤكد فاعلية العمل العسكري في حل قضايا المنطقة وأيضا إلها الرأي العام العربي بموضوع آخر غير الاتفاق النووي مع إيران والذي أثار امتعاض وغضب السعودية وإسرائيل دونا عن دول العالم، خصوصا أن إعلان الانتصار في عدن تزامن مع إعلان الدول العظمى توقيع الاتفاق النهائي والتاريخي أو ما عرف بالاتفاق النووي مع إيران، والذي ألقى الظلال على أن الحوار السياسي هو الطريق الأنسب لحل الخلافات وليس الحرب.

الثالثة: أن السعودية أرادت إلهاء العالم بانتصار عسكري وهمي تحت عنوان “تحرير عدن ” بعد عجزها عن تحقيق أي هدف عسكري على الواقع على مدى قرابة أربعة شهور ومعها بدأ الإعلام الغربي والمنظمات الدولية والخبراء والرأي العام الدولي كلها أصبحت تتحدث عن الضحايا المدنيين والوضع الإنساني الكارثي بفعل العدوان السعودي ولم يعد الإعلام الغربي يساند السعودية إعلاميا في تسويق تحقيق أهداف عسكرية من قبيل تدمير مخازن أسلحة إلا ما ندر، وكذلك بدأت الحكومات الغربية تتحدث بصوت أعلى بضرورة اللجوء للحل السياسي في اليمن بدلا عن الحرب.

***

أخيرا وفي المستقبل وإن حدث وسيطرت القاعدة ومليشيات هادي والإصلاح على عدن تحت مسمى “تحرير عدن” وهو ما استبعده شخصيا وأجزم بعدم حدوثه، غير أن ما حدث ويحدث في عدن هو تدمير سعودي لها واستهداف كل مقومات الحياة وبنيتها التحتية والاقتصادية بعد تدمير محطات الكهرباء وصوامع الغلال ومصفاة وميناء عدن وتحويل أحياءها إلى ركام.

وهنا أتذكر ما كان يقوله بعض الجنوبيين في الماضي القريب ممتدحين الاحتلال البريطاني لعدن قائلين أنه –أي الاحتلال-هو من قام ببناء عدن، ولذلك أقول رغم معرفتي أن أغلب سكان عدن غير المرتبطين بالسعودية أو هادي والإصلاح ليسوا راضين عما يقترفه العدوان في مدينتهم ولكن أقول: إذا كان من احتل عدن قام ببنائها فهل تقبلون أن يدمرها من يدعي أنه يحررها؟؟

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com