(المؤمنُ حقاًّ) لا يستكبر إذا ذُكِّرَ بآياتِ اللهِ من أي طرفٍ كان.. بل يَتَقَبَّلُ ذلك برحابة صدر

إعداد/ بشرى المحطوري

تحدَّثَ الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- في محاضرة ــ ملزمة ــ [معرفة الله ــ الدرس الثالث عشر] عن صفات المؤمنين وناقشها من عدة زوايا، ليصحِّحَ ما التصق بها من ثقافات مغلوطة، ويعيدُ لها خشوعَها وخوفَها ممن خلقها؛ ليُريها طريقها الذي يجب عليها أن تسلكه، لتفوز بجنات عرضها السماوات وَالأرض، وتبتعد عن نار جهنم، وغضب الرحمن، جبار السماوات والأرض، هدى ما بعده هدى، ففعلاً، من فاته الاستماع أَوْ قراءة هذه الملزمة، فقد فاته الشيء الكثير..

 

صــفــاتُ الـمـؤمـنـين بـالله حــقاًّ:ــ

توسَّعَ الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- في شرح قوله تعالى: [{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}، توسعا رائعا، غير مخلّ، ذاكراً صفات المؤمنين في الآية، كالآتي:ـ

 

الصفةُ الأولى: [إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً]:ـ

تناوَلَ الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- شرْحَ هذه الصفة التي يتصفُ بها المؤمنون بالله حق الإيْمَان من جهات متعددة، وزوايا مختلفة، ترسخ الفكرة في ذهن المستمع، كالآتي:ــ

 

الزاوية الأولى:ـ

أكّد أن المؤمنين الذين يخرُّون لله سجداً لا يمكن أن يعتريهم أي ندم على عمل صالح انخرطوا فيه، حيثُ قال: [ليسوا من أولئك – وهم الكثير فينا – الذي يرى نفسه أنه قد تورّط وهو في عمل صالح، لكن هذا العمل هو من النوع الشاق الشائك، الخطير نوعا ما، فيرى نفسه أنه في مشكلة. بل البعض قد يرى ذلك الشخص الذي يتحدث مع الناس من هذا القبيل أيضاً أنه أَصْبَح مشكلة وأَصْبَح حملاً].

وأضاف -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- موضحاً لهذه النقطة: [لأن هناك كثيراً من الناس ضعاف الإيْمَان، من ينظر إلى الشخص الذي يدفعُه إلى الموقف الصحيح الذي فيه نجاته في الدنيا والآخرة، يرى أنه بلوى.. مصيبة.. {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} كما كان يقول أولئك: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} تشاءمنا [مشاكل.. نحن لا نريد مشاكل.. ولا نريد مصائب.. ولا نريد ندخل في شيء.. وكل واحد يريد أن يذهب إلى شغله وعمله!!]..

 

الزاوية الثانية:ـ

نبَّهَ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- الناسَ إلى أن نظرةَ التشاؤم والتثاقل التي يحسُّها البعضُ ضد مَن يدعوهم إلى الموقف الصحيح، هي نقطة خطيرة جِــدًّا جِــدًّا؛ لأن العدوَّ يركز عليها تركيزا كَبيراً، ويشجعها لكي يجعل الأنصار والمحبين لهذا الشخص المُصلح يبتعدون عنه، فقد ضرب لنا مثالاً توضيحياً بالإمام الخميني، وكيف أنه استطاع أن يسد الأبواب على أي تأثير إعلامي مخادع للشعب الإيراني، حيث قال: [كانت إذاعات متعددة – كما يقال – أكثر من أربعَ عشرة إذاعة، ومحطات تلفزيونية كثيرة تتجه إلى داخل إيران أيام الإمام الخميني تحاول: توحي للناس بما يبعدهم عن ذلك القائد العظيم (مشاكل.. وإيران بدأت تدخل في أزمات اقتصادية؛ بسبب هذا الشخص، والدماء الكثيرة سفكت من أبناء هذا الشعب؛ لأنهم انطلقوا وراء ذلك الشخص، هو شر، هو مشاكل، مصائب، بلاوي أحداث… ) إلى آخره. لكنه هو من كان قد سبق إلى توعيتهم توعية من نوعية مهمة، الإمام الخميني، من أين جاء له ذلك؟. من القُـرْآن الكريم، أي توعية للأمة من غير القُـرْآن الكريم ستكون فاشلة. فكانت تلك الإذاعات تهذي دائماً ولا يظهر لها أي أثر، كان يقول لهم: أولئك الذين يتحدثون معكم أليسوا أعداءكم؟ قالوا: نعم، قال: إذاً لا تصدقوهم، هل يمكن لعدوك أن ينصحك، كُلّ كلامه هو من أجل أن يثبطك؛ لأنه يخافك، إذاً لا تصدقه].

 

الزاوية الثالثة:ـ

أكَّدَ أن من يخرُّون سجداً لله، هم من سينطلقون الانطلاقة الفاعلة، وتساءل قائلاً: [ما هو الذي ينقصنا نحن ونحن نجمد، ونحن لا نتكلم سواء مَن كان منا باسم عالم، أَوْ متعلم، أَوْ عابد، أَوْ أي لقب يحمله: أستاذ، أَوْ نحوه، فلأنا لم نصل إلى هذه الدرجة بعد: الخشوع الكامل لله الذي لا يحصل إلا من خلال معرفته بشكل جيد، التسبيح لله بألسنتنا وقلوبنا، الثناء على الله هذا هو ما ينقصنا، أن هذه ليست حالة مترسخة في أعماق أنفسنا. فإذا ما ترسخت في نفوس الناس تراهم أمة قابلة للنهوض، تجتمع كلمتهم بسهولة، يتحَـرّكون بمسارعة].

 

الزاوية الرابعة:ـ

واستشهد -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- بآية أُخْـرَى يستدل بها على أن من يخرون للأذقان سجداً، هم أنفسهم من يسارعون في عمل الطاعات؛ لأنهم المتقون، قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}..

وَفي سياق الحديث عن المسارعة إلى الطاعات، وعندما تمنى أحد الحاضرين لو أن أُناساً آخرين يسمعون محاضرةَ الشَّهِيْد القَائِد، رد بقوله: [وقد يقول البعض: إنه يود أن يكون هناك من يسمع هذا الحديث، لكن هل انطلقنا بجدية ومسارعة إلى أن نعمل العمل الكثير الذي يجعل الآخرين يسمعون هذا الحديث الذي قد تراه حديثا مناسبا أن يسمعه الآخرون.. حالة التثاقل، التباطؤ, وهي حالة سيئة عواقبها سيئة، ما تزال ماثلة.. لماذا؟ لسنا بعد ممن وصل إلى هذه الدرجة: {إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً}]..

 

الصفة الثانية:ــ {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}:-

واسترسل -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- في شرح وتوضيح الصفة الثانية من صفات المؤمنين بالله حق الإيْمَان، من عدة اتجاهات كالآتي:ــ

 

التوضيح الأول: يجب أن نقبَلَ التذكيرَ بالله من أي شخص كان ـ

ذكر -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- بأنهم من يتقبلون التذكير بآيات الله من أي شخص كان، حتى ولو كان أقل منهم شأنا، لا يستكبرون أبداً، هم الخاشعون لله خشوعًا كاملاً، وهم من سيحضون بنصر الله وتأييده، حيث قال: [المؤمن لا يستكبر إذا ما ذكّر من صغير أَوْ ذكر من طرف آخر يراه وضيعاً، يراه دونه في المراتب الاجتماعية، يراه دونه فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أنا تاجر وهذا فقير، أنا من أعيان القبيلة وهذا مواطن عادي، أنا علاّمة وهذا ما يزال طالب علم].

واستشهد بمؤمن آل فرعون الذي جاء ذكره في القُـرْآن الكريم، حيثُ قال [والله سبحانه وتعالى يعتبرُ للتذكير أهميته من أي طرف كان ولو من صغير {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا} ألم يقل هكذا في القُـرْآن؟ {رَجُلانِ}، مؤمن آل فرعون، ذلك الرجل العظيم يصدر كلامه وكلام أولئك الرجال كما يصدر كلام الأنبياء في صفحات القُـرْآن الكريم {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} وهكذا يتحدث كلام طويل في [سورة غافر] قريباً من صفحة أَوْ أكثر].

 

التوضيح الثاني: أن المستضعفين هم الموعودون بالنصر الإلهي ــ

ركّز -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- على نقطة مهمة أيّدتها آياتُ القُـرْآن الكريم، أن النصرَ والتأييدَ الإلهي على مر العصور والأزمان كان للمستضعفين، وليس للمستكبرين، حيث قال: [ولهذا تجد في القُـرْآن الكريم الكثير من أخبار مَن كانوا يعارضون الأنبياء معارضة شديدة هم الملأ الذين استكبروا من قومه، {قَالَ الْمَلأً الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ} {قَالَ الْمَلأُ} يرد كثيراً في [سورة الأنبياء] وغيرها. ومن كانوا ينطلقون أنصاراً لدين الله وفي أول المستجيبين لدعوة الرسل والمجاهدين بين أيدي الرسل من هم؟ كانوا هم المستضعفين، المواطنين العاديين، الناس العاديين، هم من كانوا ينطلقون ويستجيبون].

وعرّف -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- الأُمَّـة بشكل عام، والثقافيين بشكل خاص، على أن المستكبرين، والأغنياء، والمَشَايخ، وغيرهم، هم لا ينطلقون في طريق الحق؛ لأن لهم أسباباً في نظرهم تمنعهم من الانطلاقة، فقال: [ولأنه عادة يأتي التذكير بآيات الله في مقامات عملية، والأعمال – عادة – تكون شاقةً على كثير من الكبار من الوجهاء وأصحاب المكانة الاجتماعية؛ لأنه ينظر إلى وضعيته وضعية محترمة لا يريد أن يخرج منها؛ ولهذا تجد في القُـرْآن الكريم الكثير من أخبار من كانوا يعارضون الأنبياء معارضة شديدة هم الملأ الذين استكبروا من قومه]..

 

التوضيح الثالث: ألا يركز الثقافيون على فئة الوجهاء والأعيان ــ

أكَّدَ -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- للثقافيين بشكل خاص، وكل من يقوم بدعوة الناس إلى هدى الله، ألّا يركّزوا جل اهتمامهم بالوجهاء والمَشَايخ والأعيان، ويتركوا عامة الناس، بل يكون حديثاً للجميع على حد سواء، فقال: [أنت لا تجلس دائماً ترى نفسك صغيراً، أَوْ ترى الآخرين صغاراً، أَوْ ترى تجمعاتهم تستقلها تحتقرها؛ لأنه ليس فيها شخصيات فلان وفلان وفلان. أولئك هم من لا يتحَـرّك لك الواحد منهم إلا في الوقت الذي قد يمكنك أن تحَـرّك مئة شخص من الآخرين. وهو إذا ما تحَـرّك قد لا يكون له تأثيرٌ كتأثير الأشخاص الصغار، الذين آمنوا وانطلقوا بفاعلية، أولئك الكبار هم من لديهم اعتبارات معينة يحافظون عليها، ممن ينظر إليك وأنت تذكره أنك تحت، أنك دونه فلا يكاد يسمع منك، ولا يكاد يستفيد منك، حتى ولو دخل كلامك إلى أعماق نفسه سيتجاهلك، يتجاهلك، هو لا يريد أن يحسسك بأنه تأثر من قبلك، ممكن يتأثر بطرف آخر، يريد يرى واحد أكبر منك يتأثر به! نوعية متعبة].

وأضاف أَيْضاً : [وأنت تتحَـرّك في هذا الميدان كما يتحَـرّك الآخرون في الميدان الثقافي. لا تربط مشاعرك أبداً بالكبار، لا يكن همك أن يدخل هؤلاء الكبار، ولو بواسطة أن نقدم تنازلات لهم، أن نسلمهم زمام أمورنا، أن نمجدهم، أن نشجعهم، أن نُنَخِطَهُمْ بعباراتنا، نفرح – في هذا الوقت – ونفرح، ونفرح، هذا هو الخلل الكبير؛ لأن من دخل بإملاءات وشروط هو ذلك الذي يريد أن تكون حركة الناس على وفق ما يريد وبالشكل الذي يراعي مشاعره ومصالحه. أما أولئك الصغار من الناس الذين هم صغار في نظر الآخرين، هم من ينطلقون وليس لديهم قائمة من المصالح المادية والمعنوية، يريدون أن يسخروا هذا العمل الثقافي، أَوْ الاجتماعي، أَوْ الجهادي، لمصالحهم].

 

التوضيح الرابع: أن نتعلم مما حدث مع رسول الله محمد، ومع نبي الله نوح:ـ

وتناول -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- وهو يتحدَّثُ عن المستكبرين، وأنهم لا فائدةَ منهم، ما حدث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عتاب الله له، عندما جاءه الأعمى، فقال: [و[سورة عبس] تحكي لنا السخرية من أولئك: لا تهتم بهم، التفت إلى هذا المسكين الأعمى هو يريد أن يستفيد منك {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} اترك أبوه. إن أحب أن يؤمن كما يؤمن الناس.. فهذا دين الله للناس وليس للملأ الذين استكبروا، هذا دين للناس جَميعاً، ومن انطلق فيه وتحَـرّك فيه فهو كبير، هو كبيرٌ عند الله سبحانه وتعالى. الله لا ينظر إلى رأس ماله، ولا ينظر إلى مكانته الاجتماعية، ولا ينظر إلى الطبقة أَوْ الفئة التي هو منها، استجاب هو كبير عند الله مكرم عند الله، في مصاف أوليائه.. لم يسمح الله أبدا لأنبيائه أن يطردوا أحدا].

وأيضاً، عندما طلب كبار قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم مجلساً لكي يستمعوا إليه، غير مجلس الفقراء من المسلمين، فنزل قوله تعالى: [ولا تطرد الذين يدعون ربَّهم بالغداة والعشي يريدون وجهَه]..

وكذلك في قصة نوح عليه السلام، حيث استشهد بها -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- قائلاً: [تجد أن نوحاً في الأخير الذي لبث في قومه تسعمائة وخمسين عاماً شكا من أولئك الكبار {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً} كان أولئك الناس مرتبطين بكبارهم، والكبار عادة تكون لديهم قائمة طويلة عريضة من الأشياء في نفوسهم، لا يريدون أن يستجيبوا، وإن عرفوا الحق ولا يدعون الآخرين من أتباعهم أن ينطلقوا في الاستجابة للحق؛ لأنهم كما يقال في زماننا هذا: (سيأخذون أصحابك)، يتواصلون فيما بينهم الملأ هنا والملأ هناك: (انتبه اشتد في مواجهة هذا وإلا سيأخذ عليك أصحابك). هي من ذلك اليوم قديمة هذه قديمة من ذلك الزمان. عندما ربط الصغار أنفسهم بالكبار ألم يضلوا؟ وتسعمائة وخمسين سنة لم يهتد فيها إلا القليل القليل {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ، وسعتهم [سفينة] ووسعت أَيْضاً حيوانات أُخْـرَى من كُلّ جنس، بعد تسعمائة وخمسين سنة]..

 

التوضيح الخامس: المهم للثقافي هو أن يجد الرجل الذي تنفعه الذكرى، كائنا من كان:ـ

واسترسل -سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ- في نصائحه وإرشاداته للثقافيين الذين يتحَـرّكون في ظل هذه المسيرة القُـرْآنية قائلا: [المهم هو: أن تجد الرجل الذي تنفعه الذكرى، هذا هو المهم. هنا: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}. فليكن عملك في هذا الوسط مع هذه النوعية، ولو شخصاً واحداً، سيكون مكسباً كبيراً من هذه النوعية. {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا} كلا: إنزجر عن هذا الأسلوب، وهو من قال الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وهو من انطلق بحرصه الشديد على هداية الناس؛ لأن الخطورة بالغة. هؤلاء الذين يرون أنفسهم إذا ما دخلوا دخلوا من فوق، وبشروط وإملاءات، هم من سيكونون عقبة دائمة في ميدان العمل، هم من سيجعلونك تصنف كلامك مع الناس، كما نجده لدى الكثير، فخطاب مع الكبار يقدم نسبة من الدين فقط إليهم التي لا تثير مشاعرهم، ويتخاطب مع عامة الناس خطابا شديداً ولهجة قاسية، فينطلق على المنبر يخاطب أولئك المساكين بلهجة قاسية فيحذرهم من جهنم وكلام من هذا، ويخاطب أولئك الكبار الذين قد حرص على أن يضمهم إلى جانبه – كما يتصور – خطاباً لطيفاً رقيقاً لا يثير مشاعرهم، فسيكون خطابك للناس منوعاً ومشكلاً، والدين هو واحد، وليكن منطقه واحداً أمام الناس جَميعاً. وهكذا كان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ينطلق في مسجده ويتحدث مع الناس سويا بعبارات واحدة وكلاماً واحداً يوجه للجميع].

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com