صاروخ اليمامة رد صارم على سياسات السعودية وحربها ضد اليمن

المسيرة: ترجمة: وائل شاري

يتم التعبيرُ عن مظاهر عدم الاحترام تجاه القيادة السعودية في جميع أنحاء المنطقة؛ بسبب سوء إدارتها للسياسات الخارجية والإقليمية.

ادّعت السعودية أنها اعترضت صاروخاً يمنياً أطلق باتجاه قصر اليمامة, المقر الرسمي للملك سلمان في الرياض, ربما كان الهجوم بمثابة رد صارم على سياسات السعودية وحربها ضد اليمن، هذا الهجوم المباشر على أعلى قيادة سياسية في المملكة ورمز للسلطة السعودية له أهمية كبيرة، ولم يكن من الممكن تصور مثل هذا الهجوم قبل بضع سنوات، ولكن السياسات الخارجية والإقليمية التي تُديرُها السعودية سيئة نسبيا جعلتها في الآونة الأخيرة لا تحظى إلّا بقليل من الاحترام وباتت معزولة إقليمياً.

 

عداء تركيا

في حين أن تركيا حريصة جداً على الحفاظ على علاقات إيْجَابية مع السعودية، على المستويات الدبلوماسية ’فقد تجاهلت السعودية العلاقات بين البلدين، وخَاصَّة بعد أن وقفت تركيا بحزم إلى جانب قطر وأرسلت قوات إلى الإمارة عقب الأزمة الدبلوماسية الخليجية في يونيو، وَقررت السعودية ودولة الإمارات والبحرين قطع علاقاتها مع قطر وحاصرتها عملياً.

في البداية حاولت تركيا أن تحافظ على مسافة متساوية مع جميع الأَطْرَاف المعنية بالأزمة، وشددت مراراً وتكراراً على ضرورة الحوار وتقديم الدعم لجهود الوساطة الكويتية، وعندما برزت مخاوف من غزو لقطر تلوح في الأفق وتغيير النظام، نشرت تركيا قوات في إمارة قطر الخليجية، وهي الخطوة التي لم تحظَ بقبول جيد من قبل السعودية.

لم يمضِ وقتٌ طويلٌ قبل أن يقوم صحفي سعودي، على علاقة وثيقة بالطبقة الحاكمة، بمقابلة فتح الله غولن، وهو زعيم ديني يعيش في المنفى في الولايات المتحدة، وتصنفه تركيا على أنه إرْهَابي، ويتهم غولن بأنه العقل المدبّر وراء محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، ويُنظر إليه على أنه عدو عام، وينظر إلى قضيته على أنها مسألة تتعلق بالأمن القومي في تركيا.

كان التمثيلُ الدبلوماسي السعودي على مستوى منخفض في قمّة منظمة التعاون الإسْلَامي الذي دعا إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ ردًّا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس، وهو خروج آخر عن التضامن الإقليمي، كما تعكس انحيازها مع الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، الأمر الذي يضع السعودية على خلاف مع تركيا التي تسعى إلى القيادة الدينية للعالم الإسْلَامي.

وقبل يومين من انعقاد قمة منظمة المؤتمر الإسْلَامي، نشرت صحيفة عكاظ السعودية مقابلةً مع رضا طون وزير الخارجية لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا منظمةً إرْهَابيةً. وكان من المفترض أن تكونَ المقابلةُ مع سيميل بايك، رئيس حزب العمال الكردستاني، ولم يكن من الممكن أن يحدث ذلك إلا بموافقة مباشرة من السلطات السياسية السعودية.

وتحمِّلُ تركيا حزبَ العمال الكردستاني مسؤولية قتل العديد من المدنيين وأفراد الأمن، كما هو الحال مع غولن، تعتبر الحالة مسألة أمن وطني. وتهدف المقابلة بالتأكيد إلى إرسال رسالة. كما لو كانت المملكة العربية السعودية تطالب بمشاكل من تركيا.

ومن المؤكد أن أمير الكويت الذي مثّل بلادَه في مؤتمر منظمة المؤتمر الإسْلَامي بشأن القدس حذّر من السياسة الخارجية السعودية التي تفسر لماذا يقترب من تركيا.

سلطنة عمان دولة خليجية أُخْـرَى علاقاتها مع إيران أفضل نسبياً من أية دولة أُخْـرَى، قد لا تشعر بالحاجة إلى التسرع نحو تركيا، ولكنها ستظلُّ تسعى إلى تعزيز أمنها إزاء التصاميم السعودية، كما ذكر دبلوماسي عماني.

وكان اعتقالُ رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريري وإرغامه على تقديم استقالته من منصبه، مما جعله عملياً ضد ارادته في الرياض، مما وحّد النخبة السياسية اللبنانية والجماهيرَ ضد السعودية بطريقة لم يسبق لها مثيلٌ في تأريخ العلاقات بين البلدين، كما أن اعتقال الملياردير الأردني صبيح المصري في إطار “تحقيق فساد” للضغط على الأردن لقبول إعلان ترامب عن القدس.

المسجدُ الأقصى، ثالث أقدس مكان في الإسْلَام، يخضع لسلطة ملك الأردن من خلال الاتفاقات السابقة، وهي تشكل واحدة من مصادر قليلة جداً للشرعية السياسية للمملكة الهاشمية. وهذا ما يفسّر لماذا كان الملك الأردني حاضراً في قمة منظمة المؤتمر الإسْلَامي رغم تعرضه لضغوط كبيرة لمقاطعته.

ومن المؤكد أن الأردن سيتحَـرّك بعيداً عن السعودية، ويقترب من تركيا ومن المرجح أن يكون أقرب إلى إيران أَيْضاً. وخلاصة القول، يمكن أن تعوِّلَ قطر، والكويت، وعمان، ولبنان والأردن مع سقوط الدول بأن تكون خارج المدار السعودي أَوْ التحَـرّك بعيداً عنها.

 

هزيمة السياسات السعودية؟

المملكة السعودية لا تقتصر على دفع قوة إقليمية مثل تركيا والدول الأصغر، بل تقوض صورتها في العالم العربي وبين الرأي العام العربي، وإلى جانب مساهمتها في الوضع الإنْسَاني الكارثي المستمر في اليمن، يتم التعبيرُ عن مظاهر عدم احترام القيادة السعودية في جميع أنحاء المنطقة.

وفي الأسبوع الماضي، خلال مباراة لكرة القدم في الجزائر، وصف الرئيس ترامب والملك سلمان بأنه “وجهان لعُملة واحدة” بشأن مسألة القدس، وخلال المظاهرات في غزة ضد إعلان ترامب في القدس، أطلق المتظاهرون الفلسطينيون النارَ على صور ترامب، الملك سلمان وابنه ولي العهد.

السعودية، التي تواجه بالفعل أزمة محلية، سيتعين عليها التعامل مع مشكلة أُخْـرَى – شعور متزايد بانعدام الأمن حيث يمكن للصواريخ مرة أُخْـرَى أن تنفجر على الرياض للجميع للاستماع.

لقد مُنيت السياسات الإقليمية للمملكة السعودية بفشل فاضح وتركها معزولة إلى حد كبير وإذا ما استمرت في الاتجاه نفسه ستصبح أَكْثَرَ عزلة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com