عندما تتحدث عن الإنفاق يجبُ أن تكونَ حكيماً.. وأن تكون المشاريعُ التي تقدمها حكيمةً

الجزء الرابع

إعداد/ بشرى المحطوري

الذي يحث الناس على الإنفاق.. يجب أن يبدأ بنفسه:ـ

تحدث الشَّهِيْدُ القَائِــدُ سَلَامُ اللهِ عَلَيْه في محاضرة ــ ملزمة ــ الدرس الحادي عشر من دروس رمضان عن الإنفاق في سبيل الله، وهو يشرح الآيات بشكل موسَّعٍ وعميق وواضح، حيث جاءت الآيات تباعاً عن الإنفاق والتشجيع عليه في سورة البقرة من الآية (261)..

ولفت سَلَامُ اللهِ عَلَيْه بأن مَن يتحدث إلى الناس عن ضرورة الإنفاق في سبيل الله يجب أن يكون حكيمًا، حيث قال: [{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} موضوع المال موضوع يجب أن يكون فيه تصرفات حكيمة في توجيه الناس، في تقديم المشاريع العملية للناس، بأن تكون أعمالك بالشكل الذي تبعد أية حساسية من النفوس، ولهذا نقول أكثر من مرة: العمل الذي نحن فيه، فيه مجالات اشتغل أنت بمالك حتى لا يأتي بعد أيام وتقول: لا ندري أين ذهبت أموالنا؟ أَوْ هم فقط سيأكلونها، أَوْ يكون هناك منفذ لآخرين مخربين من الذين هم منافقون يثبطون الناس عن الإنفاق، لا تعط شيئاً، أنت اشتغل بحقك أنت، أمامك ملازم معينة، أمامك شعارات معينة اشتغل أنت بفلوسك في هذا الموضوع، أمامك أشخاص معينين من الذين هم مرشدون ومعلمون موّل شخصاً أنت لينتقل إلى منطقة في سيارتك، أَوْ بفلوسك، اشتغل أنت].

 

مثال توضيحي لما سبق:ـ

وضرب سَلَامُ اللهِ عَلَيْه مثلاً يوضح به ما ذهب إليه بتصرفات الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، حيث قال: [قضيةٌ ملموسةٌ بالنسبة للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) يبدو أنه فعلاً في قضية جمع الأموال لتمويل سرية معينة، أَوْ غزوة معينة كان يكون خارج هناك يجمعها لا يكون في بيته لأن هذا منفذ للآخرين يقولون: [لاحظوا كم قد أدخلوا إلى بيته، لاحظوا كم قد أدخلوا] وعندما يخرج لو أخرج الذي عنده ونصف من حقه زيادة سيقولون أولئك [هذا فقط قد لا يكون إلا النصف مما قد أدخلوا إلى بيته، وما زال الباقي مراكم هناك] هذا لأنه كان حكيماً ولذا قال: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ} يتحدث في الآية هذه عن موضوع الحكمة في وسط الحديث عن الجانب المالي لنعرف بأنه موضوع يجب أن يكون التصرفات فيه حكيمة، ومع الناس حكيمة، والمشاريع تكون على أساس معرفتك بالجانب المالي أيضاً حكيمة].

 

الشخص الحكيم.. تصرفاته كلها مثمرة:ــ

وأشار سَلَامُ اللهِ عَلَيْه إلى الإيجابيات التي تتحقق على يد الأشخاص الذين آتاهم الله الحكمة، حيث قال: [{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}(البقرة: من الآية269). ولأنه على يد من يؤتى الحكمة يكون هناك خير كثير، أعمال تكون مثمرة، حركة تكون مثمرة. وإذا ما هناك حكمة في الأخير لا تدري إلا وقد هم يصيحون منه، من أساليبه يكون فيها منفذاً أعني: أنه يجب أن تفهم بأنه ليس فقط القضية أنني أتحدث مع الناس عن موضوع مالي، يكون عندك نظرة عامة بما فيها الطرف الآخر الذي يكون هناك يتربص لأي منفذ يعمل دعاية مضادة، دعاية تثبط، تراعي كُلّ الاعتبارات هذه هي الحكمة، وإلا قد تكون مخلصاً وأميناً فعلاً، لكن تنسى جوانب من الحكمة تكون فيها ثغرة للطرف الآخر يعمل دعايات: [هذا فقط يجمع لنفسه وليس إلا كذا وليس إلا…] إلى آخره]..

 

أمثلة توضيحية:ــ

وقال سَلَامُ اللهِ عَلَيْه: [ولأن المال جانب حساس يُكون التشكيك تقريباً يؤثر فعلاً، يؤثر في الناس التشكيك أحياناً إذَا ما هناك تصرفات حكيمة قد يكون هناك مطالب مالية بالشكل الذي يصد الناس عن الحضور مثلاً في مجالس معينة، أَوْ مناسبات معينة، مثلاً إذَا تعود الناس على أنه في مجلس يُقدمون لهم تعاون في سبيل الله أَوْ أشياء من هذه. معنى هذا ماذا؟ يكون الشخص الذي لو لم يكن إلا أن ما لديه فلوس يستحي أن يسير، أَوْ أناس ما قد بلغوا درجة مناسبة يكون مستعداً أن يقدم ولو شيئاً بسيطاً، فيكون بالشكل الذي ينصرفون، فلا يحضرون في مناسبات عامة. ولهذا ليس مناسباً أن تطرح قضايا مالية في مجالس عامة، أَوْ في مناسبات عامة، تحدث في المناسبات العامة فيما يتعلق بأهمية الإنفاق، وتقدم للناس المشاريع العملية التي ينفقون فيها، ولا تحاول أن تطلب في نفس الوقت من الناس شيئاً. هذه القضية ثابتة لأنه أحياناً قد تحرج كثيراً من الناس الجيدين، يستحي أن يذهب عندما لا يكون معه فلوس، يستحي أن يأتي، [ربما يدعون لشيء وليس عندي فلوس فأبدوا وكأني إنسان لا يريد أن ينفق] يتألم فعلاً لأنه غير متمكن يعطي، ويستحي أن يبدو أمام الناس وكأنه إنسان لا يريد أن يقدم شيئاً في الأخير يجلس في بيته، ولا يحضر. فلا يكون موضوع الإنفاق، أَوْ موضوع دعوات المال بالشكل الذي يعيق الناس عن الهدى، وهو يقدم هذا الموضوع لتمويل الهدى، ولأن يهتدي الناس ويقيمون دين الله].

 

روِّضْ نفسَك على مسألة أن (الإيمان أخذٌ وعطاء):ــ

ونبّه سَلَامُ اللهِ عَلَيْه إلى نقطة مهمة جداً يجب أن ينتبه لها كُلّ مؤمن، حيث قال: [هناك في موضوع الإنفاق أعني: إفترض ناس قدموا تبرعات، أَوْ غنائم حصلت ثم يأتي إنفاق لطرف معين، يكون هناك في بعض الأوقات أولويات معينة لديه، فإذا الناس من البداية الإنسان المؤمن يرسخ في نفسيته: بأن الإيمان هو عطاء. لهذا يأتي الحديث كثيراً في مسألة بأنه {بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ}. تترسخ هذه النفسية عندك فتروض نفسك على مسألة: أن الإيمان هو أخذ وعطاء، ويهمك هو ماذا؟ أخذ أجر من الله وما سيأتي من شيء يخلفه الله سبحانه وتعالى عليك عندما يأتي إنفاق أموال لا تكون حساسة عندك].

 

حكمة رسول الله في موضع المال وصرفه:ــ

وتطرق سَلَامُ اللهِ عَلَيْه إلى الحديث عن تصرفات الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في موضوع المال، حيث قال: [في بعض المواقف في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) على الرغم مما كان يعمل، ويوجه الناس، والقرآن يتنزل عليه، أحياناً؛ ولأنه كانوا آلفين مسألة جمع أموال، ويغزون بعضهم بعض وأشياء من هذه، أحياناً يصير عندهم حساسية عندما يعطي من الغنائم أطرافاً معينين. في موضوع الحكمة لاحظ فيما يتعلق بالتأليف – ربما تأتي بعد الآية – ونتحدث قليلاً حول حديث الحكمة، وارتباطها بالجانب المالي ما يسمى: تأليف. يعتقد البعض أن التأليف معناه: من أجل ذلك يترسخ الإيمان في نفسه، ويؤمن بفلوس ليست بالشكل هذا، أبداً. التأليف عندما تنظر إلى المرحلة التي كان فيها رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فبدأ يتألف متى حصلت؟ بعد الفتح تقريباً بعد الفتح بدأ يتألف، هنا الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، الفتح يمثل انتصاراً كبيراً، ويعتبر قهراً لطرف، أليس هو يعتبر قهراً لطرف؟ يعتبر في نفس الوقت حكيم في هذا الموضوع أعني نظرته واسعة هو رأى الفتح يمثل انتصاراً كبيرا ًويعتبر قهراً لطرف، أليس يعتبر قهراً لطرف؟ يعتبر في نفس الوقت مما قد يثير أطرافاً أخرى، فيكون العدو الخارجي يتوقع كيف ستكون الجزيرة هذه بعد الفتح؟ كيف سيكون زعماء عشائر وأطراف أخرى، وقد رأى سلطان محمد قد صار كبيراً وقد صار يشكل خطورة مثلاً؟ قضية هامة جداً أن تهدأ الجزيرة فتبدو الساحة أمام الطرف الآخر ساحة هادئة.

فعندما أعطى أشخاصاً معينين من الغنائم حصلت أعتقد في [حنين] غنائم أخرى للتأليف ليس من أجل أنه: يؤمنون بفلوس، أبداً. هنا لتستقر وضعية في ظرف معين، ورؤية لديه، رؤية بعيدة، ونفس المرحلة ما كانت هي مرحلة متأخرة؟ هي مرحلة أنه يعطي مؤشرات، ويتجه إلى أطراف أخرى خارجية، الوضعية الداخلية مهمة فزعماء عشائر معينين يمكن يسكتّه مبلغ يسكت فلا يبدو مشاققاً، لا يبدو كذا.. قد يمثل مثلاً موطئ قدم للعدو الخارجي الذي قد رأى بأن محمداً كبر في الجزيرة، يشكل خطورة. العدو الخارجي يمكن يبحث عن موطئ قدم له، سكت أولئك، يعطي هذا، ويعطي هذا، ويعطي هذا.. والمؤمنون الذين هم مجاهدون لم يعطهم شيئاً، أَوْ أعطاهم أشياء بسيطة جداً.

فهنا هي مبنية على رؤيته العامة للخارج، وليس فقط لتألف أشخاصاً ليؤمنوا، ليس هناك إيمان بفلوس، في دين الله ليس هناك أنه يقدم يعطيك فلوس من أجل أن تؤمن! موقف حكيم في نفس الوقت، أن لا يظهر بأنه من أجل هذا، في نفس الوقت أن لا يبدو وكأنه من أجل أنهم لا يكون عندهم شقاق فيستغلهم طرف آخر، والطرف الآخر ينهزم نفسياً عندما يرى وضعيته استقامت في الجزيرة، وهدأت من بعد الفتح، لا يمكن يقول: [نريد من أجل لا. ولا.] أَوْ حتى يوحي، قد يكون ماذا؟ قدم ففهمت المسألة بأنه معناها: يتألف قلوبهم أَوْ بمعنى: يستقرون في إيمانهم، ويسكتون، ويجلسون مؤمنين هكذا.. فهنا تعرف فيما يتعلق بالمال، في مجال أخذه، أَوْ في مجال إنفاقه يجب أن يكون هناك حكمة، وأن تعرف أنه مؤثر تأثيراً كبيراً].

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com