القضية الفلسطينية لدى الشهيد القائد

محمد الشميري

في الوقت الذي طالت فيه القضية الفلسطينية وتمددت عبر فترة طويلة من التاريخ، حتى يئس العرب من استعادتها من الكيان الغاصب، ورُوِضوا على قبولهم بالأمر الواقع، وفي الوقت الذي بدا فيه تقاعس العرب والمسلمين عن نصرة فلسطين وأبناء فلسطين، ظهرت قضية فلسطين لدى السيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه قضية مهمة ومن أولويات اهتمامه، تحدث عنها كثيراً، وأولاها قسطاً كبيراً من اهتمامه، فورد ذكرها والحديث عنها في العديد من الملازم، بل أفرد الحديث عنها، وعن الاهتمام بها، في ملزمة خاصة باسم ((يوم القدس العالمي))، ليس حديث الباكي أو المتباكي، أو المتألم فحسب، المتضجر من واقع مأساوي وكفى لا، يولي السيد حسين اهتمامه البالغ بالقضية الفلسطينية ويتحدث عنها، وخلال حديثه يستحضر القضية وأسبابها، الجذور العميقة لها، من التكوين الفيسلوجي لليهود، إلى المؤامرات التي يحيكونها في مواجهة العرب والمسلمين، ويدرس التداعيات والظواهر والشواهد ويستحضر مجريات الواقع، ويستشرف المستقبل، وخلال ذلك كله يضع الحلول المناسبة والأقوى نفعاً لهذه القضية العويصة التي عجزت الأمة عن تقديم الشيء البسيط لها، فهو يذكر سلام الله عليه أن فلسطين قضية العرب كل العرب ويذكر العرب بأن فلسطين كانت تهمهم بقوله: (([لاحظ العرب] كانوا يقولون: لا بد من تحرير فلسطين حتى آخر ذرة من تراب أرض فلسطين؟ أصبحت المسألة بالعكس سيخدمون إسرائيل حتى آخر ذرة، وآخر جندي من أبناء أوطانهم، لكن تحت عناوين أخرى، اليهود هم يعرفون كيف يرسمونها، وكيف يشغّلون الأمة ويشغّلون الشباب في التحرك تحتها.

إذاً فإذا غاب العمل على تصحيح الوضع من الداخل تحت العمل في إطار الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلن تقف الأمة على قدميها أبداً, أبداً مهما امتلكت من أسلحة في مواجهة اليهود والنصارى؛ لأن هذا الأمر أتى في إطار وضع الخطة الحكيمة, الخطة المستمرة التي تؤهل الأمة لمواجهة أهل الكتاب اليهود والنصارى، سواء في حماية أنفسهم منهم كي لا يتحولوا إلى كافرين مرتدين بعد إيمانهم أوفي رفع ظلمهم عنهم، وفي قطع أيديهم عن بلدانهم، لا بد من تفعيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير))  آل عمران الدرس الثالث

ويذكر العرب بأعمال العدوان الغصب فيستحضر في حديثه ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين من قتل ودمار: ((كيف يسيرون على هذه الطريقة حتى في فلسطين، الانتفاضة من يوم ما بدأت اثنين شهداء, ثلاثة، واحد, أربعة .. يومياً، يومياً وهكذا .. لا يأتي بعدد يثير الآخرين، ولا يتوقف، وهم يعرفون بأنه اثنين كل يوم ثلاثة كل يوم كم سيطلع في السنة؟ وكم وصل إلى حد الآن قتلى الانتفاضة داخل فلسطين كم؟ تقريباً أكثر من ثلاثة آلاف شخص.

لو جاءوا يضربوا ضربة يقتل فيها ثلاثمائة شخص أليس هذا سيزعج العالم؟ لكن لا .. حسنا هل انزعجنا يوم ما رأينا ثلاثة آلاف، رقم ثلاثة آلاف انزعجنا؟ لا .. لكن لو قتلوا ثلاثمائة شخص دفعة واحدة، ربما كان سننزعج ويحصل استنكار شديد اللهجة ويحصل مظاهرات وتحدث أشياء كثيرة)).  معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر

ويكرر ألمه على ما يحصل بقوله: (( ضربوا أفغانستان ليعرفوا ماذا ستقول الدول الإسلامية .. لم يصنعوا شيئا، اللهم إلا استنكار لما يحصل على المدنيين استنكارا باردا، لكن هل هناك موقف؟ .. لا, ضربوا العراق لم يحصل شيء, ضربوا فلسطين, الدولة الفلسطينية هذه, أو لم يكن العرب جميعا يبدون أكثر اهتماما بقضية فلسطين والدولة الفلسطينية؟ ضربوها هي!. ألم يضربوها ضربة قاضية؟ فلم يحصل شيء من جانب الدول)) في ظلال مكارم الأخلاق الدرس الثاني

 

ويستخدم نفس الأسلوب في ملزمة يوم القدس العالمي، خلال استشهاده بالإمام الخميني في دعوته إلى يوم القدس العالمي أن الدافع للإمام الخميني رضوان الله عليه هو ما رآه من تقاعس وتخاذل العرب والمسلمين وكأني به يقول لنا بأن هذا هو الدافع الذي جعله يستشهد بالإمام الخميني بل يعده استجابة له على حد تعبيره سلام الله عليهما، مستغرباً من موقف العرب تجاه كل ما يحصل: ((لماذا الآخرون يحاولون يضربون كل الآثار والمعالم الإسلامية ويغيرون آثارها في نفس الوقت الذي يحاولون فيه أن يبقوا آثارهم على ما هي عليه تجد في مكة وفي المدينة كثير من الآثار غيروها هذه هي نفسها من الأشياء الرئيسية التي يتجه إليها اليهود، تغيير المعالم، أليسوا في فلسطين يصيح الفلسطينيون أن اليهود يتجهون إلى تهويد القدس، تهويد القدس يعني: ليس فقط تهويد نفوس يريدون تهويد المنطقة معالم معينة يهودية ويطمس معالم إسلامية أو عربية فهي آية من آيات الله التي يعرفها بنوا إسرائيل لكنهم يكفرون بآيات الله)). دروس رمضان الدرس الرابع عشر

ويستشهد بالواقع الانهزامي الذي أصبح العرب فيه: ((في فلسطين عندهم أن [حركة حماس] هي التي تثير إسرائيل [وحركة الجهاد] هي التي تثير إسرائيل مع أنهم قد قدموا براهين من عندهم، هم عملوا هدنة وتوقفوا عن العمليات الاستشهادية تقريباً أربعة أشهر فلم تتوقف إسرائيل، خلالها اتجهت لاغتيال قاداتهم والشخصيات البارزة فيهم. هل انسحبت إسرائيل خلال الهدنة خلال استعدادهم أن لا يقوموا بأي عملية وتنسحب؟ ما انسحبت. دروس رمضان الدرس السادس

ويؤكد حدوث المشكلة مبيناً أسبابها: ((فما هي المشكلة؟ نحن الآن أمام هزيمة، تحدثنا أن العرب والمسلمين أمام هزيمة حقيقية بالنسبة لليهود مَن حكى الله عنهم هذه الأشياء .. فما هي مشكلة العرب والمسلمين؟ مشكلة العرب، مشكلة المسلمين أنهم لم يثقوا بالله، لم يثقوا بالله؛ ولهذا لم يرجعوا إلى كتابه, لم نثق بالله فلم نرجع إلى كتابه, ولم نثق برسوله (صلوات الله وسلامه عليه)، لم يثقوا بالله, ولم يثقوا برسوله, ولم يعرفوا الله المعرفة الكافية, المعرفة المطلوبة, ولم يعرفوا رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) المعرفة الكافية, المعرفة المطلوبة .. فظلوا دائماً يدورون في حلقةٍ مفرغة، وظلوا دائماً يتلقون الضربة تلو الضربة, مستسلمين, مستذلين, مستكينين)). يوم القدس العالمي

وينوه إلى حجم العدو والخطر الذي يهدد الأمة الإسلامية: ((إسرائيل لم تعد تلك البقعة التي تهيمن عليها داخل فلسطين .. الثقافة، الرأي العام، الهيمنة الإعلامية، الهيمنة الثقافية أصبحت بأيدي اليهود، فنحن بحاجة إلى أن نواجه اليهود، وليس فقط إسرائيل، اليهود تأثيرهم يصل إلى كل مكان. والعقائد الباطلة هي تاريخياً من صنع اليهود، العقائد الباطلة التي اندست داخل المسلمين هي تاريخياً من صنع من اندسوا من داخل اليهود. يوم القدس العالمي

ويستنكر عجز الدول العربية عن أن تواجه اليهود في المجال الإعلامي وحده رغم أن الله قد هدى الأمة إلى ما يمكن أن يجعلها بمستوى المواجهة لليهود بل وإحباط مخططاتهم وكيدهم الرهيب، وهو يتحدث عن القضية يعود بنا إلى الجذور العميقة لها، إلى حقيقة اليهود وطبيعة الصراع القائم، وفي الوقت الذي يوضح حقيقة اليهود ويعدد صفاتهم وطبائعهم يحذرنا أن نجعل سوء اليهود هو محور نظرتنا إلى اليهود، بل يركز على أن الله فضلهم ثم لما لم يلتزموا ويتمسكوا ويستجيبوا لعنهم على ألسن أنبيائه ومسخ منهم القردة والخنازير، والقرآن يدل على عظمهم إذا صلحوا وعلى خطورتهم البالغة إذا ما اتجهوا إلى جانب الشر وهذه الصفة الغالية عليهم خاصة بعد الإسلام: ((ثم فيما عرضه القرآن الكريم عن بني إسرائيل ما يدل فعلاً على عِظمهم إذا صلحوا، وعلى خطورتهم البالغة إذا ما اتجهوا إلى جانب الشر، خطورتهم في ذكائهم, في مكرهم, في تصميمهم, في دهائهم، أنهم بالغوا الخطورة، بالغوا الخطورة جداً، وفعلا هذا هو ما حصل, وشهدت به الأحداث، وشهد به التاريخ الطويل, في التاريخ الإسلامي ناهيك عن التاريخ الماضي لبني إسرائيل .. بل هم استفادوا من التاريخ عبراً ودروساً فكانوا في هذا الزمن على أرقى ما يمكن أن تكون عليه طائفة من البشر.

اليهود خطيرون جداً إذا ما اتجهوا إلى جانب الشر، وهذا هو الصفة الغالبة عليهم .. أخيراً وخاصة بعد الإسلام أصبح هو الصفة الغالبة عليهم الآن في كل بقاع الدنيا, الاتجاه إلى الشر إلى المكر, إلى الخداع, إلى التضليل, إلى لبس الحق بالباطل، قدرة رهيبة جداً في هذا الموضوع)) يوم القدس العالمي

 

وفي خضم هذا الموضوع يرى السيد القائد سلام الله عليه أن طبيعة الصراع: ((نحن نقول أحياناً وبعض الكتاب يقولون: [الصراع الإسلامي الإسرائيلي] وهذه عبارة مغلوطة عبارة مغلوطة، لا يمكن أن يُسمى الصراع مع إسرائيل [صراعاً إسلامياً إسرائيلياً]، لو كان الإسلام هو الذي يصارع إسرائيل، لو كان الإسلام هو الذي يصارع اليهود، لو كان الإسلام هو الذي يصارع الغرب لما وقف الغرب ولا إسرائيل ولا اليهود لحظة واحدة أمام الإسلام، لكن الذي يصارع إسرائيل، ويصارع اليهود من هم؟ مسلمون بغير إسلام، عرب بغير إسلام، صرعوا الإسلام أولاً هم ثم اتجهوا لمصارعة إسرائيل بعد أن صرعوا الإسلام هم من داخل نفوسهم, من داخل أفكارهم, من جميع شئون حياتهم، ثم اتجهوا لصراع اليهود، تلك الطائفة الرهيبة، فأصبحوا أمامها عاجزين أذلاء مستكينين مستسلمين مبهوتين؛ لأنهم لم يهتدوا بهذا الكتاب العظيم؛ لم يرجعوا إلى هذا الكتاب الكريم، فأصبحوا كما نرى.

فالصراع هو صراع عرب مع يهود، صراع مسلمين بدون إسلام مع يهود، وليس صراعاً إسلامياً. نحن عندما نرجع إلى صدر الإسلام أيام النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) نرى أنه استطاع أن يقضي على اليهود – وهم هم اليهود في خبثهم ومكرهم – استطاع أن يقضي عليهم على هامش جهاده مع الكافرين، وليس اتجاهاً محدداً ورأسياً ضد اليهود، بل على هامش حركته العامة، استطاع أن يقضي عليهم، واستطاع أن يحبط كل مخططاتهم, ومؤامراتهم على هامش حركته العامة)). يوم القدس العالمي

وخلال حديثه المستفيض عن القضية وعن عداء اليهود يتساءل باحثاً عن حل: ((هل يمكن أن الله سبحانه وتعالى يحدثنا عن خطورة اليهود البالغة ثم لا يكون في كتابه العزيز قد هدى هذه الأمة إلى ما يمكن أن يؤهلها لأن تكون بمستوى مواجهة اليهود والقضاء على مخططاتهم وإحباط مؤامراتهم؟ لا بد، لا بُد في عدل الله ورحمته وحكمته أن يكون قد هدى إلى ذلك، وقد هدى فعلاً، لقد هدى فعلاً، وفي هذا القرآن الكريم الذي قال فيه: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (الأنعام: من الآية38) وهو يتحدث عن اليهود داخل الآيات التي يتحدث فيها عن اليهود هدى الأمة إلى ما يمكن أن يجعلها بمستوى المواجهة لليهود، بل وإحباط كل مخططاتهم, وكيدهم الرهيب الرهيب .. لكن هذه الأمة هي التي تخلت عن هذا القرآن الكريم، تخلت عن هذا الكتاب العظيم)). يوم القدس العالمي

ويضع السيد حسين رضوان الله عليه الحلول على النحو الآتي:

1ـ الاعتصام بالله: (({وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} في حياته في مواجهته لأعدائه، هذه الأمة إذا اعتصمت بالله، إذا اعتصمت قيادتها بالله ستُهْدَى إلى الصراط المستقيم في مواجهتها مع عدوها.

ثم يرشد إلى أن هذه الأمة لخطورة من تواجه … ومن العجيب، ومن العجيب أنه قال عن اليهود والنصارى أنه قد ضرب بينهم العداوة والبغضاء، أي أن الله سبحانه وتعالى قد خفف كثيراً كثيراً كثيراً فاليهود والنصارى الذين نصارعهم الآن هم من بعد التخفيف, بعد التخفيض، ومع هذا يغلبوننا!.

كيف لو كان اليهود لا يزالون غير مضروب عليهم ذلة ولا مسكنة؟ كيف لو كانوا لا يزالون غير محكوم عليهم بغضب الله؟. كيف لو كانوا لا يزالون لم يزرع بينهم العداوة والبغضاء)).  يوم القدس العالمي

2ـ العودة إلى القرآن الكريم: ((لنعد إلى القرآن الكريم عندما نراه يتحدث كثيراً عن اليهود، وعن خطورتهم البالغة، والله سبحانه وتعالى هو الذي أراد لهذه الأمة أن تكون عزيزة، وأن تكون قوية)) يوم القدس العالمي

((نحن نستطيع أن نعمل شيئاً، إذا رجعنا إلى القرآن كما استطاع حزب الله، وحزب الله من الأمثلة الإلهية)). يوم القدس العالمي

ويكرر ذلك: (({وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (آل عمران: من الآية101) الاعتصام بالله، الثقة بالله، والثقة بكتابه .. من الثقة بكتابه أن تعرف أن كتابه كتاب هداية، أن تعرف أن كتابه كتاب للحياة كلها، وليس فقط للجوانب الإيمانية التعبدية الروحية، الذي يقول يهديك إلى ما تحصل به على ثواب لتدخل الجنة)). يوم القدس العالمي

3ـ العودة إلى سيرة النبي صلى الله عليه وآله واستحضار مواقفه والاستفادة الواعية من سيرته صلوات الله عليه وآله: ((لو يرجع المسلمون في مواجهتهم للغرب ولليهود إلى [غزوة تبوك] وحدها في السيرة, وإلى [سورة التوبة] التي توجهت نحو هذه الغزوة لكانت وحدها كافية لأن يأخذ المسلمون منها دروساً كافية في معرفة مواجهة اليهود, ودول الغرب بكلها)).  يوم القدس العالمي

ويستنكر في هذا السياق ما يؤخذ من سيرة الرسول بصورة عكسية وغير واعية: ((فيأتي كتاب السيرة ويعنونونه بـ[الصلح مع اليهود] ثم عندما اتجه [السادات] إلى القدس ليستسلم أمام إسرائيل ينطلق علماء مصر ليقولوا بأن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد صالح اليهود أول ما وصل المدينة صالح اليهود، فنحن إنما نصالحهم كما صالحهم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) مع الفارق الكبير من كل الوجوه فيما بين ما وقع عندما وصل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى المدينة وبين ما وقع من السادات عندما اتجه إلى القدس)). يوم القدس العالمي

4ـ التمسك بالإمام علي عليه السلام وتوليه: ((ثم تحدث عن أهل الكتاب: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا} (المائدة: من الآية59) وهكذا تمشي الآيات إلى أن يقول سبحانه وتعالى من جديد ليأمر الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بإعلان ولاية الإمام علي (عليه السلام)، فتأتي الآيات بعد أن تحدث عن اليهود أنهم {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} (المائدة:65) ثم قال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (المائدة:65 – 67).

ثم يعود من جديد إلى الحديث عن أهل الكتاب: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (المائدة: من الآية68) وهكذا يمشي في آخر الآيات يتحدث بالحديث عن بني إسرائيل, يأمر رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) بأن يعلن ولاية علي: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة: من الآية67) ماذا يعني هذا؟ أليست هذه هداية تهدي الأمة إلى أنهم لا بد أن يعودوا إلى الله؟ لا بد أن يعودوا إلى كتابه ليهتدوا به؟ لا بد أن يعودوا إلى رسوله ليستوحوا من حركة جهاده ودعوته كيف يواجهون أعداءهم التاريخيين, في التاريخ الماضي والحاضر والمستقبل، الذين سيكونون هم أهل الكتاب؟.

ثم يتحدث بأنه يجب أن يتولوا عليا بعد أن أمر رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يعلن على رؤوسهم أنه وليهم وخليفته عليهم من بعده)).  يوم القدس العالمي

5ـ الاتصاف بما اتصف به الإمام علي عليه السلام حب الله ورسوله: ((ألم يتحدث هنا عن التولي لليهود والنصارى وخطورته؟ ثم قال تعالى بعدها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} (المائدة: من الآية54) اعتبر موالاة اليهود والنصارى ارتداداً، وفعلاً هو ارتداد حطم الأمة، حطم الدين, حطم الثقافة، حطم الرأي، حطم كل شيء يتعلق بالأمة. {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (المائدة: من الآية54) أليس نفس الشيء الذي قاله الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في يوم خيبر؟ ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)) لن يقف أمام اليهود إلا رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قيادة في هذا المستوى، قيادة يحبها الله ورسوله، وتحب الله ورسوله، وأمة تحب الله ورسوله ويحبها الله ورسوله)). يوم القدس العالمي

وفي هذا الصدد يجعل من صفات علي سمات نصر فيقول: ((نجد هنا التوافق العجيب بين ما حصل في خيبر – وهي قصة مؤكدة وصحيحة يرويها المحدثون وبهذا اللفظ: ((رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)) – وهنا لا يمكن أن يُقْهَر اليهود إلا بأناس يحملون هذه الصفة {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (المائدة: من الآية54) يوم القدس العالمي

6ـ عدم تولي اليهود والنصارى: ((قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} متى ما توليتم اليهود والنصارى ستصبحون منهم, ومتى ما أصبحتم متولين لهم ومنهم فستفقدون هداية الله, فقد صرتم ظالمين وستفقدون هداية الله {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة: من الآية51).

{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} (المائدة: من الآية52) وما أكثرهم {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} (المائدة: من الآية52) يسارعون في تولي اليهود والنصارى كما هو حاصل نقيم علاقات مع أمريكا، إذا لم نقم معها علاقة فقد يضربونا تحت مظلة محاربة الإرهاب, وتحت عناوين كثيرة يطلقونها)).يوم القدس العالمي

ثم يقول بعد ذلك: ((ألم يتحدث هنا عن التولي لليهود والنصارى وخطورته؟ ثم قال تعالى بعدها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} (المائدة: من الآية54) اعتبر موالاة اليهود والنصارى ارتداداً، وفعلاً هو ارتداد حطم الأمة، حطم الدين, حطم الثقافة، حطم الرأي، حطم كل شيء يتعلق بالأمة. {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (المائدة: من الآية54)) يوم القدس العالمي

7ـ التوجه العملي الصحيح : ((يجب أن يكون حول رؤية صحيحة للحل، الشيء الذي هو مفقود في الساحة الإسلامية, وفي الإعلام العربي. ليس هناك توجيه للحل يجب نحن – وتنفيذاً لمطلب الإمام الخميني (رحمة الله عليه) من إحياء هذا اليوم يوم القدس – أن نتجه إلى التوجيه العملي الصحيح للمخرج لهذه الأمة من هيمنة أمريكا وإسرائيل مهما كان الأمر, مهما كان الأمر)) يوم القدس العالمي

8ـ العمل على إقامة سوق إسلامية مشتركة، ففي الوقت الذي لا ينسى السيد حسين الجانب الاقتصادي وتحدث كثيراً عن مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، نجده هنا يدعو إلى إقامة سوق إسلامية مشتركة: ((إذا كان العرب يخافون من أي حصار اقتصادي على دولة ما – لماذا لا يعملون على إقامة سوق إسلامية مشتركة؟ الإمام الخميني تبنى هذه الفكرة, وإيران تبنت هذه الفكرة، ودعت إليها وألحت عليها: أن العرب, أن المسلمين لا بد لهم في أن يكونوا متمكنين، من أن يملكوا قرارهم السياسي، لا بد من أن يكون لهم سوق إسلامية مشتركة بحيث يحصل تبادل اقتصادي فيما بين البلدان الإسلامية، ومع بلدان أخرى)) يوم القدس العالمي

وفي ختام ملزمة يوم القدس العالمي يجعل المجال مفتوحاً إذا ما استشعرنا المسئولية أمام الله، وفهمنا طبيعة الصراع وأننا نستطيع أن نعمل الكثير في ميدان المواجهة: ((نحن الزيدية علينا مسئولية كبيرة، ونستطيع أن نعمل الكثير ضد إسرائيل، ضد اليهود، وضد عملاء اليهود، وثقافة اليهود وإعلام اليهود، يستطيع الناس أن يعملوا الكثير .. وهذا ما نختتم به هذا الكلام))  يوم القدس العالمي

فنجده سلام الله عليه قد ناقش القضية من جذورها، واستعرض مجريات الأحداث وطبيعة الصراع وختم بالحلول العملية والمؤثرة، بدعوة شمولية عامة ينادي بها كافة المسلمين والعرب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com