تحالف اضطراري


سليم المغلس

من الواضح أن لكُلٍّ من السعودية والإمَارَات مساراً خاصاً بها بالشأن اليمني، ليس من باب التناقض، وإنما من باب لعب الأدوار لصياغة خارطة سياسية وأمنية جديدة حسب المشروع الأمريكي المناط بهما لتنفيذه وفرضه على الواقع اليمني.

الإمَارَات تكفّلت في العمل على صياغة المشهد كأمرٍ واقع من خلال تواجدها وَمن خلال أَدَوَاتها الخاصة كإعادَة إنتَاج علي عبدالله صالح وَقوى جنوبية من رحم القضية الجنوبية وَالحراك الجنوبي وبعض الفصائل السلفية والوَهَّابية ونظمها سياسيًّا وشعبياً وأمنياً وَعسكرياً كقوى بديلة عن الإصْلَاح في مواجهة أنصار الله والقوى المناهضة للعدوان.

كما تحاول فرض هذه القوى سياسيًّا للتحكم في المشهد السياسي القادم بدلاً عن الإصْلَاح وعن حكومة هادي.

بينما السعودية كان دورُها احتواء وتخدير حزب الإصْلَاح وحكومة هادي وتدفع بهم نحو التصعيد والاستنزاف في الجبهات وكذلك كخط رجعة مع الإصْلَاح في حال تعثر مسار ومُخَطّط الإمَارَات بالاستغناء عن الإصْلَاح كما هو حاليًا.

فكانت الإمَارَات تسمَحُ لحكومة هادي وبن دغر بمساحة محدودة من التحَـرّك والنشاط لتخفيف الحرج عن السعودية وكأنها فرضت ذلك على الإمَارَات في ظل استمرار محاربة وتضييق الخناق على الإصْلَاح.

حيث كان وعند وصول بن دغر إلى عدن يتم تجميدُ نشاط عيدروس الزبيدي وإخراجه إلى الإمَارَات وجولة إلى الخارج، لتأتي بعد ذلك عودة الزبيدي إلى عدن مع خروج بن دغر إلى الرياض وهكذا.

وبعد سقوط علي عبدالله صالح كورقة رابحة كانت معولاً عليها من قبل الإمَارَات والسعودية، وبعد تقييم الإمَارَات لحلفائها بعد صالح من خلال تجمع بعض قيادات المؤتمر الموالية للإمَارَات مع أحمد علي في أبوظبي ولقاءاتهم مع محمد بن زايد، تبين له هشاشتهم وضعفهم خُصُوصاً مع وجود قيادات المؤتمر الثقيلة والوطنية في الداخل والتي لا تقبل الدخولَ بمثل هذه الصفقات المشبوهة.

ولا شك أن جماعة أبوظبي من قيادات صالح طلبوا الوقت الكبير والكافي ليستطيعوا إعادَة إنتَاج أنفسِهم شعبياً وتنظيميا للسيطرة على قرار وقيادة المؤتمر واعتباره مساراً استراتيجياً ستعمل وتدفع نحوه الإمَارَات بنفَس طويل، وأنه لا مانع في هذا الظرف من التهيئة لتحالفات مع الإصْلَاح حتى يستفيدوا منه ليتمكنوا من إعادَة إنتَاج أنفسهم والتسلق على ظهر حزب الإصْلَاح، خُصُوصاً وهم يملكون خبرةً وتجربةً في ذلك.

وحتى يتم إعادَة إنتَاج أحمد علي أَوْ غيره من القيادات كقوى تابعه له في الشمال، يأتي دورُ السعودية التي احتفظت بعلاقتها وتواصلها مع الإصْلَاح لمثل هذه الظروف، حيث قامت بتبني تسوية بين الإمَارَات والإصْلَاح للقيام بتحالف اضطراري، لحاجتهما الماسة إلى خدماته ومواجهة الجيش واللجان الشعبية وَالشعب اليمني الحر.

ليجد حزب الإصْلَاح نفسه وحيداً في ساحة الارتزاق بعد رحيل صالح ومدللاً من قبل دول العدوان لحاجتها إلَيْه؛ ليستغلها فرصةً للابتزاز وإملاء شروطه بتحالف على المَدَى البعيد يضمنُ مستقبله السياسي ويحمي كوادره وأعضَاءه ويحفظ حقه في النشاط والحضور جنوبيا ويقضي على خصومه فيما يسمى بالمجلس الانتقالي وفرض واقع جديد بسيطرة ما يسمى بالشرعية التي يتخذها غطاءا لتحَـرّكه على مناطق الاحتلال في الجنوب وتعز.

وقد نرى في قادم الأَيَّام لقاءاتٍ تجمع أحمد علي أَوْ قيادات تابعة لمؤتمر الإمَارَات تلتقي سرًّا أَوْ علنًا مع اليدومي أَوْ غيره من قيادات الإصْلَاح الذي كان يشترط بتحالفه مع المؤتمر إزاحة صالح من العمل السياسي ورئاسة الحزب، وها هو يتحقق بمقتله بعد ما شجعَّه ناشطوه والإمَارَات والسعودية لهذا المسار الذي حقّق شرطهم، مما يعيدُ المشهدَ إلى عام 94م.

وهذا ما تم نقاشُه في لقاء اليدومي والآنسي مع محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في الرياض.

وستظهر ملامح الاتّفَاق في الخطوات التي سيتحَـرّكون فيها خلال قادم الأَيَّام.

تظل هناك تساؤلات ستكشفها الأَيَّام القادمة:

هل الإمَارَاتُ ستنجح بجَرِّ الإصْلَاح لمعركة وقتيةٍ ومن ثم رميه والاستغناء عنه بمجرد إنتَاج قوى جديدة تابعه لها؟

أم أن الإصْلَاحَ سيستفيد من الماضي ويستغل الفرصة وحاجتهم إلَيْه لإملاء شروطه وفرض أمر واقع يعزّز حضوره ويقضي على خصومه ويمنع الإمَارَات من إنتَاج أية قوى بديلة عنه؟

كما نتساءل فبإعادَة تحالف ثلاثي الشر المتمثل في الإصْلَاح وصالح وهادي (تحالف حرب 94م)!

هل ستعود الفتوى التي تكفّر أبناء الجنوب وتستبيح دماءهم؟

وَأين سيكونُ موقعُ الحزب الاشتراكي وَالحراك الجنوبي في خارطة التحالفات القادمة؟

وهل استطاعت الإمَارَاتُ شراءَ قيادات الحراك الجنوبي ومواقفهم وقضيتهم وأَصْبَحوا أداةً طيّعةً بما يجعلها تقدِمُ على هكذا خطوات دون أي اعتبار لهم؟!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com