أيها المتجنّي عن علم

عبدالوهاب المحبشي                                 

إن مستوى العدوان على اليمن لا يجهلُه العالَمُ وَإن تغابى، وَلكن مستوى الصمود أكبر من العدوان؛ لأنه لو كان الصمود أقل من العدوان لَكان العدو قد انتصر..

إن مستوى صمود يعادِلُ كفة العدوان ويزيدُ عليها لَهو صمود أسطوري، وغير مفسر إلا بأن هؤلاء المؤمنين يحظون برعاية غيبية وَمَدَدٍ إلهي..

إن العالمَ يعرفُ حجم ما حشد من قوة أمريكا ومال السعودية وَانحياز الأمم المتحدة والإعلام المتصهين في اتجاه قلب الحقائق وفي اتجاه التعتيم الإعلامي على كُلّ حقيقة أوشكت على الظهور..

وَالعالَمُ يعرف عظمة الصمود في مقابل فارق القوة الهائل وحجم الإمكانات والسلاح والعتاد والطيران والإعلام والحشود والتحالف الدولي والحصار المطبق التي يملكها التحالف العدواني في مقابل بساطة ما لدى المجاهد اليمني..

لماذا تضاءلت أمامَ بصرك كُلّ هذه الصعوبات وهذه الإنجازات في مواجهتها.. وَالتي تقوم بها أُمّةٌ بما تحمل من قيم وبما تحظى به من قيادة حكيمة تتجشم عناء التدبير وَضخامة المسؤولية.. في حين تضخمت في عينك تلك التجاوزات الفردية والتصرفات الوقتية وردود الفعل الآنية في مديرية أو اثنتين فحكمت نظرتك وأصبحت من خلالها تحكُمُ وعليها تحاكم وَأنت مع ذلك تدّعي الإنصاف بل تزعُمُ احتكار الإنصاف، وتضعُ مع كُلّ شهادة حق فرضت نفسَها عليك كلمة لمز تعلم عدم دقتها!

إفترض وَأنت تراها معركةَ حق في مواجهة باطل أنها فُرضت عليك وَعلى جماعتك وحدَكم ولم يكن غيرُكم موجوداً، ماذا كنتم ستغنون في مواجهتها؟.. وكم كنتم ستثبتون لها؟. فإن زعمت أنكم ستقفون لها بقوام جماعتكم فأنت تعرف أنك مكابر.. وَإن زعمتَ بأنها فُرضت عليكم ولم تدخلوها عن رضى فما الذي يختلفُ بكم عن غيركم من الذين لا بصيرة لهم في جهاد أعداء الإسلام وَوجوبه على المؤمن وحتمية الإعداد بنص الكتاب، وَإن رأيته جهاداً فهلا عرفت فضل من فتح بابه وسبقك بإعداد العدة وبناء النفوس المؤمنة، وتركيز البصيرة، وهلا عرفت فضلَ القيادة التي تحرّكت فلم تكن متروكاً لانعدام رؤية وَلا لتردد في موقف ولا لضعف في شخصية ولا لخوف في مواجهة بل وجدت في ميدان المعركة القيادة المتكاملة فكان لك عظيم الأجر بالجهاد ولكنه لا يقاس بعظيم أجر وثواب من تدور به رحى الجهاد، ويستمر به ثبات المجاهدين، وَمن خلاله تتجلى رعاية الله للمجاهدين بما يجري على يديه من التدبير..

وهب أن المجاهدين كانوا أصحابَ مواقفَ عظيمةٍ وشجاعة منقطعة، وتخيل أن هذا الموقع خلا من تلك القيادة لا سمح الله ماذا سيكون مصيرُ هؤلاء؟ وما حجم الخلل الذي سيدخل عليهم في مختلف الميادين الجهادية عسكرية كانت أو سياسية..

فإذا عرفتَ حجم الخلل الذي يحدث بغياب تلك القيادة عرفت عظيم الأثر الذي يتحقق بوجودها واستمرارها في قيادة المواجهة على مختلف المستويات..

بل إنك لو أنصفت عرفت أن الأمة إن فقدت قيادتَها الحكيمة صارت فريسةً سهلة لعدوها قبل التئام شملها من جديد، بينما لو وُجدت القيادةُ الحكيمة واستمرت فلا قلق على الأمة، إذ القيادة بتوفيق الله مظنّة اجتماع شمل الأُمّة ونهوضها مجدّداً مهما تغيّرت الظروف وكانت الصعوبات قاسية والتأريخ كله شواهد..

أيها المتجني على علم.. سل رفاق الدرس والخط الذين نزلوا الميدان وواجهوا العدوان لماذا تتغير نظرتهم وتتحسن لهجتهم وَحين يعودون لا يعودون كعهدك بهم.. فتجدهم يعظمون القيادة التي تستهينُ بها ويعرفون لإخوتهم المجاهدين فضلَهم ولا يضعون عليهم الشروطَ التي تضعها.. هلّا تساءلت لماذا؟

لأنهم عرفوا أن الحواجزَ ليست في الواقع وَأن نظرة التحسُّسات هي نتاجُ الضغط في الميدان وليست للتقصّد وَأن الجهادَ هو قداسة البذل والعطاء وليس اللمز وَالمن على الله وَأخذ المؤمنين بذنب المسيء.

ولو زُرْتَ ميدانَهم لَعرفت ذلك ولكن لعلك لم تزر ميدانَ المعركة ولم تستمع خطابَ القيادة إلا قليلاً ولذلك فقد عذرك الذي قال : ما أسهل الحرب على المتفرجين، وَالسلام.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com