“شاعر نهم” عُبَـاد أبو حاتم في حوار مع “صدى المسيرة”: لم أعرف العزةَ والكرامة إلا في مواجهة العدوان وقيادة السيد عبدالملك

  • نحن ركّاب السفينة وأبو جبريل رُبّانها
  • والدتي توفّيت بسبب الحصار
  • لو أردتُ الشهرة لَكنت في الرياض والعدوان عرض عليّ أن أكتُبَ له قصائدَ دون أن يعرفَ أحدٌ مقابلَ المال ورفضت ذلك
  • زُرْنا الجبهات لنرفعَ معنويات المجاهدين فرفع المجاهدون معنوياتنا
  • “شاعر نهم” في حوار مع “صدى المسيرة”: لم أعرف العزة والكرامة إلا في ظل المسيرة بقيادة السيد عبدالملك الحوثي ومواجهة العدوان

 

حاوره/ زكريا الشرعبي

للشعر والشعراء دورٌ كبيرٌ في مواجَهة العدو، وكما أن للرصاصة التي يطلقها الجندي من أجل وطنه وَقْعَها، للكلمة التي يقولها الشاعر وَقْعُها أَيْضاً، وقديماً كان الشاعرُ قائد القبيلة وفارسها الأول أيضا كما أنه لا خيرَ في الشاعر أَوْ المثقف إذا لم يهتم بقضايا شعبه ووطنه وظَلَّ في برج عاجي يصيغ الكلمات المنمّقة في الوقت الذي يتعرض شعبُه لأبشع أنواع الانتهاكات، وكما قال المفكر العربي إدوارد سعيد في كتابه “صورة المثقف”: إن المثقفَ بما في ذلك الشاعر (فردٌ ذو دور اجتماعي محدّد في المجتمع الذي لا يمكن اختزالُه ببساطة لأن يكونَ كاتبَ حرف بلا ملامح، وإنما هو فرد وهب قدرةً لتقديم وتجسيد وتبيين رسالة إلى جمهور محدّد ولأجله.

الشاعر عُبَـاد أبو حاتم والذي يُعرَفُ بـ”شاعر نهم” من أبرز الشعراء الذين وعوا هذا الدور في ظل تعرض اليمن للعدوان الأمريكي السعوديّ وقدَّمَ رسالتَه في مواجهة هذا العدوان وارتبط اسمه بالزوامل الشعبيّة التي كتب الكثير من كلماتها ولاقت رواجاً واسعاً في أوساط الشعب اليمني وخارجه كما يتردد صداها في مواقع أبطال الجيش واللجان الشعبيّة المرابطين في جبهات الداخل وما وراء الحدود، فمَن هو عُبَـاد أبو حاتم ولماذا عرَّضَ نفسَه للخطر في الوقت الذي توارت فيه النخَبُ القديمة وما سر حضور قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي في شعره وما قصةُ زامله الشهير “بانعدم الجيش السعوديّ نعدمه”؟.. هذا سنعرفه في هذا الحوار:

 

–           في مطلعِ هذا الحوار كيف يعرّف الشاعر عُبَـاد أبو حاتم عن نفسِه للقُرَّاء؟

عُبَاد يحيى أحمد أبو حاتم

مواليد ١٥ ديسمبر ١٩٨٠

خريّج نُظُم معلومات جامعة الأنبار، جمهورية العراق ٢٠٠٣

متزوج

 

–           هل لديك ديوانٌ شعري مطبوع؟

لا يوجد.

 

–           هل هناك شاعرٌ أَوْ كاتبٌ أنت متأثِّــرٌ به؟

وهل هناك غير الشهيد النمري؟!!

 

–           هل قمتَ بزيارةٍ إلى الجبهات العسكرية، كيف وجدتها؟

نعم، كانَ لي بعضُ الزيارات، كان أبرزُها إلى ميدي وَتعز، وكان هدفُ الزيارات هو رفعَ معنويات المجاهدين، وَلكن ما حصل هو العكسُ، فهم من رفعوا لنا المعنويات ونحن مَن نحتاج الزيارات هذه لنتعلمَ منهم معانيَ الصمود وَالانتصار والبذل وَالعطاء وَالتضحية وَالثقة بالله وَبصدق القضية، وَنلتمَّــسَ التأييدَ الإلهي على أرض الواقع.

 

–           ما هو جديدُ الشاعر عُبَـاد أبو حاتم؟

ساحل البحر الاحمر للعدا الموت الاحمر•• ما نجي غير ابو جبــريل باْهــــل السفينه

با نجاهد معه فيْ الجـــو وَالبحـــــر وَالبر•• فيْ الصحاري وروس الشامخــــات الزبينه

في سبيل الله أَكْبَر لعــــــن ابــو من تأخّر •• كل مـــؤمـــن تِكبـــر بنــدقـــه فـــي يمينه

قــــوة الله تــتـحـــدى الســــــلاح المطوّر•• والثقـــة بـــه مـــدد جــوي نزل بالسكينه

صرخة الحــق مطبـــوعه علـــى كُلّ معبر•• سوقها سوقها للخصم فـــي وسط عينه

* * *

دك شيطان نجـد ادعس على حِلف خيبر•• جيش الأنصار من صعده مدد للمدينة

والله أن الله أَكْبَر فـــــوق مـــن قــد تكبّر•• وانّهُ نصــر ربّاني وَرَبِّي ضمينه

وانه الحق ساطع واننا جيش حيدر•• جند الاسلام اُسْد الحق نحمي عرينه

كل غازي غزانا تحت الاقدام يقبر•• وَالكرامة مـهرناها دمانا الثمينه

طايرات اف ستعشر في الجو عصفر•• والبرادلي مطيه وَالعســاكر رهينه

والصواريخ في العُمق السعوديّ تفجّر•• صقر صيّاد ما يصطاد غير السمينه

أرضنا نار حمرا جوّنا ريح صرصر•• وبحرنا سم ناقع والشوامخ حصينه

مَن مـــع الله يُنصَر وَالعـــدو فــر وَادبر•• يا حنينه مـــن اتعــــــدى اليمن يا حنينه

لو جمع ضدنا العالـم وَجيَّش وَعسكر•• ننتصر أَوْ يموت الحـر رافع جبينه

كُلّ غـــزوه وَمسرى بالوثـــايــــق مصوّر•• وَالبنادق خيار الحسم بيني وَبينه

 

 

–           هل هناك زاملٌ يتم التجهيزُ له من قِبَل أحد المنشدين، ما هو؟ وما مطلع كلماته؟

إن شاء الله نسمع قَريباً زامل لرجال الله في وحدة القنّاصة يقول في مطلعه :

مِــدَّها في يمينك مِــدَّها

واقتنص جُنْد سلمان الرخاص..

 

–           خلالَ عامَين من العدوان كان لك دورٌ بارزٌ في المواجهة، ولا شك أن هذا عرّض حياتَك للخطر، دعنا نسأل سؤالاً مَن لا يعرفك.. لماذا عرّض عُبَـاد أبو حاتم حياتَه للخطر وكان بإمكانه أن يظلَّ في بيته ككثير من الأسماء المشهورة سابقاً؟

الخطرُ الأَكْبَرُ هو أن نقفَ صامتين في ظل عدوان استهدَفَ الحجر وَالبشر وَالشجر أن نقف صامتين ضد قوى استكبار عالمية تريد ضربَنا في ديننا وَعروبتنا وَقيمنا وَمبادئنا وهُويتنا، الخطر أن نقبل بالوصاية.

وأريد أن أقول إن طوالَ عمري لم أعرف هذه العزة وَالكرامة غير في ظل هذه المسيرة بقيادة السيد عبدالملك الحوثي وفي ظل تصدينا العدوان. أعرف أنني معرَّضٌ للخطر لكن أقسمُ بالله إني غيرُ مُبَــالٍ، وكلي ثقة بأن اللهَ معي وَإن قُتلت من أجل موقفي هذا فهو العز وَالشرف الأبدي إن شاء الله.

 

–           البعضُ يقول بحثاً عن الشهرة والبعضُ يقول سعياً وراء المال.. كيف ترد على هذا؟

لو أردتُ ذلك لَكنتُ ذهبتُ الرياض أَوْ الإمارات وَصنعت شهرة وَثروة طائلة بدون أن أعرّض نفسي وَأُسرتي للخطر.

 

–           هل تعرّضت للتهديد أَوْ للإغراء بالمال من قبل العدو؟

التهديد كثيرٌ جداً وَبِــعِدّة طرق، مباشرة أَوْ غير مباشرة، وكذلك الإغراء بالمال، بدءاً بعرض الدخول للسعوديّة ثم بطلب عدم الكتابة وَالظهور الإعلامي، ثم بطلب أن أكتب للعدوان وَمرتزقته في نفس الوقت الذي أكتب فيه ضدهم بدون أن يعلم أحدٌ بذلك، ثم في الأخير قالوا: ماذا صنع لك أنصار الله؟! وَلماذا لم يعملوا لك كذا وَيعطوك كذا وَيعينوك بمنصب كذا وَكذا وَكذا؟!!.

وَللعلم أن والدتي -رحمه الله- توفيت؛ نتيجة الحصار وَإقفال المطارات وَالمنافذ، وَكنت أعرف وَهي تعرف أن موقفي هذا سيترتّب عليه احتمالية عدم سفرها لو ساءت أَحْوَالُ البلاد، وَبالفعل ما توقّعناه حصل وَلم تتمكن من السفر وَماتت شهيدة الحصار، وَلكن كان قرارنا وَكنا مستعدين نتحمّل نتائجه مهما كانت، فهل الشهرة أَوْ أَمْوَال العالم تساوي نعل والدتي رحمة الله عليها

 

–           من الزوامل الأولى في مواجهة العدوان زامل “نقسم برب العرش خلّاق السماء.. بانعدم الجيش السعوديّ.. نعدمه” وهو من الزوامل الشهيرة جداً.. ما هي ظروف كتابة هذه القصيدة؟، وما سر الحماس فيها؟

كتبت هذه الأبيات في ليلة من الليالي وَأنا استمع لإذاعة صنعاء وَبالذات عندما كان الإعلامي المتألق عبدالله الحيفي يقرأ جرائمَ العدوان لذلك اليوم، فأحسستُ بالحُرقة الشديدة، تآكل صدري فبدأت تلقائياً بالقسم أكلم نفسي أقسم برب العرش لا نعدم الجيش السعوديّ هذا ونسوّي ونسوّي، وطلعت فكرة الأبيات وحوّلت ما في نفسي وقتها من مشاعر غاضبة إلى كلمات شعرية وفقنا الله بها وَكذلك ألحان وَصوت المنشد الجهادي عيسى الليث، سلامُ رَبّي عليه، كان لها الدور الأَكْبَر بعد الله في أن يصدَحَ هذا الزامل هو قسم لكل يمني حُر صامد في وجه العدوان.

 

–           “دق الهمر والبارجة والقاذفة واشعل حوار البندقية في جنيف”.. هذا الزامل كان عند الجولة الأولى للمشاورات السياسية، هل قصدت به عُقمَ الخيارات السياسية ولماذا؟

الجبّارون وَالمستكبرون عبر التأريخ لا يجدي معهم الحوارُ، وَالتأريخُ مليءٌ بشواهدَ على ذلك، ففرعون أتاه موسى بمعجزات وَبراهين تخشع لها الجبال وَلكنه تكبّر حتى آخر لحظة حتى بعد أن انشق البحر أَمَـام عينَيه لم يتعظ وتكبّر على الله، وَنبي الله نوح دعا في قومه ما يقارب ألفَ سنة وَلكنهم تكبّروا وَأغرق اللهُ الأَرْضَ بمَن عليها عدا أَصْحَـاب السفينة؛ لذلك الحوار من فوهات البنادق أجدى.

 

–           لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حضورٌ ملحوظٌ في قصائدك.. ما سر هذا الحضور؟

لأننا رُكّاب السفينة وَأبو جبريل هو رُبّانها.

 

عن دور الشعراء في مواجهة العدوان

–           إذا ما انتقلنا إلى محور آخر وهو دورُ الشعراء في مواجهة العدوان أستاذ عباد:

كان محمود درويش يقول أن تكونَ فلسطينياً فذلك يحمّلُك مسؤوليةً كبيرةً إزاء القضية، وأن تكون فلسطينياً وشاعراً فذلك عبءٌ كبيرٌ؛ لأنك ستحمل مهاماً لا يتحملُها الشعر.. ما رأيك بهذه المقولة إذا عكسناها على الشاعر اليمني في ظل العدوان؟

كلامٌ صحيحٌ وَلا غبار عليه، أنا كيمني يجب أن يكون لي دورٌ تجاه قضيّتي، ولكن أن أكون يمنياً وَشاعراً فهذا يضاعِفُ من واجبي تجاه القضية؛ وَلذلك أقول للشعراء الذين لم يتحركوا حتى الآن (التأريخ يسجِّلُ ولن يرحَمَ ومن لم يتحرك الآن فمتى سوف يتحرك وَمَن سيسمع له أصلاً بعد هذه المرحلة).

 

–           ما هو الدور الذي مثّله الشعر في مواجهة العدوان؟

الشعرُ كان وقود المعارك، وَكان رفيق المجاهد في كُلّ غزوة، وَكان شريكَ المواطن في صموده وَأحزانه وَانتصاراته وَتشييع شهدائه، الشعر تخندق في كُلّ خندق للجهاد ضد العدوان.

 

–           يقال إن على الشاعر أن يكون قَريباً من هموم الجماهير ويقول الشاعر عُبَـاد أبو حاتم إن هذه المرحلة هي جهادية بامتياز وليس وقت شعر الغزل، بينما يرى البعض أن الشاعرَ يجبُ أن يبتعدَ عن السياسة بماذا نرد على هؤلاء؟

لستُ شاعراً إذَا لم تكتُبْ في كُلّ المجالات، وَلكن كما قلتُ مسبقاً في ظل هكذا ظروف لا يوجدُ مكانٌ للغزل.

وَالذين يقولون إن على الشاعر أن يبتعدَ عن السياسة.. كلامُهم يؤكد أن دورَ الشعر كبيرٌ وَمهم في الحياة السياسية، وَله تأثيرٌ بالغ وَخصوصا في هذه المرحلة وَهذا يزيدنا إصرَاراً وَتمسُّكاً بدورنا في هذه المرحلة كشعراء وَيدل أن رسالتنا وصلت بفضل الله.

 

–           نحن الآن ندخُلُ في العام الثالث من العدوان ماذا تقولُ في هذه المناسبة؟

أشكر الله أولاً، فلولاه لَما صمدنا ضد قوى العالَم لعامين مَضَيا وَاليوم نحنُ في العام الثالث.

ثانياً.. أقولُ لشعبنا الحر الصامد: لله دَرُّك من شعب قهرت وَتحديت العالَمَ وَمضيت واثقاً بنصر الله وَجعلت من جماجم أَعْــدَاء الله سُلَّـماً إلى سماء العِزّ وَالمجد وَالفخر، وَفي قمة الحصار وَالحرب انتجت صواريخَك وَطائراتِك، فلله دَرُّك، وسوف نظَلُّ صامدين عاماً وراء عامٍ حتى يوم القيامة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com