المنشد الليث والشاعر المتميز في حوار خاص بصحيفة “صدى المسيرة”: ثقافتنا القُـرْآنية تعلمنا أن نتحرّكَ إلى الجبهات والشهادة لنا أمنية نسعى إليها

المنشد عيسى الليث:

  • ليس القتال حصراً على مَن في المتارس والجبهات وَليست مهمتنا فقط الشعر وَالزامل، بل نحن جنودٌ لله سبحانه وهذا الشعورُ نسعى له ونستعد ونمارسه قولاً وفعلاً
  • القصيدة تلحن نفسها واللحن المميز هو الذي تكونُ كلماتُه قويةً وتتحدَّثُ عن معاناة الشعب ومظلوميته والمجاهدون هم مصدر الإلهام لنا على مستوى الأداء واللحن
  • أولُ زامل قمتُ بتسجيله بقناعةٍ تامةٍ هو زامل (حيّا بداعي الموت قُل للمشرقي والمغربي)، وهو مأخوذ من ديوان الشهيد عَبدالمحسن النمري
  • الشهيد النمري مدرسةٌ ورسالةٌ ثقافيةٌ قرآنية تحمل وعياً عالياً تجاوَزَ اليمن إلى الخليج والوطن العربي
  • كان للزامل الشعبي بصوت لطف القحوم مذاقه الخاص

الشاعر عَبدالسلام المتميز:

  • كُلّ الميادين جهاد ونحن نكتُبُ بصدق وبروح جهادية ودون مبالغة
  • كل مَن له ذائقة شعرية وَواقعية سيرى أن الشهيدَ النمري جمع بين البساطة الشعبية في التعبير بالكلمات والقُرب من الناس وبين القوة والثبات

 صدى المسيرة- حوار خاص

دورُ الزامل الشعبي في معركة المواجهة ضد العدوان ضاعَفَ من مكانته في الوسط الشعبي وأعاد له حضورَه وأهميتَه في التعبئة والتوعية والتعبير عن حال الصمود، ووصف الواقع صبراً وصموداً وإنتصار.. حتى أصبح الزامل جبهةً متفردةً ومتميزةً لما له من أثرٍ ونتائجَ على صعيد الصمود وتوثيق اللحظة التأريخية الراهنة وتجسيد قيم التلاحُم والتآزر وإعادة بعث التراث الحضاري للمجتمع اليمني.

 المتميز والليث يمثلان أحدَ أبرز حالات التألُّق الإبداعي في مسيرة الزامل الشعبي، فدورُهما يتكامَلُ شعراً ولحناً وأداءً، الأمر الذي جعل من أعمالهما الأكثرَ انتشاراً والأقوى تجسيداً للسان حال اليمنيين في معركتهم المصيرية.

“صدى المسيرة” التقت الشاعرَ عبدالسلام المتميز والمنشد عيسى الليث، في حوار تطرق للكثير من القضايا المتعلقة بالزامل الشعبي كجبهةٍ لا تقل أهميةً عن بقية جبهات التحدي والصمود.

 

–           بداية نرحِّبُ بكم أستاذ عيسى في صحيفة “صدى المسيرة” ويا حبذا لو تعطون القارئ نبذةً عن بداية مشواركم الجهادي؟

 أهلاً بكم، وبمتابعي “صدى المسيرة”، وفي الحقيقة أنا كنتُ أعملُ مع مجموعة من المجاهدين، حيثُ كنا نتواجَدُ في مكان معيّن، ونعمل على ترديد بعض الزوامل، ثم تطوّر الأمر، فكنا نقيمُ كُلَّ يوم خميس أمسيةً ثقافيةً نُحيي فيها الأنشودة والزامل قبل أن نبدأَ في تسجيلها.

 وبدأت مرحلة الانشاد في منصة الأنشطة الثقافية في مركَز حمزة بن عبدالمطلب أيام المراكز الصيفية، ومِن ثَمَّ بدأنا في مشوار الزامل في ٢٠١١، حيث كنا نستقبلُ الضيوفَ التي كانت تزورُ محافظة صعدة ونزومل.

  • دائماً يُطرَحُ تساؤل: ما الذي لفتكم إلى هذا المجال “الزامل”؟

مِن أبرز الدوافع التي شدّتنا للدخول في مجال الزوامل هو أنني كنتُ أجدُ كيف تحوّل الزامل إلى ألحان لينة رومنسية هي أقربُ من الألحان الإنثاوية في لحنها، وأَيضاً في كلماتها، لا تهدفُ إلى موضوع ولا تتحدَّثُ عن قضية، مفرغة من محتواها، فكنتُ أفكّرُ في كيفية إعَادَة الزامل إلى طريقه التراثي اليمني الشعبي الهادف والصحيح، حيث يصبحُ مليئاً بالقوّة، ويعبر عن قضايانا، وأَخْلَاقنا وأعرافنا الكريمة والأصيلة؛ لأن الرجلَ منذ القِدَم يهوى كُلّ ما يتحدث عن القوة والشجاعة والكرامة والشهامة والسيف والرمح ونُصرة المظلوم والوقوف في وجه المستكبر الظالم.

وأول زامل قمت بتسجيله بقناعة تامة وهو زامل (حيّا بداعي الموت قل للمشرقي والمغربي)، وكانت فكرتُه أني سمعت زاملاً لأحد التكفيريين يرُدُّ على لطف القحوم، لكن اللحن كان هابطاً جداً، والكلمات غير معبرة، فعزمت الردَّ عليه وتوجهت إلى ديوان الشهيد عبدالمحسن النمري وأخذت هذه الكلمات وبدأت بتسجيلها.

  • على ذكر الشهيد عبدالمحسن النمري.. ماذا يمثّل لكم أستاذ عيسى الليث؟

 الشهيد النمري مدرسةٌ ورسالةٌ ثقافيةٌ قرآنية تحمل وعياً عالياً، ليس للشعب اليمني فحسب وإنما تجاوزت ذلك إلى الخليج والوطن العربي.

  • ترى مَن كان له الفضلُ في تقديم عيسى الليث إلى الجمهور؟

 في الحقيقة أتقدم من خلال صحيفة صدى المسيرة التي أعتبرها منبرَ الحقيقة وصوتَ الشعب ونبضَ الأُمَّـة بالشكر إلى كُلِّ مَن له دورٌ في تقديمي للساحة وهم كثير، وأخص بالشكر الأستاذ أبو مالك الفيشي وعبدالسلام القحوم وذلك لتشجيعه الكبير لي، واأتذكر أنه اتصل بي بعد أول إصدار وهو (حيّا بداعي الموت قل للمشرقي والمغربي) من كلمات الشهيد النمري وذهبت إليه ولقيت معه عبدالسلام القحوم، وقال لي: ليش ما عاد معك اصدار ثاني، فذكرت له بعض المعوقات. وقال لي: استمر وَأنا مستعد أكتب لك كلمات ونتعاون وانت اشتغل وانتج أَكْثَـر، وأعطاني جهازه الخاص.

– إذا ما انتقلنا إلى الشاعر عبدالسلام المتميز.. حدثنا أستاذي عن بدايتك الأولى مع الشعر؟

البداية كانت مع الشعر الفصيح، بالفصحى من زمان من أيام الدراسة الثانوية، ولكن كان مثل أي شاعر لم يكن يعيشُ قضية ومشروعا وهدفاً له، باستثناء قضية الأُمَّـة قضية فلسطين، إلى أن جاءت المراكز الصيفية كحركة تعليمية تنويرية كانت قبل المسيرة القُـرْآنية وكان فيها أنها مراكز تتم فيها توعيةُ الناس بالقُـرْآن كعمل ثقافي.

وفي المراكز الصيفية بدأت علاقتنا بعيسى الليث الشخصية، حيث كان هو في مركَز حمزة بن عبدالمطلب واحنا مركز الإمام زيد في صعدة، كان لدينا في مركَزنا (الإمام زيد) شاعران وليس لدينا منشدون، وهم في مركَزهم لديهم فرقة إنشاد وليس لديهم شعراء، فكنا نتكامل، نكتُبُ لهم كلمات وهم ينشدون عندنا وعندهم، ولكن عندَما جاءت المسيرة القُـرْآنية جمعتنا بثقافة واحدة ومنهج واحد وهدف واحد، وجعلتنا نتحرَّكُ كأمةٍ واحدة قائمة على أساس التعاون والتكامل في مواجهة العدوان الأَمريكي السعودي، وجعلتنا نجدُ أنفسنا تلقائياً مع كُلّ مَن يحمل هذا الهَمَّ وهذه الرسالة.

 وأنا من خلال هذه الصحيفة “صدى المسيرة” التي أُجِلُّها كثيراً لدورها الكبير في توعيةِ الناس وتثقيفهم ثقافةً صحيحة، ولذلك نريد أن نوّعيَ الناسَ بفحوى الزامل ومضمونه ورسالته، ولذلك عندما نتكّلمُ على الزامل بعيداً عن أيَّة أشياء أُخْـرَى، بحيث نقترب من رسالة الزامل نفسه.

  • ما الفرقُ بين الزامل و القصيدة، وما هي الرسائلُ التي يوجّهها الزامل؟

 الزاملُ له رسالته وله تأثيرُه الكبير على الجمهور؛ كونه أدباً شعبياً، وقد يكون من أَكْثَـر القنوات تأثيراً على عامة الناس الكبير والصغير الرجل والمرأة الطالب والمسؤول.

 وهو أدبٌ شعبي ينطلق من واقع الناس بما هم فيه ويخاطب المستوى العام للناس ولا يخاطب الطبقة المثقفة بحد ذاتها، ولا يخاطب من يعرف الفصحى فقط، بل يخاطب عموم الناس، وينطلق من مشاعرهم بدون تكلُّف، خصوصاً عندما يتعرَّضُ الناسُ للمظلومية، هنا يأتي دورُ الشاعر كصاحب رسالة؛ ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول: (وَالشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الغَاوَنَ* أَلَمْ تَرَ أَنّهُمْ فِيْ كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ* وَأَنّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ* إِلاّ الذِيْنَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) إلا هذا الذي يكون لديه قضية مرتبطة بالله، ولذلك أرى أنا أن التجربة الشعرية في الزامل نفسه لا تخص الشاعر لوحده بل هي تخص الشاعر والمنشد.

  • الشاعر عبدالسلام المتميز: حدثنا عن تجربتك أنت مع الزامل؟

كتبتُ زواملَ قديماً وقصائدَ عاميةً لا أذكُرُها، ولا أخفيك أني كنتُ سابقاً أعمدُ إلى الكتابة بالفصحى، لكن خلال العدوان اضطررت للاعتماد على الزامل؛ لإيصال الرسالة إلى أكبر شريحة من المجتمع، وكانت البداية هي في هذا العدوان الأمريكي السعودي على الشعب اليمني بقليلٍ، وهو زامل (يا دُعاة المعارك والقتالي… مَن دعا للحرايب بانجي له).

  • ما هي الرسائلُ التي أردت إيصالَها في هذا الزامل وذلك التوقيت؟

 الرسالةُ التي أردت إيصالها هي ترسيخ المبادئ التي هي في أي مسلم، ما بالك بأي يمني، وهي أننا قومٌ لا نعتدي على أحد، لكن لا يمكن أن نذل ولن نتخلّى عن قضايا الأُمَّـة الكبرى، ولذلك الرسالةُ واضحةٌ من خلال مطلع الزامل (يا دعاة المعارك والقتالي… من دعا للحرايب بانجي له)، بما يمكن أن نقول إنها مأخوذةٌ من قوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ)، وَترسيخٌ لهذه المبادئ القُـرْآنية والفطرية والقيم الفطرية النقية الأصيلة، كما تكررت في كثير من الزوامل فيما بعدُ.

  • لدينا العديدُ من الزوامل التي لحّنها وأنشدها عيسى الليث، مثلاً: هبت هبايب النود؟

كان قبله زامل “يا قرن شيطان القوى العدوانيه”، ثم اشتدت ضراوةُ العدوان وقصف بيتي ومحافظة صعدة بأكملها، وفي ذلك اليوم الذي قصف منزلنا كتبتُ هذا الزاملَ: هبت هبايب النود تعصف بصاحب التاج ومن الركام بنعود نعصف بتوج وأبراج.. وهو لإيصال رسالة تقول إننا من هذا الرُّكام نحن ننطلق دائماً ويدفعُنا دائماً إلى المواجهة وإلى الثبات وإلى الصمود أكبر، لا يخيفنا شيءٌ ولا نأسَفُ على شيء ما دُمنا في قضيتنا العادلة ومعتدىً علينا وندافعُ على شعبنا وأمتنا وكرامتنا، وفعلاً نقولُ بإذن الله ومن الركام بنعود نهزم قصور وابراج.

وهذا الزامل ارسلته للأخ عيسى ولم يكن هناك لحنٌ محددٌ له؛ ولأن لديه باعٌ طويلٌ في هذا الجانب اختار له اللحن الذي انشد فيه.

  • التساؤل نوجّهُه إلى المنشد عيسى الليث: هل يمكن أن تحدّثَنا عن كيفية اختياركم وتلحينكم لأبياتٍ معينة، هل هناك مشاعرُ وأحاسيسُ تؤثّرُ في اللحن والإلقاء؟

الواقعُ أن القصيدةَ تُلَحِّنُ نفسَها، وأنا أعيش الواقع، وأتذوَّقُ الكلمات، وأولُ ما تقرأُ القصيدةَ وتكونُ كلماتُها قويةً تعبّرُ عن معاناة الشعب ومظلوميته، أَوْ تتحدّثُ عن المجاهدين في الجبهات فهي بالغالب تطلّع لك لحناً مميزاً، وتفرِضُه عليك، وأيضاً نحن نعيشُ الواقع بآلامه وأوجاعه، وأفراحه وانتصاراته، والتحوّلات التي نمر بها، أكانت سياسيةً أَوْ عسكريةً، وكل قصيدة تحكي جانباً معيناً فيأتي لها لحنٌ على ضوء الواقع الذي جاءت فيه، مثلاً زامل (يقبل سعود جنيف والّا ينتجف)، جاءت مع مفاوضات جنيف عندما أرادوا منّا الاستسلام، فجاءت هذه القصيدة أشفت قلوبَ الناس؛ لأنها عبّرت عنهم وعن قرارهم وإرادتهم.

  • هل هناك علاقةٌ لكم مع المجاهدين في الجبهات؟

 المنشد عيسى الليث: هم مصدرُ الإلهام لنا على مستوى الأداء واللحن.

الشاعر عَبدالسلام المتميز: ألحانُ عيسى الليث فيها نمط معين خرج عن الروتين السائد في الزوامل من حيث الأداء، أما الواقعية فإن أداء عيسى وألحانه ينبعُ من الواقع وطبيعتهم الشعبية ومن ألحانهم ومن ما يميلون إليه؛ ولذلك تحظى بتوفيق الله بشعبية كبيرة، وأيضاً له بعضُ الخصوصية الكلمات تصنع اللحن المناسب، مثلاً: (سمرت انا القاذف على ظهر الكتف) اللحن الذي أنشد فيه كان فيه قوة وثبات، وفي نفس القصيدة مجرد ما أن تصلَ إلى الكلمات (راكن على الباري بفضله معترف)، صارت طبقت الصوت أدنى واللحن والأداء الذي جاء فيه كان فيه نوعٌ من الروحانية والشجن الذي يناسِبُ الكلامَ عن الله سبحانه والارتباط به والثقة به، وتعود نفس القوة عندما وصل إلى نهاية القصيدة وهو يقول: (بالرعب خلا الخصم منا يرتجف) فعاد إلى القوة، فالمعنى هو الذي يصنعُ اللحن، ولذلك أؤكد أن انتاجَ الزامل الآن ليس تجربة شعرية تخُصُّ الشاعر وليس تجربة فنية تخُصُّ المنتج فهي تجربة تكاملية وشعور مشترك يعيشُه الشاعر والمنشد وأيضاً المتلقي المتمثل بهذا الشعب الذي تتحدث عن مشاعره وواقعه ووضعه الذي يعيشه.

رسالةُ الزامل أنها تمثّلُ واقعية الشعب اليمني، وليس فيها من الكذب أَوْ المراوغة، وإنما تعكسُ الواقعية حتى في المبادئ؛ ولذلك في زامل آخر (قابض على الكرنيت لو سرت الكويت) كانت فيه تترسخ المبدأية الذي يعيشُها كُلُّ أبناء هذا الشعب، عندما تمّت الدعوة إلى مفاوضات في الكويت وكان الموقف واضحاً، نحن معتدىً علينا وما دام العدوان مستمراً علينا فسنواصل التصدّي له، موقف ثابت ولذَلك كان فيه (قابض على الكرنيت لو سرت الكويت، ثابت ورب البيت ما نخشى الخطر… وان هدأوا هديت وبعهدي وفيت وان شبها شبيت من شوكة وجر) هذا فيه مبدأية وفيه ما يجسّدُ أن التجربة لإنتاج هذا الزامل وولادته لا بد أن تكون مشتركة ويجب أن تكون هناك قضية يجب الحديثُ عنها ولا أكتُبُ مستقلاً عن المنشد، ودائماً يعجبني أن نتبادَلَ الرأي والفكرة حول ما يجب أن يقالَ، والعمل المبني على التعاون نرى فيه توفيقاً مِن الله سبحانه وتعالى، ولدينا تجاربُ مثل زامل (أرض اليمن أرضها باروت، وبعنا من الله جماجمنا).

  • هل هناك زاملٌ، أستاذ عيسى الليث، تجد اللحن له قبل كتابة الكلمات؟

 نعم.. فيه العديد من الزوامل أعجب بلحن تُراثي معيّن، ويتطلب الواقع والظرف حديث عن هذا الموضوع فأقوم بالتواصل مع الأستاذ عبدالسلام المتميز وأعرض عليه اللحن وأطلب منه كلمات بناءً على اللحن، مثلاً زامل (بعنا من الله جماجمنا.. من خالق الناس باريها) وهذا اللحن تراثي من محافظة صعدة.

  • كيف تنظرون، أستاذُ عَبدالسلام، إلى الشهيد النمري؟، وما هي المميزات التي تميزه عن بقية الشعراء؟

الشهيد النمري مدرسةٌ في الشعر لها ملامحها الخَاصَّـة ولها طبيعتها الخَاصَّـة ولها مميزاتها الخَاصَّـة، وكل مَن له ذائقة شعرية وله ذائقة واقعية سيرى أن الشهيدَ النمري جمع بين البساطة الشعبية في التعبير بالكلمات والقُرب من الناس وبين القوة والثبات، وفوق هذا كله الثقافة القُـرْآنية العالية التي استطاع من خلالها إيصالَ رسائله التوعوية الثقافية بكل ما تحملُه من وعيٍ ومبادئَ وقيم لكل عامة الشعب اليمني، وعندما لم نكن نملكُ قناةً فضائيةً استطاعت كلمات الشهيد النمري القيامَ بهذا الدور، نرى الشهيد النمري قدوةً بمعنى الكلمة، قدوةً في الوعي والمضمون والتأثُّر بالثقافة القُـرْآنية وإيصالها إلى الناس عن طريق المشاعر والعواطف أَكْثَـر من طريق الفكر، ولذلك اذكر في بداية العدوان تواصلنا أنا والأخ عيسى واتفقنا على نقطة هامة أننا نحملُ جميعاً نحن وغيرنا من الشعراء الجيدين الرائعين والمنشدين المبدعين والكل يحمل رسالةً، ومن أهم ما نريد ونسعى إليه هو إحياء مدرسة الشهيد النمري ليس كمدرسة خَاصَّـة بالشهيد النمري وإنما هي مدرسة تخُصُّ كُلّ من لديه قضية ورسالة يحملُها بالانتصار لشعبه والانتصار لمظلومية الأُمَّـة وبثقافة القُـرْآن، وليس بأية ثقافة مستوردة من هنا أوهناك، نحن نتحدث عن طريقة الشهيد النمري الذي جمع فيها بين الطريقة الشعبية والسلسة والوعي الذي حمله من خلال تأثره بملازم السيد حسين رضوان الله عليه.

  • شديت أنا للجبهة رحالي.. أستاذ عيسى ما هي الظروف التي سبقت هذا الزامل والتلحين وما هي المميزات التي جعلته من أبرز الزوامل؟

 الليث: كان هناك مجموعةٌ من أكبر المخلصين المجاهدين من أصحاب أبو علي في شعوب بداية المواجهات في نهم وأخبرني أحد الأصدقاء بقصة هؤلاء المجاهدين وقصة استشهادهم والصمود والثبات والتضحية الذي قدّموها، ألهمت بهذا اللحن وأرسلته للأستاذ عبدالسلام وأخبرته بتحشيد العدو.

المتميز: نحن نكتب بصدق لا من أجل تشجيع للآخرين، بل نسعى إلى أن نكون نحن نحملُ الروحية الجهادية بأنفسنا ونحمل إرادة القتال ويحملُه كُلّ يمني حر وكل مسلم ثقافته القُـرْآن، الان يحصل عدوان كبير على بلدنا والذي هو حاصلٌ كنتيجة أساسية لهذا العدوان وهو أننا كلنا نحمل إرادة الصمود والثبات والقتال، وليس القتال حصراً على من في المتارس والجبهات ونحن ليس لنا مهمة إلا كتابة الشعر أَوْ كتابة الزامل، بل نحن نرى أننا جنودٌ لله سبحانه وتعالى ونعبد أنفسنا لله، وكلما هو واجب على غيرنا أن يفعلوه هو أيضاً واجب علينا، هذا الشعورُ نسعى له ونستعد ونمارسه قولاً وفعلاً، شاء من شاء وأبى من أبى نشارك في كُلّ المجالات وندافع عن هذا البلد وهذا الشعب، وأرواحنا على أكفنا، لا نرى أنفسنا مكلفين بواجب أَكْثَـر من أعظم مجرد أن نكتُب شعراً أَوْ ننشد زاملاً.

 ثقافتنا القُـرْآنية تعلمنا هذا (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) والنتائج والبقية على الله ومتى اختار اللهُ لنا الشهادة فهي أمنية نسعى إليها ونسأل الله ألا يختارنا إليه إلا شهداء، ولذلك بكل واقعية قلنا ونقول شديت أنا للجبهة رحالي قولاً وفعلاً، وهذا حال أغلبية هذا الشعب، الكل يتدرب الكل يحمل روحية المشاركة والقتال بمعنى الكلمة والدفاع عن هذا الوطن وهذا الشعب وهذه المسيرة المقدسة، كما هو حال كُلّ الشهداء ولا نرى لأي عمل ننتجُه إلا بهذه المصداقية.

 أعود هنا لأوضح رسالة الزامل مرة أُخْـرَى، هناك رسائلُ توجَّهُ إلى أبناء الشعب ورسائل توجه إلى المقاتلين في ا لجبهات بالثبات والالتجاء إلى الله والارتباط به والثقة بالنصر وهناك رسائل توجه إلى المتخاذلين لاستنهاضهم و رسائل توجه إلى القائد حفظه الله بتجديد العهد والولاء لله سبحانه وتعالى ثم له بمعرفة ووعي ونعرف مع من نمشي وأننا في سبيل الانتصار لهذه المظلومية سنكون الأوفياء الثابتين دائماً، وهناك رسائل توجه إلى العدو نفسه ليعلم أننا لا يمكن أن نتراجع أَوْ نهزم والثبات والصمود ليست طفرة أَوْ شعور عابر، وانما هي قيم نشأنا عليها وتثقفتنا بثقافة القُـرْآن التي رسختها فينا ولذلك الكثير من الزوامل تحمل رسائلَ متعددةً توعية للناس بعدالة القضية واتضاح الهدف والغاية إلى حد كبير، ربما في بعض الزوامل ربما بعض الأمثلة المتأثرة والتي نحاول أن نتأثر فيها بالقُـرْآن والتشخيص القُـرْآني بالموقف والحدث، كما في زامل يا بحر هايج ويا بحر زخار الذي تكلم أننا حاضرون للتضحية وفيها الحديث الواضح عن استعدادنا للتضحية برا أَوْ بحراً.

لا يهمنا كُلّ الميادين جهاد وأشرنا في كثير من الزوامل بإشارات إلى بعض الفئات الخَاصَّـة مثل القوة الصاروخية كانت توجه باسمها بعض الرسائل والجيش كـ“صاروخيتنا ترمي السجيل وبقوة الله رميها قتال” لكن ما أهم ما يظهر جلياً وما يمكن أن يكون سمة غالبة على كُلّ عملنا هو الشعور الواقعي بالارتباط بالله سبحانه وتعالى ونحن دائماً نهنجم لكننا لا نهنجم بقوتنا نحن، لكننا نشعر بالقوة التي هي من الله، كما قال السيد في إحدى كلماته الشهيرة نحن دائماً موقفنا مبني على الشعور بالقوة لكن ليس القوة التي نمتلكها نحن بل القوة التي تأتي من الاعتماد من الله سبحانه وتعالى، والقوة في تأثير الزامل كماهي في ثبات أقدام المجاهدين، وهي في ثبات أَوْ تأثير المنشد ولا نرى لأنفسنا فضل وإنما هي بفضل الله سبحانه وتعالى.

  • أذكُرُ لنا بيتاً شعرياً أَوْ قصيدة أعجبت بها لأحد الشعراء؟

 هناك العديد منهم ممن يحملون هذا الشعور فينعكس على كلماتهم وشعرهم وهناك بالطبع عليها بعض الملاحظات على بعض القصائد لي انا أَوْ غيرها من القصائد.

  • ما هي النصيحة التي توجهها للشعراء في هذا المجال؟

المصداقية، فموقفنا قائم على الصدق، قال تعالى: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه” وقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ”؛ ولذلك أن نكون صادقين فيما نكتب الصدق الشعوري والصدق الواقعي، فنحن لسنا مجرد بوق اعلامي لترسيخ أشياء معينة، لا نحن نؤمن أننا في مواجهة مع قوى العدوان التي هي أَكْثَـر ما في هذا العصر دجلاً تضليلاً للوعي العام وقد تجلى فيهم قول الله سبحانه وتعالى (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ…)، سعيهم للتضليل ولتزييف الوعي سعي دائم ودؤوب عبر وسائل إعلامهم وفي جانب الزامل والإنشاد يمتلكون من الإمكانات الكثير والكثير، ويمتلكون من الكتاب ومن الصحف ومن مواقع التواصل الكثير من الاشياء ونحن نمتلك الصدق والحقيقة ونكتب بهذا الصدق وهذه الحقيقة.

 هذه نصيحتي إلى الشعراء حين يكتبون وإلى المنشدين حين يختارون. أحياناً يحصل بالشعر مبالغة من باب المبالغة الفنية وهذا ليس من سمات المؤمن، فعندما نتكلم بكل صدق عن سمات الناس وواقعهم، وعلى أساس هذا الصدق يكون لهذه الكلمات دور كبير.

  • يلاحظ على الزامل الشعبي أنه تناسى العدو الحقيقي أمريكا وإسرائيل.

 العدوان الذي عاشه الناسُ في هذه الفترة جعل التوجه للحديث عن العدو السعودي والإماراتي بأنه العدوَّ المباشر والحديثٌ عليه حديثٌ واسعٌ، مما يجعل الناس يتناسون من هو القائد الفعلي لهذا العدوان وهي أمريكا وإسرائيل، لولا أمريكا على الإطلاق لَما كان هذا العدوان، لولا الموقف الأمريكي مع التحالف المعتدي لما أطلقت طلقة واحدة، ولذلك يجبُ أن نعرف من هو العدو الحقيقي حتى لا نغفل عنه أَوْ ننسى. نحن كان لنا زامل موجَّه للعدو الحقيقي وهي أمريكا وإسرائيل، من ألحان المنشد المبدع عيسى الليث الذي يقول في مطلعه: يا شعب من بالعنا والقتل والنار يرميك… من يقتلك غير الأمريك فعل القاتل هي أمريكا ورسخت في هذا الزامل، ولم تكن الفكرة مني كانت الفكرة مشتركة مع الأخ عيسى الليث حيث أنه رأى هذا اللحن مناسباً لتكرار التأكيد على أن أمريكا هي من يقتل الشعب اليمني.

  • هل ممكن أن تعطينا نبذة موجزة عن هذا الزامل ورسائله؟

هي أن القاتلَ الحقيقي والأولَ هو العدوُّ الأساسي لهذه الأُمَّـة وهو العدو التأريخي، وهي أمريكا وإسرائيل، أما البقيةُ فهم مجرد أَدَوَات، ونحن لا نبرؤهم أنهم يباشرون القتلَ لكن هم ليسوا إلا مجرد أداة الأمريكي يقتل بها الأمريكي الذي يوجهها، الأمريكي الذي يشرف على عملياتها، الأمريكي يجمع لها المعلومات، الأمريكي يسخّر لها كُلّ الطاقات والقدرات ويأتي لها بهذا المرتزق وهذه الأيام ترتزق حتى دول، وهذا العدوان اتفق فيه حتى من كانوا أعداء، الإصلاحي، اتفق بالقتال ضد شعبه مع الاشتراكي الذي كان يكفره في يوم ما، اتفق فيه الداعشي القاعدي مع الأمريكي، الأمريكي هو الذي يجمع بين إسرائيل وبين القاعدة وداعش ويقاتلون في خندق واحد وجبهة واحدة، الأمريكي هو الذي جمع بين الإماراتي والمرتزق العميل وبين السعودي، ولولا أمريكا وإسرائيل لَما اجتمع كُلّ هؤلاء ولما حصل كُلّ هذا العدوان. من ذي بيحشد على شعبي جميع الصعاليك.. هم الطواغيت الأمريك وبأمر من جاسوا عبيدهم والمماليك.. بأمر الطواغيت الأمريك لولا أمريكا دعت ما جا ذنبها يلاقيك… لولا الطواغيت الأمريك والله ما من رمى طلقه ولا احد يحاكيك.. لولا الطواغيت الأمريك يا طفل مقتول من مزق ضلوعك واياديك… هم الطواغيت الأمريك.

  • المنشد عيسى الليث هل يمكن أن تفيدنا عن الدور الذي قدمتموه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية والذي يسعى العدو إلى طمسها وتصفيتها بشكل عام؟.

 الحقيقة أننا شاركنا في العديد من الأناشيد التي تتحدث عن القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، وكذلك شاركنا بالعديد من الزوامل، أذكر في إصدار (لبيك يا داعي دعانا). إلا أنني أعتقد أن القضية الفلسطينية تناسبُها الأنشودةُ بالفصحى أَكْثَـر؛ لأنها تخاطب كُلّ الأُمَّـة العربية والإسلامية، وجمهورها كُلّ الأُمَّـة وليس الشعب اليمني بمفرده، وإنما الزاملُ يخُصُّ الجانب الشعبي اليمني.

 وفي مجال الأنشودة بالفصحى كان لدور أنصار الله برئاسة المنشد المجاهد عبدالسلام القحوم الدور الكبير والبارز في القضايا المركزية والخطاب الذي يواجه الأُمَّـة ككل، بأداء مميز وكلماتها التي تختارها استطاعت مخاطبةَ الأُمَّـة بأجمعها، واستطاعت أن تخرج في ألحانها وإنشادها من الإطار التراثي اليمني الخاص بالإنشاد، وانتقلت إلى طريق آخر يسمح لها أن تخاطب الأُمَّـة الإسلامية بكلها.

  • بخصوص القضية الفلسطينية أستاذ عَبدالسلام.. أين نجدُها في أشعاركم؟

 لا نتحدَّثُ عن القضية الفلسطينية إلا ونتذكر بعضَ الشخصيات الكبيرة والعظيمة والمجاهدة التي كان لها الدورُ الكبيرُ في هزيمة إسرائيل وتمريغ أنفها بالتراب وأبرزها السيدُ حسن نصرالله، والذي كان من ضمن الأحرار الذي كان لهم موقفٌ بارز مناهض للعدوان على الشعب اليمني وقد كان لكم زامل (طير في جو السما طاير).

  • كان لكم بعض الزوامل أستاذ عَبدالسلام انتقلت للمحيط الخارجي وأشدتم بالسيد حسن نصرالله، (طير في جو السما طاير).. هل يمكن أن تحدثونا عن قصة هذا الزامل ولحنه ومناسبته؟

 هذا الزامل (طير في جو السما طاير… يا الحسن يا الكوكب الطاهر) من كلماتي وهو ما يمكن أن نقدمَه تجاهَ مواقف هذا الرجل العظيم الذي أثبت أنه رجل الموقف والمبدأ قبل أن يكونَ رجلَ سياسة والذي هو رجل القضية والدين قبل أن يكون رجل طائفة معينة، فالسيد حس نصرالله أثبت أنه رجل القيم والذي تحركه هي القيم قبل السياسة وقبل أن يحسب حساب أي شيء آخر، وجد أن قيمَه تفرضُ عليه ودينَه يفرضُ عليه مناصرةَ هذا الشعب المظلوم ضد هؤلاء الظالمين فقال كلمة الحق ووقف الموقف الحق ولم يبالِ بأي شيء آخر.

 وكما قال أن خطابه الثاني بعد العدوان على الشعب اليمني الموجهة ضد النظام السعودي أنه أعظم ما قام به في حياته، فماذا نريد بعد هذا، ولا يمكن أن نفيَ بشُكر السيد حسن نصرالله ولا الوفاء بموقفه.

المنشد عيسى الليث “مقاطعاً”: هذا الزامل هو من كلمات الشاعر المبدع دائماً الأستاذ عبدالسلام المتميز، وإنشادي، وحقيقة كانت كلمات رائعةً وجميلة، تعبر عن شكر كافة أبناء الشعب اليمني الذي أنا أحدهم لهذا الرجل العظيم، ولهذا حرصنا أن يكون لحنُ هذه الكلمات تراثاً يمنياً صعدياً ليكون أقل ما نقدمه.

  • الألحان التراثية للزامل الشعبي لها امتداد متجذر في أعماق التأريخ اليمني وحضورٌ قويٌّ في ذاكرة القبائل اليمنية، ما هي إسهامات المنشد عيسى الليث في هذا المجال؟

 الحقيقة أن الألحان التراثية لها ميزتها الخَاصَّـة وطابعها الخاص بها، ومذاقها المحبوب لدى المتلقي، وأنا أهواها وأميل إليها أَكْثَـر من الألحان الجديدة، ولنا العديد من الزوامل من بعد العدوان على الشعب اليمني بألحان تراثية، مثلاً: (اقتحم نجران هاجم تقدم)، وأيضاً زامل بلحن منبهي صعدي مطلعه (يا طير مهما طرت في جو السما)، وهناك الكثير من الألحان التي تتميز كُلّ منطقة أَوْ محافظة عن الأُخْـرَى من ذمار إلى قيفه إلى زبيد، إلى رازح، إلى مأرب، ونهم وخولان الطيال وخولان بن عامر.

  • كان لكما العديد من الزوامل التي تجاوزت الإطار الشعبي اليمني إلى مخاطبة الجوار في جيزان ونجران والربوعة، ترى ما هي الرسالة التي أردتم إيصالها من خلالها؟

 الشاعر عَبدالسلام المتميز: نعم لدينا بعض الزوامل التي تهدفُ إلى تخليد بعض المواقف البطولية المشهورة لأبناء الجيش واللجان الشعبية أثناء إحدى المعارك في نجران مثل (اقتحم نجران هاجم تقدم) الذي جاء لتخليد المقولة الشهيرة “سلم يا سعودي نفسك”؛ لأن هذا الموقف يستحق التخليد؛ كونها مثالاً رمزياً لما يحصل، ويجسّد الثباتَ اليمني والرعب الذي يلقيه الله في قلوب اولئك المعتدين، والثأر لدماء المظلومين من أبناء شعبنا. أيضاً زامل (سميت باسم الله على أبواب نجران.. )، والذي أردنا من خلاله أيصال العديد من الرسائل أولها: أننا نتحركُ باسم الله الذي أمرنا بالانتقام من الظالمين وأخذ الثأر منهم، ويتضح جلياً من البيت الأول في القصيدة أن هذا الرد الذي حصل بالحدود يستهدف النظام السعودي وهذا الجيش المعتدي ولا يستهدف المدنيين، ولا البُنية المدنية داخل المملكة، وانما يستهدف المعتدي الذي يقتل ويسفك الدماء ولذلك من البيت الأول يتضح (سميت باسم الله على أبواب نجران *** نقلع حصون المعتدي من عروقه)، وفعلاً كان هذا هو الواقع وتم استهداف الثكنات والمعسكرات والمواقع السعودية.

  • حصل ردودٌ كثيرة على هذا الزامل لكنكم لم تتعاطوا معها بالرد مثلاً؟

صحيح أصدروا العديدَ من الردود احدها باسم بني عمومتنا من قبائل يام الذين نعرفُ أنهم غير راضين عن هذا العدوان أصلاً، ولذلك اشتروا بعضَ الشعراء ليتحدثوا ويردون على هذا الزامل بأَكْثَـرَ من أربع أَوْ خمس شيلات، ولم أرد عليه لأنه يحاولُ أن يصرفَ الصراعَ وكأنه بيننا وبين إخواننا من أبناء شعب الجزيرة، ولذلك لم أرد لأن صراعَنا هو مع هذا النظام الملكي السعودي الجائر والجيش السعودي الذي رضي أن يكون أداة بيد الأمريكي والإسرائيلي ينفذ ما أرادا منه تنفيذه.

  • كان لكم أيضاً زامل تتحدثون عن جيزان فيه.. ما هي المناسبة التي قيل فيها وما هي الرسائل التي أردتم إيصالها؟

 الرسالة هي نفسُ الرسالة التي أوصلها رجالُ الإعلام الحربي الأشاوسُ الذي يشاركون في كُلّ غزوة وفي كُلّ معركة وينقلون لنا بطولات الجيش واللجان الشعبية التي تذهل منها العقول، والتي دائماً ما يسعى إعلام العدو لتضليل الرأي العام، وتكذيب تقدمات الجيش واللجان الشعبية، فعندما وثق الإعلام الحربي بالكاميرا المعارك في الربوعة جيزان، فحاولنا ترسيخ هذه الصورة بذلك الأساس النقي وهو أننا عندما وصلنا إلى الربوعة كنا نرد على المعتدي علينا بغياً وظلماً؛ لأننا منذ بداية العدوان علينا لم نرد على الحدود حتى تمادوا وطغوا فما كان منا إلا الرد.

 والزامل جاء للرد على من يشكك ويقول إن الجيش السعودي صاحب الترسانة الهائلة من التسليح الأمريكي لا يمكن أن يهزم من هؤلاء الذين لا يملكون إلا سلاحاً تقليدياً ولذلك قلنا فيه: يا سايق الطقم وصّلنا ** جيزان نفتح روابيها إلى أن قلنا: يا الّي جهلنا يواجهنا ** زور الربوعة وناديها.

 يضيف المنشد عيسى الليث في هذا الجانب فيقول: أيضاً زامل شعب الجزيرة للشاعر المبدع ضيف الله سلمان، ومن الألحان التراثية، كانت فكرتُه بعد خطاب السيد القائد عبدالملك الحوثي حفظه الله وحديثه عن شعب الجزيرة أنتم إخوة لنا، أعجبت كثيراً بهذه الرسالة التي تعبر عن شمولية القُـرْآن الكريم وإخوة الإسلام وأننا فعلاً إخوة، ولا خلاف بيننا، وإنما حربنا هي مع النظام السعودي الظالم المعتدي، أما إخوتُنا أبناء شعب الجزيرة العربية فهم مظلومون مثلنا، يعانون من الفقر والحرمان، وتتعجب كثيراً عندما ترى أن هذا النظام يسرق ثروات هذا الشعب للاعتداء على الشعب اليمني تنفيذاً لمخطّطات الأعداء، أخبرني أحدهم أن النظامَ السعودي يهدم بيوتهم ويصادرها في بعض الأحيان، إضَافَة إلى التمايز حتى في القانون الأمير السعودي له قانون خاص يختلف عن بقية أبناء الشعب.

والحمد لله لأننا في أعمالنا نرجو منها رضا الله سبحانه وتعالى، ولدينا قضية عادلة ومحق، ونحن شعب معتدىً علينا، نسعى إلى توضيح مظلوميتنا لكل أبناء الوطن العربي لاقى هذا الزامل إعجابَ أبناء الشعب اليمني الذي أعتز وأفتخر أنني أنتمي إليه، وكذلك كان له تَلَـقٍّ كبيرٌ جداً في شعب الجزيرة العربية نجران وجيزان وبلدان الخليج، ولاقى إعجابَ الملايين من البلدان العربية والإسلامية، وستلاحظ إذا ما تابعت في الإنترنت عددَ المشاهدات الكبيرة لهذا الزامل والإقبال عليه، وتصلني الكثيرُ من رسائل الإعجاب من مختلف البلدان العربية.

  • هل لديكم إصدارات قادمة.. أستاذ عيسى؟

القادمُ ستتحكّمُ به الأحداث.. وأريد أن أتحدَّث هنا عن السيد عَبدالملك الحوثي الذي هو نعمةٌ مَنَّ بها الله علينا في الشعب اليمني والعالم العربي والإسلامي؛ كونه أتى في هذه المرحلة الصعبة والواقع السيء لدى كافة البلدان والذي يمكن أن تقول إنه أتى في الجاهلية الثانية التي هي أشد وأظلم من الجاهلية الأولى، فهو يمثل النور الذي يشدنا إلى الرسول الأعظم محمد صلوات الله عليه وآله، ويشدنا إلى الله سبحانه وتعالى وإلى القُـرْآن الكريم، وبالنسبة لي أراه أغلى من نفسي ومالي وولدي. كنا في موقف وتجابرنا معه بعدين قال نشتي من عيسى زامل للشهداء وزامل حربي، أمانه اني لم استطع الكلام من الهيبة لهذا القائد، وبعدين رددت باثنين زوامل وعندما وصلت عند (لبيك لبيك يا داعي الهدى والرشاد) نظرت إليه فإذا به ينحني برأسه إلى صدره تواضُعاً وخَجَلاً.

  • الشهيد لطف القحوم ماذا يعني لعيسى الليث؟

 الشهيدُ لطف القحوم أستاذي وهو أَكْثَـر شخص ربطني بالمسيرة، حيث كان للزامل الشعبي بصوت لطف القحوم مذاقه الخاص، واللحن الشعبي القديم بعيداً عن المحسنات الصوتية، من أَكْثَـر ما تأثرت به زامل (ما نبال ما نبال ما نبالي) الذي كان قبل الحرب الخامسة جلست اتسمعه إلى الفجر، وتعرفت على الشهيد عن قُرب من خلال حضورنا بعض الأعراس. الشهيد لطف كان له علاقة كبيرة في الجبهات؛ لأنه كان مشرف مجاميع، وأذكر أن مجاميعه تحاصروا في تعز، وسار من هانا وتحاصر معاهم.. كان شجاعاً مقداماً.

  • متى آخر مرة لقيته؟

كان آخر لقاء معه قبل استشهاده بفترة قصيرة أثناء تسجيل زامل (فتح مكّه قرب وقته ومضمونه)، كلمات شارك فيها الأستاذ عبدالسلام المتميز وتواصلنا به وهو بعيدٌ مننا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com