الإضرابُ.. الوجهُ الآخرُ للعدوان

نوح جلّاس

بعد أن حاولَ العدوُّ مراراً وتكراراً اختراقَ هذا الصمود الفولاذي، مُستخدماً جميعَ الأساليب وأعظمها بشاعةً خرجت عن الطور الإنساني، ولكن باءت كُلُّ محاولاته بالفشل الذريع.

فعمل جاهداً لتحريك أوراقه الداخلية عسى أن يتغيرَ شيءٌ على الميدان أو تتركَ أثراً يتنفسُ به الصعداء، ولكن كما جرت العادة كرر فشله واتضح هشاشة حلفه.

ومع استمرارِ لهثه في زعزعة الأوضاع داخلياً من المحتمل أن يحصل على موضع قدم يتمكن من خلالها بسط نفوذ مؤامراته شيئاً فشيئاً.

وهذا الموضعُ الذي سيطأ قدمه عليه لن يأتيَ إلا في حال تنصّل البعض عن مسؤوليته أمام الله، والتواطؤ المفرط وغير الواعي، حيث لا يدرك هذا المتواطئ أنه يخدُمُ العدو أولاً وأخيراً دون أن يشعر.

وبعد إعلان نقابتَي التدريس والموظفين بجامعة صنعاء الإضرابَ؛ بحُجَّة قطع الراتب يتضح لنا جلياً مدى تنصل هذه الجهات تجاه مسؤولياتهم الذين لن يفلتوا منها أمام الله وأمام التأريخ الذي سيلعن كُلّ من تواطأ مع العدو بأية حالٍ من الأحوال.

وللعلم أن هذا الإعلانَ جاء بالتزامن مع إعلان موعد الاختبارات النهائية للترم الأول، في محاولةٍ لعرقلة العجلة التعليمية التي بذل العدو قصار جهده في إيقافها، لأنه يعرف تماماً خطورة استمرار هذه العجلة المليئة بالصواريخ البشرية التي سيأتي الدور عليها لمقارعته جيلاً بعد جيل.

لأن فيها الإعلامي الذي سيأتي كي يستمرَّ في إلحاق الخزي به وكشف زيفه، وسيلد منها التربوي الذي سيأتي ليكمل التوعية الحقيقية للأجيال بضرورة الوقوف أمام هؤلاء الطغاة، وسيأتي منها الطبيب الذي سيدواي الآلافَ من الجرحى الذين هُدمت منازلهم على رؤوسهم ولاسيما أن العدو لا يملك في قاموس أخلاقياته سوى الغدر والجُبن في هذا المجال، وسيأتي منها المهندس الذي سيعمل على بناء ورفع قواعد ما خلّفه العدو من دمار في المنازل والمنشئات والبنى التحتية والمصانع والمنشئات الحيوية وكل مقدرات الحياة التي جبُن العدو كثيراً في هدمها بغية إركاع وإخضاع أبناء هذا الوطن، وستأتي منها كُلُّ ذرة بشرية تنفجرُ في وجهه وتبدد مشاريعه الاحتلالية.

وهنا السؤال: هل طلابُ الجامعات هم تسبب في نقل البنك وقطع المرتبات؟

وهل هُم مَن قام بمنع الإيرادات التي كانت تجنيها الدولة من المشتقات النفطية وبقية الثروات الطبيعية؟

وهل هم مَن قام بسحب العملات المحلية ومحاربة الاقتصاد بكل القوى وتسبب في صنع أزمة مالية؟

وهل هذا الإضراب يوفر سيولة مالية يحصلون بها على مرتباتهم؟ مع العلم أن مرتبات عامة الناس مصيرها نفس مصير هؤلاء الأكاديميين الذين يعرفون جيداً من هو المتسبب في قطع المرتبات.

ولماذا فقط دكاترة الجامعات هم من أعلنوا الإضراب؟ لأنهم يعرفون كما يعرف العدو تماماً خطورة استمرار العجلة التعليمية كما ذكرتها آنفاً.

العديد من الأسئلة تحتاج الى جواب من قبل أولئك الذين اتخذوا عذر أقبح من ذنب لتبرير تنصلهم عن مسؤولياتهم.

مع العلم أن هناك الكثيرَ من الأكاديميين الذين عرفوا خطورةَ هذا الإضراب الذي يخدُمُ العدو بالدرجة الأولى وأصبحوا مَثَلاً يُحتذى به في الصبر والتحمل والتضحية في سبيل نيل عزة وكرامة هذه الأمة، فالتحية والإجلال لهم فرداً فرداً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com