إجراءاتُ السعودية الاستباقية بوجه ترامب.. هل ستنجح؟

صدى المسيرة| متابعات:

تعيشُ السعوديةُ اليومَ أوضاعاً صعبةً زادت تفاقُماً مع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة في أمريكا، هذا القلق الذي تعيشه السعودية أتى بعد أن تخلت أمريكا برئيسها الجديد عنها الذي أظهر خلال حملته الرئاسية حالة أقل ما يمكن وصفها بعدم الود اتجاه الرياض، حيث وصف الاخيرة بالبقرة الحلوب التي تدر الذهب الاسود عليهم والتي يجب قتلها اذا ما نفد ذهبها، كما أنه شدد خلال حملته على عدم استيراد نفطها، بل طالبها بدفع أموال طائلة مقابل تقديم الحماية لها، هذه الأمور وأخرى ضاغطة دفعت الرياض إلى اتخاذ عدة إجراءات من أجل حماية نفسها من جنون ترامب وَفي محاولة منها لتقليص الأضرار التي ربما تحدث في حال نفّذ ترامب وعوده، واعتبرت إجراءات احترازية وأتت على الشكل التالية:

1- قامت الرياض في الايام الماضية بإرسال عادل الجبير وزير خارجيتها الحالي وسفير السعودية سابقاً في واشنطن إلى أمريكا في مهمة صعبة جداً وصفت بالانقاذية، وَذلك من أجل استباق وصول ترامب إلى البيت الأبيض وتطويق الأضرار التي يمكن أَن تلحق بالسعودية وَالعائلة الحاكمة من جرّاء فوز ترامب وَتنفيذ وعوده المجنونة، وَتعزيز التحالف السابق بين البلدين الذي استمر حوالي ثمانين عاما.

و تعد هذه الزيارة الثانية للجبير إلى الكونغرس الأمريكي خلال ثلاثة أيام، على رأس وفد رفيع المستوى يضم عدد من الوزراء عرف منهم محمد آل شيخ، وأتت خطوة إرسال الوفد بهدف السعي إلى استمالة بعض أعضاء مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكيين من أجل تشكيل أداة ضغط تحول دون تحقيق ترامب لوعوده. والتقى وفد السعودية بشخصيتين هامتين وَنافذتين هما السناتور اوروين هاش، رئيس لجنة الشؤون المالية في مجلس الشيوخ، وَجون ماكين، رئيس لجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب. وكان لافتاً أَن السفير السعودي في واشنطن الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود لم يكن ضمن الوفد، في دلالة على المشاكل التي يعانيها الأخير مع الأمريكيين.

تجدر الإشارة إلى أن الزيارة جاءت متأخرة، إذ أن المجلسين باتا يكنّان الحقد الكبير للسعودية الآن وخاصة أنهما وقفا في وجه الرئيس الأمريكي السابق أوباما وكسرا الفيتو الأخير الذي أصدره لمنع قانون جاستا والذي يعطي الحق للعائلات المتضررة من هجمات الحادي عشر من سبتمبر لمقاضاة السعودية بسبب دعمها للإرهاب.

2- الاجراء الثاني الذي اتخذته السعودية كان توظيف اكثر من شخصية أمريكية فاعلة ووازنة في البلاد، كسفراء سابقين ووزراء ودبلوماسيين، ولم تكتفي السعودية بذلك بل تعاقدت مع أكثر من 15 شركة علاقات عامة. هذه التعاقدات وَالتوظيفات أتت من أجل الدفاع عنها وعن مصالحها في وسائل الاعلام والمؤسسات السياسية والاقتصادية الأَمريكية. وَمثالاً على هذه الشخصيات وظفت السعودية كل من دينيس روس، مبعوث شؤون الشرق الأوسط الأمريكي السابق، وزلماي خليل زادة السفير الأسبق في العراق ليكونا رأس حربة في حملة العلاقات العامة السعودية المضادة للرئيس ترامب، وَتشير المعطيات أن السعودية تسعى إلى توظيف كوندليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة في عهد جورج بوش في هذا الإطار أيضاً.

إذا ما لاحظنا الآثار المحتملة من هذه الاجراءات فيما لو نجحت السعودية في تحقيقها يمكننا القول إنها ستحقق للمملكة انتصاراً أولياً على ترامب باعتباره عديمَ الخبرة في المجال السياسي ورئاسته لأمريكا هي الأولى سياسياً وباعتبار أن لديه أولوياتٍ في الداخل أكبر وأهم كما صرّح والتي ستشغله عن السعودية فيما لو واجه صعوبات في مواجهتها، إلا أن النجاح بهذه الخطوات سيكون صعباً جداً وذلك للأسباب التالية:

1-تعصب الجمهوريين، حيث يسيطر الجمهوريون اليوم على مجلسَي الشيوخ وَالكونغرس، وَمن المعروف أن الجمهوريين يقفون وراء رئيسهم مهما حصل ولهذا شواهد إسْلَامية، الأمر الذي يقف عائقاً أمام أي لوبي أَوْ نفوذ داخلي تسعى السعودية لتشكيله لأنه سيكون عاجزاً في دوائر صنع القرار أي المجلسين المذكورين.

2-يعلم ترامب والجمهوريون من ورائه أن دول الخليج الفارسي وتحديداً السعودية دعموا كلينتون في حملتها الانتخابية ضدهم، وقدّموا أموالاً طائلة قدّرت بمليارات الدولارات لدعم حملتها الانتخابية بشكل مباشر أَوْ غير مباشر، فضلاً أن هذا الدعم ليس بجديد للديمقراطيين حيث كشفت رسائل كلينتون التي تم الكشف عنها في حسابها الخاص على الايميل انها تلقت مليون دولار تبرعا من دولة قطر لصندوق كلينتون الخيري عندما كانت وزيرة للخارجية.

اذاً أمام هذه التحدّيات الصعبة التي تعيشها السعودية على الصعيد السياسي وَهجوم ترامب عليها، فضلاً عن أزمتها العسكرية التي تعاني السعودية منها في عدد من البلدان التي تدعم فيها مجموعات مسلحة أَوْ تدخل فيها بشكل مباشر كسوريا والموصل واليمن، تأتي زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى واشنطن هزيلة ومتأخرة والمتوقع أن يكتب لها الفشل، وذلك لضخامة الصعوبات التي سيلاقيها هناك والتي تتمثل في وجود عداء مستحكم لبلاده في أكبر مؤسستي حكم أَمريكيتين، أي مجلسي الشيوخ وَالكونغرس من ناحية، ومؤسسة الرئاسة من ناحية أخرى.

*الوقت

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com