ضربة قلبت موازين معركة البحر: دول العدوان تغرق مع البارجة (سويفت) في سواحل اليمن

صدى المسيرة: إبراهيم السراجي

 

جاءت عملية تدمير وإغراق البارجة العسكرية الضخمة (سويفت) والتابعة للعدوان لتؤكد أن مستوى الرد اليمني على العدوان في المعركة البحرية يرقى لما هو أكبر من قدرة دول العدوان رغم الفارق المهول في الإمكانيات وجغرافيا المعركة التي تصب في صالح العدوان نظريا غير أن اليمنيين أتقنوا فن التغلب على التضاريس وقلب الطاولات على رأس العدو.

كان تحالف العدوان قد أعلن قبل نحو أسبوع من العملية عن تحركات مكثفة لقطعه البحرية في سواحل تعز. هذا الإعلان ضرب أولا مزاعم العدوان وتخبطه من ابوظبي إلى الرياض في محاولته التضليلية للتعبير عن ألمه من الضربة عبر إعلان تعرض البارجة لحادث ويجري التحقيق فيها كما جاء في بيان الجيش الاماراتي وعبر إعلان تعرضها لقصف ولكن باعتبارها سفينة مساعدات طبية كما هو في البيان السعودي. لكن وكيفما كانت روايات العدوان فقد اكتفى المتابعون لتلك الروايات بمعرفة حجم الضربة وتأثيرها باعتبارها واحدة من أهم واقوى الضربات التي تلقاها العدوان، أما الحقيقة فكانت ثاني المفاجآت بعد الضربة نفسها وهي المفاجأة التي اختص بها الإعلام الحربي.

بحجم العملية كانت التفاصيل متفرعة حول عملية تدمير البارجة التابعة للعدوان وتحديدا تابعة للجيش الاماراتي. تلك التفاصيل رغم ارتباك بعضها وهي الصادرة عن العدوان عززت من مصداقية الجيش واللجان الشعبية وما يصدر عنهما من إعلان عن العمليات، أما مشاهد الإعلام الحربي التي جاءت بعد أن تم ترك العدوان يقدم رواياته المتضاربة ليمثل عرض العملية ضربة ثانية لإعلام وبيانات العدوان.

بحسب المعلومات المتوفرة عن سفينة أو بارجة “ساعر” الإسرائيلية التي دمرها حزب الله في عدوان 2006 أي قبل عشر سنوات، والمعلومات المتوفرة عن بارجة “سويفت” التي دمرها ابطال الجيش واللجان والشعبية في سواحل المخا، يمكن الحكم أن الأخيرة أكبر وأهم من الأولى، وإذا كانت ضربة “ساعر” ماتزال مؤثرة للعدو الإسرائيلي الذي لم يشف منها الى اليوم وما تزال تراود أذهان القادة العسكريين الإسرائيليين الى اليوم في أحلامهم وذاكرتهم، فإن دول العدوان لن تشفى من هذه الضربة إلى الأبد.

وعلى قدر حجم وأهمية الضربة إلا أن الظروف والتوقيت الذي جاءت به عملية تدمير “سويفت” في سواحل المخا كان وسيكون لها تداعيات عدة لأسباب كثيرة.

من الأسباب التي ضاعفت أهمية وحجم العملية هو أنها جاءت بعد 18 شهرا من العدوان، الذي كان مطلوبا منه أن يحتل كامل اليمن خلال شهرين في أسوأ الظروف، ولذلك أن يتلقى عدوان بهذا القدر هذا النوع من الضربات بعد كل هذه المدة فإن ذلك يعد مضاعفة ليس للفشل بل للهزيمة.

أيضا جاءت العملية باعتبارها معركة بحرية لم يكن الخبراء المناهضون للعدوان ينتظرون من الجيش واللجان الشعبية أي أنجاز في العمليات البحرية نظرا للتباين الكبير في الإمكانيات، إلا أن تلك الإمكانيات البسيطة والمعركة غير المتكافئة انتجت ضربة مفاجئة على المستوى العالمي، ومثلت إنجازا كبيرا بكل المقاييس وإنجازا ضخما نظرا لتجاوز او التفوق على كل الاعتبارات.

 

وفيما غرقت البارجة الضخمة وفتحت الباب أمام التحليلات العسكرية التي تتحدث عن فشل العدوان وهزيمته، فقد أنجزت العملية ضمن تداعياتها او اثارها المصاحبة ضربة لأكاذيب العدوان المتمثلة بالسيطرة على السواحل والمدن الساحلية، فعملية من هذا النوع وبهذا الحجم لا يمكن أن تتم في ظروف تحرك صعبة وسط جغرافيا يسيطر عليها العدو إلا لو كانت تلك الادعاءات على مدى أكثر من عام مجرد أكاذيب وهو ما أثبتته العملية.

إضافة للإنجازات المصاحبة، فقد مثلت العملية مفاجأة أخرى لعدى المراقبين الذين كانت تنقصهم المعلومات حيث كان الإعلان عنها من قبل العدوان رغم تزييف حقيقتها إلا أنها كشفت للمراقبين والخبراء العسكريين أن ابطال الجيش واللجان الشعبية حققوا معجزة بحفاظهم على السيطرة على سواحل اليمن منذ أكثر من 18 شهرا.

ومن أهم الإنجازات للعملية أنها فتحت الباب أمام توقع المراقبين لحدوث عمليات من هذا النوع بعد انهيار الجدار الإعلامي لدول العدوان والتي بدورها أيضا ستحسب ألف حساب لتحركاتها في السواحل اليمنية التي باتت منطقة جحيم كما لو أنها منطقة جبلية التي تتناسب مع إمكانيات الجيش واللجان الشعبية لخوض معركة كبيرة ولو أنها غير متكافئة من الناحية اللوجستية والتسليح ناهيك عن الظروف الأصعب بحريا وفي السواحل المفتوحة امام الطيران.

 

  • تعدد روايات العدوان: أكاذيب اثارت السخرية وبيانات فضحت الارتباك

كان حجم العملية بالقدر الذي لا يمكن التستر عليه وهذه اللازمة دفعت دول العدوان لرمي عدة روايات متضاربة كانت كافية لدى الكثيرين لمعرفة الحدث وتفسير التناقض لصالح رواية الجيش واللجان الشعبية التي تعززت بعد ذلك بالصوت والصورة.

جاءت الرواية الأولى من طرف الامارات (صاحبة البارجة) والتي أصدرت عبر قيادة جيشها بيانا نشرته وكالة الانباء الرسمية عقب إعلان الجيش واللجان عن العملية، ويقول البيان ان البارجة (سويفت) التابعة للجيش الاماراتي تعرضت لحادث في باب المندب ويجري التحقيق في ملابساته.

 

هذه الرواية لم تعجب النظام السعودي الأكثر استخفافا بالرأي العام والشعب السعودي ليقوم بإصدار بيان وقام بنسبه لدول تحالف العدوان ويقول أن السفينة (سويفت) تعرضت لهجوم صاروخي غير أنه قال انها سفينة مساعدات طبية.

الروايتان قوبلتا بالسخرية من قبل النشطاء وضيوف الشاشات الفضائية من المحللين العسكريين والخبراء فصدور بيانين من دول العدوان بحد ذاته يكشف حجم التخبط ورداءة الأكاذيب كون السعودية والامارات يفترض انهما ضمن تحالف تقوده الأولى ويفترض أنه من يتولى اصدار البيانات، أما تناقض الروايتين فقد أوضح للجميع أن هناك ما يراد له ان يكون خافيا من الحقيقة، ليأتي الإعلام الحربي بتوقيت مدروس ليعلن الحقيقة صوتا وصورة للعالم، بعد أن أعطيت الفرصة لدول العدوان للتمعن في صياغة الأكاذيب.

بعد أن استحوذت رواية النظام السعودي على نظيره الاماراتي لحجم ما يمتلكه الأول من إمكانيات إعلامية ومعها استحوذت السخرية تجاه رواية النظام السعودي الذي قال انها سفينة مدنية كانت تعبر بصفة دورية من وإلى عدن وكانت هذه الجزئية أكثر باعث للسخرية لأنها قدمت الواقع عن سفينة في ظروف حرب تذهب إلى عدن وتعود لباب المندب وكأنها تتنزه دون أي هدف، أما كونها تحمل مساعدات طبية من الامارات إلى عدن فكان الرد سهلا على هذه الفرضية فمسار أي سفينة من الامارات الى عدن في الظروف الطبيعية ناهيك عن ظروف الحرب لا يكون مسارها عبر باب المندب والبحر الأحمر بل ان مسارها الطبيعي والبديهي سيكون عبر البحر العربي فما الذي ذهب بها إلى البحر الأحمر؟.

 

ومع أن المال السعودي يسيطر على الإعلام الدولي بدعم الولايات المتحدة إلا أن الرواية المخجلة لم تقنع وكالات الانباء الدولية حيث اكتفت وكالة رويترز بتبني رواية العدوان في الجزء الذي يقول ان طاقم السفينة لم يتعرض لأي أذى لكنها قالت إنها سفينة عسكرية.

 

  • عن البارجة الغارقة (سويفت):

معرفة مواصفات ومهمات السفينة او البارجة التي تم تدميرها يكشف مالم يتم الكشف عنها من خسائر كبيرة لحقت بالعدوان إلى جانب الضربة نفسها.

أولا يذكر تقرير صادر عن مركز عسكري أمريكي أنه “على الصعيد اللوجستي، استخدمت قوات الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسائل النقل البحري بشكل فعّال لتمكين عمليات الهبوط البرمائية وإعادة إمدادها على طول ساحل اليمن الموسع. وعندما رفضت الولايات المتحدة تقديم دعم إضافي في سياق النقل البحري، قامت دولة الإمارات بكل بساطة بشراء “سويفت الإمارات العربية المتحدة” وهي “السفينة 2 عالية السرعة” كانت في خدمة البحرية الأمريكية سابقاً، من شركة حفر أسترالية وحوّلتها ثانية وبسرعة إلى سفينة قادرة على نقل قوات مدرعة، مباشرة إلى ساحة المعركة في عدن”.

أما من ناحية مواصفات البارجة التصنيعية وتصميم بيئتها العسكرية ومهماتها فهي على النحو التالي:

سفينة لوجستية استراتيجية وكاسحة للألغام البحرية صنعتها أستراليا واستأجرتها البحرية الأمريكية سويفت سفينة مُدمجة عالية السرعة مصنوعة من الألمنيوم تحمل حوامة وزروق وغواصة غير مأهولة لكشف الألغام سريعة رشيقة خاطفة خفيفة ومُباغتة.

مُصممة للدعم اللوجستي لمسرح العمليات البحري خلال عمليات الاقتحام سويفت استطاعت عبور الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا بسرعة 72 كم بالساعة ويمكن أن تصل سرعتها خلال عمليات الاقتحام إلى 122 كم بالساعة.

السفينة سويفت تقدم خدمات لوجستية بسرعة للأسطول الخامس الأمريكي.

الإزاحة: 1695 طن

الطول: 98 م

العرض: 27 م

تُبحر لمدى: 6500 كم وهي مُحملة بـ 600 طن معدات وإمدادات وذخائر.

مٌسلحة بأربع مدافع M2 براوننج عيار 50 ملم

عدد أفراد الطاقم: 35 وتحمل 100 جندي مشاة بحرية.

 

ويمكن القول أن المعرفة بتلك المعلومات عن مواصفات البارجة يؤدي إلى استنتاجين مهمين، الأول أن الضربة التي تلقاها العدوان كانت من العيار الثقيل عسكريا ومعنويا وماديا، والثاني هو أن هذه البارجة لا يمكن استخدامها في غير الأغراض العسكرية لأن هناك سفن أخرى معدة للأغراض المدنية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com