محطات الأمم المتحدة الملطخة بدماء اليمنيين منذ انطلاق العدوان

صدى المسيرة: إبراهيم السراجي

 

كانت تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تعرض المنظمة الأممية للابتزاز السعودي لحذف تحالف العدوان من القائمة السوداء آخر فضائح المنظمة الأممية وليست الأخيرة كما انها سلطت الضوء على تاريخ الأمم المتحدة الأسود في العدوان على اليمن وفي إطار عملها في الأزمات الدولية منذ تأسيسها.

 

ولم تكن خطوة إزالة العدوان من القائمة السوداء هي النقطة المظلمة الوحيدة في مسيرة الأمم المتحدة في العدوان على اليمن بل انها حلقة ضمن سلسة طويلة من التواطؤ بدأت فصولها منذ أول جريمة ارتكبها العدوان إلى اليوم.

 

وقبل استعراض تاريخ الأمم المتحدة الأسود في العدوان على اليمن وبداية من المؤتمر الصحفي الذي عقده بان كي مون الخميس الماضي فقد قال ان “رفع التحالف السعودي من القائمة السوداء جاء بسبب تهديدات بوقف التمويل لعدد كبير من برامج الأمم المتحدة”.

وأضاف: “من غير المقبول أن تمارس دول أعضاء بالأمم المتحدة ضغوطا غير مناسبة” مشيرا إلى أن “رفع اسم التحالف من القائمة السوداء كان قرارا صعب ومؤلم”

بدا أن بان كي مون يحاول أن يبرئ نفسه ومنظمته من تبعات إزالة العدوان من قائمة العار لقتل الأطفال في اليمن لكنه في الحقيقة كشف أن المنظمة يمولها ويتحكم بسياستها القتلة وأن المنظمة لا تمتلك سياسة مستقلة ولكنها لمن يدفع أكثر.

 

  • سحب مشروع قرار للتحقيق في جرائم العدوان

إذا كانت الضغوط الإعلامية والحقوقية فرضت على بان كي مون الكشف عما تعرض له من تهديدات لرفع اسم التحالف السعودي من القائمة السوداء فإن ذلك لم يحدث عندما انصاعت الأمم المتحدة لضغوط مماثلة مطلع أكتوبر من العام الماضي عندما تم سحب مشروع قرار لتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جرائم الحرب باليمن بضغوط أمريكية وسعودية لم تكتفي بسحب القرار بل زادت على ذلك بإجبار الأمم المتحدة على القبول بتشكيل لجنة يشكلها تحالف العدوان للتحقيق في جرائمه باليمن الأم الذي اعتبرته المنظمات الحقوقية عاراً على الأمم المتحدة التي يبدو أنها استمرأت لحاق العار بها مع كل جريمة بحق المدنيين في اليمن.

 

وتضمن مشروع القرار الذي أعدته هولندا في حينه لطرحه في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بالاشتراك مع ألمانيا وست دول أوروبية أخرى، دعوة لرئيس المجلس زيد بن رعد الحسين إلى “إرسال بعثة لمراقبة وضع حقوق الإنسان في اليمن ورفع تقرير بشأنه”.

وبعد ذلك بأيام أعلن مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة أنه تم سحب النص الهولندي واستبداله بمسودة أعدتها السعودية ووضعت فيها تصورها الذي يتماشى مع هدفها في تغييب العدالة وابعاد الأنظار عن جرائمها في اليمن.

 

وانتقدت منظمات حقوق الانسان قرار سحب المشروع الهولندي. واعتبرت منظمة هيومن رايتس أن بريطانيا والولايات المتحدة اختارتا التحالف مع السعودية على حساب تحقيق العدالة.

واعتبر عضو المنظمة المعنية بحقوق الإنسان فيليب دام أن مشروع القرار الذي تم سحبه ” فرصة ضائعة حقاً ما هو تفسيرها؟ إنها المعارضة السعودية التامة ” لمسودة القرار.

وأضاف دام والذي كان مراقباً للمفاوضات حول المسودة الهولندية، أن سبب قرار إلغاء الدعوة إلى إجراء تحقيق بقيادة الأمم المتحدة هو “تفضيل البريطانيين والأمريكيين الحصول على إجماع”.

وأوضح أن بريطانيا والولايات المتحدة واجهتا الاختيار “بين العدالة وبين التحالف الاستراتيجي مع السعودية”.

 

  • السعودية رئيسة لمجلس حقوق الانسان: القضاء على العدالة

 

في ذروة المجازر الجماعية التي كان العدوان السعودي الأمريكي يرتكبها بحق المدنيين في اليمن ومضاعفة استخدام القنابل العنقودية المحرمة دولياً ضد المدنيين بشكل عشوائي أغلقت السعودية بدعم أمريكي بريطاني أبواب العدالة عندما اشترت رئاسة مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في وصمة عار أخرى في جبين الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون. خطوة اعتبرتها منظمات حقوق الانسان ووسائل الإعلام الدولية فضيحة كبرى وطرحت تساؤلات حول تفسير قبول الأمم المتحدة بتسليم رئاسة مجلس حقوق الانسان للسعودية التي تعد أكبر دولة تمتلك سجلاً مخزياً في مجال حقوق الانسان في إطار مواطنيها وبالتزامن مع ارتكابها أبشع الجرائم في اليمن.

 

في سبتمبر من العام الماضي ومع ارتفاع أصوات منظمات حقوق الانسان بشأن انتهاكات قوانين الحرب من قبل العدوان السعودي في اليمن فاجأت الأمم المتحدة الجميع عندما أعلنت تسلم السعودية للجنة الخبراء المستقلين في مجلس حقوق الإنسان التابع لها.

كانت تلك الخطوة واحدة من أبرز فضائح الأمم المتحدة وواحدة من أكثر الخطوات التي أثارت غضب منظمات حقوق الانسان التي كانت تعكف في اليمن على اثبات جرائم العدوان في اليمن وتحمل مخاطر التنقل في المناطق التي تتعرض للقصف العنقودي لترفع تقاريرها للأمم المتحدة لوضع حد لجرائم العدوان والتحقيق فيها لتتفاجأ أن الجلاد أصبح قاضياً ورئيساً لمجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة.

 

في حينه قالت منظمة مراسلون بلا حدود معلقة على التعيين أنه “تعيين سخيف للغاية”. وأضافت “من المشين أن تتغاضى الأمم المتحدة عن هذه الرئاسة علما أن المملكة العربية السعودية تعد من أكثر الدول قمعا في مجال حقوق الإنسان”.

 

كم قال رئيس منظمة “يو ان ووتش”، هلال نوير، إن ذلك القرار “فضيحة لأن عدد الأشخاص الذين أعدموا بقطع الرأس في السعودية في 2015 أكثر من الذين أعدمهم تنظيم داعش”.

 

أما الرسام الهولندي “تيجيرد روياردز” فخلد الفضيحة الأممية برسم كاريكاتوري انتشر في معظم وسائل الاعلام الدولية ومواقع التواصل الاجتماعي ويظهر السيف مع ساريات علق عليها ضحايا النظام السعودي بدلاً من الاعلام الى جانب علم السعودية وجميعها تقف إلى جانب مبنى الأمم المتحدة.

 

  • إدانة العدوان في اليمن: بيانات حبيسة أدراج مكتب بان كي مون

 

لم تكن خطوة الأمم المتحدة بإزالة التحالف من القائمة السوداء خيبة أمل ناتجة عن مراهنة الشعب اليمني على الأمم المتحدة بل كانت مجرد محطة جديدة لإثبات تواطؤ وانصياع الأمم المتحدة لقوى الهيمنة والمال.

 

أنا في مارس الماضي فكان هناك محطة أخرى لكشف تخاذل الأمم المتحدة حيث ارتكب طيران العدوان مجزرة بشعة في سوق مستبأ بمحافظة حجة وراح ضحيتها أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى وفي حينه أكدت الأمم المتحدة أن فريق التحقيق التابع لها أثبت ان الغارة شنها طيران العدوان وأنه لم يكن هناك أي هدف عسكري يمكن التذرع به بالإضافة إلى أن الأمم المتحدة حملت العدوان مسؤولية مقتل أكثر من ثلثي الضحايا باليمن.

وفي حينه أيضا قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين إن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن مسؤول “جرائم حرب دولية” مضيفا أن فريق التحقيق “لم يجد دليلا على أي مواجهة مسلحة أو أهداف عسكرية هامة في المنطقة وقت وقوع الهجوم”.

ثقة الأمم المتحدة بمسؤولية دول العدوان عن مقتل ثلثي الضحايا وارتكاب مجزرة بسوق مستبأ دون وجود هدف عسكري لم تقدم أو تؤخر بالنسبة لليمنيين لأن ذلك التقرير تحول إلى مجرد حبر على ورق وبقي إلى اليوم حبيساً لأدراج الأمين العام للأمم المتحدة ولكنه وغيره من الشواهد ستبقى أدلة على الدور المشبوه الذي لعبته الأمم المتحدة في مساندة العدوان ضد المدنيين والأطفال في اليمن.

 

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com