المجتمع الدولي يعيد قراءة الواقع اليمني وملامح واضحة لتأييد تشكيل حكومة توافقية

  • وزير الخارجية البريطاني: حكومة هادي لا تمثل الشعب اليمني وتفتقد المصداقية
  • المجتمع الدولي يعيد قراءة الواقع اليمني وملامح واضحة لتأييد تشكيل حكومة توافقية

صدى المسيرة: إبراهيم السراجي

 

يعيش وفد الرياض في مفاوضات الكويت معزولاً عن العالم وعن الداخل اليمني في وقت أصبح المجتمع الدولي يتحدث علناً أن الحل في اليمن لن يكون عسكرياً وان الطريق للحل السياسي يبدأ من تشكيل حكومة توافقية تمثل الجميع لكن طموح مرتزقة الرياض بالسلطة ما يزال يدفعهم لمزيد من المماطلات في الكويت ويسير في طريق سيجد نفسه وحيداً فيه ولو بعد حين.

 

في هذا السياق فجر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قنبلة من العيار الثقيل كان وقعها مزلزلاً على مرتزقة الرياض عندما تحدث في حوار تلفزيوني عن فشل حكومة الرياض وانعدام مصداقيتها وعدم تمثيلها للشعب اليمني وبالرغم من محاولات المذيع الذي أجرى الحوار مع الوزير البريطاني محاولاً انتزاع تصريحات منه بتحميل وفد القوى الوطنية مسؤولية عدم التوصل لحل سياسي إلا أن الأخير أكد أنه يجب أن يكون هناك حل توافقي يمثل كل الشعب اليمني.

قبل التطرق لكل ما تحدث به وزير الخارجية البريطاني يجب التأكيد على أن موقفه المفاجئ ليس انحيازاً لوفد القوى الوطنية فالرجل يمثل الدولة التي زودت دول العدوان بالأسلحة المحرمة وغير المحرمة ودعمت بشكل علني إلى جانب الولايات المتحد العدوان على اليمني لوجيستياً وعسكرياً لكن حديثه يؤكد أن الحل العسكري لم يعد ممكناً وقد تمت تجربته لأكثر من عام بشهرين بل محاولة للإبقاء على عملائهم قدر الإمكان قبل أن يقضي عليهم الشعب اليمني اذا ما اختاروا المواصلة في طريق الحرب بالإضافة إلى أن الوزير البريطاني يعرف أن تداعيات استمرار الحرب في اليمن ستطال المنطقة ومصالح الغرب ولن يقتصر اثرها على اليمنيين وحدهم.

 

وفي الوقت الذي يدرك المجتمع الدولي المراقب لمفاوضات الكويت عدم نجاعة الحل العسكري وضرورة الحل السياسي لمنع التدهور الاقتصادي في اليمن والذي سيمتد ضرره على المنطقة والعالم يجد وفد الرياض نفسه خارج هذا الإدراك بالرغم من محاولته تقديم نفسه كممثل للشعب اليمني الذي يعاني من آثار العدوان والحصار ويدفع ثمن طمع مرتزقة الرياض بالسلطة من جانب ورغبة تجار الحروب في بالمزيد من الكسب المادي من وراء الحرب وبالتالي المتاجرة بمعاناة الشعب اليمني.

 

  • الخارجية البريطانية: حكومة الرياض عديمة المصداقية ولا تمثل الشعب اليمني

 

اليوم وبعد مرور عام وشهرين على العدوان تكتشف الدول الكبرى التي دعمت بشكل مباشر وغير مباشر التحالف السعودي أن معلوماتهم عن تمثيل حكومة المرتزقة للشعب اليمني كانت خاطئة والأكثر من ذلك أنهم أخطأوا في تحديد قدرة المرتزقة على مواجهة الجيش واللجان الشعبية وتحقيق انتصار يحقق هدف العدوان بالإضافة إلى تبعات استمرار الحرب اقتصادياً على اليمن وعلى دول العدوان التي تشهد عاصفة اقتصادية غير مسبوقة كلها جعلت الموقف الدولي يتغير ويدرك أن الطريق للحل هو سلطة تمثل كل الشعب اليمني.

 

التغير في الموقف الدولي يعبر عنه وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، الذي يزور الخليج حالياً والتقى المبعوث الأممي بالكويت، في حوار لقناة “سكاي نيوز” الإماراتية حيث ورغم أن القناة حاولت ان تدفع الوزير البريطانية للزاوية التي تعبر عن رؤية العدوان ومرتزقته إلا أنه فاجأ الجميع وأكد ان الحل يجب ان يكون توافقياً يمثل كل اليمنيين.

 

وفي اللقاء التلفزيوني قال وزير الخارجية البريطاني رداً على سؤال حول عدم تقدم المفاوضات أنه التقى ” المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد للتحدث حول المحادثات” مشيرا إلى أنه” ورغم أن التقدم لم يكن سريعا كما كان مأمولاً” إلا أن الطرفين بين الوزير البريطاني”لا يزالون يتفاوضون وأحرزوا بعض التقدم وهذا خبر جيد” مضيفا أنه على “الدول الغربية ودول المنطقة أن تبقي الضغط على الجانبين لتقديم التنازلات الضرورية للتوصل إلى اتفاق قابل للتطبيق”.

ولم ترق إجابة الوزير البريطاني لمذيع القناة الإماراتية الذي اعترض على رآه ان الوزير ساوى بين الطرفين بينما حكومة هادي هي الطرف المعترف به دولياً فما كان من الوزير البريطاني إلا أن أكد أن ذلك لا يعني عدم الاعتراف بوجود مشكلة سياسية باليمن في إشارة إلى أن الاعتراف بحكومة هادي لن يحل المشكلة بل إنه رأى انها لا تمثل الشعب اليمني.

حول ذلك فجر الوزير البريطاني قنبلة من المؤكد أنها لن ترضي دول العدوان والمرتزقة عندما قال حرفياً: “هناك مشكلة سياسية في اليمن ، فالحكومة الشرعية المعترف بها في اليمن ، لا تمثل وليس لديها مصداقية بين كل أطراف اليمن ، واذا أردنا أن نتجنب حرباً اهلية ونزاعا عسكريا علينا أن نجد طريقا لتوفيق بين المصالح المختلفة”

وفي الوقت الذي يتمسك وفد الرياض بحكومتهم مقابل رؤية الوفد الوطني الثابتة أن الحل السياسي يبدا من حكومة توافقية تمثل الجميع وتتولى تنفيذ كل ما سيتم الاتفاق عليه في الكويت وهنا يعكس وزير الخارجية البريطاني تغيراً آخر في الموقف الدولي عندما تحدث بواقعية تلك الرؤية دون ان يشير لها بأنها احد مطالب الوفد الوطني.

في هذ الشأن جدد وزير الخارجية البريطاني في الحوار ذاته أنه لا يوجد حل سياسي للأزمة اليمنية وأن الخيار الوحيد هو تشكيل حكومة توافقية تمثل الجميع محذراً من عواقب تفاقهم الوضع الاقتصادي الهش وآثاره على المنطقة.

وقال وزير الخارجية البريطاني حرفياً: ” اقتصاد اليمن هش للغاية وهناك مخاطر بأن ينهار إذا لم نتوصل بسرعة إلى اتفاق” وأضاف: “ليس هناك خيارُ أخر ، ليس هناك حل عسكري لهذه الازمة يجب أن يكون هناك حل سياسي المبادرة العربية فوضت حلاً لليمن ، ونعتقد بأن كل الأطراف وافقت عليه للعودة إلى حكومةً شاملة تمثل كل الأطراف في اليمن وتعكس الواقع ” واختتم حديثه حول تشكيل الحكومة التوافقية تمثل الجميع بالقول “الحوثيون يمثلون جزء مهماً من المجتمع اليمني وسيلعبون دوراً في الحكومة المستقبلية في اليمن ، لكن ينبغي أن تكون حكومة تعكس كل الأطراف ذلك المجتمع”.

 

  • اتفاق السلم والشراكة يعود من البوابة البريطانية

 

يبدو أن الوزير البريطاني كان عازماً على مفاجأة القناة الإماراتية عندما فجر قنبلة أخرى حين تحدث عن اتفاق السلم والشراكة معتبراً أنه كان سيمثل حلاً للشرعية واعترافاً بالأطراف الأخرى.

وقال الوزير فيليب هاموند فيما يتعلق باتفاق السلم والشراكة: “في سبتمبر عام 2014  كانت هناك مبادرة ظهرت كطريقة جديدة للتقدم تحت مظلة الشرعية ولكن تعترف بمصالح اللاعبين  الاخرين أيضا وعلينا أن نعود إلى ذلك النوع  من الحوار السياسي ونتجنب عمليات عسكرية إضافية في اليمن والدمار الشامل في الاقتصاد اليمني ، الذي سيكون كارثة على الشعب اليمني”.

 

وفيما يستمر مذيع القناة الإماراتية في محاولاته لانتزاع حديث من وزير الخارجية البريطاني يدين الوفد الوطني بخصوص عدم تقدم المفاوضات إلا أن ذلك قوبل برؤية دولية جديدة واصل الوزير البريطاني التعبير عنها بالقول:” هناك طرفان حول الطاولة ويجب أن يقدما تنازلات ودول المنطقة لديها درجات مختلفة من التأثير على الطرفين وعليها أن تستمر في أداء هذه المهمة من وراء الكواليس دعما لهذه المفاوضات.

الدول البارز الذي تقدمه الكويت لإنجاح المفاوضات لم تغب عن ذهن وزير الخارجية البريطانية الذي اختتم حديثه بالقول: “يجب أن نعرب عن امتناننا الكبير للكويتيين لاستضافتهم لهذه المحادثات وللضغط الذي تمارسه الكويت على الطرفين معاً لتحقيق تقدم ، وآمل أن نحرز تقدم في شهر رمضان كما آمل على الطرفين استئناف المفاوضات”.

 

  • الشراكة والسلام كوابيس تؤرق نزلاء فنادق الرياض

 

من خلال ما رافق المفاوضات من تحركات دولية وما عبر عنه الوزير البريطاني مؤخراً يمكن القول أن خيار الحرب قد فشل بفضل صمود الشعب اليمني وأن على العالم أن يجد طريقاً آخر لاحتواء الأزمة التي باتت تهدد نيرانها الجميع وليس اليمن وحده والذي لا يمكن لأحد ان يقول أن وجود حكومة تمثل كل اليمنيين أنه حل غير عادل وهذا الذي بات المجتمع الدولي يؤمن به مضطراً وليس لإيمانه بخيارات الشعب اليمني.

بين كل ذلك يرى نزلاء فنادق الرياض أن الشراكة تعني فقدانهم لجزء كبير من السلطة التي دفعتهم ليكونوا ذريعة للعدوان على الشعب اليمني وأن التوصل إلى سلام ينهي الحرب معناه أن تتوقف “حنفية الأموال” التي تتدفق عليهم من قبل دول العدوان خصوصاً ان الحرب بالنسبة لهم مجرد فرجة يشاهدونها عبر القنوات الفضائية من الغرف التي يقيمون فيها بفنادق الرياض ولذلك فإن التوصل لاتفاق قائم على الشراكة وبالتالي التوصل إلى سلام عادل ينهي معاناة الشعب اليمني تمثلان كابوساً يهدد مستقبل أولئك المرتزقة.

 

حالة الرفض لدى مرتزقة الرياض للشراكة والسلام تنعكس من مسارعتهم لنفي التسريبات التي تحدثت عن التوصل لاتفاق مبدأي لتشكيل حكومة توافقية تمثل جميع الأطراف بل إنهم عادوا للنقطة الأولى في مفاوضات الكويت عندما أعادوا وضع مصير اليمن وجعله معلقاً على شخص شقيق هادي ووزير الدفاع السابق الصبيحي بالرغم من أن وفد القوى الوطنية ابدى أمس استعداده إطلاق جميع الاسرى خلال شهر على ان يلتزم الطرف الآخر بذلك وهو ما قوبل بالرفض من قبل وفد الرياض.

أكثر من ذلك فيما يتعلق بوضع وفد الرياض الذي إلى جانب أنه يرفض التقدم في ملف الأسرى الذي ترى فيه الأمم المتحدة خطوة لبناء الثقة فإن ذلك الرفض لا يعبر فقط عن رغبة في عرقلة المفاوضات بل يعبر عن انفصال وفد الرياض عن الميدان وعجز مرتزقة الرياض عن السيطرة على مجاميع وفصائل المرتزقة في الجبهات المختلفة والشيء الوحيد الذي تجيدونه هو التصرف في المفاوضات بشكل يعرقل التوصل الى حل سياسي.

 

وتتضح الصورة أكثر من خلال طرح أحدى الرؤى بخصوص إطلاق 500 أسير من كل طرف ابتداء من جبهة تعز فإن ذلك يصطدم بحالة التشرذم والفوضى في صفوف مرتزقة الفنادق ومرتزقة الميدان.

ويوضح تقرير الزميل رشيد الحداد لصحيفة الأخبار اللبناني أنه ومن ” إجمالي 13 فصيلاً مسلحاً تتنازع النفوذ والمال في تعز، تسيطر حكومة هادي بطريقة غير مباشرة على عدد محدود منها، وهي التي لا تأثيراً واسعاً لها. وتسيطر التيارات المتطرفة التي ترى حكومة هادي جزءاً من الصراع على معظم المناطق داخل مدينة تعز. ومن تلك المجموعات: “كتائب حماة العقيدة”، “أبو العباس” الممولة إماراتياً، و”كتائب التوحيد” التي يقودها “أبو الصدوق” وهي ممولة قطرياً، “كتائب القشيبي” المستقلة و”كتائب حسم” السلفية ويقودها عدنان رزيق، “لواء الصعاليك” وبين صفوفه مطلوبون أمنياً ومتهمون بقضايا جنائية، و”كتائب الموت” وهي فصيل مستقل يضم السجناء الذين هُرِّبوا من السجن المركزي غربي المدينة، ويقودها السجين السابق هاني السعودي”.

ويوضح التقرير أنه “وفي ظل تعدد الولاءات والميليشيات، يرى مراقبون أن ميليشيات حزب “الإصلاح” ومن معها من التيارات القليلة يمكن أن تتجاوب مع اتفاق تبادل الأسرى بحكم ارتباطها بالرياض، مثل ميليشيات “المجلس العسكري” المرتبط باللواء علي محسن الأحمر وحزب “الإصلاح”.

أما الميليشيات السلفية التي لها وجود في عدد من مناطق البيضاء، فعلاقتها بحكومة هادي غير مستقرة، كذلك فإن لـ”الإصلاح” والميليشيات القبلية مطالب متعددة في محافظة مأرب، منها تجنيد الآلاف من ميليشيات الحزب والقوى القبلية التي وقفت إلى جانب “التحالف”.

 

حالة التشرذم تلك تؤكد أن وفد الرياض في مفاوضات الكويت لم يكتفي بعجز تلك المليشيات عن تحقيق أهداف العدوان رغم أنهم لا يملكون السيطرة عليهم بل ما يزال أمام كل تلك الأنواع من الفشل يتمسك برغبته بالتفرد بالسلطة أو التفرد بالثراء من أموال الحرب الملوثة بدماء ومعاناة اليمنيين.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com