عامان قبل ارتطام السعودية بالجدار بقيادة المراهق

صدى المسيرة: إبراهيم السراجي

يقف النظام السعودي في الوقت الحالي في حالة اضطراب اقتصادي غير مسبوق بفعل انهيار أسعار النفط وتكلفة العدوان على اليمن والتي وضعت السعودية لأول مرة في عجزٍ مالي لم تشهده من قبل وأصبحت بذلك دولة مديونة، وفي وقت كان العدوان على اليمن بوابة بن سلمان إلى عرش المملكة فإن الإخفاق العسكري دفع به للدخول عبر بوابة اقتصادية تمتد الى عام 2030 لكن الخبير الاقتصادي الذي تنبأ بانهيار أسعار النفط وان السعودية ستكون أكبر الخاسرين عاد اليوم ليؤكد من منطلق علمي اقتصادي أن الرؤية الاقتصادية التي يقدم فيها بن سلمان نفسه رجل المرحلة ماهي إلا مجرد ذر للرماد على العيون، فهو يقول إن السعودية أمامها عامان قبل أن ترتطم بالجدار.

 

في محاولته لاستبدال الطريق الى عرش المملكة من البوابة العسكرية إلى البوابة الاقتصادية وضع بن سلمان رؤية اقتصادية أطلق عليها “المملكة 2030” كبوابة بديلة لا يمكن لأحد الحكم على فشلها إلا بعد 14 عاماً ومن تجرأ على انتقادها او الجزم بفشلها تم اسكاته واجباره على التراجع عن موقفه.

تلك الرؤية تقوم على تحويل السعودية من دولة نفطية الى دولة تعتمد على موارد أخرى وفي الوقت الذي أدى انهيار أسعار النفط دون 30 دولاراً للبرميل الواحد وسب عجزاً في موازنة السعودية لأول مرة يقدر 82 مليار دولار وبالرغم من ذلك تقوم رؤية بن سلمان على انشاء صندوق سيادي قدره 200 ترليون دولار يقول بن سلمان أنه سيوفرها من فائض إيرادات النفط على الفترة بين 2016-2030 .

كيف سيوفر هذا المبلغ المهول من فائض النفط إذا كانت إيرادات النفط كلها وليس الفائض فقط يعجز عن توفير الموازنة السنوية؟ هذا السؤال يجيب عليه الخبير الاقتصادي (زاك شرايبر) الرئيس التنفيذي لصناديق التحوط (بوينت ستيت كابيتول) وهو الذي أعلن مبكراً عن انهيار أسعار النفط وتدهور الاقتصاد السعودي الذي يعتمد بنسبة 90% تقريباً على إيرادات النفط.

إذن وفي الوقت الذي يريد بن سلمان توفير 200 تريليون دولار لتنفيذ رؤيته الاقتصادية من فائض النفط وعن إمكانية حدوث ذلك نعود للخبير الاقتصادي “شرايبر” الذي قال في مؤتمر الاستثمار “سون” السنوي الـ21 أن “أمام السعودية عامان أو ثلاثة قبل أن ترتطم بالجدار”  مؤكداً أن السعودية بحاجة لارتفاع سعر النفط مما دون 30 دولاراً للبرميل إلى 100 دولار وهذا صعب للغاية خصوصاً أن إيران التي كانت المستهدفة من اغراق السعودية للسوق العالمية بالنفط مما أدى لانهيار الأسعار بهدف ضرب إيران اقتصادياً ولذلك فهي بعد تخلصها من العقوبات ترفض التوصل إلى اتفاق مع الدول المصدرة للنفط بهدف خفض الإنتاج للتحكم بأسعار النفط في خطوة انتقامية من السعودية خصوصاً أن إيران لا تعتمد على النفط كما تفعل السعودية.

 

مرة أخرى وبالعودة للخبير الاقتصادي “شرايبر” الذي يرى أن هبوط أسعار النفط خلق أزمة في السعودية وغيرها من الدول، التي تعتمد على النفط كمصدر أساسي للدخل في ميزانياتها، حيث قامت السعودية في ظل ذلك بخفض الإنفاق وسارعت لجمع النقد، كما أنها تعتزم الحصول على قرض يبلغ 10 مليارات دولار من مجموعة من البنوك، الأمر الذي قد يمهد الطريق لأول عملية بيع للسندات الدولية.

 

والمشكلة التي تواجهها السعودية هي أنها بحاجة لارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل لتصل نقطة التعادل في ميزانيتها، وتبدأ بعدها بتكوين فوائض.

 

لمواجهة معضلة توفير المال للصندوق السيادي يعتزم بن سلمان بيع 50% من أسهم شركة أرامكو والتي يصفها البعض بأنها هي “الدولة السعودية” وهنا يرى “شرايبر” أن تلك الخطوة ضرب من الجنون فهو يعلق على ذلك بالقول “إذا باعوا الأوزة التي تبيض ذهبا، كيف سيمولون أي شيء؟ إنه جنون. السعودية ترهن مستقبلها لكسب الوقت”.

أمام العقبات التي تجعل من المستحيل تحقيق الهدف من وراء الرؤية الاقتصادية لبن سلمان ويجعلها مجرد درجة فضفاضة لا يمكن للسعوديين مناقشتها إلا أن تحقيقها يحتاج لتجاوز عقبات أخرى غير العقبات المالية بحسب معهد “بروكينغز للدراسات الاستراتيجية”.

المعهد في تقريرٍ اعتبر أن الرؤية تعاني من قصور بالغ فهي لا تحتوي على الطريقة التي يمكن من خلالها للحكومة السعودية أن تكون قادرة على تغيير عقلية المواطنين في السعودية الذين طالما اعتادوا على تلقي الهبات الحكومية التي تشمل دعم الوقود، والقروض، والأراضي ووظائف القطاع العام.

 

واعتبر معهد “بروكينغر” أن تغيير عقلية السعوديين هي القضية الرئيسية إضافة إلى ضرورة الإصلاحات داخل الدولة التي تعاني من الفساد ويتساءل تقرير المعهد عن رد فعل المواطن العادي تجاه الإصلاحات؟ عندما تطلب الحكومة المزيد من البذل من مواطنيها، أليس من الطبيعي أن يطلب المواطنون المزيد من المشاركة والتمثيل؟ ويشير التقرير إلى أنه تم رفع أسعار البنزين والكهرباء، والمياه. وقد كان هناك غضب شعبي كبير ضد ارتفاع الأسعار.

أمام تلك العقبات والصعوبات والمحاذير يؤكد تقرير “بروكينغر” أنه ورغم ذلك كله وإن أمكن تجاوزها فإن الرؤية الاقتصادية في حال توفر لها المال المطلوب وتمكنت السعودية من الإصلاحات وتهيئة المجتمع السعودي لها فإنها بالمجمل ما تزال فرص نجاحها غير مؤكدة!

 

إذن ومن أجل الوصول لعرش المملكة حصد بن سلمان انتكاسة عسكرية في اليمن انعكست على الاقتصاد السعودي وعلى صورته كقائد عسكري في طريقه للعرش وأمام تقديمه اليوم كمنقذ اقتصادي تحفل التقارير بأن السعودية في طريقه للإفلاس في غضون عامين أو أكثر قليلاً وهو ما يجعل من طريق الأمير المراهق نحو العرش طريقاً لانهيار المملكة.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com