لحظة الحُسين تَقطع عقارب الساعة الاستعمارية!

تجاوزت صرخة الشهيد القائد الحدود اليَمَنية لتصبح أحد رموز الثورة العالمية المناهضة للإمبريالية الأَمريكية والصهيونية

لحظة الحُسين تَقطع عقارب الساعة الاستعمارية!

صدى المسيرة/ أنس القاضي

للتَأريخ وجهان رسميٌّ وشعبيٌّ، فما اعتبرته سلطة وكلاء المصالح الغربية بقتل السيد الثائر حُسين الحوثي انتصاراً كانَ هزيمةً لها، فيما هوَ انتصارٌ لمشروع السيد الثائر، وهذا هوَ التَّأريخ شعبي، فالشعب صانعُهُ ومهندس التحولات فيه، ولكل شعب في كُلّ مرحلة تَأريخية مُعقدة قائدٌ يستنهض طاقاتِهِ ويلم شتاتَ قواه ليقود بهِ مسيرة الثورة والتحرر.

وللمجتمع وجهان ثوريٌّ ورجعيٌّ، فبقدر ما يكون هناك كثيرٌ من الغافلين الخاضعين لعبودية الواقع السائد، فهناك قلة ترفض هذا الواقع وتثور على تفسُّخه لتُصبح هي الأكثرية، بقدر ما هُناك غافلون عن شمولية الواقع وصراعه تائهين بالنظر إلَـى صغار الحياة اليومية والمصالح الشخصية الأنانية هُناك ذوي النظر الاستراتيجية، وبتلك المرحلة التي جاء بها السيد بالحراك الثقافي الدروس والمحاضرات واللازم البسيطة العالية بالوعي السياسي، العميقة في الفكر القرآني الثوري، كانَ هوَ المُعبر عن أكثر القوى تقدمية وثورية في المجتمع اليَمَني، القوى التي تنظر للبعيد وَإلَى موقع الشعب اليَمَني من الخطر الاستعماري الأَمريكي والإسرائيلي الزاحف على المنطقة، فيما كانَ الكثيرون في الوطن غير آبهين بما يدور حولهم من توسعات استعمارية، الأحزاب السياسية، يميناً ويساراً، لا ترى أبعد من تغَيُّر شكل القائمة الانتخابية ومن استجداء فُتات السُلطة، والسلطة مطبّعة مع الوجود الأَمريكي الإسرائيلي تُشاغل الشعب بنهب خُبزِه.

 من أقصى ريف الشمال اليَمَني جاء الثائر حُسين بن بدر الدين الحوثي ليصرخ في وجه المُستكبرين المُستعمرين أئمة الكُفر في هذا الزمان أَمريكا الإمبريالية وإسرائيل الصهيونية، وأَمريكا يومَها تختال بزَهْـــوِ المنتصر بعد هزيمتها للمعسكر الاشتراكي العالمي، وفي أوج عنجهيتها بعدَ أن دبّرت تفجير برجي التجارة في الـ11 من سبتمبر2001م، تُلقي على مَن تغضب عليهم لقب الإرْهَـابيين وتدخل بلدانهم وتسحقهم حكومات وشعوب.

 يومَها انشطر الإسلام إلَـى فريقين يخدم هدفاً واحداً، فصلَّى رجال دين السُّلطة لأَمريكا وأفتوا بجواز تدخُّلاتها باعتبارها تكافح الإرْهَـاب، وساعدها رجال دين آخرون مُرتبطون بها يفجرون بالأبرياء ويقدمون الدين إجْــرَاماً لتكرس ذريعتها، ولم يكن هناك من صوت ديني ثانٍ حقيقي محمدي قرآني يتبرأ من الإجْــرَام الوهابي ومن التدخل الاستعماري الأَمريكي ويكشف ترابطه، إلا صوت السيد حُسين من جبال صعدة الخضراء رافعاً بجانب شعار “الموت لأَمريكا والموت لإسرائيل” -الذي اعتبره موقفاً وسلاحاً تجاهه أئمة الكفر في هذا الزمان لقول القرآن قاتلوا أئمة الكفر- شِعار “القاعدة صناعه أَمريكية”.

في تلك الساعة الاستعمارية التي طوت عقاربَها على العالم تلدغ الشعوب والدول المُضطهدة، جاءت لحظة السيد حسين لتوقف تروسَ عجلتها الاستعمارية، وتصبح هذه اللحظة الثورية زمنٌ ثوري في وجدان الشعب وبنادق الجماهير المُسلحة، تجاوزت الحدود اليَمَنية لتُصبح صرخة الشهيد حُسين الحوثي أحد رموز الثورة العالمية المناهضة للإمبريالية والصهيونية.

الشهيد القائد يطرق القضايا السياسية الكبرى

لم يلتفت الشهيدُ حسين بن بدر الدين إلَـى قشور الظواهر، ليجعل منها سببَ واقع البؤس المعاناة الاجتماعية، لم ينظر إلَـى مَظهَر الدين الذي يُلبَس ويُخلَع، بل إلَـى جوهرهِ، فلو رضينا لأنفسنا الذل فلن يرضاه الله لنا وسنحاسَب على ذُلنا، وهذا دين يختلف تماماً عن موروث دين أطلع الحاكم ولو قصم ظهرك!! ومن هذه المسئولية الإيْمَـانية يدخل السيد حسين إلَـى معالجة القضايا السياسية الكُبرى، يقول:

 “فلنجتمع هنا ولنخزن ولنتحدث، ولكن بروحية أخرى، نتناول أحداثاً ليست على ما تعودنا عليه، ونحن ننظر إليها كأحداث بين أطراف هناك، وكأنها لا تعنينا، وكأننا لسنا طرفاً في هذا الصراع، أَوْ كأننا لسنا المستهدفين نحن المسلمين في هذا الصراع. نتحدث بروحية من يفهم أنه طرف في هذا الصراع ومستهدف فيه شاء أم أبى، بروحية من يفهم بأنه وإن تنصّل عن المسئولية هنا فلا يستطيع أن يتنصّل عنها يوم يقف بين يدي الله”.

وهنا العلة ومن هنا الانطلاقة، فالناسُ يرَون هذه الأخبار بفضول لأجل الأخبار كما قال الشهيد، ويرون هذه الأخبار وكأنها لا تعنيهم، وكأن المسلمين في عالم آخر وليسوا هم أنفسهم المستهدفين أبناء هذه القرى والمدن، كما قال الشهيد، ربط المُشاهد والمُتابع بمحور الصراع وبالمسئولية الدينية الإيْمَـانية من أمر بمعروف ونهي عن منكر- التي هي مسئوليةٌ اجتماعية، مسئولية أَخْــلَاقية ومدنية كما ينظّرُ لها علماء الاجتماع المعاصرون- وجعل القضية قضية شعبية، وهذه أحد الركائز التي قامت عليها حركة فكر السيد حسين الحوثي، يقول في مقطعٍ آخر من نفس ملزمة الشعار سلاح وموقف:

 “القضية أصبحت قضية الشعوب أنفسهم، الجيوش العربية، الحكام العرب أصبحوا مهزومين، أصبحوا مهيئين أن يشتغلوا للأَمريكيين، سواء بترغيب أَوْ بترهيب، لا تتصور بأنه جندي من الأمن، وأيضاً يحمل عنوان أمن، أي أمن مَن؟ ما هو أمن الوطن؟ طيب أمن الوطن مِن مَن، إذا الأَمريكيون يشتغلوا ويقولوا لك (لجندي الأمن): وقِّف هذا الشعار، فيقول: مستعد، وخدشه، وقلع الملصقات حقه، فهو يؤمن مَن؟ هل هو يؤمن الأَمريكيين، أَوْ يؤمننا؟”. وهذا حدث فعلاً في صعده في شهر شعبان عام 2002 أي قبل شهر من إلقاء الشهيد هذه المحاضرة في 11 رمضان من ذلك العام، حين زار السفير الأَمريكي صعده برفقه المحافظ الذي وجه بالقبض على مجموعه من المواطنين لأنهم رفعوا الشِعار.

ولم يكن رفع الشِّعار عبثاً بل إعْــلَان موقف من المُستكبرين المُستعمرين، الذين كانَ يراهم الشهيد وهم يتحركون في المنطقة، فيما تجاهلتهم بقية العيون، سواء في المنطقة أَوْ على مستوى اليَمَن، كانت شواهد التقطها الشهيد وحدثت فعلاً بعد عام تم غزو العراق في 2003، ولحقتها ليبيا وسوريا مع ما سُمي بالربيع العربي، حتى جاء العدوان الأَمريكي السعودي على اليَمَن، يقول الشهيد:

أمامك شواهدُ في بلدان أخرى، شواهد فيما يحصل في البلدان الأخرى؛ لأنها سياسة واحدة، ما تراه في البلدان الأخرى ستراه في بلادك على أيدي الأَمريكيين، ما نقول أنها أشياء مازالت فرضيات، قد رأوا أفغانستان، ورأوا فلسطين، وهم يرون الآن العراق، كيف هم يجهزون له ويعدون له وتجد إصرارهم على ضربه. ما تراه من مواقف للعرب مع الأفغان أَوْ مع فلسطين أَوْ مع العراق، اعتبره سيكون موقف معك، يصرخ الناس مثلما يصرخ الفلسطينيون، ولا أحد يغيثهم، ما يجي لا مظاهرات معك تضامن ولا يعد يجي أي شيء معك ولا معونات ولا شيء”. طيب ما هو العراق وحده، كلام على اليَمَن، كلام على السعودية، على لبنان، على سوريا، على إيران، على مصر على المنطقة كلها، تهديد للمنطقة كلها.

فالقضيةُ هي إذن قضية مع الاستعمار، وما تمثيلات الحرب على الإرْهَـاب إلا من ضمن المخطط اليهودي الأَمريكي، وهذا المستهدف هوَ الحركات الجهادية المقاومة وحركات التحر الوطني، هذا ما قالهُ الشهيد يومها بوعي وبصيره، وهذا هوَ ما تثبته اليوم الوثائق الاستخباراتية المُسرّبة التي تُثبت كيف أن القاعدةَ حقاً صناعة أَمريكية، وأن تفجير برجي التجارة عملية استخباراتية وليس قرارَ مجلس التعاون الخليجي باعتبار حزب الله إرْهَـابياً آخر الأشياء التي تؤكد صوابية فكر الشهيد، الذي يقول:

“الاستعمار الذي انتهى قبل فترة، الاستعمار العسكري (…) هكذا الناس، وناسين أنهم في مستقبل استعمار جديد، استعمار لكن وبأسلوب أخبث من الأول، كان الأسلوب الأول يكون من البداية عبارة عن هجوم، الهجوم يخلق عند الناس حالة ردة فعل واستياء من المستعمر؛ ولهذا تجد أنهم في الأخير اضطروا إلَـى أن ينسحبوا من البلدان التي استعمروها.. الاستعمار الحديث الآن جاء، باسم مكافحة إرْهَـاب، ومعهم مجموعة يسمونهم إرْهَـابيين يقسموهم على المناطق، وفي الأخير يقولوا نريد ندخل نطرِّدهم، نلحق بعدهم، ويدخلوا المناطق، يدخلوا البلدان، يدخلوا البلاد ويحتلوها ويهيمنوا عليها، ويكونوا قد أخضعوا الدولة فيها، والناس ما يروا شيء إلا عندما تستحكم قبضتهم، ما يرى الناس أشياء، ما يروا أَمريكيين أمامهم زاحفين، إلا بعدما يكون قد استحكمت قبضتهم، قد دخلوا البلاد، بنو قواعد عسكرية، توافدوا بأعداد كبيرة.. استخدموه كذريعة، كمبرر ليلجموا به العرب؛ لأن الحكومات العربية أرغمتها أَمريكا أن تدخل معها في اتفاقية مكافحة الإرْهَـاب، وفلسطين إرْهَـابيين، وستدخل إسرائيل لتلاحق الناشطين في حماس، في فتح، في الجهاد الإسلامي، تحت مبرر [هؤلاء إرْهَـابيين] وهي محتلة، ما هي محتل من قبل؟ ما حصَّلت لها ذريعة مثلما حصلت لها في السنة هذه، وهو كان بداية شر هذا العنوان الذي طرحوه باسم مكافحة إرْهَـاب، وأنت تجده أنه ما يتوجه إلا إلَـى المسلمين، وَإلَى المجاهدين من المسلمين، يعني المقصود من ورائه ضرب الحركات الجهادية، وضرب حركات التحرر”.

الثقةُ بالله واستشعارُ المسؤوليةِ الدينية

وأمام كُلّ هذهِ المُخططات لا بد من العمل والحركة والمواجهة والخوض في الصراع الذي نحن جزء منه، كما أشار الشهيد، ولهذا أعاد السيد إلَـى الناس الثقة بالله واستشعار المسئولية الدينية، وإحياء روح الجِهاد، كموقف عملي في مواجهة الاستعمار فكان الجِهاد بذل الجهد في شتى المجالات لإقامة دين الله دين الناس، ولم يُخاطِبْهم الشهيد الناس بأن يتحركوا ويُجاهدوا كخطاب داعش لقاءَ الحور العين، بأنانية المصلحة والملذة الشخصية التي تُدفَعُ بالمغسولين أدمغتهم في سبيل أَمريكا، بل كمسئولية تجاه الأمة، عَن وعي وقناعة، وواجب من واقع أن اللهَ لا يقبل أن نكونَ مُستضعفين، والجهاد هوَ في سبيل الله، وسبيله المُستضعفون في الأرض، قال تعالى: “وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ”. فالتحرر هنا على الأرض، والجزاء في الآخرة، الجنة للصادقين الذين يبنوا جنتهم على الأرض، والعقوبة والاذلال هنا على الأرض قبل الآخرة، مُعرفاً الدين تعريفاً عملياً فليسَ مُجرد النصيحة وليسَ الشعائر والطقوس التعبدية، يقول الشهيد:

“الدين، ليس فقط كعبادة بل كمسئولية، أن يتحركوا له، وأن يكونوا أَنْصَاراً له، وأن يجاهدوا في سبيله، فمتى ما فرطوا فيه، ما عاد يمكن تقوم لهم قائمة، ما يمكن يعتزوا.. عندما تجد أن هناك مسئولية عليك أمام الله فيجب أن تتحرك، حتى وإن كانت القضية تؤدي إلَـى أن تضحي بنفسك ومالك. الله جعل من صفات المؤمنين الصادقين، هو أن يبذلوا، أن يجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، {إنما المؤمنون الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، والجنة هي للمؤمنين الصادقين، وعندما تجد القرآن الكريم، يطلب منك أن تضحي بنفسك، الله يطلب منك أن تضحي بنفسك، أن تضحي بمالك، في أي حين؟ إذا لم يكن أمام ما تتحرك أَمريكا وإسرائيل فيه، فأمام من؟ هل أمام المهدي المنتظر!. لا بُدّ للناس من موقف، أَوْ فلينتظروا ذلاً في الدنيا وخزياً في الدنيا وعذاباً في الآخرة.. فكيف ترى بأنه ليس بإمكانك أن تعمل، أَوْ ترى بأنك بمعزل عن هذا العالم وأنك لست بمستهدف، أَوْ ترى بأنك لست واحد من الأذلاء، واحد من المستضعفين، واحد من المُهانين على أيدي اليهود والنصارى، كيف ترى بأنك لست مسئولاً أمام الله، ولا أمام الأمة التي أنت واحد منها، ولا أمام هذا الدين الذي أنت آمنت به؟!.. لا بد أن يكون لنا موقف من منطلق الشعور بالمسئولية أمام الله سبحانه وتعالى، نحن لو رضينا – أَوْ أوصلنا الآخرون إلَـى أن نرضى بالذل أن نرضى بالقهر، أن نرضى بأن نعيش في هذا العالم على فتات الآخرين، لكن هل يرضى الله لنا عندما نقف بين يديه السكوت؟. هل سيُعْفينا ذلك عن أن يقال لنا: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ}.” وآيات القرآن حث على التحرر لا دعوة للعبودية.

الصرخة.. تحصينُ المجتمع ورفعُ وعيه

وما بداية هذا العمل في مواجهة هذه المشاريع الاستعمارية هي الصرخة، بما هي من إعْــلَان موقف من أعداء الأمة، وبما هي من تحصين للمجتمع، ورفع وعيه، وتهيئتهُ ليكون مستعداً لمواجهة الغزاة متى ما تطلب الأمر، يقول الشهيد:

“ولنعرف حقيقة واحدة من خلال هذا، أن اليهود أن الأَمريكيين على الرغم مما بحوزتهم من أسلحة تكفي لتدمير هذا العالم عدة مرات حريصون جداً جداً على أن لا يكون في أنفسنا سخط عليهم”. وهذا واقع الحال فأَمريكا الاستعمارية التي تستعمر البلدان باسم تحررها من الإرْهَـاب لا تريد أحد أن يقول: إنها تصنع الإرْهَـاب، أَمريكا التي تدّعي أنها رائده ومصدره الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتهيمن على البلدان بهذهِ الشِعارات لا تُريد أحد أن يفضحها، ولذا تنفق المليارات على وسائل الاعلام لتحسين صورتها في العالم.

هذا الشِّعار يفضح مزاعمهم أَمريكا بالحُرية والديمقراطية كما قال الشهيد، الذي كان عضواً في البرلمان اليَمَني منتخباً شعبياً ويعرف القانون جيداً واجههم بهِ دفاعاً عن الحق الشعبي في رفع الشِعار، الذي أكّد على الحق الديمقراطي في ترديده، حينَ كان الاعتقالُ والاخفاءُ والقسري والجلد والاعدام هوَ جزاءُ مَن يرفعه من (المُكبرين)، يقول الشهيد:

“إذا كان الدستور نفسُه يبيح لك أن تعارض الدولة التي أنت فيها لتأخذ السلطة أنت كحزب من الأحزاب، إذا حصلت على تصويت من المواطنين وأخذت أغلبية.. فإذا كان الدستور عندي يبيح لي أن أعارض نفس الدولة، ويبيح لي أن لي حق الرأي، حق التعبير، كيف ما عاده مباح لي أن أعارض أعداء الله، وأعداء وطني وأمتي من الأَمريكيين! كيف ما يبيح لي أن أعارض عدوي، ما يبيح لي أن أتكلم على عدوي!”.

هذا الشعار يواجه كُلّ الذرائع، هو يوحي بعمل، ووراءه عمل يُبطِلُ الذرائع الأخرى، معناه أن هذا نفسَه يجعل اليَمَنيين بما يترافق معه من توعية، واعين، رافضين لهيمنة أَمريكا، رافضين لدخول أَمريكا، وبالتالي ماذا؟ يجعل الكثيرَ من الناس مهيئين أنفسَهم لمواجهة أَمريكا ورفضها، بل يحول دون أن تحصل أَمريكا على عملاء، بالشكل المطلوب.. أي شخص يفكر بأن يكون عميل يتهيب أن يكون عميل، وهو يرى المجتمع كله يصرخ بشعارات معادية لأَمريكا وإسرائيل، هل عاد با يجرؤ أحد أن يجي عميل؟ عميل ظاهر؟ فما عاد هم محصلين من يتحركوا كعملاء؛ ولهذا يعتبرون أن هذا العمل يعيق ما يريدون تنفيذه من الخطط، يعيقها فعلاً، وإلا لو بالإمكان أن يتركوه ذريعة لتركوه ذريعة”.

ملاحظات بحثية

– بجانب الشِّعارِ تحدَّثَ الشهيد السيد حسين الحوثي عن سلاح المقاطع، وقم رؤية اقتصادية وافيه، كجدوى سلاح، وكدعوة إلَـى العمل والإنتاج وبناء اقتصاد وطني، والاكتفاء الذاتي، مبيناً أن الغربَ لا يُريدنا إلا سوقاً استهلاكية لتصريف منتجاته، وأنهُ حتى في المنح الدراسية التي يمنحها لطلابنا، وفي المناهج التعليمية التي لدينا، لا يمنحنا من المعرفة إلا بالقدر الذي سمح لنا باستهلاك وتشغيل تقانتهم، وليس بما يؤهلنا أن ننافسها ونصنع مثلها، وهذه موضوع منفرد يحتاج إلَـى دراسة منفصلة.

– كُلُّ الاقتباسات في هذه المقالة من ملزمتي “الشعار سلاح وموقف” وملزمة “الصرخة في وجوه المستكبرين”، وهناك أطروحات أخرى في بقية الملازم تناقش نفس الفكرة -لم أطلع عليها-، ولهذا أعتبر أن هذهِ المقالة، ليست سوى مدخل لعرض فكر الشهيد القائد واستنهاضه المجتمع لمواجهة الخطر الاستعمارية، حيثُ عالج هذه القضية السياسية المهمة بمنهج قرآني إيْمَـاني كما رأيته أنا، وليست دراسة لفكره، فدراسة الفكر بالضرورة تحتاج عمل على كُلّ الملازم واستخلاص المواضيع منهن ودراسة كُلّ موضوع منفرداً ومن مجمع دراسة كُلّ المواضيع سيخرج الباحث بصورة عامة عن فكر الشهيد؛ لأنه ولطابع هذه الملازم، التي هي نقلاً عن محاضرات تُلقى على حاضرين أشبه ما تكون بمقيل وتَدارس، فهي تتشعب وتنتقل من موضوع لآخر، حسب فهم الحاضرين وتفاعلهم أَوْ حتى مقاطعتهم للسيد وقطع تسلسل أفكاره، على عكس لو كانت مؤلفاً وبحثاً أكاديمي، حيث يلتزم المفكر بتخصيص كُلّ محاضرة لموضوع معيّن يأخذ كُلّ حقه.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com