السعودية والقناع الإماراتي في الـيَـمَـن

عباس السيد

ظلَّتِ السعوديةُ خلال العقود الخمسة الماضية اللاعبَ الرئيسيَّ في الـيَـمَـن. لكنها كانت تحرصُ باستمرار على عدم الظهور المباشر، وبقيت خلف الكواليس، مثل محرك الدُّمَى في مسرح العرائس.
وحين تنقطع الخيوط بين أصابع الأراجوز والدمى، يضطر الأراجوز إِلَى الخروج من مخبأه لإعادة وصل ما انقطع والعودة إِلَى الكواليس.

هذا ما حدَثَ للسعودية في ثورة 21 سبتمبر 2014، حيث اضطرت السعودية إِلَى التدخل المباشر في الـيَـمَـن؛ بهدف إعادة حلفائها إِلَى السلطة.

ومع أنها حاولت الاختباءَ خلف “التحالف العربي، ثم التحالف الإسلامي”، إلا أن ذلك لم ينجح في إظهارها مجرّد دولة من تحالف عدة دول. وظلت في نظر الرأي العام الـيَـمَـني والعربي والدولي صاحبةَ المشروع والأهداف في الحرب على الـيَـمَـن.

وهذا يعني أنها ستتحمَّلُ – بدرجة رئيسية – المسؤولية القانونية والأخلاقية والتأريخية عن كُلّ ما يترتب عن هذه الحرب من آثار ونتائج.

ومع دخولِ العُــدْوَان مرحلة الغزو، زادت حاجةُ السعودية إِلَى شريكٍ يتقاسم معها تلك المسؤوليات، شريك وهمي يحمل عنها بعضَ أوزارها دون أن يكون له تأثيراً على مكاسبها وأهدافها.

وقد وجدت السعودية هذا الشريك في دولة الإمارات التي بات دورُها في الـيَـمَـن مطابقاً للمَثَل الشعبي: “العاشق الكذاب يفرح بالتهم”.

وعند ما تمكنت جحافل الغزاة من احتلال مدينة عدن، توارت السعودية عن المشهد، وارتفع علَمُ الإمارات بكثافة في أرجاء المدينة.

وطأت الأقدام السعودية المدينةَ الـيَـمَـنية الأبعدَ عن حدودها وأحلامها. فلطالما كانت عدن، المدينةَ الأكثرَ تمرداً وجُرأةً في تحديها للأنظمة الخليجية. ومع ذلك، كتمت السعودية فرحتَها حتى لا تثيرَ حساسياتِ العدنيين والـيَـمَـنيين، وتنازلت “صورياً” عن المدينة للإمارات. وهي الدولة التي لا تستطيع بقدراتها الذاتية تأمين وإدارة برج خليفة.
استمرت السعودية تنفخُ في الدور الإماراتي، حتى باتت الـيَـمَـن مقسّمةً بينهما ” فيفتي فيفتي” الجنوب للإمارات والشمال للسعودية.
يبدو أن حكامَ الإمارات قد استمرأوا هذ الدور، ولا يريدون الخروجَ من هذا الحلم.
السعودية هي الأخرى، ستواصلُ النفخَ في الشريك الغبي، ولا يستبعدُ أن تضيفَ تعز إِلَى حصتهم.
ومثلما تنازلت السعوديةُ عن معظم الجغرافيا الـيَـمَـنية، كان عليها أَيْـضاً أن تتنازلَ لها عن بعض رجالاتها في الـيَـمَـن.

 وبين عشية وضحاها، تحوّل خالد بحاح إِلَى رجل الإمارات في الـيَـمَـن، وستبذل الإمارات كُلَّ ما بوسعها لإشراكِ رَجُلِها بحاح في السلطة القادمة في منصبٍ يتناسب مع نصيبِها الجغرافي في الـيَـمَـن.

وستظهر السعودية في آخر فصول المسرحية، أكثرَ قناعةً وزهداً وهي تتوارى خلف الكواليس، بعد أن تعقد خيوطَ الدُّمَى الجديدة والقديمة إِلَى أصابعها من جديد، وتستأنف دورَها الرئيسي على المسرح الـيَـمَـني.
aassayed@gmail.com

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com