البنوك الـيَـمَـنية.. صمود أسطوري في وجه العُـدْوَان والحصار

صدى المسيرة/ تقرير ـ رشيد الحداد  

أَكْثَرُ من عام مضى على العُـدْوَان والحصار ولا تزالُ البنوكُ الـيَـمَـنية صامدةً تمارِسُ نشاطَها المصرفي على أكمل وجه محافظة على ثقة المواطن الـيَـمَـني بأدائها، فالقطاع المصرفي الذي استهدف منذ الوهلة الأوْلَى بسبب فرض العدو قيود على التحويلات ونقل الأَمْوَال، قابل تلك بالمزيد من الإصرار على الإبقاء على نشاطه المعتاد وتقديم خدماته في ظروف استثنائية وصعبة.. إلَى التفاصيل: ـ

تعمّد العدوُّ السعودي الأَمريكي تعطيل نشاط البنوك الـيَـمَـنية ابتداءً بالعُـدْوَان الذي تسبب بتوقف استثمارات البنوك المحلية ومن ثم فرض حصار بري وبحري وجوي على الشعب الـيَـمَـن وإيْقَـاف حركة التجارة الدولية بين بلادنا ودول العالم وانتهاءً بفرص قيود على التحويلات المالية ونقل الأَمْوَال بين الـيَـمَـن ودول العالم ومع كُلّ تلك المحاولات المقيدة لأي نشاط مصرفي في العالم ظلت البنوك الوطنية والشركات العاملة في القطاع المصرفي تقدم خدماتها دون توقف رغم تأثر حركتها المصرفية.

موقف مالي مستقر

رغم الصعوبات وفرض العُـدْوَان قيوداً على تحويل الأَمْوَال إلَى البنوك الدولية ومحاولته إيْقَـاف حافظات عدد من البنوك المحلية في الداخل المتواجدة في عدد من البنوك العالمية والتي كان يتمُّ تغذيتُها بصورة دورية، وتقلص النشاط الاستثماري للبنوك الأهلية؛ بسببِ التراجُعِ في الحركة التجارية والاستثمارية جراء العُـدْوَان والحصار، فَإن الموقف المالي للبنوك التجارية والإسْـلَامية لا تزال قوية ومجموع المیزانیة الموحدة لتلك البنوك الوطنية لا تزال إيْجَابية، يضاف إلَى الأصول الخارجية لها، وتفيدُ كُلُّ المؤشرات بأن البنوك التجارية والإسْـلَامية لا تزالُ تقدم الائتمان المطلوب للقطاع الخاص لتحريك العجلة التجارية والاستثمارية في البلد في نطاق محدود في ظل الأَوْضَـاع التي تعيشها البلد، بالإضَافَـة إلَى تعمد العدو منع دخول الامدادات التجارية إلَى الموانئ الـيَـمَـنية والذي قلّص من حركة الأَمْوَال بين البنوك المحلية والبنوك الدولية، وكذلك حركة الاستيراد التي تراجعت هيَ الأُخْــرَى قرابة الـ 50%، كما أَن حركة الودائع والسحبيات لم تتغير رغم تأثرها خلال الأشهر الأوْلَى من العُـدْوَان فحركة الودائع لا تزال نشطة ووفق مصدر مصرفي فَإن إجْمَالي ودائع المواطنين الـيَـمَـنيين لدى البنوك التجارية والإسْـلَامية تتجاوز الـ 2 تريليون و200 مليار ريال.

أدوار وطنية للبنوك الحكومية

في حين عملت عشراتُ الشركات العاملة في مجال الصرافة والتحويلات المالية على التلاعب بأسْعَـار صرف العُملة الوطنية أَمَـام العملات الأجنبية وعملت على سحب أية عملات صعبة من أجل إيجاد حالة من الرعب في أَوْسَـاط المودعين ودفع المودعين في البنوك والمدخرين في المنازل إلَى الاقبال على استبدال العُملة المحلية بالعملات الأجنبية، عملت عددٌ من البنوك الحكومية منذ بدأ العُـدْوَان حتى الآن على تبديدِ مخاوفِ المودعين والمستثمرين ورجال المال والأعمال من موردين وصناعيين ووكلاء شركات دولية بتوفير العملة الصعبة وفق ضوابط البنك المركزي التي اتخذت لعدم تسرب العملة إلَى الأَسْوَاق السوداء.

 ووفق تأكيد الخبير الاقتصادي المعروف عبدالعزيز الترب فَإن البنك الـيَـمَـني للإنشاء والتعمير وبنك التسليف التعاوني الزراعي ساهما خلال الأشهر الأوْلَى من العُـدْوَان والحصار في وقف استنزاف الاحتياطي النقدي الأجنبي وتوفير العملات الأجنبية في السوق، كما عمل البنكان إلَى جانب البنك المركزي في الحفاظ على العملة الوطنية من الانهيار وتغطية المرتبات لعدة أشهر من السيولة المالية التي يمتلكها البنكين.

وكمواصلة لذات النهج أعلن بنكُ التسليف التعاوني والزراعي “كاك بنك” الشهر الماضي على لسان رئيسه محمد علي اللاعي التزامَه بتوفير العملات الأجنبية خلال الأشهر القادمة الفترة القادمة.

 وأكد اللاعي أن البنك سيقوم بصرف الحوالات الخارجية الواردة بذات العملة سواء أكانت بالدولار أَوْ الريال السعودي، خدمةً للجمهور والاقتصاد الوطني ولتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي الـيَـمَـني وَاستجابة لمتغيرات السوق.

العملُ تحت المخاطر

البنوكُ التجارية والإسْـلَامية التي تعرَّضت لأَكْثَر من عملية سطو مسلح في عدد من المحافظات الجنوبية وخُصُـوصاً في محافظات عدن ولحج وابين وحضرموت المكلا، نتيجة انتشار القاعدة وداعش منتصف النصف الثاني من العام الماضي والذي تسبب بتدمير بيئة الأعمال ورفع من تكلفة مخاطر استمرار النشاط المصرفي، إلَّا أَن عدداً منها ظلت رغم المخاطر تمارس نشاطها وتقدم خدماتها للمواطنين في أحلك الظروف في عدد من تلك المحافظات.

بيئة الأعمال في الجنوب

الجهازُ المصرفي الممثل بالبنك المركزي الـيَـمَـني وفروعه في مختلف المحافظات والبنوك التجارية والإسْـلَامية العاملة في مختلف محافظات البلاد وشركات ومؤسسات الصرافة وهيئة البريد التابعة لوزارة الاتصالات والتي تمارس دور ريادي في المجال المصرفي مارست نشاطها في بيئة امنه في مختلف المحافظات الشمالية من البلاد وعدد من المحافظات الجنوبية التي لا تزال تتواجدُ فيها مؤسسات الدولة، فيما تعرض لمخاطرَ متعددة بسبب غياب مؤسسات الدولة في عدد من المحافظات الجنوبية التي تعاني فراغ أمني كبير والتي مقابل اتساع نطاق سيطرة العصابات والتنظيمات المتطرفة.

وكانت عدد من فروع البنوك والمصارف والمتاجر قد تعرضت بعدَ انسحاب الجيش واللجان الشعبية من عدد من المحافظات الجنوبية في أغسطس الماضي لأعمال سطو متعمدة، حيث تعرض فرع بنك الـيَـمَـن الدولي في مدينة المنصورة بمحافظة عدن لعملية سطو قامت بها عناصر إرْهَـابية تابعة لتنظيم القاعدة المتواجد برعاية تحالف العُـدْوَان وإلى جانبه داعش في وضح النهار، واستولت بقوة السلاح وتم نهب 50 مليون ريال يمني من خزنة البنك، إلَّا أَن عملية السطو التي تعرض لها البنكُ تعد الثانية في أقل من شهرين حيث سبق أن تعرضت البنوك والمصارف العامة لموجه سطو منظمة من قبل المليشيات الموالية للعُـدْوَان السعودي والتنظيمات الإرْهَـابية في عدن، حيث تعرضت مباني ومصالح واستثمارات عددٍ من البنوك للاقتحام والسيطرة من قبل عناصر التنظيمات الإرْهَـابية والمليشيات الموالية لهادي في عدن والتي اقتحمت بقوة السلاح في سبتمبر الماضي مبنىً تابعاً لفرع البنك الـيَـمَـني للإنشاء والتعمير، بالإضَافَـة إلَى استراحة بنك التسليف الزراعي في مدينة الشيخ عثمان وحولتهما إلَى مقرات تابعة لها ورفضت الخروج دون التفاوض معها ودفع المال،

وكرد فعل على تصاعد أعمال السطو ضد البنوك والمصارف هدّدت جمعية البنوك الـيَـمَـنية أواخر العام المنصرم بإغلاق كافة فروع البنوك في محافظة عدن؛ بسبب غياب المناخ الأمني المناسب للقطاع المصرفي لضمان استمرار نشاط البنوك في المحافظة، وضمان حماية أَمْوَال المودعين والمساهمين والقطاع المصرفي بوجه عام.

حراك مصرفي نشط

وفيما تباينت أَرْبَاح البنوك الـيَـمَـنية بين الـ 5% وبين الـ 10 % خلال العام 2014م أدارت هيئة البريد حراكاً مالياً نشطاً في مختلف المحافظات وقدمت عدداً من الخدمات المصرفية، ليعلن صندوق التوفير البريدي للعام الماضي عن أَرْبَاح العام الماضي التي بلغت نسبتها 14 %، كما ارتفعت عدد حسابات التوفير البريدي للعام 2015 م بلغت 589 ألفاً وَ440 حساباً مقابل حسابات العام الذي سبقه والبالغة 581 ألفاً وَ344 ريالاً، وبلغت قيمة استثمارات الصندوق العام الماضي 42 ملياراً و714 مليوناً وَ542 ألف ريال بزيادة عن العام الذي سبقه بأَكْثَر من 400 مليون ريال، كما عمل البريد على لعب دورٍ مصرفيٍّ رياديٍّ على توسيع نقاط خدماته من خلال فتح مكاتب جديدة العام الماضي لتصل عدد المكاتب البريد في العاصمة ومختلف المحافظات نهاية العام الماضي إلَى 347 مكتباً.

صرافات آلية

خلال السنوات القليلة الماضية اتجه القطاعُ المصرفي الـيَـمَـني نحو الحداثة وإدخال الصرّافات الآلية في المدن الرئيسية، إلَّا أَن العُـدْوَان والحصار وانطفاء الكهرباء منذ الـ 14 من ابريل العام الماضي ضاعف تكلفة الخدمة، مما أدى إلَى توقف الصرافات الآلية عن الخدمة إلَّا أَن عدداً من البنوك ومنها كاك بنك عمل على اتساع خدمات الصراف الآلي والتي حظيت بإقبال المتعاملين مع البنك لتبلغ مبالغ التغذية المالية لصرافات بنك التسليف التعاوني والزراعي خلال العام 2015 خمسين ملياراً و722 مليون ريال، كما بلغ عدد الصرافات التابعة للبنك في أمانة العاصمة خلال العام ذاته 76 صرافاً آلياً.

أخيراً تم التنسيق بين عدد من البنوك وشركات الصرافة على استخدام الصرافات الآلية للبنوك المتواجدة في مختلف المدن لصرف أية مبالغ مالية لمودعين في بنوك وشركات صرافة أُخْــرَى لتسهيل حصول المواطن على الخدمة من أي مكان ومن أية صرافة الية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com