قصةُ العَـلَـم الوطني

زيد البعوه

منذُ أن كنتُ في الصفِّ الثالث أساسي وفتحت عيني على الحياة أَوْ قُل على بعض جوانبها، فما زلتُ حينها طفلاً كان من ضمن الدروس التي درستها ألوان العَـلَـم الوطني وإلى ما ترمز وتهدف.

عشقت الألوانَ الثلاثة ليس من أجل لونها وإنما من أجل الوطن والوَحدة والجمهورية الـيَـمَـنية.

كَبُرْتُ وترعرتُ في ظل العَـلَـم الذي طالما كنتُ أحييه صباحَ كُلّ يوم في المدرسة أنا وزملائي.

كانت تمُــرُّ أعيادُ الثورة والوحدةِ وكنت أرى العَـلَـم الوطني يرفرفُ فوق أسطح المنازل والشوارع كنت أرى فيه الوحدةَ والثورةَ والوطن.

وفي عام 2004 شَـنَّ النظامُ السابقُ عُـدْوَاناً على منطقتنا كان أحد أبرز الذرائع يومها أننا رفعنا عَـلَـم حزب الله وإيران أنا لم أكن أعرف لا عَـلَـم حزب الله ولا عَـلَـم ايران وقلت في نفس العَـلَـم الذي أحببته منذ الصغر هو علَمي ولن يتغير فهو مرسومٌ في جدار قلبي لكن هذا لم يشفع لمنزلنا الذي دمّره عُـدْوَان النظام السابق على منطقتنا..

انتهت الحربُ بعد ثلاثة أشهرٍ وبدأت قصة العَـلَـم الوطني الحقيقية.

وجهت السلطةُ حينها بتعويض المتضررين وكان نصيبُ والدي من التعويضات 300 ألف ريال استلمها على ثلاثة أقساط تعويضاً لمنزلنا المدمر ومنزلنا ثمنه أغلى من مليارات الدولارات كان الشرط الأساسي بعد أن تكمل بناء ما استطعت من غرف بالفلوس التي منحوك إياها أن ترسم ألوان العَـلَـم الوطني على جدار المنزل ما لم فأنت لستَ وطنياً ولا جمهورياً فتذكرت أنهم دمّروا منزلنا والعَـلَـمُ يرفرف عالياً على سطحه ولم يشفع له يومها من الدمار فهل سيشفع له في المستقبل؟.

وجاء المستقبلُ الفائتُ وظل العَـلَـم مرسوماً على جدران المنازل التي دمرت في الحرب الأولى واستمرت الحروبات والاعتداءات على منطقتنا ومحافظتنا حتى وصلت إلَـى الحربِ الخامسة، وجاء الطيرانُ المدفوعُ من النظام السابق ليقصفَ المنازل من جديد والعَـلَـمُ الوطني فوقها قلتُ في نفسي: العَـلَـم ليس سوى شماعة يقتلوننا ويدمرون منازلنا تحت ألوانه الثلاثة. وأكد لي ذلك الحرب السادسة التي شنت علينا بمشاركة السعودية، فما دخل السعودية من العَـلَـم الـيَـمَـني؟؟!!..

وفي عام 2015 وتحديداً في يوم 21 مارس ألقى عبدُربه منصور هادي العميل الخائن كلمةً من عدن بعد هروبه من صنعاء بصفته رئيساً للجمهورية قال في آخرها “سنرفع العَـلَـم الـيَـمَـني في جبل مران”.

العَـلَـمُ الـيَـمَـني أصلاً مرفوعٌ في جبل مران، ففي اليوم الثاني من الخطاب رفع أهالي مران العَـلَـم الـيَـمَـني على إحدى المدارس ليثبتوا للعالَم مدى التضليل والخداع الذي يريدُ هادي أن يمارسَه من جديد ضد صعده وأهلها وظل العَـلَـم يرفرف على المدرسة..

فتفاقمت الأمور وهرب هادي من عدن وقررت قوى الشر والطغيان أن تشنّ على الـيَـمَـن عُـدْوَاناً أَمريكياً سعودياً صهيونياً تحت مبرر إعادة الشرعية حين سمعت بمصطلح الشرعية تبادر إلَـى ذهني يوم شنوا على منطقتنا عُـدْوَاناً؟ تحت مبرّر أننا رفعنا عَـلَـم إيران..

وجاء العُـدْوَانُ ليقتل الشعب ويدمّر الوطن ويرتكب المجازر وفي إحدى الليالي شنّت طائرات العُـدْوَان أربع غارات استهدفت المدرسة التي رفع العَـلَـم الوطني عليها فدمرت المدرسة بالكامل واحترق العَـلَـمُ ولم يتبقَّ منه سوى هذه الصورة التي بقيت للذكرى لتشهدَ أننا أَكْثَرُ الناس حُبّاً للوطن وللعَـلَـم.
 واليوم هي الذكرى السنوية الأولى للعَـلَـمِ الذي رفعناه على مدرستنا وفي منطقتنا مران وهادي ما زال منبوذاً هارباً كاذباً خائناً عميلاً للوطن وللعَـلَـم وللشعب والعُـدْوَانُ خيرٌ شاهدٍ على ذلك..

الله، الوطن، الثورة.. تحيا الجمهورية الـيَـمَـنية، تحيا الجمهورية الـيَـمَـنية، تحيا الجمهورية الـيَـمَـنية.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com