من أعظم مواطن البر الإنفاق في سبيل الله، لنصر دينه، وإعلاء كلمته خاصة في هذه الظروف وقد يصبح من أوجب الواجبات

  • المال هو وسيلة يستخدمه الحق ويستخدمه الباطل، فأنت ملزم بأن تنفق مالك في سبيل الله؛ لأن الحق لا بد من بذل المال في سبيله
  • الإنفاق المالي يبرز من أهم الأعمال في ميدان العمل في سبيل الله تعالى

في أحد الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة انتهاء الدور الصيفية كتكريم للمعلمين وتكريم للطلاب 2/9/2002م ألقى السيد حسين بدرالدين الحوثي كلمةً أشاد فيها بكل من أسهموا بجهودهم في تمويلِ هذه الدورة، وكل من أسهموا في إنشاء ذلك المركز الذي ضم نخبة من المعلمين، وضم الأبناء الصالحين.

وخاطب السيد حسين الحوثي الحاضرين محفّزاً لهم على الإنفاق قائلاً: (نرى في هذا الحفل ثمرةً لجهود مَن يبذلون أموالهم وليعلم أولئك الذين يسهمون بأموالهم، يسهمون بجهودهم، بالكلمة الطيبة في سبيل إنشاء مثل هذا العمل، مثل هذه المشاريع المباركة، نقول لهم: هذه ثمار جهودكم، هذه ثمار جهودكم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبلها منكم، وأن ينميَها لكم، لتأتوا الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بصحائف مملوءة بالحسنات، مملوءة بالفضيلة، مملوءة بالدرجات التي ترتقون بها في الجنة التي وُعِدَ بها المتقون، السباقون إلى الخير، السباقون إلى الفضيلة، السباقون إلى العمل الصالح.

ويشير السيد حسين الحوثي إلى أن القرآنَ الكريم كله حديثٌ عن الناس، وقسَّم الناس أقساماً متعددة، وعندما تتصفح القرآن الكريم من أوله إلى آخره تجد فيه موقعاً واحداً هو الموقع الذي يحكم الله لمن هو فيه بالفلاح، بالنجاح، بالفوز، بالسعادة في الدنيا، بالنجاة يوم البعث يوم الحساب، بالفوز بالجنة، بالنجاة من النار، من هم أولئك؟ هم المؤمنون، يعبر عنهم تارة باسم مؤمنين، وتارة باسم متقين.

 وإلى تقييم الواقع الذي نعيشه يقول السيد حسين الحوثي: (لا أزكّي نفسي، لنخرج جَميعاً من قضية الحكم التلقائي لنفسي، أو أنت لنفسك، هو مؤمن ولا يريد أن يعمل إلا تلك الأعمال التي تتعلق بشؤون حياته التي من ورائها فلوس، شَغْل بين أمواله، بيع وشراء، وأشياء من هذه، هذا ليس عمل الجنة).

ويخاطب الحاضرين قائلاً: (هل تفهمون أن كُلّ الأعمال الصالحة التي يتحدث عنها القرآن الكريم، ليست في الغالب، هي هذه الأعمال التي نتحرك فيها لمصالحنا الخاصة.

ومن القرآن الكريم يشير السيد حسين الحوثي إلى أن الله عندما يأمر الناس بالإنفاق {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: من الآية 195) هل معنى ذلك أنك تتصرف يوم السوق بخمسة آلاف بستة آلاف؟ تشتري [لحم كثير] تشتري مصاريف كثيرة لبيتك؟ لا، كُلّ إنسان يتحدث عنه القرآن هو عادة، وغالباً ما يكون موجهاً إلى ما هو خارج عن دائرة ومحيط شخصيتك في سبيل الله.. مثل هذا العمل -رعاية المراكز الصيفية لتعليم القرآن الكريم- مثل هذه المشاريع التي يتلقى فيها أبناؤنا علوم هذا الدين، الذي نحن جَميعاً ملزمون به، الذي هو نعمة عظيمة من الله علينا الذي تتوقف عليه نجاتنا ونجاة أهلنا وأبنائنا يتعلمون كتاب الله الذي هو شرف لنا {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} (الزخرف:44).

واعتبر السيد حسين الحوثي أن: الإنفاق في مثل هذه المشاريع هو واحد من مشاريع سبيل الله التي يقول الله لي ولك: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.

 

أهمية الإنفاق:

وعن أهمية الإنفاق في سبيل الله يوضح السيد حسين الحوثي أن إطارَ التشريع واسع في الجانب المالي بدءاً من الزكاة وانتهاء بالإنفاق في سبيل الله، مشيراً على أن الكثير من التشريعات ارتبطت بالمال، وأن الله سبحانه وتعالى تحدث في العديد من الآيات عن الإنفاق، واعداً بالأجر المضاعف على الإنفاق، كما تحدث الآيات عن الإنفاق بأنه دليل مصداقية المؤمن، تحدثت عن بذل المال بأنه وسيلة من وسائل تزكية الروح وسموِّها، وأن الإيمان هو عطاء.

وفي هذا الإطار يقول السيد حسين الحوثي: وأنت في ميدان الإقبال على الله سبحانه وتعالى يبرز الإنفاق في الجانب المالي من أهم الأعمال في ميدان العمل في سبيل الله تعالى، فالمؤمن هو من يعرف مواطن البر التي يكون لله رضى أن ينفق فيها، وأعظم مواطن البر للإنفاق هو: الإنفاق في سبيل الله، لنصر دينه، وإعلاء كلمته، خاصة في ظروف كهذه، بل قد يصبح من أوجب الواجبات فعلاً، من أوجب الواجبات فيصبح ربما أوجب من الزكاة في ظروف كهذه.

وزاد قائلاً: المال هو وسيلة يستخدمه الحق ويستخدمه الباطل، فأنت ملزم بأن تنفق مالك في سبيل الله؛ لأن الحق لا بد من بذل المال في سبيله، وأهل الباطل يعلمون ويتأكدون بأن الباطل لا يسير إلا بواسطة المال. إذاً فالمال هو سلاح ذو حدين.

وفي ذات السياق يتجه السيد حسين الحوثي إلى التأكيد على عظمة الإنفاق بتكرار الحديث عنه في الكثير من الآيات واقترانه بأفضل الأعمال وبأفضل الحالات، مشيراً إلى أنه: إذا ما تحدث عن مشاعر المتقين فالإنفاق واحد مما يعكس أن هناك مشاعر طيبة لديهم وإيمانا متكاملا، {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: من الآية 195). لأهمية الإنفاق هنا قدمه بعبارة لا تقل أهمية عن العبارة الأولى، وعبارة توحي أيضاً بخطورة في التهاون بهذا الموضوع: الإنفاق في سبيل الله.

 وينبه إلى أن الإنفاق في سبيل الله هي قضية أساسية للعمل لإعلاء كلمة الله، وعمود الجهاد في سبيل الله هو: الإنفاق في سبيل الله.

ولأن أي حركة لا تقومُ إلا على دعم من هنا أو هناك، ينطلق السيد حسين الحوثي من قاعدة خاصة كمنهج قرآني يسير عليه فيقول: (المجتمع المسلم هو يمول نفسه، وهذه القضية هامة جداً، لا يقوم الدين إلا بها، لا يقوم الدين إلا على هذا الأساس: أن يكون هناك إنفاق، وأن يكون إنفاقاً من داخل نفس الذين هم يتحركون في القضية)، ولهذا جعل الله هذا الجانب فريضة من أعظم الفرائض، فريضة هي ركن من أركان الإسلام اتجهت نحو المال هي الزكاة، واجب من أهم الواجبات هو نصر دين الله مرتبط بالمال أيضاً، واجب من أهم الواجبات هو العمل على نشر دين الله والدعوة إلى إصلاح عباده مرتبط بالمال.

وهنا يوضح السيد حسين الحوثي أن أخي المسلم أصبحت مخيراً، فإما أن تلقي أنت أموالك في سبيل الله.. أو ستلقى أنت أو الأمة هذه ستلقي بيدها إلى التهلكة، تهلك إذا لم تنفق، ويعني السيد حسين الحوثي أنها تهلك بأن حركتها تضرب، وتضعف مواجهتها لأعدائها ما يؤدي لتغلبهم عليها، فيهلكونها قبل الهلكة التي تأتي من جهة الله سبحانه وتعالى.

ويؤكد السيد حسين الحوثي أن الإنفاق في حالة السراء والضراء، وكظم الغيظ، والعفو عن الناس هي من الأسس المهمة في ميدان العمل لإعلاء كلمة الله، معتبراً أنه ليس هناك إيمان بدون إنفاق، بل أنت لا تحتاج إلى من يدفعك إلى الإنفاق في ما إذا فهمت مسئوليتك أمام الله سبحانه وتعالى، إذا ما أصبحت إنساناً تهتم بأمر دينه وعباده.

 

النظرة إلى الإنفاق:

ويرى السيد حسين الحوثي إلى أن علينا جَميعاً أن ننظر إلى الإنفاق كقضية هامة واجبة على كُلّ مسلم، ووعد المنفقين بمضاعفة الأجر، مشيراً إلى أن الإنسانَ عندما ينفق هو إنما ينفق مما رزقه الله، وتساءل: لماذا تبخل بالشيء الذي لم يبخل به الله عليك؟ عندما يقول لك: تنفق فأنت لا تنفق من الشيء الذي أنت أبدعه وفطره وخلقه، هو مما رزقك الله، وعندما تنفق مما رزقك هو أيضاً لمصلحتك أنت، لما فيها ليوم القيامة لأنه كلما تنفقه هنا أنت بحاجة إليه في يوم القيامة، يوم القيامة لا يوجد فيه بيع وشراء، لا يوجد فيه أية محاولة كسب أشياء.

وأكّد أنه يجبُ على الناس أن يعتمدوا على الله، وعلى أنفسهم في أن يكونوا هم بجهودهم مهما كانت بسيطة ينفقون في سبيل الله، أن الله يجعل لها بركة، ويجعل لها أثراً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com