دورٌ مشبوهٌ للأُمَــم المتحدة في استمرار الحصار على الشَّـعْـب الـيَـمَـني

صدى المسيرة/ تقرير / خاص

في ظل التوطُؤ المفضوحِ من المجتمع الدولي يفرِضُ العُــدْوَانُ السُّعُـوْديّ الأَمريكي حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على الشَّـعْـب الـيَـمَـني منذُ عام تسبّب بعزل الـيَـمَـن عن العالم لعدة أشهر، ونجم عنها معاناة إنْسَـانية لا حدود لها ورغم إدراك الكثير من المنظمات الدولية لذلك، إلا أنها اكتفت بالإشارة إلَى التداعيات الكارثية للحصار والعُــدْوَان ولم تقم بأي دور فعلي لرفع الحصار الظالم الذي استهدف أفقر شعوب المنطقة.

قبيل دقائق فقط من بدأ العُــدْوَان على الـيَـمَـن في صبيحة الخميس السادس والعشرين من مارس الماضي أطلقت بوارج العُــدْوَان السُّعُـوْديّ الأَمريكي انذارات لجميع السفن المتواجدة في غاطس ميناء الحديدة أَوْ التي في طريقها إلَى الموانئ الـيَـمَـنية بعدم الدخول معتبرةً الموانئ الـيَـمَـنية محضورة، وبالمثل حظرت الطيران المدني في أجواء الـيَـمَـن وأعاقت وصول الرحلات البرية عبر مختلف المنافذ البرية، وحولت الـيَـمَـن إلَى سجن كبير، وهو أَدَّى إلَى إيْقَــاف كافة امدادات الغذاء والدواء والوقود من وإلى الـيَـمَـن، متسبباً بأزمة مشتقات نفطية خانقة في الأَسْوَاق وفي نقص حاد في الدواء وفي ارتفاع أَسْعَـار الغذاء في ظل قصف جوي طال معظم المحافظات وارتكب عشرات المجازر بحق الإنْسَـانية وعطّل الحياة العامة لعدة أشهر.

وعودٌ أُمَــمية غيرُ قابلة للتطبيق

ووفق ميثاق الأُمَــم المتحدة والقانون العالمي لحقوق الإنْسَـاني فَإن الحصار البري والبحري والجوي يرقى إلَى جرائم الإبَادَة الجماعية ضد الشعوب، إذ أصدرت المنظمة الأُمَــمية بعد عدة أَيَّـــام من العُــدْوَان والحصار بيانات شديدة اللهجة اتجاه ما يتعرض له الشَّـعْـب الـيَـمَـني، وحذرت من كارثة إنْسَـانية وشيكة.

 ومع استمرار الحصار وفشل الهُدنات التي طالبت بها الأُمَــم المتحدة لإدْخَــال المساعدات عبّر رئيس العمليات الإنْسَـانية في الأُمَــم المتحدة ستيفن اوبراين يوليوا عن شعورِه بالفزع إزَاءَ ما يتعرض له الـيَـمَـنيون من حصار وعُــدْوَان.

 وقال إن المدنيين يواجهون عنفاً مرعباً وجوعاً شديداً، إلَى جانب شحة المواد الغذائية والدوائية. إلا أَن السيد ستيفن الذي وعد أَكْثَــر من مرة بالعمل على عدم انزلاق الـيَـمَـن إلَى حافة المجاعة ورفع الحصار المفروض على الشَّـعْـب الـيَـمَـني لم يلعب أَي دور فعلي حتى الآن.

وعلى ذات النهج التزم المدير الإقْليْمي لمكتب تنسيق الشئون الإنْسَـانية للـيَـمَـن عامر داودي خلال زيارته لصنعاء والتقائه برئيس اللجنة الثورة العليا بتأريخ 27 مايو الماضي بالعمل على إعَادَة سريان الاستيراد وسريان العمل التجاري إلَى الـيَـمَـن، وحث الأُمَــمَ المتحدة على أَن تكون مهمة تفتيش السفن التجارية عن طريق ميناء الحديدة، ووفق مخرجات اللقاء التزم المسئول الأُمَــمي بالعمل على السماح للمساعدات والسفن التجارية بالدخول إلَى الموانئ الـيَـمَـنية دون أَية عراقيل، إلا أنه لم يوفِ بالتزاماته، مما دفع باللجنة الثورية العليا ممثلة برئيسها إلَى مطالبة الممثل المقيم للأُمَــم المتحدة بصنعاء باولو لمبو بالتوضيح حول تنفيذ التزامات داودي، وكان الرد بِأن الأخير سيعود إلَى صنعاء إلا أنه لم يعد، وتم الترتيب لزيارة وكيل الأمين العام للأُمَــم المتحدة للشئون الإنْسَـانية ستيفن اوبراين في أغسطس الماضي والذي وصل في العاشر من ذات الشهر وتم مناقشة عدد من القضايا ومنها الحصار ودور الأُمَــم المتحدة في التخفيف من معاناته، والتزم بالعمل على إيْجَـاد آلية تفتيش مناسبة تخفف القيود المفروضة على الامدادات التجارية.

 وأكد أَن الأُمَــم المتحدة تسعى للاتفاق على آلية تفتيش غير معقدة تسمح لجميع السفن بالمرور، مُشيراً إلَى أَن تلك المساعي تهدف لإعَادَة ثقة التجار بالاستمرار في إدْخَــال الاحتياجات للشعب الـيَـمَـني.

 وقال بالأَسَاس إننا نسعى لإدْخَــال جميع السفن للموانئ الـيَـمَـنية، ولن نقبل بأية ضغوط لإجبار السفن على الاتجاه في مسار محدد، إلا أنه لم يفِ بوعوده حتى على مستوى السماح بشحنات الوقود التابعة لشركة النفط الـيَـمَـنية التي لا تُــزَالُ عدد منها محتجزةً حتى الآن.

 

الردُّ باستهداف الميناء

بعد زيارة استيفن للـيَـمَـن تعرض ميناء الحديدة بعد قرابة الشهر للاعتداء بسلسلة غارات من طيران العُــدْوَان الـ 18 من “سبتمبر” الماضي تسببت تراجع الحركة الملاحية، حيث استهدف بصورة مباشرة بـ 12 غارة أَدَّت إلَى أَضْـــرَار فادحة في مختلف مكونات ومعدات الميناء منها كرينات الميناء الذي يمتلك كريناً عائماً بقوة رفع 75 طناً، وحفار بقوة 700 حصان يعمل بصورة دائمة على صيانة وتنظيف الأعماق في القناة الملاحية وحوض الاستدارة وكرينات حاويات متعددة منها ثابتة بقدرات تتباين قدراتها ما بين 10 ـ 30 طن أُخْــرَى.

وعلى الرغم من أَن الاعتداء على الميناء كشف عن إمعان العُــدْوَان في تجويع الـيَـمَـنيين بغرض التركيع وتحقيق أَية مكاسب فشل على مدى العام من عُــدْوَانه في تحقيقها عسكرياً، إلا أنه أثار ردود أفعال غاضبة قوبل بإدانة للأُمَــم المتحدة لم تشر إلَى العدو ولم تعد الاعتداء جريمة بل وصف حينها مدير العمليات الإنْسَـانية في الأُمَــم المتحدة ستيفن أوبراين بأن قصف طائرات التحالف للميناء عملٌ يخرق القانون الإنْسَـاني الدولي، محذراً من تفاقم الوضع الإنْسَـاني في الـيَـمَـن نتيجة استهداف الميناء واستمرار الحصار.

الميناء كهدف للعدو

ونظراً لغيابِ الدور الفاعل للأُمَــم المتحدة في الـيَـمَـن منذ بدء العُــدْوَان وتواطؤها المفضوح على جرائمه حول العدو الميناء إلَى هدف من أَهْدَافه، حيث وجّه الشهر الماضي تحذيرات للسفن الراسية بغاطس ميناء الحديدة مطلع الشهر الجاري، وطالبت قوات التحالف البحرية إدَارَة الميناء بإخلائه في غضون 24 ساعة باعتباره منطقة مستهدفة.

 تلك التحذيرات قوبلت بالاستنكار من قبل كُلّ مكونات المجتمع الـيَـمَـني ووزارة النقل التي استنكرت ما تقوم به قوات تحالف العُــدْوَان من اجراءات همجية بين الحين والآخر تجاه السفن المتواجدة في غاطس ميناء الحديدة، وأكدت في بيان صادر عنها في التاسع من مارس الجاري استمرار قوات التحالف باستهداف ميناء الحديدة وما يقوم به من أَعْــمَــال إجْـــرَاميّة ضد السفن يعد استهدافاً مباشراً للمواطن الـيَـمَـني في أدق تفاصيل حياته المعيشية وذلك كونه يعد الشريان الرئيس الذي يمدُّه بكل مقومات الحياة الرئيسية للعيش من غذاء ودواء ومشتقات نفطية.

تعطيل الملاحة البحرية

عمد التحالف على تعطيل الحركة الملاحية لميناء الحديدة لصالح موانئ مجاورة تابعة لدول العُــدْوَان أَوْ دول موالية للعُــدْوَان كـ(ميناء جدة، وميناء جيبوتي، وميناء خور فكان، وميناء رأس جبل علي في الإمارات).

 وكشفت الغرف الصناعية والتجارية بالعاصمة صنعاء في الـ 3 من “أيلول ” الماضي عن اعتراض التحالف الشحنات التجارية القادمة إلَى الموانئ الـيَـمَـنية واجبار شركات الملاحة بعدم تفريغ البضائع المستوردة للـيَـمَـن في الموانئ الـيَـمَـنية واقتيادها إلَى موانئ الدول المجاورة.

 كما اتهم تقرير صادر عن الغرفة التجارية شركات الملاحة الدولية الابتزاز والتعسف ضد التجار الـيَـمَـنيين من خلال فرضها رسوم وغرامات طائلة غير قانونية على بضائعهم المستوردة دون مراعاة.

 وأشارت إلَى أَن التحالف لم يكتفِ بما لحق بالقطاعين التجاري والصناعي في الـيَـمَـن من أَضْـــرَار فادحة وخسائر كبيرة جراء استهداف مصانعه ومشاريعه وتدميرها من قبل العُــدْوَان السُّعُـوْديّ، بل عمد على إعاقة وصول عمليات نقل البضائع المستوردة للـيَـمَـن، متسبباً بتأخير وصولها للموانئ الـيَـمَـنية لعدة أشهر دون مبرر، وهو ما أَدَّى إلَى ارتفاع تكلفة تلك الشحنات التي تعرضت الكثير منها للتلف نتيجة سوء التخزين وتعرضها للرطوبة.

 وكشف التقرير عن فرض شركات الملاحة رسوم الديمريج على الحاويات طوال فترة احتجازها من قبل التحالف في الموانئ المجاورة للـيَـمَـن.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com