جشعُ التجار ومعاناةُ المواطن..‏بقلم/ عدنان علي الكبسي

 

يقول السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- في الدرس العاشر من دروس عهد الإمام علي -عليه السلام- لمالك الأشتر حينما ولّاه على مصر، وهو يتحدث عن التجار: ((وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ ضِيقاً فَاحِشاً)): عسر في المعاملة؛ بسَببِ ظروف العمل التجاري، وهواجسه، والقلق فيه، والطمع فيه، مؤثرات متنوعة تؤثر على نفسياتهم؛ فتكون النتيجة هي: الضيق، العسر في المعاملة، والشدة فيها؛ لأَنَّه دائماً يحسب حسابَ أن يربح بشكل كبير، وأن يحذَرَ من الخسارة، وأن يحقّق لنفسه المكاسبَ الكبيرة، وأن… إلخ.

((وَشُحّاً قَبِيحاً))، الشُّحُّ: طمعٌ شديدٌ، يريد صاحبه أن يحقّقَ أكبر المكاسب، وبخل شديد، لا يريد أن يؤدّي ما عليه من الحقوق، هذه حالة تحصل لكثير من التجار، يتهرَّبُ دائماً من أن يُخرِجَ ما عليه من الحقوق}.

التجارُ في جشعهم لا يبالون بمعاناة الناس، ولا يكترثون بصعوبة الناس المعيشية، همهم تحقيق أكبر المكاسب الشخصية، وليعش من عاش، ويموت من مات، وهذا الذي نلمسه كمواطنين من معظم التجار، يستغلون الأزمات في رفع الأسعار، وَإذَا انتهت الأزمات لا زالت الأسعارُ مرتفعة، تجد السلع إذَا صعدت أسعارها لا تهبط أبداً.

مَن يدِّعي أن القطاع الخاص يقوم بمراجعة أسعاره صعودًا وهبوطًا وفقًا لمتغيرات الأسعار العالمية، نوجه له سؤالًا واحدًا: قدم لنا سلعة واحدة صعد سعرُها وبعد فترة هبط سعرها؟!

على من تكذبون؟! وبأي لسان تتحدثون؟! وبأي وجه تقابِلون شعبكم وأنتم تصرخون من إصدار القائمة السعرية من جهة وزارة الصناعة والتجارة؟! لم نسمع لكم حتى كلمة واحدة تستنكرون استغلالَ ظروف الناس المعيشية، لم نسمع استنكاركم لاختفاء بعض السلع الغذائية؟، أتكذبون على شعب يعاني من جشع التجار بأن التجار يراجعون أسعارَهم صعودًا وهبوطًا؟! أتكذبون على المواطنين أنكم تقدِّرون ظروفَهم المعيشية؟!

الناس يصرخون ويَئِنّون من حصارَينِ: حصار من الخارج فرضته دول العدوان، وحصار من الداخل فرضه تجارٌ عدوانيون، حاصروا الشعب برفعه الأسعار؛ بذريعة أن البلد في حصار، وهذا هو الواقع.

بيانُ الاتّحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية يعبِّرُ عن جشع التجار، ويراعي مصلحة التجار الشخصية، ولم يراعِ مصلحة المواطن، كان المفترض أن يتعامل الاتّحاد بعدل وحكمة، أن ينظُرَ للمصلحة العامة، أن يراعيَ الطرفينِ: المواطن والتاجر.

وعيبٌ على وزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها أن يقصِّروا في مسؤوليتهم تجاه جشع التجار ومعاناة المواطنين، و إصدار قوائم سعرية خطوة جيدة لا تجحف بالبائع ولا بالمشتري، كما قال الإمام عليٌّ -عليه السلام-: ((بِمَوَازِينِ عَدْلٍ، وَأسعار لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ)).

المطلوب من المسؤولين في وزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها، وكذلك المسؤولون في المحافظات والمديريات، ضبطُ المخالفين، ومتابعةُ ضبط الأسعار؛ حتى يلمسَ المواطن تنفيذَ القوائم السعرية، ولا تبالوا بنعيق ولا بنهيق.

الشعبُ كُـلُّ الشعب سندٌ ودعمٌ للوزارة والمسؤولين في ضبط الأسعار، وعيبٌ على المسؤولين التقصير في مسؤوليتهم، والإخلال بواجبهم، والتفريطُ تجاه الناس؛ لأَنَّ مسؤولية المسؤول هم الناس، وميدانُ عمله الناس، يراعي مصالحَهم، ويهتم بشؤونهم، ويقضي حاجاتهم، وتجتاحُ الباطلَ والفسادَ من النفوس ومن الواقع.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com