الوحدة.. مبادئُ وقِيَــمٌ قبل أن تكونَ خريطةً..بقلم/ موسى المكسبي

 

لن نقارن بين أوضاع الجنوب وأوضاع الشمال قبل الوحدة المباركةـ، وأيهما كان أفضل، ومن الكاسب والخاسر من الوحدة؟ هذه مقارنة سطحية إن لم نقل تشطيرية.. نعم، قد يكون الشمال إلى حَــدٍّ ما مستقر والوضع المعيشي متحسن لكن أَيْـضاً الجنوب كان أفضل من ناحية وجود دولة تفرض هيبتها وقوانينها على الجميع.. وبرغم الأخطاء القاتلة في الجنوب ومنها نظام التأمين لكن ما يهمنا ونحن نحتفل بذكرى الوحدة العظيمة في وضع صارَ فيه اليمن مقسَّماً إلى أكثر من شطرين ونعرات التفرقة والتشظي توشك أن تحوله إلى أجزاء متناثرة وحلم الدويلات الصغيرة والهزيلة والأعلام المختلفة يراود بعض إخواننا في الجنوب، والأشقاء في الجوار ألسنتهم مع الوحدة وقلوبهم وسيوفهم وأموَّلهم مع الانفصال حقيقة لا تقبل الجدال، ذكرى الوحدة ليس للتذكير بانتصار شطر على شطر كما يسوقه البعض أَو بطش ونهب طرف لطرف آخر..

نعم وبكل صراحة كانت هناك أخطاء قاتلة رافقت إعلان تحقيق الوحدة، قد تكون العواطف الجياشة وتقديس المنجز عند طرف بينما الطرف الآخر له مآرب أُخرى، لكن الوحدة اليمنية بحد ذاتها انتصار لهذه الأُمَّــة العظيمة التي عشقت وهامت باليمن الواحد الموحد الكبير؛ لأَنَّ اليمن ولدت منذ آلاف السنين وهي عملاق كبير على خارطة الجغرافيا المكانية (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ) والوحدة حقنت دماء اليمنيين بينهم البين مستقبلًا.

إن من يظن أن التشطير حَـلّ لمشاكل اليمن أَو سيجلب الاستقرار والنعيم لكل شطر هو وَاهم مليون مرة، والتاريخ والواقع هو من يقول ويؤكّـد ذلك، والتناحر لن ينتهي والدماء لن تجف والدسائس لن تموت ومن يتأبط باليمن شراً لن ينام وهم كثر إقليميا ودوليًّا، ولو حصل الانفصال لا قدر الله فَــإنَّ الجغرافيا لن تقتل فينا شعورنا الصادق وحبنا المخلص للوحدة اليمنية؛ لأَنَّها هواء وماء وجودنا في هذه الأرض الطيبة، ومن أجلها سكب أحرار اليمن جنوبًا وشمالًا أنهارًا من الدماء؛ لتكون أعظم وأجلَّ منجز للشعب اليمني في تاريخه الحديث والمعاصر.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com