شعارُ الصرخة يهزمُ الأعداءَ ويذلُ العملاء..بقلم/ محمد محمد العوبلي

 

الشعبُ اليمنيُّ يعيشُ هذه الأيّام الذكرى السنويةَ لإطلاق شعار الصرخة الذي أطلقه السيد القائد الشهيد الحسين بن بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- في العام 2002م، وعندما نتحدث عن الظروف التي أعلنت فيها الصرخة في وجه المستكبرين، وانطلق فيها المشروعُ القرآني، نجد أن المشروعَ أتى في مرحلة وظروف حساسة؛ فكلنا نعرف أن أمريكا تحَرّكت ومعها حلفاؤها لاحتلال أفغانستان، وبعد ذلك اتجهت نحو العراق، وكان لها جدولٌ وبرنامج تسعى من خلاله إلى احتلال العديد من البلدان في عالمنا العربي والإسلامي والسيطرة التامة والمباشرة على كُـلّ الوضع: سياسيًّا، واقتصاديًّا، وأمنيًّا، بل وحتى ثقافيًّا، وفكرياً، وتعليميًّا.

تحَرّك الشهيد القائد بمشروعه القرآني، وعبّر عن توجّـهه في التصدي لتلك الهجمة العدائية ضد أمتنا الإسلامية بشعار البراءة والصرخة في وجه المستكبرين، وطلب من الناس أن يهتفوا بهذا الشعار وينطلقوا في إطار هذا المشروع ويدركوا طبيعة هذه المرحلة، وخطورة السكوت والاستسلام والصمت، وخطورة أن يبقى واقع الأُمَّــة واقعاً خانعاً وساكناً وجامداً تجاه تلك المخاطر الكبيرة من جانب الأعداء، وهنا الصرخةُ تمثِّلُ موقفاً من الطغاة، وهو اختيارٌ لطريقةٍ قرآنية أرشد الله إليها في القرآن الكريم؛ لأَنَّ حديث القرآن الكريم عن أعداء المسلمين هو حديث واسع، وقد حدّد لنا من هم، وما هي أساليبهم، وما هي أهدافهم، وما الطريقة الصحيحة لمواجهتهم!؛ فالقرآن الكريم شخّص اليهود؛ باعتبارهم العدوَّ رقم واحد للمسلمين، ثم من يقف في صفهم من النصارى، ومن يواليهم حتى من المسلمين سيكون منهم: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}؛ فقد أتى المشروع القرآني معتمداً على رفع مستوى الوعي لدى الناس تجاه العدوّ، وإن يتجهوا ليعبّروا عن عدائهم له، وبراءتهم منه، وتحصين أنفسهم من الداخل، وإعداد أنفسهم المنكسرة لإخراجها من الواقع السيء؛ فالشعارُ لم يكن لوحده، بل أتى ضمن نشاط تثقيفي وتوعوي واسع، ونشاط تعبئة واسعة، ونشاط يتجه إلى مواقف وخطوات عملية مرسومة ومحدّدة تضمنتها الثقافة القرآنية، وَأَيْـضاً صحبة موقف آخر هو المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية؛ لذا فالصرخةُ مثّلت شعار هُــوِيَّة، وموقف إيماني، وسلاح يقتل المستكبرين ويعرّي المنافقين ويفضحهم وينتصر به المؤمنون على الأعداء؛ فهو مثّل حالة فرز حقيقية للشعب اليمني خَاصَّة، وشعوب الأُمَّــة العربية الإسلامية بشكل عام؛ وذلك من خلال صدق الموقف والانتماء للهُــوِيَّة الإيمانية، أَو النفاق والعمالة والخيانة وموالاة قوى الاستكبار أمريكا وإسرائيل، فأما مؤمن صريح أَو منافق صريح!

إن شعار الصرخة هو مختبرٌ وسلاح فعال في اكتشاف المنافقين في الواقع الداخلي الذين يتقنون التخفي في أوساط الأُمَّــة والمجتمعات والذي يسهل كشفهم من خلال تحليل مواقفهم ونفسياتهم، ولقد أثبت الشعار أنه أكثر فعاليةً في كشف وَتعرية حقيقة المنافقين والعملاء والخونة الذين بمُجَـرّد أن ترفع لشعار تسود وجوههم، وتتقطب جباههم ويشتط غيضهم وتسمع من ألسنتهم الكلام المليء بالبغض والحقد، لكن لماذا؟! أما بالنسبة للواقع الخارجي فقد أرعب وأرهب وأخاف قوى الاستكبار أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وتحالفاتها الدولية، فهم يعرفون أن هذا الشعار مؤثر عليهم وأن سماعهم له بمثابة صواريخ وقنابل ورصاصات تخترق قلوبهم وَأجسادهم وتهدّد حياتهم واستقرارهم.

إن شعار الصرخة وصل صداه لكل بقاع المعمورة والذي يعبر عن حالة سخط، والتي يجب أن يكون ثقافة تسود الأُمَّــة، حيثُ إن هذا الشعار فضح عملاء أمريكا وإسرائيل في المنطقة، وفي مقدمتهم النظام السعوديّ والإماراتي، وقد تجلت مكاسبُ هذا الشعار بالمقاطعة الاقتصادية من جهة والوقوف والمواجهة العسكرية والصمود في وجه المستكبرين والغزاة والمحتلّين وكشف حقيقتهم وتعريتهم من جهةٍ أُخرى؛ لذا فَــإنَّ للشعار أهميّةً أُخرى، حَيثُ إنه يمثل حربًا نفسيةً ضد أعداء الله وتجسيداً للبراءة التي أمر الله بها في القرآن الكريم كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وقوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسرائيل عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}.

إن أعداءَ الأُمَّــة الحقيقيين هم أمريكا الشيطان الأكبر والتي تسعى في الأرض فساداً وظلماً وجوراً، وحليفتها إسرائيل هذا العدوّ الذي يجب أن تتوجّـهَ بُوصلةُ العداء نحوَه ليس فقط من العرب والمسلمين، بل من كُـلّ شرفاء وأحرار العالم؛ فبشعار الصرخة تغربلت وتجلت أنظمة وَشعوب الأُمَّــة وأظهرت حقيقة المنافقين والعملاء الذين سارعوا بالعدوان على اليمن وإلى الهرولة والتطبيع مع إسرائيل والتخلي عن قضايا أمتنا وفي مقدمتها القدس وفلسطين، ومساندة ودعم العدوّ الصهيوني بالعدوان على الشعب الفلسطيني، وقتل الأطفال والنساء وتدمير المباني والبنى التحتية بغزة، ومن هنا إن الصرخة التي أطلقها الشهيد القائد باقية إلى اليوم وهي في انتشارها واتساعها المُستمرّ، ليسمع بها كُـلّ العالم وليعرف مدى أحقيتها، وكل الجهود؛ مِن أجل إسكاتها فشلت وستفشل، وكل المساعي؛ مِن أجل منع هذا التوجّـه سقط، ولقد أصبح بعد محاربته أقوى، وهو أكثر حضوراً اليوم من أي وقتٍ مضى، وأقوى من أية مرحلةٍ قد مضت؛ فالرحمة والخلود لسيد وقائد الشهداء العَلَمِ حسين بدر الدين الحوثي حفيدِ آل البيت أعلام الهدى، سلام الله عليهم وعلى جميع الشهداء العظماء.

والنصر والفتح والتحرير لليمن والأقصى.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com