دراسةُ جدوى لمشروع وحدة إنتاج الغاز الحيوي من مخلَّفات الحيوانات

المسيرة| هلال محمد الجشاري:

 

* الغازُ الحيويُّ:

الغازُ الحيويُّ هو: شكلٌ متجدِّدٌ من الطاقة يتم إنتاجُه من خلال عملية الهضم اللاهوائي. إنه خليطٌ من الغازات، بشكل أَسَاسي الميثان (CH4) وثاني أكسيد الكربون (CO2)، جنبًا إلى جنب مع كميات صغيرة من الغازات الأُخرى مثل النيتروجين وكبريتيد الهيدروجين وكميات ضئيلة من المركبات العضوية، ينتج الغاز الحيوي عن تحلل المواد العضوية، مثل روث الحيوانات، ومخلفات الطعام، والمخلفات الزراعية، وحمأة الصرف الصحي، في غياب الأكسجين. تحدث هذه العملية في مصنع الغاز الحيوي أَو الهاضم، حَيثُ تقومُ الكائناتُ الحَيَّةُ الدقيقةُ بتفكيك المادة العضوية، من خلال الهضم اللاهوائي.

 

* المكوِّنُ الرئيسيُّ للغاز الحيوي:

المكون الرئيسي للغاز الحيوي هو الميثان، وهو: أحد غازات الدفيئة القوية، ويمكن أن يساعد التقاطُه واستخدامُه كوقودٍ في التخفيف من تغير المناخ عن طريق تقليل الانبعاثات، يمكن استخدام الغاز الحيوي لأغراض مختلفة، بما في ذلك التدفئة وتوليد الكهرباء وكوقود للمركبات، يمكن حرقه مباشرة في غلاية أَو محرك لإنتاج الحرارة أَو الكهرباء، أَو يمكن ترقيته إلى الميثان الحيوي عن طريق إزالة الشوائب وزيادة محتوى الميثان.

 

* الميثانُ الحيوي:

الميثان الحيوي هو: شكلٌ منقَّى للغاز الحيوي يمكن حقنه في شبكة الغاز الطبيعي أَو استخدامه كوقود للنقل، يعتبر الغاز الحيوي مصدرًا مستدامًا للطاقة؛ لأَنَّه مشتقٌّ من مواد النفايات العضوية التي قد تتحلَّلُ بطريقةٍ أُخرى، وتطلقُ غازَ الميثان في الغلاف الجوي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام البقايا المتبقية بعد عملية الهضم اللاهوائي، المعروفة باسم الهضم، كسماد غني للأغراض الزراعية، بشكل عام، يوفر الغاز الحيوي بديلاً متجدّدًا وصديقًا للبيئة.

 

* فكرةُ مشروع وحدة إنتاج الغاز الحيوي:

– كانت فكرة المشروع الأَسَاسية هي تغطية الحاجة الماسة إلى الغاز المنزلي تحديدًا.

 

* أهميَّةُ المشروع:

– يُعَدُّ مشروعُ الطاقة الحيوية واحداً من الحلول المتكاملة للتنمية المستدامة لمواجهة تحديات الفقر المرافقة لذلك.

– إنتاج الغاز والطاقة من خلال تنفيذ وحدات بيوغاز تعمل على مخلفات الثروة الحيوانية والذي يهدف لتحسين وصول الطاقة لأكبر شريحة من المجتمع وخُصُوصاً المزارعين الفقراء في المجتمعات الريفية وتحسين دخلهم ودعم الاقتصاد والأمن القومي للبلاد ولو بالقدر البسيط تدريجيًّا.

– مواجهة الأزمات المتكرّرة في توفير الغاز المنزلي بأقل التكاليف ودعمًا للاكتفاء الذاتي.

– لاستخدام تقنية الغاز الحيوي فوائد اقتصادية منها الكلفة المنخفضة لإنتاجه واستثماره مقارنة بالأشكال الأُخرى من الطاقة والغاز والحصول على سماد مفيد جِـدًّا للأرض.

– يسهم في رفع الإنتاجية الزراعية وتطور حياة الفلاح الذي يستخدمه في حياته، حَيثُ سينعم بالطاقة للطبخ والإضاءة مجانًا.

– الاستفادة من مخلفات الحيوانات، حَيثُ يسهم المشروع في إنتاج السماد العضوي يستفاد منها للتسميد بالأراضي الزراعية ويجعلها خصبة واستخدام مخلفات الحيوانات للتسميد والزراعة ليس بالأمر الجديد؛ فلقد استعمل الإنسان وما زال مخلفات الحيوانات كأسمدة للتربة، في الوقت الذي لم يكن باستطاعته صناعة الأسمدة الكيماوية، وإضافة إلى ذلك استعمل مخلفات الحيوانات أَيْـضاً لإنتاج الطاقة، وذلك بحرقها مباشرة.

– يسهم المشروع في التخلص من مخلفات الحيوانات بطرق صحيحة حتى لا تلوِّثَ البيئة.

– يفيد في الزراعة، حيثُ إِنَّ التخمير لمخلفات الحيوانات (الروث) يموت الحشائش والنباتات الغريبة والضارة التي تنمو وتنتقل عبر مخلفات الحيوانات.

– التخلص من الغازات والروائح لمخلفات الحيوانات، وخُصُوصاً غاز الميثان الذي ينتج عن روث الأغنام، في حال لم يحرق وتتسبب بحدوث نوع من الاحتباس الحراري.

– بالإضافة إلى أن المشروع يسهم باحتواء كُـلّ مخلفات الحيوانات التي تتراكم جوار البيوت والحارات والشوارع وتكون مصدر إزعاج الجميع، من خلال منظرها ورائحتها الكريهة، بالإضافة إلى أن مشروع الغاز الحيوي صديق للبيئة.

 

* هكذا يتم إنتاجُ الغاز:

يتم إنتاج غاز الميثان من مخلفات الحيوانات بواسطة طريقة تدعى «الهضم اللاهوائي»، إذ توضع مخلفات الحيوانات في وعاء يدعى الهاضم ولا يسمح للأوكسجين بالدخول إلى، حَيثُ توجد المخلفات فتقوم البكتيريا بتحليل المخلفات في جَـــــوٍّ خَالٍ من الأوكسجين ويكون الناتج غاز الميثان، وأكاسيد الكربون ثم يجمع الغاز الناتج من تحلل المخلفات ثم يستعمل في الأغراض التي ذكرتُها سابقًا.

 

* حجمُ الغاز المنتَج:

يبلغ حجم الغاز المنتج من هذه المخلفات ما يعادل «1.5 – 2,5» من حجم الهاضم نفسه «550 البايوغاز»؛ فلو افترضنا أن حجم الهاضم 1000 لتر فَــإنَّ حجم الغاز الناتج حوالي 1500-2500 لتر من الغاز وتختلف نسبة الميثان من الغاز الناتج اعتماداً على نوع المخلفات المستعملة غير أن النسبة تتراوح بشكل عام ما بين 60 – 70 % وتحتوي المخلفات التي تبقى بعد إنتاج الغاز على النيتروجين وهو الذي تحتاجه النباتات؛ لذلك فَــإنَّ مخلفات عملية الهضم اللا هوائي تستعمل أسمدة للنباتات في المزارع، وبهذا الشكل يمكن الاستفادة من مخلفات الحيوانات؛ باعتبارها مصدرَ أسمدة في ذات الوقت.

 

* البقرةُ هي الأفضل:

إن أفضلَ أنواع المخلَّفات المستخدَمة في إنتاج الغاز هي مخلفات الأبقار؛ إِذْ تُعَدُّ أفضل مخلفات الحيوانات في مجال إنتاج الغاز.

 

* عواملُ أَسَاسية:

تتلخص عملية إنتاج البيوجاز من المخلفات العضوية في تخمير هذه المخلفات بمعزل عن الهواء في وسط مائي 8 – 10 % مواد صلبة 90 – 92 % ماء في خزان تحت الأرض، ويختلفُ حجمُه باختلاف الغَرَضِ من إنشاء الوحدة، ويتراوح ما بين عدة أمتار مكعبة إلى عدة آلاف من الأمتار المكعبة وعند توافر الظروف المناسبة من درجة الحرارة وحموضة وتوازن المكونات فَــإنَّ البكتيريا تقومُ بتحليل المواد العضوية إلى أحماض عضوية، حَيثُ تقومُ البكتيريا بتحويل الأحماض العضوية إلى ميثان على هيئة فقاعات صغيرة تتجه للأعلى مختلطة بثاني أكسيد الكربون، ويتفاوت معدل إنتاج الغاز الحيوي تبعاً لعدة عوامل أهمها:

– النظام المستخدم: فهو أعلى ما يمكن في النظام 4 – 5 مرات حجم الوحدة أي 4 – 5م3 لكل م3 من خزان التحليل وأقل ما يمكن في النظام الصيني، حَيثُ يتراوح من 3 – 15 % حجم/حجم».

– تركيز المواد العضوية القابلة للانحلال، حَيثُ يزيد إنتاج الغاز بزيادتها حتى تصل إلى 13 %».

– درجة الحرارة وهذه لا بد من ثباتها «22 – 25»م عند إنتاج الغاز في المجال المتوسط أَو «55م» عند إنتاج الغاز في المجال المحب للحرارة.

 

* أنظمةٌ عديدةٌ للاستخدام (أنواع البيوجاز):

توجد أنواع عديدة من وحدات البيوجاز يتوقف نظامها على حجم المخلفات ونوعها والهدف من معالجتها حتى يتحقّق حماية البيئة من التلوث والحصول على الطاقة والسماد، وقد ثبت نجاحُ نوعين من الوحدات في اليمن، من خلال التجارب التي عملت في محافظتي حجّـة والمحويت والمهرة وشبوة و…، وهما: النظامُ الهندي، والنظام الصيني المصري، ويعتبران الأكثرَ انتشاراً؛ للأسباب التالية:

– يتلاءَمُ هذا النظامُ مع الاستخدامِ الحالي للمزارع «إنارة + طبخ» فقط.

– استخدامُ مواد محلية متوفرة.

– لا يحتاجُ إلى خبرة عالية.

– لا يحتاجُ إلى مساحة كبيرة جوار المنازل.

– يناسبُ حجمَ الأُسرةِ الريفية وعددَ الحيوانات التي يمتلكُها المزارع.

 

* تكلفةُ المشروع (الوحدة):

– تكلفة المشروع 500 ألف ريال تقريبًا وتتفاوت التكلفة على حسب موقع المشروع.

 

* متطلباتٌ ضرورية للمشروع:

من أهم المتطلبات الضرورية لإنتاج الغاز الحيوي من مخلفات الثروة الحيوانية:

– توفر (2) أبقار على الأقل لاستخدام مخلفاتهما في إنتاج كمية من الغاز كافية لخدمة أسرة ريفية واحدة في توفير غاز للطباخة والإضاءة، وَإذَا كانت الأسرة كبيرة أَو أكثر من أسرة يُفَضَّلُ (2 – 4) أبقار؛ لتوفر كاملَ الاحتياج من الغاز والإضاءة.

– كذلك توفير بعض المواد المستخدمة في البناء مثل الطوب الأسمنتي والأنابيب البلاستيكية وموقد ومنظم يتم تعديلُهما؛ ليتلاءما مع ضغط الغاز، الذي يختلفُ عن ضغط أسطوانات الغاز العادية.

– كما أن إنشاء وحدة البيوجاز تتطلَّبُ مهاراتٍ خَاصَّةً في البناء، وبالذات في المناطق التي لم تنشأ فيها وحداتُ غاز سابقة.

 

* مراحلُ وخطواتُ إنشاء وحدة البيوجاز وآلية تشغيلها:

تتلخص مراحل الإنشاء للبيوجاز حجم 5.75م3 الآتي:-

– اختيار المكان.

– اختيار موقع ملائم قريب من مصادر المخلفات والمياه وَمناطق الاستخدام.

– توفير مستلزمات الإنشاء وهي طوب أسمنتي بمقاس 5×10 ×20سم ومواسير دخول وخروج المخلفات بمقاس 6 هنش وأسمنت وأدوات ربط خط الغاز إلى المنزل في مواسير وأكواع ومنظم ضغط ومانومتر ونقاصات غاز.

-عمل حفرة دائرية بعمق 2 متر وأقصى عرض 3 أمتار تصب قاعدتها بالخرسانة العادية بسمك 10سم «تركيب الخلطة يكون من 3 سطول كري + 2 سطول رمل + سطل واحد أسمنت».

– البناء بالطوب ابتداءً من قاعدة الحفرة وبشكل مائل إلى الداخل بحيث يتناقص القطر تدريجيًّا كلما اتجهنا إلى الأعلى وعندما يصل البناء إلى ارتفاع 45 سم يتم تركيب ماسورة التغذية ويستمر البناء ليصل إلى قطر 74 سم وعندما يصل البناء إلى ارتفاع 72 سم يتم تركيب ماسورة الخروج التي يصل ارتفاعها إلى حوالي 1200سم» (ممكن استخدام الطوب الأسمنتي، مع أنه يُفضَّلُ استخدامُ الطوب الأحمر).

– عمل رقبة من الخرسانة العادية أعلى ماسورتي الدخول والخروج لتثبيتهما ومنع أي تسرب للغاز.

– صب الفوهة دائرياً حتى تكون مستوية يتم بعدها رفع 30 سم كرقبة وعمل الجسد الدائري.

– يتمُّ صَبُ غِطاءَينِ: داخلي وخارجي، بقطر 74 سم 82 سم، وسُمك 9 سم من الخرسانة المسلحة، باستخدام حديد 8 مم، بحيث تخرج من الغطاء ماسورةٌ صغيرةٌ حديد نصف هنش لمرور الغاز.

– بناء جدار وسط غرفة الوحدة من جهة ماسورة التغذية مع ترك فتحة لمرور المخلفات.

– بناء الملحقات الإضافية وهي حوض للتغذية وحوض للخروج.

– ملء غرفة التخمير بالمخلفات وَكميه مناسبة من المياه وَتغلق جيد.

– التخمير لمدة من 2 إلَى 3 أسابيع حتى ينتج غاز الميثان الحيوي.

– ينتج الغاز مباشرة من الهاضم الحيوي إلى الشولة (البوتجاز) وعلى سبيل المثال لتعبئة (4) دبات غاز شهريًا نحتاج (20) كيلو روث يوماً.

 

* استنتاجاتٌ هامة:

– الهاضم الحيوي ينتج يوميًّا ثلاثة أمتار مكعبة من غاز الميثان، وحيث يجب تخميرُه أولَ مرة بعد إضافة مواد عضوية ومياه لمدة (2-3) أسابيع حتى يبدأَ بعدها إنتاجُ الغاز.

– كمية الروث (مخلفات الحيوانات) اللازمة للتشغيل وإنتاج الغاز فهي ما بين (2– 4) أبقار لأجل الروث (المخلفات) الذي توضع في الهاضم بالنسبة للأبقار، أَو 20- 30 رأسًا بالنسبة للأغنام؛ كَون حجم الهاضم الحيوي 3×3م وعمقه 2 متر.

– إن 28م³ من الروث تساوي تقريبًا أسطوانة غاز منزلي واحدة، وبالنسبة لتعبئة الغاز المستخرج في الأسطوانات تحتاج إلى دراسات مكلفة، إذ تحتاج إلى مزرعة يوجد فيها على الأقل 2000 -1000 بقرة.

– فائدة الهاضم الحيوي: الهاضم الحيوي عمل حتى لا ترمى مخلفات الحيوانات في الشوارع وجوانب الطرقات، وعند صنعه تُدرَس كمية الروث وحجم الهاضم؛ لكي يقبل تحليل جميع المخلفات الحيوانية يوميًّا، بحيث يعملُ أربعَ ساعات يوميًّا تقريبًا من دون توقف.

– الروث (مخلفات الابقار) أفضل بكثير من مخلفات الأغنام؛ لأَنَّ مخلَّفَاتِ الابقار سهلة التحلل وغير متصلبة وتتخمر أسرع من مخلفات الاغنام، كما أنها صلبة تسد أنبوب إخراج الغاز عادة، حَيثُ تواجه صعوبة، إذ إن روث الأغنام صعب تكسيرها؛ كَونها على شكل حبوب صغيرة، وتعملُ على سد فتحة الخروج.

– طاحونة لمخلفات الحيوانات (روث الاغنام): يفضِّلُ شراء طاحونة المخلفات التي من الممكن أن تخلصنا من مشكلة روث الأغنام التي تسد أنبوب إخراج الغاز عادةً، حَيثُ تواجه صعوبة، إِذْ إنَّ روث الأغنام صعبٌ تكسيرُها؛ كَونها على شكل حبوب صغيرة، وتعمل على سد فتحة الخروج، هذه المشكلة تكرّرت كَثيراً، وقد حاولنا البحث عن حلول، لكن من دون جدوى؛ فمخلفات الأغنام إذَا لم تكن جافةً يصعُبُ تكسيرُها، وَإذَا قام بتخميرها تنتجُ رائحةً كريهة؛ ولهذا نقول: مهمٌّ جِـدًّا شراءُ آلات لطحن مخلفات الحيوانات، خُصُوصاً روث الأغنام.

 

* الآثارُ الجانبية:

– العملُ بتقنية هذا المشروع آمنة جِـدًّا إلا في حالة واحدة، وهي نادرة جِـدًّا، حين يجتمع كمية كبيرةٌ من الأكسجين مع غاز ميثان بحيث يتم تعبئة الهاضم بمياه وروث، يتم تفريغُ الغاز غير المشتعِل لمدة فترة زمنية تتراوح ما بين 3-7 أَيَّـام؛ مِن أجل تكون كمية الأكسجين موجودة في الهاضم؛ بمعنى إذَا تم التشغيل وفيه كمية بسيطة من عاز الميثان فوق الأكسجين قد يحصل انفجار، لا قدَّر الله.

أخيراً نتمنى أن تصلَ الفكرةُ، وتلقى الاهتمام من قبل الجميع (مجتمعاً، وحكومةً)؛ ولما فيه المصلحةُ العامة.

واللهُ الموفِّـق.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com