الشيخ خضر عدنان “أيقونةُ صمودٍ وتضحية”..بقلم/ منار محمد

 

ستبقى القضية المركَزية الأولى للمسلمين هي القدس، وستبقى مقياسًا للإنسان في إسلامه الصحيح وإيمانه الحقيقي، الذي لا يخالطه شَكٌّ أَو ريب؛ فمن يؤمن بالله سيؤمن بكتابهِ الكريم والذي يبين لنا عداوة اليهود للمسلمين والعرب وحقدهم الشديد على دعوة الإسلام وخاتم النبيين والمرسلين محمد -صلوات الله عليه وآله وسلم-؛ وبذلك فغيرته الدينية لن تقبل بأن يكونَ المسجدُ الأقصى محتلّا من قِبل الصهاينةِ المعتدين؛ فهو أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين.

(من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) صدق رسول الله، ففي هذا الزمن قد يكون أكثر ما يجب على المسلمين التوجّـه إليه هي مظلومية شعب فلسطين واضطهادهم من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، والذي يرتكب أبشع الجرائم والمجازر بحق الأطفال والنساء والشباب وكبار السن، غيرَ مبالٍ لأَيٍّ من القوانين الدولية، والتي هي في الأَسَاس ازدواجيةٌ في المعايير؛ وهي من تشرعن له وتجعلهُ يتمادى أكثرَ في طغيانه، خُصُوصاً عندما يكون هنالك صمتٌ من الدول العربية والإسلامية، وهي المعنية الأولى بالالتفات إلى القضية، بل فوقَ ذلك سارعتْ بعضُها كـ: الإمارات والبحرين ومصر والأردن وغيرها إلى التطبيع مع إسرائيل، بشكلٍ علنيٍّ وفاضح؛ راجيةً الرضا والطاعة ممن ضرب اللهُ عليهم الذلة!

لعلَّ أبرز من يعاني هم الأسرى الذين يقبعونَ في سجون الاحتلال الإسرائيلي لسنواتٍ طويلة بغير سبب؛ فقط لأَنَّهم دافعوا عن قضيتهم وأرضهم، فلا يَسْلَمون من أنواع التعذيب الوحشي النفسي والجسدي، والتي تضعف أجسادَ الكثيرين منهم حتى بعد إطلاق أسرهم، ومن أبرز أُولئك الأبطال هو الشهيد الشيخ خضر عدنان.

الشيخ خضر عدنان هو أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي، والذي انطلق لمقاومة الاحتلال منذ شبابه؛ فأخذ الاحتلال بسجنه 12 مرةً بمجموع ما يقارب 9 سنوات، خاض الأسير خلالها الإضرابَ تلو الآخر عن الأكل والشرب والكلام بعزمٍ وصلابةٍ قوية؛ لينتزعَ حريتَهُ من زنزانةِ الاحتلال وكان ذلكَ في مراحل مختلفة:

– عام 2005م واستمر 25 يوماً، وذلك ضد عزلهِ انفراديًّا.

– بداية عام 2012م استمر 66 يوماً ضد اعتقالهِ الإداري؛ وكان هذا أطول إضرابٍ يخوضُهُ، وبفضل الله ومعونته استطاع خضر تحقيق قرار الإفراج عنه.

– عام 2015م استمر الإضراب 58 يوماً؛ أما عام 2018م فكان مدته 54 يوماً.

– عام 2021م خاض إضرابًا جديدًا لمدة 25 يوماً وخرج بعدها بـ5 أَيَّـام.

في المرحلة الأخيرة قبل استشهاده كان يخوض معركةَ إضرابه للمرة السادسة، والتي كانت منذ اعتقاله في 5/ فبراير من العام الحالي 2023م واستمرت لـ86 يوماً؛ وذلك رفضًا لاعتقالهِ عندما داهمتْ قوات الكيان الإسرائيلي المؤقت منزله في مخيَّم جنين، وقال إنه سيستمر في ذلك حتى “التحرّر أَو الشهادة، وبكلا الأمرين نصر”، ليفارق الدنيا يوم 2/ مايو صامدًا باذلًا حياتَهُ في سبيل الله بعد حياةٍ مليئةٍ بالجهاد والدفاع عن مقدسات الأُمَّــة الإسلامية، ومما أكّـده في وصيته “لا تيأسوا مهما فعل المحتلُّ فنصر الله قريبٌ”، وقد كانت زوجته لا تقِلُّ صبرًا وقوةً ووعيًا منه؛ فقد قالت بعد استشهاده: “لن يكون هناك بيتُ عزاءٍ للشيخ، بل سنستقبلُ المهنئين بعرس الشهادة”، وتوجّـهت إلى الاحتلال قائلةً: “احفظوا وجوهَ أبنائي جيِّدًا واللهِ ما ربَّيناهم إلا على العزة والكرامة، وسيرى الاحتلال منهم ما لم يره من خضر”.

سيبقى محورُ المقاومة في “فلسطين وإيران ولبنان واليمن والعراق وسوريا” ثابتًا على الموقف الحَقِّ في زمن الغربلة، داعمًا لقضيةِ القدس في زمن الخيانة، ولن يقبلَ بالمساومة والمصالحة؛ فإسرائيل لن ترضى عن المسلمين إلا بأخذ الأرض بالإكراهِ متكبرة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com