تمسُّكُ أمريكا وبريطانيا بتصوّر “الحرب الأهلية” يهدّدُ جهود السلام العادل

المسيرة | متابعة خَاصَّة

أكّـد تقريرٌ جديدٌ نشره موقعُ مجموعة الأزمات الدولية، أن هناك محاولاتٍ غربيةً للدفع بحكومة المرتزِقة وما يسمى “المجلس الرئاسي” للمشاركة كطرف رئيسي في المفاوضات الجارية بين صنعاء والرياض؛ وهو الأمر الذي يؤكّـدُ تحذيراتِ صنعاء الأخيرة حول إصرار الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على عرقلة جهود السلام؛ لأَنَّ محاولةَ فرض المرتزِقة كطرفٍ تفاوضي تتيحُ المجالَ أمام دول العدوان للتنصل عن التزامات السلام الفعلي.

وقال التقرير: إن المسؤولين الغربيين يريدون من الرياض إشراك (المجلس الرئاسي) التابع للمرتزِقة في المفاوضات مع صنعاء، وإنهم يحاولون تعزيزَ بقاء ووجود المرتزِقة كطرف مقابل لطرف صنعاء، وخُصُوصاً فيما يتعلق بالمرتبات والموارد.

وكان المبعوث الأمريكي قد صرّح قبل أَيَّـام لصحيفة “الشرق الأوسط” السعوديّة بأن بلاده ترى أنه لا تمكن معالجةُ المِلفات الرئيسية مثل مِلف الموارد إلا عن طريق مفاوضات يمنية –يمنية؛ وهو الأمر الذي ترفضه صنعاء.

ويؤكّـد ذلك بشكل واضح ما أوضحه رئيسُ المجلس السياسي الأعلى مهدي المشَّاط، مؤخّراً، حولَ العراقيل التي تواصل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وضعَها أمام جهود السلام المبذولة.

وكان قائدُ الثورةِ، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قد أوضح في مناسبات سابقة، أن من أبرز تلك العراقيل الإصرارَ على الدفع بالمرتزِقة كطرف رئيسي في المفاوضات، بدلاً عن دول العدوان؛ وذلكَ مِن أجل تعزيز كذبة “الحرب الأهلية”، التي تمكّن دول العدوان ورعاتها من تقديم أنفسهم كـ”وسطاء”، وبالتالي التنصل عن التزامات السلام المتمثلة بـ: إنهاء الحرب والحصار والاحتلال، ودفع التعويضات، ومعالجة الأضرار.

وتؤكّـد صنعاء أن التفاوُضَ بين الأطراف اليمنية يجب أن يأتيَ بعد إنهاء الدور الأجنبي بشكل كامل، وأن يتم بمعزل عن التدخلات الأجنبية، لكن دول العدوان ورعاتها يرفضون ذلك.

وبالرغم من ذلك فَــإنَّ التقريرَ الذي نشره موقعُ مجموعة الأزمات الدولية يؤكّـد أن حكومةَ المرتزِقة غير مؤهلة لتكون طرفًا مقابلًا لصنعاء على طاولة المفاوضات، لعدة أسباب، منها: الخلافاتُ بين قيادات ما يسمى “المجلس الرئاسي”، وسيطرة السعوديّة والإمارات على قراراته بشكل كامل.

وبحسب التقرير فَــإنَّ “أعضاءَ المجلس يسيرون بحذرٍ خوفًا من أن تستبدلَهم الرياض في أي وقت”، و”يشتكون من أن السعوديّين لا يخبرونهم كَثيراً عن كيفية سيرِ المفاوضات” ويقولون إنهم “رهينةُ أي مسار تحدِّدُه السعوديّة”.

كما يؤكّـد أن السعوديّةَ تريد أن تخلقَ انطباعًا بأن المرتزِقة يشاركون في العملية التفاوضية؛ مِن أجل أن تبدوَ “كوسيط وليس طرفًا في النزاع”.

ويؤكّـدُ هذا الواقعُ صوابيةَ موقفِ صنعاء المتمسك بضرورة التفاوض المباشر مع دول العدوان؛ باعتبارها الطرفَ الرئيسي في الصراع؛ لأَنَّ التفاوُضَ مع المرتزِقة في ظل استمرار الحرب والحصار والاحتلال واستمرار الوصاية السعوديّة والإماراتية عليهم يعتبر التفافًا واضحًا على متطلبات السلام الحقيقي.

وبرغم أن التقريرَ حاول أن يبرّرَ المساعي الغربية للدفع بالمرتزِقة إلى طاولة المفاوضات بين صنعاء والرياض، إلا أنه لم يجد بُدًّا من الإشارة إلى عدم وجود أية حيلة بيد الغرب لتوحيد المرتزِقة وفرضهم كطرف تفاوضي.

وكان الرئيس المشاط قد حمّل الممثِّلَ الأممي، هانس غروندبرغ، قبل أَيَّـام رسائلَ مهمةً حذّر فيها من أن المحاولات الأمريكية والبريطانية لوضع عراقيلَ أمام المفاوضات بين صنعاء والرياض قد تؤدّي إلى أضرار على مستوى “عالمي”؛ وهو ما يعني أن التمسُّكَ الغربي بتصوُّر “الحرب الأهلية” واستجابة السعوديّة لهذا التصور قد يؤدي إلى انتهاءِ التهدئة وعودة التصعيد بشكل أوسع.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com